ليبيا الأحرار:
2024-11-23@04:35:15 GMT

ذئب اللغة!

تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT

ذئب اللغة!

شخصياً، لا أعتبر جمال الزائدي صحفياً أو إدارياً بارزاً بقدر ما أتعامل معه كمثقف وكاتب يقدم منظومة ذهنية تنضوي ضمن الباقات الأكثر تماسكاً في الساحة الليبية. وبسبب اقتراب نصه من الأدب وعدم ابتعاده عن الفلسفة، أضف إلى هذا صداقتنا اللطيفة التي لم يؤذها ما يمكن أن أسميه تجاوزاً (تناقضاتنا الفكرية) مع ابتسامة خفيفة، لهذا وزيادةً تهمني جداً سطوره رغم فترات الانقطاع.

عندما ارتكب جمال مقالة “الكمبرادور” وجيرها بالكامل لهجاء المرتهنين للغرب رغم إمكانية المصطلح لتناول المصابين بحالة الرضوخ للشرق، ألحت عليّ الرغبة لأقرأ رأيه في “الكمبرادور” بصيغة الجمع. فالرأسمالية وليبراليتها ليست اللاعب الوحيد في المجال الوطني، وآثار النظرية الأوراسية لا تخفى على متأمل ذي قامة فارعة كالزائدي، إلا إذا كان يتقصد القفز عليها ويتخطاها لأغراض في جمجمته. سأخبركم أنّني كتبت نصاً قد يكون لاذعاً لاستفزازه على التوغل وتعميق الطرح، حتى لو كانت النتيجة سيلاً من الجمل التي تبرر الوثبة. في جميع الأحوال، كنت سأستفيد وأتعرف على كينونة المشهد الذي يراه من زاويته المضمخة بالثراء. لم أنشر مقالي الحاد الذي عنونته “بتشريح الكمبرادور”، ولكنني نشرت نسخة مطلسمة تدندن حوله خوفاً من إثارة سخط “اللعين”. نعم، كما لا يعلم الجميع، فأنا أراعي أحاسيس من يهمني أمر مشاعرهم أحياناً، وهذه إحدى المرات النادرة التي يلمع فيها هذا البرق في سمائي المكفهرة.

اليوم قرأت مقالاً جديداً للأستاذ جمال الزائدي – رفع الكلفة قد يزعجه – أنا أفرط في المراعاة، هذه أعراض خطيرة أرجو أن لا تتطور. لنعد من المسارات الجانبية إلى نصه “كم نبعد عن واحة الديمقراطية”. الأسلوب الأدبي الذي يدون به جمال مقالاته ليس موجهاً لجمهور اللغة البيضاء الذي تغزل لهم الصحف مادتها في الغالب. إنه يخاطب شريحة تستطيع استيعاب ما اختزله في جمل فخمة ترسم صورة كبيرة جداً. فهو، كما أعرف، قاريء نهم يضع الناقد أمامه عندما يناقش موضوعاً ويخمد النار قبل أن تشتعل بمآلات للفرار العاجل كي لا يحاصر. إنه لا يريد أن يفسر ما أدغمه ببساطة. أعتقد أنّ هذا الأمر أصبح فطرياً لديه وليس تربصياً. فن التنزه في الغابة مع تفادي فخاخ الصياد حصاد مران قديم. المقصد من تناول أرغفة الكاتب الساخنة ليس إرغامه على البوح، بل التلذذ بأفكاره قدر المستطاع والذهاب معها إلى حيث تريد. لن أقدم سردية مناقضة هنا رغم أنها متاحة، ولكن سأستفهم فقط، حتى لا أقول ما لم ينبس به صديقي العزيز: “ما هي آلية الحكم التي تتوافق مع نمط الحياة الليبي؟” أعني القيم النسبية التي تعليها. ضع لنا ما استخلصته عن الحقيقة وفق وجهة نظرك في سياقها التاريخي الراهن.

الإجابة حسب الأستاذ جمال الزائدي في مقاله: توجد في ليبيا (بنْية اجتماعية وثقافية في مرحلتها الأبوية) ومن لا يدرك ذلك (نخبة منبهرة تتعمد ترسيخ السديمية أو مصابة بالجهل). ولكن الممارسة (الديمقراطية) ضرورة، غير أنّ (الديمقراطية في الحالة الليبية ليست بالضرورة أن تكون الوسيلة الوحيدة للتعامل مع المعضلة التي نعيشها).

تناقضات يفرضها النص حتى بعد وضعه في سياقه. هل يقول جمال: إنّ الضرورات الديمقراطية غير ضرورية على هذه الأرض وفي هذا التاريخ، لأنّ النخبة لا تعي أنّ البنية الاجتماعية والثقافية غير ديمقراطية وبدائية أبوية؟ هذا جليّ وغير قابل للتفسير إلا على هذا النحو مع محاولاتي العديدة الفاشلة للويّ عنق السطور في اتجاه آخر.

عزيزي جمال، ما هي الوسيلة الأخرى (آلية الحكم) للتعامل مع المعضلة الليبية؟

لماذا كتبت مقالك؟ هل تدعونا إلى الانتظار حتى تصبح البنية الاجتماعية والثقافية ديمقراطية؟ لا بأس، ماذا نفعل كنخبة واعية أثناء ذلك؟ هل نستمر في استزراع الديمقراطية التي ترفضها الحقيقة الاجتماعية وتفرضها الحقيقة السياسية، وننضم إلى “السديميين” والجهلة المنزعجين من التباين كما نعتهم؟

هل ستقول أنّك تلتقط صورة فوتوغرافية وتصف ما احتواه الكادر؟ فأنت لا تفعل ذلك يا “دجيم”!

حدثنا بتواضع لابلاغة كارثية تشوبه ، انزل لنا من برجك النخبوي السامق، وحاول أن تراعي تجربتنا البسيطة في أزقة الذهن العالي. لا تتمتع بالنص وأنت تحفره، ساعدنا في تهجي أبجدية المواربات والمجازات والاستعارات و”بنات آوى”. يا ذئب اللغة، أذهلنا ببراثن لا مخمل يغلف قساوتها القاتلة!

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي القناة وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً

الكاتب حسام الوحيشي شاعر و كاتب و صحفي و مؤلف ليبي أسس و ساهم في تأسيس عدد من و الوحدات و الاقسام و الادارات…

Total 0 مشاركة Share 0 Tweet 0 Pin it 0

المصدر: ليبيا الأحرار

كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبي يوهان يونيسيف يونيسف يونغ بويز يونسيف

إقرأ أيضاً:

رئيس الصومال يتعهد بتعزيز الديمقراطية وتنفيذ الانتخابات المباشرة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد الرئيس الصومالي الدكتور حسن شيخ محمود، أن الحكومة الفيدرالية ملتزمة بتعزيز المسار الديمقراطي في البلاد، مع التركيز على تمكين الشعب من ممارسة حقه الدستوري في اختيار قيادته عبر انتخابات مباشرة، باعتبارها ركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار والتنمية، وجاء ذلك خلال كلمة ألقاها رئيس الصومال في حفل تكريم أقامته السفارة البريطانية، في مقديشو، على شرف ملك بريطانيا تشارلز الثالث. 

وأشار الدكتور حسن شيخ محمود- في كلمته، وفقا لوكالة الأنباء الصومالية- إلى أن الانتخابات المباشرة تمثل أساس الديمقراطية الحقيقية، والحكومة تعمل على ضمان مشاركة جميع فئات الشعب في تقرير مستقبل البلاد، وشدد على أن هذه الخطوة تأتي ضمن رؤية شاملة تهدف إلى تعزيز المؤسسات الوطنية، وضمان تمثيل عادل وفعّال لإرادة الشعب.

ودعا الرئيس الصومالي، المجتمع الدولي والشركاء الإقليميين والدوليين إلى تقديم الدعم اللازم للحكومة الصومالية خلال هذه المرحلة الدقيقة، مؤكدًا أن تعزيز الاستقرار السياسي والأمني هو مفتاح تحقيق تنمية مستدامة تُلبي تطلعات الشعب الصومالي.

وفي ظل التحديات التي تواجه البلاد، جدد الرئيس الصومالي التزام حكومته بمواصلة الإصلاحات السياسية التي تسعى إلى بناء دولة قوية قادرة على تلبية تطلعات شعبها وتعزيز حضورها الإقليمي والدولي.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية والهجرة يلتقي مع وزير الصناعة بالكونجو الديمقراطية
  • وزير الخارجية والهجرة يلتقي وزير الصناعة بالكونجو الديمقراطية
  • وزير الخارجية ينقل رسالة من السيسي إلى رئيس الكونجو الديمقراطية
  • وزير الخارجية والهجرة يلتقي مع أعضاء الجالية المصرية في الكونجو الديمقراطية
  • وزير الخارجية يلتقي مع أعضاء الجالية المصرية في الكونغو الديمقراطية (صور)
  • في ذكرى الاستقلال والانتخابات.. اللبنانيون يأملون في الديمقراطية وخلق نظام جديد
  • وزير الخارجية يزور الكونغو الديمقراطية لتعزيز التعاون بين البلدين
  • عاجل - وزير الخارجية يصل إلى الكونغو الديمقراطية
  • رئيس الصومال يتعهد بتعزيز الديمقراطية وتنفيذ الانتخابات المباشرة
  • العرفي: خطوة الدبيبة بشأن تاورغاء وزمزم تفتقر إلى الديمقراطية والمؤسسية