يرى خبراء أن شعلة الحراك الداعم للديموقراطية الذي طرد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة من السلطة، انطفأت، لكن تداعيات الوعي الذي خلقه آنذاك في المجتمع لا تزال قائمة ويمكن تلمسها في الحملة الجارية
حاليا تمهيدا لانتخابات شبه محسومة النتائج.

كان الشعار الأو ل للتظاهرات الشعبية الكبيرة التي بدأت في 22 فبراير 2019 في الجزائر « لا للولاية الخامسة ».

واضطر بوتفليقة الى الاستقالة في أبريل من السنة نفسها. ثم تحول الحراك إلى شعار « لا للنظام »، وصولا إلى رفض الانتخابات التي جاءت بالرئيس عبد المجيد تبون الى السلطة في نهاية تلك السنة.

وتراجع الحراك مع انتشار وباء كوفيد-19 وقمع السلطة للتظاهرات وسجن أبرزه الوجوه التي قادت المسيرات، وصولا الى توقفه تماما.

ويرى الباحث المتخصص في علم الاجتماع ناصر جابي أن « الحراك كان قمة الحركات الاحتجاجية للجزائريين خلال العقود الماضية. فهو أول حركة سياسية جماعية للجزائريين بطابع سلمي ومطالب واضحة. الجزائريون قالوا إنهم يريدون قبل كل شيء تغيير النظام السياسي وتحسين أداء الإعلام والقضاء ».

لكن « الحراك لم يحقق المطالب التي خرج من أجلها، أي الحرية والعدالة ».

وأضاف لوكالة فرنس برس أن « النظام الجزائري عادة ما يعول على الانتخابات من أجل الخروج من الأزمة. فكلما عرف اضطرابا لجأ الى الانتخابات مع أن التجربة منذ بداية التعددية الحزبية في 1990 تثبت أن الانتخابات لم تسو مشاكل النظام الجزائري ».

وتابع « الطريقة التي تتم بها إدارة الانتخابات تبعث رسالة للجزائريين انها ليست وسيلة للتغيير » خصوصا بالنسبة لمنصب رئيس الجمهورية، « فهو ليس مفتوحا للتنافس » من خارج دائرة النظام.

وأعلن تبون تسبيق الانتخابات الرئاسية الى السابع من سبتمبر، بينما كان يفترض أن تجري شهرا قبل نهاية ولايته التي كانت محددة في ديسمبر 2024.

وأعلن تبون ترشحه لولاية ثانية مدعوما من ائتلاف حزبي هو نفسه الذي دعم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في الماضي.

وسيواجهه مرشحان، أحدهما مرشح حزب جبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش الذي له قاعدة انتخابية في منطقة القبائل، والثاني المرشح الإسلامي عبد العالي حساني، رئيس حزب حركة مجتمع السلم الذي له قاعدة انتخابية في الأوساط المحافظة.

ويرى العديد من المراقبين أن « النتائج محسومة » لصالح تبون، إلا أنهم يتوقفون عند عدد الذين تقدموا لسحب أوراق الترشيح لمواجهة تبون وقد فاق الثلاثين، بينهم شخصيات معروفة مثل الأمينة العامة لحزب العمال اليساري المتطرف لويزة حنون قبل أن تقرر الانسحاب من السباق ومقاطعة الاقتراع.

ولم يمنع هذا التقييم كذلك أحد وجوه الحراك البارزة المتمثل بالقاضية السابقة والمحامية المدافعة عن معتقلي الحراك زبيدة عسول من الترشح باسم حزبها الاتحاد من أجل التغيير والرقي، لأن المقاطعة بالنسبة لها « لم تأت بشيء »، و »الطريق الوحيد والسليم للتغيير هو النضال السياسي والانتخابات ».

ودافعت عسول عن قرار مشاركتها الذي اصطدم كما بالنسبة إلى 12 مرشحا آخرين برفض الملف من المحكمة الدستورية، بالقول « هناك من يقول إن الامور محسومة، لكن المشاركة في الانتخابات لا تعني أن تفوز من المرة الأولى وتحقق نتائج عجزت عن تحقيقها خلال 50 أو 60 سنة. المهم أن يبدأ المسار نحو التغيير ».

وتابعت « بالنسبة إلي، لا يوجد أي أسلوب للدفاع عن الديموقراطية وبناء دولة القانون والتداول على السلطة بالطرق السلمية غير المسار الانتخابي ».

ورأت عسول التي كانت بين أوائل الذين ناضلوا ضد ترشيح بوتفليقة لولاية خامسة منذ 2018 أن « الشعب قام بواجبه كاملا من خلال خروجه في الحراك للتعبير عن طموحاته في التغيير، لكن الطبقة السياسية والنخب الإعلامية والجامعية لم تتحمل مسؤوليتها في بلورة هذه الطموحات في مشروع أو مشاريع سياسية ».

ومع ذلك، فإن الحراك، في رأي المحامي عبد الله هبول المدافع عن معتقلي الحراك، « أحدث هزة عنيفة في منظومة الحكم تتواصل ارتداداتها حتى اليوم ».

ويوضح أن « من أبرز هذه الارتدادات أن منصب الرئيس في الجزائر لم يعد يتمتع بالحصانة المطلقة ».

ويرى هبول، القاضي السابق والخبير القانوني، « الواقع الجديد الذي أفرزه الحراك يكمن في أن القانون استعاد قيمته ولو بشكل نسبي، فلا يوجد مسؤول يعتبر نفسه منزها عن المساءلة ».

ومنذ بداية الحراك، اعتقل عشرات المسؤولين منهم رئيسا الوزراء السابقان عبد المالك سلال وأحمد أويحيى وعدد من الوزراء ورجال الأعمال الذين حوكموا بتهم فساد ودينوا بالسجن لمدة وصلت الى 20 سنة.

لكن خلال الحراك، تم أيضا توقيف مئات النشطاء البارزين في التظاهرات الأسبوعية، وما زال نحو 250 منهم ينتظرون المحاكمة أو انتهاء عقوباتهم.

ويرى جابي أن من نتائج الحراك الإيجابية « ما حققه على مستوى عقلية المواطنين الذين أصبحوا أكثر جرأة، خصوصا أننا أمام جيل من النساء والرجال الذين شاركوا في الحياة السياسية للمرة الأولى، واكتسبوا تجربة من ذلك ».

ويضيف « أنا مقتنع أن نتائج الحراك تظهر في شكل وعي خصوصا لدى الشباب ».

ويشير الى أن « الرهان الوحيد في الانتخابات بالنسبة للنظام هو نسبة المشاركة، لأن نتائجها معروفة مسبقا. فالجزائريون يعروفون قبل شهور من سيكون رئيس الجمهورية ».

ولا يستبعد هبول أن يعود الجزائريون إلى الاحتجاج، « لأن الحراك فكرة والفكرة لا تموت »، في ترداد لعبارة كان يقولها لخضر بورقعة، أحد الوجوه البارزة في الحراك الذي توفي بعد إصابته بفيروس كورونا.

كلمات دلالية احتجاجات الجزائر المغرب

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: احتجاجات الجزائر المغرب

إقرأ أيضاً:

ارتفاع نسبة التصويت في انتخابات الجزائر.. وفوز متوقع لتبون

يقترب الرئيس الجزائري الحالي، عبد المجيد تبون، من الفوز بولاية رئاسية ثانية، بعد أن خاض منافسة سهلة مع مرشحين آخرين، لكونه يحظى بدعم الجيش وأحزب سياسية كبيرة.

اعلان

أعلنت السلطة المستقلة للانتخابات في الجزائر أن نسبة التصويت في الانتخابات الرئاسية، التي جرت السبت، بلغت 48 %، من إجمالي الذين يحق لهم التصويت، بارتفاع قدره 8 % عن الانتخابات الأخيرة التي أجريت في عام 2019، وسط توقعات بفوز سهل للرئيس الحالي، عبد المجيد تبون في السباق الانتخابي.

وكانت الانتخابات الأخيرة التي أجريت قبل 5 سنوات، قد شهدت مشاركة 39.9٪ من الناخبين للتصويت.

وعلى الرغم من فوزه المتوقع على نطاق واسع، إلا أن تبون قال: "مَن سيفوز في هذه الانتخابات سيكون عليه مواصلة المشوار المصيري للدولة الجزائر للوصول إلى بناء ديمقراطية حقة".

A voter prepares to cast his ballot inside a polling station during the presidential election, Saturday, Sept. 7, 2024, in Algiers, AlgeriaFateh Guidoum/Copyright 2024 The AP. All rights reservedمعلومات عن الجزائر

وتعد الجزائر أكبر دولة في إفريقيا من حيث المساحة، ويبلغ عدد سكانها حوالي 45 مليون نسمة.

وهي ثاني أكبر دولة في القارة من حيث عدد السكان بعد جنوب إفريقيا، وإلى جانب ذلك، فهي دولة غنية بالغاز.

واتسمت الحملة الانتخابية باللامبالاة من السكان، الذين لا يزالون يعانون من ارتفاع تكاليف المعيشة والجفاف الذي تسبب في نقص المياه في بعض أجزاء البلاد.

ومنذ تحديد موعد الانتخابات الرئاسية في مارس/ آذار الماضي، قبل 3 أشهر من الموعد المقرر لها، بدا واضحا أن تبون سيفوز في الانتخابات بسهولة على منافسيه اليساري والإسلامي.

ويتنافس في هذه الانتخابات 3 مرشحين، هم مرشح حزب جبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش، والرئيس الحالي عبد المجيد تبون، ومرشح حركة مجتمع السلم عبد العالي حساني شريف.

لكن يبدو تبون الأوفر حظا للفوز، فهو يحظى بدعم الجيش والعديد من الأحزاب السياسية بما في ذلك جبهة التحرير التي هيمنت على الحياة السياسية في البلاد لعقود.

وهذه هي الانتخابات الرئاسية الثانية التي تشهدها الجزائر منذ الحراك الذي أطاح بحكم الرئيس الراحل، عبد العزيز بوتفليقة، لكن هذه الانتخابات لم تثر حماسة في الحملات الدعائية وسط توقع فوز مرشح بعينه.

ولم يكن ينشط في هذه الحملة سوى الإعلام الرسمي وتحديدا التلفزيون الحكومي.

معارضة للانتخابات

وقوبل أمر تنظيم الانتخابات بمعارضة سياسية، وصف ما يجري في البلاد بأنه "مناخ استبدادي" يحيط بهذه العملية الديمقراطية.

ودعا معارضون، بينهم سياسيّون ومحامون وأكاديميّون، إلى انتقال ديمقراطي شامل، وذلك في رسالة مفتوحة نشروها قبل شهرين.

ووصفت تلك الشخصيات، انتخابات 7 أيلول/ سبتمبر، بـ"عملية شكلية لا طائل منها". وقالوا :"لا للمهزلة الانتخابية في ظل الديكتاتورية!.. نعم للديمقراطية الحقيقيّة والسّيادة الشعبيّة". كما أكّدوا فيها على أنّ السياسة الأمنيّة التي تنتهجها الحكومة في التحضير للانتخابات "تواصل الدوس على إرادة الشعب".

وطوال فترة ولايته، استخدم تبّون عائدات النفط والغاز لتعزيز بعض الفوائد الاجتماعية، بما في ذلك التأمين ضد البطالة والأجور العامة والمعاشات، وذلك بغية تهدئو السخط الشعبي وتعزيز شرعيته.

اعلان

وإن كان فوزه مضمونا في الانتخابات، إلا أنه يأمل في رفع نسبة المشاركة في الانتخابات، بما يكسبه مزيدا من الشرعية.

لكن لا يزال العديد من مقاطعي الانتخابات الأخيرة غير مقتنعين بالانتخابات التي ستؤدي إلى التغيير.

وانتقد النشطاء والمنظمات الدولية، بما في ذلك منظمة العفو الدولية، الطريقة التي تواصل بها السلطات مقاضاة أحزاب المعارضة والمؤسسات الإعلامية وجماعات المجتمع المدني.

"انتخابات زائفة"

وقال زعيم "الحراك" السابق حكيم حداد، الذي مُنع من المشاركة في السياسة قبل ثلاث سنوات، إن "الجزائريين لا يبالون بهذه الانتخابات الزائفة".

اعلان

وقال: "ستستمر الأزمة السياسية طالما بقي النظام في مكانه. لقد تحدث الحراك".

المرشحان المنافسان

ووجّه عبد العالي حساني شريف، نداءات شعبوية للشباب الجزائري، تحت شعار "فرصة!"، بينما نظم أوشيش، وهو صحفي سابق يعمل مع جبهة القوى الاشتراكية حملة من أجل "رؤية الغد".

لكن المنافسين لم يصل إلى حد انتقاد الرئيس الحالي، المنافس الأقوى في الانتخابات.

خاطر كل من المنافسين وأحزابهم بفقدان الدعم من المؤيدين المحتملين الذين اعتقدوا أنهم يبيعون الأموال من خلال المساهمة في فكرة أن الانتخابات كانت ديمقراطية ومتنازع عليها.

اعلان

ودعا أوشيش، أثناء التصويت في مسقط رأسه، الجزائريين إلى التصويت لصالحه "لمنح الشباب الثقة لوضع حد لليأس الذي يدفعهم إلى ركوب قوارب الموت في محاولة للوصول إلى الجانب الآخر من البحر الأبيض المتوسط".

وقال أندرو فاراند، مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شركة مختصصة لاستشارات المخاطر الجيوسياسية، إن كلا المتنافسين كانا يستهدفان الانتخابات التشريعية لعام 2025 أكثر من المنافسة الرئاسية لعام 2024، نظرا لأن القانون الجزائري يمول الأحزاب السياسية بناءً على عدد المقاعد التي تفوز بها في الانتخابات التشريعية، فإنهما يأملان في أن تؤهلهما الحملات الانتخابية لأداء قوي في عام 2025.

وأضاف: "إنها لعبة طويلة: كيف يمكنني تعبئة قاعدتي؟ كيف يمكنني إنشاء جهاز حملة؟ وكيف يمكنني الحصول على مزايا من للسلطات حتى أكون في وضع يسمح لي بزيادة مقاعدي. لقد رأينا ذلك في اختيارهم عدم انتقاد الرئيس علنا، إلى جانب رسالة قوية جدا للجزائريين للخروج والتصويت".

المصادر الإضافية • أ ب

شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية نظرة خاطفة على أكبر ميناء في الجزائر: كيف تسهم الصادرات في دعم النمو الاقتصادي للبلاد وضعت الجزائر خططًا كبيرة لتطوير السياحة بحلول عام 2030، ولكن كيف سيتحقق ذلك؟ الجزائر في مواجهة الإجهاد المائي: حلول مبتكرة لمستقبل مستدام عبد المجيد تبون الجزائر نسبة المشاركة انتخابات رئاسية اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next حرب غزة: قصف يتجه لطي عامه الأول دونه هدنة بعيدة المنال وإطلاق نار على جسر الملك حسين يهز إسرائيل يعرض الآن Next واشنطن تتهم إيران بنقل صواريخ باليستية إلى روسيا وطهران تنفي يعرض الآن Next روسيا تكثف ضرباتها: مقتل شخصين وإصابة 4 في غارات ليلية على سومي يعرض الآن Next الشرطة الأميركية تبدأ ملاحقة مشتبه في إطلاق نار بولاية كنتاكي أوقع 7 جرحى يعرض الآن Next عاجل. مقتل 3 من عناصر الأمن الإسرائيلي في حادث إطلاق نار على معبر الملك حسين بين إسرائيل والأردن اعلانالاكثر قراءة أوكرانيا: روسيا شنت علينا هجوما بـ67 طائرة مسيرة الليلة الماضية رئيس جهاز الشاباك السابق يهاجم نتنياهو: مصر أغرقت الأنفاق بطلب من إسرائيل وتهريب الأسلحة قليل جدا زيلينسكي يكشف "أهدافا" داخل روسيا يريد ضربها بالأسلحة الغربية البعيدة المدى محكمة الاتحاد الأوروبي تعلّق قرار حظر دواء "أوكاليفا" لعلاج مرض الكبد المناعي الذاتي فضيحة غرامية تطيح بوزير الثقافة الإيطالي.. وميلوني تصفه بالرجل "الأمين" اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليوم غزة روسيا حركة حماس أوروبا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحرب في أوكرانيا اسكتلندا ضحايا دونالد ترامب حرائق إيطاليا كامالا هاريس Themes My Europeالعالمالأعمالالسياسة الأوروبيةGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامج Services مباشرنشرة الأخبارالطقسجدول زمنيتابعوناAppsMessaging appsWidgets & ServicesAfricanews Job offers from Amply عرض المزيد About EuronewsCommercial Servicesتقارير أوروبيةTerms and ConditionsCookie Policyتعديل خيارات ملفات الارتباطسياسة الخصوصيةContactPress OfficeWork at Euronewsتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

مقالات مشابهة

  • المرشح الإسلامي حساني يشكك في نتائج انتخابات الرئاسة الجزائرية
  • الرئيس الجزائري الفائز ب94.7% ينضم الى منافسيه للطعن في نتائج الانتخابات ونتائجها.. عجبا لتبون
  • انتخابات تونس.. الفخّ الذي وقع فيه قيس سعيد
  • الجزائر: اعلان فوز تبون لولاية رئاسية ثانية
  • هيئة الانتخابات الجزائرية: النتائج الأولية تظهر فوز الرئيس «تبون»
  • هيئة الانتخابات الجزائرية: النتائج الأولية تظهر فوز الرئيس تبون بفترة رئاسية ثانية
  • اتهامات بـتضخيم النتائج بعد الكشف عن نسبة المشاركة.. آخر تطورات الانتخابات الجزائرية
  • ارتفاع نسبة التصويت في انتخابات الجزائر.. وفوز متوقع لتبون
  • الكشف عن نسبة المشاركة في انتخابات الجزائر.. وترقب لإعلان النتائج
  • نسبة الإقبال على التصويت في انتخابات الرئاسة بالجزائر بلغت 48%