جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-30@21:45:57 GMT

مختبر المستقبل

تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT

مختبر المستقبل

 

فاطمة الحارثية

 

لنا في الحياة قدرات لا يجد العلم لها تفسيرًا، ونحن كبشر نمتلك أيضًا مهارة تحجيم بعضنا البعض، ومن أجل تحقيق الكثير مما نؤمن به ونعتقده من أمور، وللتوازن مع التحجيم والتشكيك نلجأ لأطراف ثالثة كالاستشاريين أو التحزُّب أو الابتكار أو الاختراع أو الحيل، حتى تقبل التصورات والحلول المتجددة.

ولكي أُبسِّط هذا القصد، لنأخذ حال أساطير النبوءات كمثال، فعبر التاريخ أستطاع الجهل وهو الغالب أن يُكفر العقل التحليلي، والمنطق والكثير من الفكر والعلوم، ومساند الرقاب على المقاصل والسيوف عبر التاريخ شاهدة على ذلك، فدراسة السلوك وقراءة الظروف والمعطيات المحيطة بأي أمر، يقود بكل سهولة نحو توقع القادم أو لنقل نتائج تفاعل تلك الوقائع والعناصر مع بعضها البعض، طبعا لا يغيب عن الفكر "المتقد" مسائل الاحتمالات، وبناء السيناريوهات وأيضاً متعة الخيال التحليلي الممزوج ببعض الظن، وفي عصرنا الحالي، لمن يمتلكون مثل هذه الإمكانيات والقدرات تسميات يفخرون بها، ومجتمعات يعتزون بوجودهم، بالرغم من وجود عداء محدودي الإدراك ومرضى الجهل والتعصب.

لكل منَّا شغفه الخاص، وخصوصيته في تفضيلاته، مثلا: من أجمل الأوقات الجماعية بالنسبة لي تلك التي نقضيها مع صحبة الفكر وحوارات المنطق، والتجارب والخيال وشركاء الابتكار؛ وهذه اللقاءات لها وقع وأثر لا يُنسى وإثراء لا يضاهيه أية تجمعات، وأحب تسمية تلك اللقاءات بـ"وقت المختبر"، مثل مختبر الإبداع أو مختبر المستقبل، أو مختبر المنطق، أو مختبر النجاح كل حسب الأعضاء والأثر والتنوع، وكلمة "مختبر" أتت ربما لأن المختبر هو المكان الذي يستنبط فيه الباحثون والعلماء، النظريات والاختراعات من واقع التجارب والاختبارات، وأيضًا يُظهر الممكنات ويُلهم الحلول الذكية والفرص المتاحة، وربما لأنه الرحم الذي خرج منه أعظم المنافع الإنسانية والخدمية للحياة. وبطبيعة الحال، ليس الكل مؤهلاً لأن يكونوا أعضاء في مختبرك الخاص، أو من مجموعتك المفضلة، أو حتى مؤهلا ليكون شريكا للنجاح؛ وهذا يقودنا إلى أهمية المعايير والصفات التي يتأهل بها أعضاء المجموعات، والجماعات كيفما كان نوعها إيجابية أم سلبية، تتفق في العموم في بعض الصفات مثل الثقة والولاء، والتقارب الفكري والشغف المشترك، والأهداف والاحترام، أما المعايير والصفات الطرفية فهي جوهر الخصوصية، وهي التي تحكم وتحتضن روح الجماعة وعمرها واتساقها.

هل لديك جماعة أو شلة تغزوا معها فضاءات المعرفة وتحديات التغيير وسيناريوهات المستقبل؟ إن كان جوابك "لا" فلا بأس؛ فالاختلاف نعمة، والحياة أقدار تُرسم لنا من الخالق عز وجل، ونستطيع أن نستمتع بها كيفما كانت. إن ربط الأحداث والسلوك مهارة، وصياغة التوقعات جُرأة والصبر على النتائج أمر حتمي، يستحق الاحتفاء به، ومُختبر المستقبل الذي هو حديث اليوم يتنبأ بقادم لا جدل فيه، وبصدام لن ينجو منه إلا القلب السليم. تفشت خطايا البشر بحجم تعدادهم، الغالب يقول ما لا يفعل، ويدعو إلى ما ليس له به علم، يعتقد أنَّه في لعبة تسمح له أن يجرب مرة أخرى، ونحن لا نعيش على الأرض إلا مرة واحدة، والبقية يتصنعون الضعف ويلعبون دور المغلوب على أمره، كأنهم ضحايا حتى يصبحون بحق ضحايا، ولا ندم ينفع بعد ذلك؛ أما أبطال البالون، فتلك فئة كارثية دموية؛ إن العالم ينوء تحت وطأة ألسنة البشر، وفعل الصمت أمام المجازر والإبادة الإنسانية، لم يعد الخلاف على دين أو طعام، بل وحشية شيطانية تنهش لتحكم الأرض وتبيد السلام وتتفرد بها.

في مختبر المستقبل قلنا: لماذا كل هذا الشر؟ لم يخطئ من قال إن تعداد النساء في تزايد عن الرجال، لكنه لم يعلم أنه بسبب المذابح وعمليات التحول الجنسي، أي مُفتعل وليس طبيعيا، تحدثنا عن سُبل القمع الحديثة، وضياع الحقيقة بطرق ممنهجة اختار معظمنا تصديقها، تحدثنا عن زيف الكلمة على المنابر الاجتماعية، تحدثنا عن هيمنة الرعوية، وقوة التبعية، حتى ذكرنا رفيق المختبر الدائم "وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ" (غافر: 47)، ثم أردف وقال: يجب أن يكف الضعف حتى ننجو، فأجبته: وأعظم الجهاد كلمة حق.

وإن طال...

لا تتذمر لفقد أو خيانة صديق، فربما أنت أيضًا لم تكن مخلصًا، ولا متمسكًا بما يُرضي ويُبقي تلك العلاقة الطاهرة؛ فالصداقة نعمة تضيع إن لم تُصن.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ذكاء اصطناعي بلا ضوابط.. أثار جدلاً أخلاقياً وقلقاً دولياً:»نيويورك تايمز«: إسرائيل حوّلت حرب غزة إلى مختبر للذكاء الاصطناعي

 

كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن تل أبيب أجرت اختبارات واسعة النطاق على تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة خلال حربها الأخيرة على قطاع غزة، ما أثار جدلا أخلاقيا وتحذيرات دولية من تبعات استخدام هذه التكنولوجيا في الحروب.

وأفادت الصحيفة، في تحقيق موسع نشرته مؤخراً بأن كيان الاحتلال استخدم أنظمة متقدمة لتحديد المواقع، والتعرف على الوجوه، وتحليل المحتوى العربي، ضمن عملياته العسكرية التي تصاعدت منذ أواخر عام 2023م. وأوضحت أن هذه الاختبارات شملت أدوات لم يسبق تجربتها في ساحات القتال، مما أثار قلقًا واسعًا بشأن الأضرار المحتملة على المدنيين.

ووفقًا لثلاثة مسؤولين من كيان الاحتلال والولايات المتحدة مطلعين، بدأت التجارب بمحاولة اغتيال القيادي في حركة حماس إبراهيم البياري، حيث استعان كيان الاحتلال بأداة صوتية تعتمد على الذكاء الاصطناعي طورتها الوحدة 8200، لتحديد موقعه التقريبي من خلال تحليل مكالماته.

وبحسب منظمة «إيروورز» البريطانية، أسفرت الغارة على البياري، في 31 أكتوبر، عن استشهاده إلى جانب أكثر من 125 مدنيًا.

واستمر كيان الاحتلال، خلال الأشهر التالية، في تسريع دمج الذكاء الاصطناعي في عملياته، بما شمل تطوير برامج للتعرف على الوجوه المشوهة، واختيار أهداف الغارات الجوية تلقائيًا، ونموذج لغوي ضخم يحلل المنشورات والمراسلات العربية بلهجات مختلفة.

كما أدخل نظام مراقبة بصري يستخدم عند الحواجز لفحص وجوه الفلسطينيين.

وأكد مسؤولون أن غالبية هذه التقنيات طُورت في مركز يعرف باسم «الاستوديو»، الذي يجمع خبراء من الوحدة 8200 بجنود احتياط يعملون في شركات كبرى مثل غوغل ومايكروسوفت وميتا.

وأثارت هذه الابتكارات مخاوف من أخطاء قد تؤدي إلى اعتقالات خاطئة أو استهداف مدنيين، إذ حذرت هاداس لوربر، خبيرة الذكاء الاصطناعي والمديرة السابقة بمجلس الأمن القومي لكيان الاحتلال، من أن غياب الضوابط الصارمة قد يقود إلى «عواقب وخيمة».

من جهته، قال أفيف شابيرا، مؤسس شركة XTEND المتخصصة بالطائرات المسيّرة، إن قدرات الذكاء الاصطناعي تطورت لتتعرف على الكيانات وليس فقط صور الأهداف، لكنه شدد على ضرورة التوازن بين الكفاءة والاعتبارات الأخلاقية.

ومن بين المشاريع البارزة، تطوير نموذج لغوي ضخم لتحليل اللهجات العربية ومراقبة المزاج العام، ساعد في تقييم ردود الأفعال بعد اغتيال زعيم حزب الله السيد حسن نصر الله في سبتمبر 2024. ومع ذلك، واجهت هذه التكنولوجيا بعض الأخطاء في فهم المصطلحات العامية.

ورفضت شركات ميتا ومايكروسوفت التعليق على التقارير، بينما أكدت غوغل أن موظفيها لا يؤدون مهاماً مرتبطة بالشركة خلال خدمتهم العسكرية. من جهته، رفض جيش كيان الاحتلال التعليق على تفاصيل البرامج، مكتفيًا بالتأكيد على الالتزام بالاستخدام “القانوني والمسؤول” لتكنولوجيا البيانات.

وأشارت “نيويورك تايمز” إلى أن استخدام الصراعات كحقول تجارب للتقنيات العسكرية ليس جديدًا بالنسبة لكيان الاحتلال، لكنها لفتت إلى أن حجم وسرعة توظيف الذكاء الاصطناعي في حرب 2023 – 2024م غير مسبوقين. وحذّر مسؤولون أمريكيون وأوروبيون من أن هذه الممارسات قد تشكل نموذجًا خطيرًا لحروب المستقبل، حيث يمكن أن تؤدي أخطاء الخوارزميات إلى كوارث إنسانية وفقدان الشرعية العسكرية.

 

مقالات مشابهة

  • الإثنين.. افتتاح مختبر الاستزراع السمكي بـ"جامعة التقنية" في صور
  • إنشاء مختبر لفحص وتقدير عمر الوثيقة
  • هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية توقع عقد إنشاء مختبر فحص وتقدير عمر الوثيقة
  • تفكيك الفكر المتطرف محاضرة بالجامعة المصرية للثقافة الإسلامية بكازاخستان
  • ذكاء اصطناعي بلا ضوابط.. أثار جدلاً أخلاقياً وقلقاً دولياً:»نيويورك تايمز«: إسرائيل حوّلت حرب غزة إلى مختبر للذكاء الاصطناعي
  • افتتاح "مختبر المواد الإنشائية المستدامة" في جامعة صحار
  • أصوات فكرية تطرح أسئلة الموازنة بين الأصالة والمعاصرة في الفكر العربي
  • افتتاح مختبر الأمن السيبراني في جامعة التقنية بإبراء
  • هذه أبرز وظائف المستقبل التي تنبأ بها الذكاء الاصطناعي
  • عبدالله: سيذكر التاريخ أن البابا فرنسيس شكل ثورة انسانية تجديدية في الفكر الديني