بعد إعلان أبي عبيدة.. كيف تؤثر مجازر إسرائيل على سلامة أسراها؟
تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT
أعلن أبو عبيدة، الناطق العسكري باسم كتائب عز الدين القسام، مساء الاثنين 12 أغسطس/آب 2024، عن مقتل أسير إسرائيلي وإصابة أسيرتين بجراح خطيرة، بعد أن أطلق مجندان مكلفان بحراستهم النار عليهم في حادثين منفصلين.
وأشار أبو عبيدة في تصريح مقتضب إلى وجود "محاولات لإنقاذ الأسيرتين المصابتين"، محمّلا إسرائيل المسؤولية الكاملة عن المجازر التي ترتكبها بحق الفلسطينيين، "وما يترتب عليها من ردات فعل تؤثر على أرواح الأسرى الصهاينة"، كما أفاد بـ"تشكيل لجنة لمعرفة التفاصيل، وسيتم لاحقاً الإعلان عنها".
وتعدّ تلك الحادثة هي الأولى التي يعلن فيها القسام عن قيام عناصره بإطلاق النار بشكل مباشر على أسرى لديه، فيما يبدو من تصريح أبي عبيدة أنه انعكاس مباشر لتصاعد الانتهاكات في غزة، حيث قضى أكثر من 179 شهيدا بينهم أطفال ونساء خلال 10 أيام، في 7 مجازر استهدفت مدارس تؤوي نازحين في أنحاء القطاع.
ويحمل الإعلان الاستثنائي لكتائب القسام بشأن مقتل أسير إسرائيلي أبعادا سياسية ونفسية تتجاوز الحادثة ذاتها. ففي حين أبرز تصريح الناطق باسم القسام الدور المباشر للمجازر الإسرائيلية في وقوع هذه الحادثة، فإن توقيت الكشف عن المعلومة يأتي في خضم الاستعدادات التي يشهدها الإقليم لانعقاد مفاوضات جديدة بشأن وقف إطلاق النار في القطاع وإبرام صفقة تبادل للأسرى برعاية أميركية ومصرية وقطرية.
وفي هذا الإطار، أشارت تحليلات إلى أن الإعلان قد يأتي في إطار "الحرب النفسية" التي تمارسها حماس على الجمهور الإسرائيلي، بهدف زيادة الضغط على عائلات الأسرى لتكثيف حراكهم المطالب بوقف إطلاق النار، وصفقة تبادل تخرج أبناءهم من الأسر.
سياسات الجيش وحياة الأسرىوعلى مدى 10 شهور من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، أدى المستوى غير المتناسب من استخدام القوة ضد المدنيين، وعمليات الاستهداف المكثف إلى مقتل عشرات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية.
وفي مطلع مارس/آذار الماضي، كشف أبو عبيدة عن مقتل أكثر من 70 أسيرًا نتيجة العمليات العسكرية في أنحاء القطاع، رغم محاولات القسام الحفاظ على حياتهم، متهمًا القيادة الإسرائيلية بتعمّد قتل أسراها "للتخلص من هذا الملف".
وقد أظهر السلوك العسكري الإسرائيلي خلال تلك الفترة تضاربا بين الالتزام الرسمي الإسرائيلي باستعادة الأسرى المحتجزين في غزة، والواقع الميداني الذي أثر بطرق مختلفة عل حياتهم وظروفهم.
وشهدت الحرب عدداً من الحوادث التي ارتبطت بشكل مباشر بالأسرى ومصيرهم، واستراتيجية المقاومة في التعامل معهم والاحتفاظ بهم على الرغم من الظروف الأمنية المعقدة التي تحكم الميدان، خاصة مع المحاولات التي بذلها الجيش الإسرائيلي لاسترداد عددٍ منهم، كما كان لاستمرار العدوان على القطاع دور في تقليص هامش الأمان بالنسبة للمحتجزين. ويمكن إجمال هذه الحوادث في ما يأتي:
أولاً: عمليات تحرير الأسرى بالقوةعلى الرغم من الإنجازات المحدودة التي حققها الجيش الإسرائيلي لتحرير أسراه بالقوة من قبضة المقاومة في غزة، إلا أنها كانت محل تأثير على ظروف احتجازهم، ومنذ الشهر الأول للحرب لم تنجح الجهود الإسرائيلية إلا في تحرير 7 محتجزين أحياء من قبضة المقاومة في 3 ظروف منفصلة.
ففي أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي؛ أعلن الجيش الإسرائيلي عن نجاحه في تحرير المجندة "أوري ماجيديش" التي زعم أنها كانت محتجزة لدى كتائب القسام، وعلى الرغم من نفي الناطق باسم الكتائب في حينها وصول الجيش لأي من أسراه لدى القسام، والشكوك الواسعة التي أثارها نشطاء بشأن مصداقية الرواية الإسرائيلية، إلا أن تلك العملية كانت هي الإنجاز الأول الذي يزعمه الجيش الإسرائيلي في هذا الملف.
وفي فبراير/شباط 2024، أعلن الجيش الإسرائيلي مرة أخرى نجاحه في استعادة الأسيرين فرناندو سيمون مارمان ولويس هار، في عملية عسكرية ليلية بمدينة رفح، بمشاركة من الجيش وقوات خاصة تابعة للشرطة وجهاز الشابك، ومتابعة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حيث تخلل العملية قصف عنيف أسفر عن سقوط 63 شهيدا فلسطينيا.
وفي ذات الوقت، لم تكلل كل المحاولات الإسرائيلية لاستعادة أسرى أحياء بالنجاح. ففي ديسمبر/كانون الأول 2023، أعلنت كتائب القسام تمكنها من إحباط محاولة الجيش الإسرائيلي تحرير الأسير الجندي ساعر باروخ، الذي قتل في العملية خلال اشتباك مجموعة من القسام مع القوة الإسرائيلية التي جاءت لتحريره، وقد أقر الجيش الإسرائيلي لاحقاً بفشل العملية.
كما تلاها في ذات الشهر قتل الجيش الإسرائيلي ثلاثة من مواطنيه، وهم يوتام حاييم وألون شامريز وسامر طلالقة، أثناء محاولاتهم الاستغاثة بالقوات الإسرائيلية التي كانت قد تقدمت للمنطقة التي يتم احتجازهم فيها بحي الشجاعية في مدينة غزة، في حادثة أثارت المجتمع الإسرائيلي، خاصة مع التحقيقات التي أظهرت علم الجيش الإسرائيلي بوجود أسرى في المكان، وهو ما قاد رئيس أركان الجيش هيرتسي هاليفي إلى الاعتراف رسمياً بفشل قواته في إنقاذ الأسرى الثلاثة.
إلا أن الحدث الأبرز في عمليات تحرير الأسرى كانت في يونيو/حزيران من العام الجاري، عندما نجحت قوات إسرائيلية خاصة في تحرير 4 محتجزين لدى المقاومة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، حيث تخلل العملية اشتباكات وقصف إسرائيلي عنيف في المنطقة أسفر عن استشهاد 270 فلسطينيا، بينهم نساء وأطفال.
وهي العملية التي قال أبو عبيدة إنها "ستشكل خطرا كبيرا على أسرى العدو وسيكون لها أثر سلبي على ظروفهم وحياتهم"، فيما بدا أنه استشراف لكل ما سيحيط بالأسرى دون فصل حادثة قتل الأسير الإسرائيلي عن السياق العام لمثل هذه العمليات حتى وإن كانت سلوكاً منعزلاً.
ثانياً: المجازر الإسرائيلية المتواصلة بحق المدنيين:في تصريحه المقتضب، حمّل أبو عبيدة حكومة الاحتلال المسؤولية عن حادثة مقتل الأسير، على اعتبارها ردة فعل على المجازر التي ترتكب بحق المدنيين.
وجاء الإعلان عن العملية بعد أقل من أسبوعين على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية خلال زيارته طهران، وارتكاب الاحتلال عددا كبيرا من المجازر بحق المدنيين في مدارس تؤوي نازحين، وآخرها مدرسة التابعين في منطقة حي الدرج بمدينة غزة التي قضى فيها أكثر من 100 مدني بينهم أطفال.
كما تتزامن الحادثة مع التقارير المتزايدة التي تكشف عن انتهاكات واسعة النطاق واعتداءات جنسية على المعتقلين الفلسطينيين في المعتقلات الإسرائيلية، وخاصة معتقل سدي تيمان السيئ السمعة، في ظل الإعلان عن استشهاد عدد من المعتقلين نتيجة التعذيب والاعتداءات المتواصلة بحقهم.
وفي مقابلة تلفزيونية، اعتبر القيادي في حركة حماس محمود مرداوي أن حادثة قتل الأسير الإسرائيلي وعلى الرغم من التدابير المتخذة، كانت أمراً متوقعاً نتيجة تصعيد الاحتلال عدوانه ومجازره بحق الفلسطينيين واغتيال هنية.
وتعيد إلى الأذهان ظروف الحادثة وربطها بالمجازر الإسرائيلية في غزة، التهديد الشهير الذي أطلقه أبو عبيدة في أيام الحرب الأولى، بعد قيام الاحتلال بعمليات قصف واسعة وغير مسبوقة على للمنازل والمنشآت المدنية دون سابق إنذار، تسببت في مقتل مئات في غضون أيام، إذ هدد علناً للمرة الأولى بأن كل استهداف قادم سيقابله إعدام أسير إسرائيلي وسيتم بث مشهد الإعدام بالصوت والصورة.
وبينما يختلف تهديد القسام الذي لم يتم تنفيذه عن حادثة مقتل الأسير، كون أن الأخيرة جاءت في سياق فردي ودون قرار من القسام، إلا أنه أظهر مدى الحساسية الكبيرة للمقاومة وعناصرها تجاه المجازر الإسرائيلية التي تخلف مئات الشهداء من المدنيين، بما يجعلها تتخذ سلوكاً غير متوقع كردة فعل على الجرائم الإسرائيلية.
كيف تقرأ إسرائيل الحادثة؟وطوال الفترة الماضية، حرصت كتائب القسام على إبقاء الشارع الإسرائيلي في قلب المعركة برسم قضية الأسرى التي ينقسم الجمهور الإسرائيلي تجاهها بين داعم لوقف إطلاق نار وصفقة تضمن الإفراج عنهم، وأطراف يمينية تؤيد موقف نتنياهو في عدم التوجه لأي اتفاق وقف إطلاق نار دون تحقيق الشروط التي أعلنها ومنها القضاء على حماس، وفي هذا السياق يأتي الكشف عن الحادثة غير المسبوقة.
وجاءت الاستجابة الرسمية الوحيدة في إسرائيل لإعلان أبي عبيدة عبر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري الذي أفاد بعدم وجود معلومات استخبارية تدعم رواية مقتل أسير إسرائيلي وإصابة آخرين، فيما لا يمكن وصف التفاعل مع الإعلان في الإعلام الإسرائيلي بالكبير.
وفي هذا الصدد، يشير الخبير في الشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر -للجزيرة نت- أن الإعلام الإسرائيلي في مثل هذه الحوادث يعتمد على الرواية الرسمية للدولة والتي عبر عنها المتحدث باسم الجيش، مع نقله في المقابل باختصار الرواية الصادرة عن كتائب القسام بهذا الشأن، فيما انصرفت التحليلات الإعلامية إلى اعتبار الإعلان بمثابة جزء من الحرب النفسية التي تخوضها كتائب القسام ضد ذوي الأسرى.
ولم تكن ردود الفعل الشعبية في إسرائيل على إعلان القسام هي الأخرى على نطاق واسع، باستثناء الدعوات التي وجهها نشطاء يمينيون على الإنترنت بإعدام كبار الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية كرد على مقتل الأسير.
ويفسر أبو عامر ذلك بنجاح نتنياهو نسبياً في تجنيد عدد كبير من ذوي القتلى من الجيش الإسرائيلي كجبهة مقابلة لعائلات الأسرى الذين لم ينجحوا حتى الآن في تشكيل كتلة حرجة تؤثر على صانع القرار.
ويضيف أن عائلات الأسرى ترى أن الحادثة تأتي في سياق إهمال الحكومة قضية أبنائهم حيث لم تعد مهتمة بإعادتهم، مما صاعد من حدة الانتقادات لنتنياهو على اعتبار أن أبناءهم باتوا أسرى لمصيره السياسي.
ويرى أبو عامر أنه على الرغم من ضعف ردة الفعل في الشارع على الإعلان، إلا أنه يغذي مخاوف عائلات الأسرى الإسرائيليين بشأن السياسات التي تنتهجها الحكومة للضغط على حماس، سواء من خلال الانتهاكات ضد المعتقلين الفلسطينيين أو تصعيد المجازر بحق سكان القطاع، مما قد يؤدي إلى نتائج عكسية على أبنائهم المعتقلين.
يشير الخبراء إلى أن تأثير إعلان أبي عبيدة على نجاح أو فشل مفاوضات وقف إطلاق النار يبقى محدودًا، كما أنه لن يمنع إسرائيل من إرسال مفاوضيها للتباحث بشأن وقف إطلاق النار في غزة، لكنه لن يغير من مسألة عدم رغبة نتنياهو في التوجه نحو صفقة لإنقاذ أسراه.
على الجانب الآخر، ووفقاً لإعلان الناطق باسم كتائب القسام، فإن الحادثة وقعت بصورة فردية مدفوعة بجملة الانتهاكات الواسعة النطاق التي تم ارتكبها مؤخراً في قطاع غزة، إلا أن الكشف عن خسارة حياة أسير إسرائيلي يعكس قناعة المقاومة التي عبر عنها أبو عبيدة في وقت سابق عندما شدد على أن الثمن الذي ستجبيه مقابل 5 أسرى أحياء هو ذات الثمن الذي كانت ستأخذه مقابل جميع الأسرى لو لم تقتلهم إسرائيل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجیش الإسرائیلی وقف إطلاق النار عائلات الأسرى أسیر إسرائیلی کتائب القسام على الرغم من مقتل الأسیر المقاومة فی قتل الأسیر أبی عبیدة أبو عبیدة إلا أن فی هذا فی غزة
إقرأ أيضاً:
عيدان ألكسندر.. الجندي الأمريكي الذي احترق بين نيران القسام وقذائف جيشه
في تطور لافت ومقلق على صعيد ملف الأسرى في قطاع غزة، أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، مساء الثلاثاء، عن فقدان الاتصال مع المجموعة التي كانت تحتجز الجندي الإسرائيلي من أصول أمريكية، عيدان ألكسندر، وذلك بعد تعرضهم لقصف مباشر من قوات الاحتلال الإسرائيلي.
هذا الإعلان يأتي في وقت حساس يشهد تصعيدًا غير مسبوق في الحملة العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة، حيث تتهم حماس الجيش الإسرائيلي بمحاولة تصفية الأسرى، لا سيما مزدوجي الجنسية، لتخفيف الضغوط الدولية وتصفية هذا الملف الشائك.
وقال المتحدث العسكري باسم كتائب القسام، أبوعبيدة، في بيان له، إن الاتصال فقد تمامًا مع المجموعة الآسرة للجندي عيدان ألكسندر بعد قصف استهدف بشكل مباشر مكان تواجدهم. وأضاف: "لا زلنا نحاول الوصول إليهم حتى اللحظة".
وشدد أبوعبيدة على أن ما جرى يندرج ضمن سياسة ممنهجة تتبعها سلطات الاحتلال لتصفية أسراها قائلًا: "تقديراتنا أن جيش الاحتلال يحاول عمدًا التخلص من ضغط ملف الأسرى مزدوجي الجنسية بهدف مواصلة حرب الإبادة على شعبنا".
ويُعد هذا التصريح هو الأول من نوعه الذي يتضمن إعلانًا رسميًا عن فقدان مجموعة أسْرية داخل غزة، ما يثير تساؤلات عن مصير الجندي الأمريكي الإسرائيلي، وعن مدى جدية حكومة الاحتلال في الحفاظ على حياة أسراها خلال عملياتها العسكرية الكثيفة والمستمرة منذ أكثر من عام ونصف.
عيدان ألكسندر.. آخر أمريكي في قبضة القساموكانت حركة حماس قد نشرت، يوم السبت الماضي، مقطع فيديو يظهر فيه الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر، المحتجز في قطاع غزة منذ 554 يومًا، وهو يناشد قادته وأسرته، ويعبر عن خيبة أمله من تعامل حكومته مع قضيته.
ويعد هذا الفيديو هو الثاني من نوعه منذ اختطافه، حيث سبق أن نشرت حماس مقطعًا أول له بعد مرور 421 يومًا على الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023، عندما نفذت كتائب القسام عملية واسعة داخل المستوطنات الإسرائيلية المحاذية للقطاع.
رسالة عيدان في الفيديو الثاني: تركتموني خلفكمفي الفيديو الأخير، ظهر عيدان ألكسندر متحدثًا بصوت هادئ تملؤه المرارة، قائلًا: "سمعت قبل 3 أسابيع أن حماس كانت مستعدة لإطلاق سراحي وأنتم رفضتم وتركتموني".
وتابع قائلًا: "كل يوم نعتقد أن القصف يقترب من رؤوسنا، وهذا أمر صعب"، في إشارة إلى القصف الإسرائيلي المكثف على مناطق مختلفة في قطاع غزة، والذي لم يُستثنَ منه حتى المواقع التي يُرجح وجود أسرى فيها، ما يضاعف المخاطر على حياتهم.
من هو عيدان ألكسندر؟عيدان ألكسندر هو جندي إسرائيلي يبلغ من العمر 21 عامًا ويحمل الجنسية الأمريكية، وينحدر من بلدة تينفلاي بولاية نيوجيرسي في الولايات المتحدة.
تم اختطافه في اليوم الأول للهجوم الواسع الذي شنته حركة حماس على جنوب إسرائيل، في السابع من أكتوبر 2023، حيث أُسر من قاعدته العسكرية خلال العملية التي وصفتها إسرائيل بأنها الأخطر في تاريخها منذ عقود.
ويُعتبر ألكسندر آخر مواطن أمريكي مؤكد احتجازه في قطاع غزة، وهو ما جعل قضيته تحظى بمتابعة حثيثة من قبل الإدارة الأمريكية، في وقت يزداد فيه الضغط الداخلي على البيت الأبيض لتأمين الإفراج عنه وعن بقية الرهائن مزدوجي الجنسية.
تداعيات محتملة وخيارات ضبابيةإعلان القسام عن فقدان الاتصال بالمجموعة الآسرة لعيدان ألكسندر يفتح الباب أمام سيناريوهات غامضة؛ فإما أن يكون قد قُتل خلال القصف الإسرائيلي، أو أن يكون قد نُقل إلى مكان آخر دون أن تتوفر للقسام معلومات دقيقة عنه بعد.
وفي كلا الحالتين، ستكون لهذا التطور تداعيات سياسية وإنسانية كبيرة، خصوصًا على العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، وعلى مسار مفاوضات تبادل الأسرى، التي تشهد تعثرًا متكررًا بفعل الخلافات على آلية التنفيذ وشروط التهدئة.
تُجسد قضية الجندي الأمريكي الإسرائيلي عيدان ألكسندر مأساة مزدوجة في صلب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؛ فهي من جهة تُظهر حجم المعاناة التي يعيشها الأسرى داخل غزة، ومن جهة أخرى تكشف النقاب عن طبيعة التعاطي الإسرائيلي مع مواطنيها في ظل الحرب، لا سيما أولئك الذين يحملون جنسيات أجنبية.
وفي ظل إعلان القسام الأخير، يبقى مصير عيدان معلقًا في مساحة رمادية، بين قصف لا يرحم، وصمت دولي يعجز عن إيجاد مخرج آمن وسط ركام الحرب، فيما تتعاظم المخاوف من أن تصبح حياة الأسرى ورقة تحترق على طاولة حسابات سياسية لا تعترف بالإنسان إلا عندما يصبح خبرًا عاجلًا.