كيف أصبح البحر الأسود جبهة ساخنة في حرب أوكرانيا؟
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
تحول البحر الأسود فجأة إلى المنطقة الأكثر سخونة في التوترات العسكرية والجيوسياسية، بعدما تم تجاهله كجزء من الحرب الأوكرانية. وتعتبر المنطقة ذات أهمية كبرى بالنسبة إلى موسكو والغرب.
تركيا تحاول إقناع الحلفاء في الناتو بالامتناع عن تصعيد التوتر
قد تترك معركة السيطرة على البحر الأسود مضاعفات على أسواق الطاقة
وتجوب السفن الحربية الروسية مياه البحر الأسود، وتطلق الصواريخ على المدن الأوكرانية، لتفرض حصار الأمر الواقع، مهددة أي سفينة تحاول اختراقه.
وفي المقابل، تتسلل الزوارق البحرية الأوكرانية المسيّرة حاملة المتفجرات، في اتجاه الموانئ والسفن الروسية، وهو سلاح يشكل تهديداً متزايداً في ترسانة كييف. وفي الأجواء تحلق طائرات الاستطلاع والمسيّرات التابعة لحلف شمال الأطلسي والحلفاء فوق المياه الدولية، لجمع المعلومات الاستخباراتية التي تستخدم في صد غزو موسكو، على رغم أن الروس يملأون السماء بطائراتهم.
Removed from the fierce fighting on the front, the Black Sea nevertheless puts global adversaries in the kind of proximity that does not exist in other theaters of the war. https://t.co/FzfoCl9Rb8
— New York Times World (@nytimesworld) August 8, 2023
وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" إن البحر الذي تطل عليه أوكرانيا وثلاث دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي، تحول إلى مركز للتوترات عقب انسحاب موسكو من اتفاق الحبوب الذي كان يوفر ممراً آمناً للقمع الأوكراني.
وبخلاف القتال الشرس على الجبهة، فإن البحر الأسود يشكل حيزاً قريباً لروسيا ودول الناتو لا يتوافر في مسارح القتال الأخرى، مثل الدفاع عن كييف أو معركة باخموت- الأمر الذي يزيد من مخاطر نشوب مواجهة.
Bordered by Ukraine, Russia and three NATO countries, the Black Sea, a largely overlooked part of the war, has become an increasingly dangerous cauldron of military and geopolitical tensions. The region is deeply important to both Moscow and the West. https://t.co/iCutKG6xlp
— The New York Times (@nytimes) August 8, 2023
وبحسب إيفو دالدار السفير الأمريكي السابق إلى الناتو والذي يدير الآن مجلس شيكاغو للشؤون العالمية، فإن "البحر الأسود هو منطقة نزاع- ومنطقة حرب ذات صلة بالناتو على غرار غرب أوكرانيا".
وبعد الانسحاب من اتفاق الحبوب، دمرت روسيا موانئ أوكرانيا على البحر الأسود، لعرقلة شحنات الحبوب الأساسية بالنسبة للاقتصاد الأوكراني، وحتى أنها ضربت أماكن على نهر الدانوب على مسافة بضعة أمتار من رومانيا، العضو في الناتو، وأثار الهجوم مخاوف من انجرار الحلف العسكري إلى النزاع.
وانتقمت أوكرانيا الأسبوع الماضي، بتوجيه ضربتين ضد السفن الروسية على مدى يوميين متتاليين- مظهرة قدرة المسيّرات البحرية القادرة على الوصول إلى موانئ روسية تبعد مئات الآميال عن سواحلها. وأصدرت تحذيراً لستة موانئ روسية على البحر الأسود واعتبرت أن من يحاول الاقتراب من هذه الموانئ يضع نفسه في دائرة "مخاطر الحرب" حتى إشعار آخر.
وقال قائد البحرية الأوكرانية الأدميرال أولسكي نيجيبابا في مايو: "يجب أن ندافع عن سواحلنا".
وقد تترك معركة السيطرة على البحر الأسود مضاعفات على أسواق الطاقة العالمية وإمدادات الغذاء. كما انها ستشكل تحديات جديدة للناتو في الوقت الذي يسعى إلى تعزيز مبادئ القانون الدولي-حرية الملاحة في البحار- من دون التورط مباشرة في نزاع مع القوات الروسية.
وفي واشنطن، أبدى مسؤولون في إدارة الرئيس جو بايدن أول الأمر تحفظات حيال ضرب أوكرانيا أهدافاً والقيام بعمليات تخريب داخل روسيا، بما في ذلك موانئ البحر الأسود، خوفاً من أن تؤدي هذه الهجمات إلى تصعيد التوترات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. لكن هذه التحفظات تراجعت، وإن تكن لم تختف.
وقد حظرت الولايات المتحدة استخدام الأسلحة الأمريكية في الهجمات ضد الأراضي الروسية، ويقول المسؤولون الأمريكيون إنهم لا يختارون الأهداف لأوكرانيا. لكن الولايات المتحدة والحلفاء الغربيين زودوا كييف منذ وقت طويل بمعلومات استخباراتية، من شأنها إلى جانب المعلومات الاستخباراتية الخاصة بأوكرانيا، تمكين كييف من اختيار الأهداف.
وعلى مر القرون كان البحر الأسود مسألة مركزية في الجهود الروسية لتوسيع نفوذ موسكو الجيوسياسي والاقتصادي، مما أدى إلى صدامات مع قوى عالمية أخرى، بما في ذلك حروب عدة مع الامبراطورية العثمانية.
والموانئ في المياه الدافئة سهلت التجارة على مدار العام. والموقع –المطل على تقاطع طرق جيوسياسي- قد وفر لروسيا مكاناً كي تمد قوتها السياسية إلى أوروبا والشرق الأوسط وما ورائهما.
وعلى مدى أعوام، سعى بوتين إلى زيادة نفوذ موسكو حول البحر الأسود، من طريق ضخ أموال حكومية من أجل تطوير المرافئ والمدن السياحية وبناء قوة عسكرية روسية في منشآت بحرية في المنطقة لأسطول موسكو الجنوبي.
والبحر مساوٍ في الأهمية للناتو، الذي يصر بوتين على أنه يريد تدمير روسيا. وتحاذي ثلاث دول أعضاء في الناتو هي تركيا ورومانيا وبلغاريا، البحر الأسود مع أربعة موانئ مهمة. كما هناك خمسة شركاء للناتو في المنطقة هم أرمينيا وأذربيجان وجورجيا ومولدوفا وأوكرانيا.
وتقول الصحيفة الأمريكية إن السيطرة على البحر السود هدف حربي لروسيا وأحد الأسباب التي جعلتها تضم القرم عام 2014، وهي عبارة عن شبه جزيرة كبيرة على الطرف الشمالي للبحر الأسود، بعدما تم عزل الرئيس الأوكراني الموالي لها فيكتور يانوكوفيتش عامذاك.
ودعت أوكرانيا وبعض قادة شركات الشحن البحري الحلفاء الغربيين إلى توفير مواكبة بحرية للسفن التي تريد تحدي التهديدات الروسية لنقل الحبوب من أوكرانيا، لكن ثمة الكثير من العوائق التي تحول دون ذلك.
وأحد الأسباب هي أن تركيا تحاول إقناع الحلفاء في الناتو بالامتناع عن تصعيد التوتر مع روسيا في البحر الأسود. كما تسعى أنقرة لإقناع بوتين بالعودة إلى اتفاق الحبوب التي كانت هي من توسط في إبرامه، على رغم ضعف الآمال لهذه الناحية، على ما يرى سينان أولغن الديبلوماسي التركي السابق ومدير مؤسسة إيدام للأبحاث.
ويقول المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية عن شؤون الطاقة ديفيد غولدوين، إن أسعار النفط قد ترتفع ما بين 10 في المائة و15 في المائة للبرميل في حال توقفت صادرات روسيا النفطية عبر البحر الأسود.
والسؤال الآن، وفق ساره إيمرسون رئيسة شركة تحليل أمن الطاقة للستشارات، هل يستطيع الأوكرانيون أن "يوجهوا مزيداً من الضربات للسفن الروسية. سيجعل هذا أسواق النفط أكثر توتراً مما هي عليه اليوم".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي ثريدز وتويتر محاكمة ترامب أحداث السودان مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة البحر الأسود على البحر الأسود فی الناتو
إقرأ أيضاً:
أوكرانيا تقر بخسارة %40 من الأراضي في كورسك الروسية
كييف (وكالات)
أخبار ذات صلة ترامب يلتقي الأمين العام لـ «الناتو» في فلوريدا بلينكن يبحث أزمة أوكرانيا والشرق الأوسط في أوروباأعلن مصدر كبير في الجيش الأوكراني، أن قوات بلاده خسرت أكثر من 40% من الأراضي التي سيطرت عليها في منطقة كورسك الروسية خلال توغل مباغت في أغسطس، وذلك مع شن القوات الروسية موجات من الهجمات المضادة لاستعادة السيطرة على المنطقة.
وأضاف المصدر، الذي يعمل في هيئة الأركان العامة للجيش الأوكراني، أن روسيا نشرت نحو 59 ألف جندي في منطقة كورسك منذ أن اجتاحت القوات الأوكرانية المنطقة وتقدمت فيها بسرعة، وذلك بعد عامين ونصف العام من بدء الأزمة.
وتابع المصدر «كنا نسيطر على نحو 1376 كيلومتراً مربعاً على الأكثر، والآن أصبحت هذه المساحة أصغر بالطبع، القوات الروسية تزيد من هجماتها المضادة».
وذكر «نحن الآن نسيطر على مساحة تقدر بنحو 800 كيلومتر مربع، سوف نحتفظ بهذه المنطقة طالما كان ذلك مناسباً من الناحية العسكرية».
وتوغلت قوات كييف في كورسك بهدف وقف الهجمات الروسية في شرق وشمال شرق أوكرانيا، وإجبار روسيا على سحب قواتها التي تتقدم تدريجياً في الشرق ومنح كييف نفوذاً إضافياً في أي مفاوضات سلام مستقبلية، فيما لا تزال القوات الروسية تواصل التقدم في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا.
في غضون ذلك، أعربت رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا عن تأييدها لاستخدام أوكرانيا صواريخ بعيدة المدى، في دفاعها ضد القوات الروسية، قائلة إنه يتعين على ألمانيا تسليم نظام «تاوروس» الصاروخي بعيد المدى بسرعة إلى أوكرانيا.
وأجابت ميتسولا، في مقابلة نشرتها أمس تقارير إعلامية بـ «نعم»، عندما تم سؤالها عما إذا كان يتعين على الدول التي تزود أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى أن تسمح لها باستخدامها ضد أهداف في روسيا وما إذا كان يتعين على ألمانيا تسليم نظام تاوروس الصاروخي إلى أوكرانيا. وأضافت ميتسولا «نعم، هذا هو أيضا موقف البرلمان الأوروبي، هناك دعم واسع لهذا الطلب، سنرى ما إذا كان هناك تغيير مماثل في هذه السياسة بعد انتخابات البوندستاج».
مبعوث خاص
قالت أربعة مصادر مطلعة على خطط انتقال السلطة إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب يدرس اختيار ريتشارد جرينيل الذي شغل منصب مدير المخابرات الوطنية خلال ولايته السابقة مبعوثاً خاصاً للصراع بين روسيا وأوكرانيا.
ومن المتوقع أن يلعب جرينيل، دوراً رئيسياً في جهود ترامب لوقف الحرب إذا تم اختياره في نهاية المطاف لهذا المنصب. ورغم أنه لا يوجد في الوقت الراهن مبعوث خاص معني بحل الصراع بين روسيا وأوكرانيا، فإن ترامب يفكر في إنشاء هذا الدور، وفقاً للمصادر الأربعة.