انعطافات قومية صعبة في الرياض وأبوظبي.. فماذا تفعل واشنطن؟
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
تشهد كل من السعودية والإمارات "انعطافات قومية محلية صعبة" تهدد باندلاع صدام بين أكبر اقتصادين في مجلس التعاون الخليجي، وتثير تساؤلات بشأن موقف واشنطن حيال إعادة هيكلة الحكم في الرياض وأبوظبي وإبراز نفوذهما في الخارج بما يتعارض مع مصالح وقيم الولايات المتحدة.
تلك القراءة قدمها جون هوفمان، وهو محلل للسياسة الخارجية في معهد كاتو بواشنطن العاصمة، عبر تحليل في مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية (Foreign Policy) ترجمه "الخليج الجديد".
وتابع أنه "على غرار (ولي العهد السعودي الأمير) محمد بن سلمان، استخدم (رئيس الإمارات الشيخ محمد) بن زايد العسكرة لدعم البرنامج القومي، حيث خصص عطلات مثل "يوم الشهيد"، لتكريم العسكريين الإماراتيين القتلى، مع الإشراف أيضا على زيادة ملحوظة في الإنفاق الدفاعي وصعود الإمارات كقوة إقليمية رئيسية".
وأردف أنه "بن سلمان وبن زايد يشرفان على محاولة إعادة الهيكلة الاقتصادية لبلديهما نحو مستقبل مستدام ما بعد النفط (...) وتعتبر مبادرتي رؤية 2030 الجديدة في الرياض وأبو ظبي الأساس الاقتصادية لترسيخ السعودية والإمارات كمراكز اقتصادية رئيسية في الشرق الأوسط وأسواق مربحة لرأس المال الدولي".
و"لتحقيق ذلك، عرض البلدان صورا دولية للحداثة والتقدم والاستقرار على أمل حشد الدعم والاستثمار الأجنبي، وشمل ذلك جهود للترويج للسياحة، ومغامرات في الرياضات العالمية، واستضافة مؤتمرات قمة استثمار دولية، ومبادرات دينية دولية مختلفة تصور هؤلاء الفاعلين على أنهم من دعاة ما يسمى بالإسلام المعتدل"، بحسب هوفمان.
واستدرك: "على الرغم من المبادرات الاقتصادية، لا تزال عائدات النفط ذات أهمية قصوى للرياض وأبو ظبي، ويحتاج بن سلمان وبن زايد إلى المال من أجل هذه المخططات القومية، لكن لا تزال اقتصاداتهما، وخاصة السعودية، تعتمد بشدة على النفط".
اقرأ أيضاً
بعد السعودية.. مستشار الأمن القومي الأمريكي يزور الإمارات ويلتقي بن زايد
الربيع العربي
و"تماشيا مع هذه الانعطافات المحلية نحو القومية، قادت الرياض وأبو ظبي الثورة الإقليمية المضادة خلال 13 عاما بعد انتفاضات الربيع العربي (أطاحت بأنظمة عربية حاكمة)، إذ تدعمان جهات لعرقلة الحركات التي تتحدى الوضع الراهن السائد في الشرق الأوسط"، كما أضاف هوفمان.
وزاد بأن "بن سلمان وبن زايد أطلقا حملة عسكرية في اليمن عام 2015 (لدعم الحكومة الشرعية في مواجهة قوات جماعة الحوثي المتمردة المدعومة من إيران)، مما أسفر عن أسوأ أزمة إنسانية في العالم ومقتل أكثر من 377 ألف شخص، كما قاد بن سلمان وبن زايد حصارا جويا وبريا وبحريا لقطر (بزعم دعمها للإرهاب) بين 2017 و2021 تضمن، بحسب ما ورد، خططا لعملية عسكرية ردعتها الولايات المتحدة".
وتابع أن "الرياض وأبوظبي وسعتا بشكل كبير علاقاتهما الاستراتيجية مع تل أبيب، إذ قامت الإمارات بتطبيع العلاقات مع إسرائيل في 2020".
ولا ترتبط السعودية بعلاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، وتشترط على الأخيرة الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة منذ 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.
هوفمان استطرد: "وسعت السعودية والإمارات إلى توسيع وجودهما الاستراتيجي خارج مناطق عملياتهما التقليدية، وتحديدا في أماكن مثل شرق البحر الأبيض المتوسط والقرن الأفريقي، وحققتا نموا كبيرا في العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية مع روسيا والصين".
ولفت إلى أن "الرياض وأبوظبي امتنعتا عن الانحياز لأي طرف في الغزو الروسي لأوكرانيا (منذ 24 فبراير/ شباط 2022)، وتستمران في التنسيق مع موسكو بشأن إنتاج النفط، ما يتعارض مع سياسة واشنطن، كما ترفضان حتى الآن فرض عقوبات على روسيا".
وأفاد بأن "الصين عززت علاقاتها الاقتصادية مع السعودية والإمارات وأصبحت أكبر شريك تجاري ومستهلك رئيسي للنفط لكل من الرياض وأبوظبي، فيما زادت الاستثمارات بين السعودية والإمارات والصين بشكل كبير، وتعززت العلاقات في مبيعات الأسلحة".
اقرأ أيضاً
تل أبيب قلقة.. خلافات الرياض وأبوظبي تخدم طهران وتضر بالتطبيع
قوميات متنافسة
هوفمان اعتبر أنه من الأمور الحاسمة لنجاح هذه الانعطافات القومية المحلية هو "ما إذا كان بن سلمان وبن زايد قادرين على إبراز أنفسهما محليا على أنهما أفضل الضامنين للمصالح الوطنية".
وحذر من أنه "يمكن للقومية الشديدة أن تولد بسهولة قوى خارجة عن سيطرة الدولة، وإذا فشل بن سلمان وبن زايد فربما تستهدفهما القوى القومية ذاتها التي يشجعانها بنشاط".
وأردف: "على الرغم من الاتجاه الإقليمي الحالي نحو خفض التصعيد، إلا أن انعدام الثقة الكامن والتوترات الجيوسياسية بين السعودية والإمارات ومنافسيهما الإقليميين يمكن إعادة إشعالها بسهولة".
ومضى هوفمان قائلا إن "القوميات المتنافسة بين السعودية والإمارات أصبحت أكثر علنية بشكل متزايد، إذ يسعى كل من بن سلمان وبن زايد إلى ترسيخ أنفسهما كجهات فاعلة مهيمنة في الخليج والشرق الأوسط بشكل عام".
وشدد على أن "المنافسة على الاستثمار الأجنبي وإنتاج النفط والمخاوف الاستراتيجية في أماكن مثل اليمن والسودان أدت إلى تعميق الخلاف بين الرياض وأبوظبي".
اقرأ أيضاً
مع تراجع النمو والإيرادات.. هل يحتدم تنافس السعودية والإمارات؟
شياك على بياض
والطريقة التي تختارها الولايات المتحدة، بحسب هوفان، للرد على مثل هذه التطورات "ستكون حاسمة، فالأهداف المتباينة بين الولايات المتحدة والسعودية والإمارات يجب أن تثير تساؤلات حول سياسات "الشيك على بياض" التي اتبعتها واشنطن تجاه البلدين".
وتساءل: لماذا يجب أن تستمر الولايات المتحدة في دعم أمن بن سلمان وبن زايد بينما يسعيان إلى إعادة هيكلة حكمها محليا، مع إبراز نفوذهما في الخارج؟
هوفمان استدرك: :ومع ذلك، يبدو أن إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن عازمة على مضاعفة دعمها للسعودية والإمارات، وفشلت في الاعتراف بالسياقات الإقليمية والدولية المتغيرة".
وقال إنه "بحسب ما ورد، يفكر بايدن في توقيع اتفاق أمني مشترك مع السعودية مقابل تطبيع الرياض العلاقات مع تل أبيب، ويأتي ذلك في أعقاب تقارير تفيد بأن واشنطن قدمت مسودة اتفاقية دفاع رسمية إلى أبوظبي في يوليو/ تموز 2022".
وبدلا من التكيف مع الحقائق الجديدة، تخاطر إدارة بايدن بوقوع الولايات المتحدة في شرك الضامن الأمني لحكام لا يشاركونها مصالحها أو قيمها، كما ختم هوفمان.
اقرأ أيضاً
خلافات بن سلمان وبن زايد.. التفاصيل الكاملة لكواليس 6 أشهر بين "أعدقاء الخليج"
المصدر | جون هوفمان/ فورين بوليسي- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الإمارات السعودية قومية حكم نفوذ الولايات المتحدة السعودیة والإمارات الولایات المتحدة بن سلمان وبن زاید فی الریاض اقرأ أیضا بن زاید
إقرأ أيضاً:
دمشق باتت قبلة للدبلوماسيين.. لقاءات مكثفة لرسم ملامح المرحلة المقبلة فماذا بعد اجتماعات الجولاني؟
في قلب العاصمة السورية دمشق، شهدت الأيام القليلة الماضية موجة دبلوماسية غير مسبوقة، حيث استقبل أحمد الشرع (الجولاني) جموعا من الوفود العربية والدولية، في مسعى لتعزيز التعاون الثنائي والتباحث حول قضايا إقليمية ذات الاهتمام المشترك.
اعلانففي 21 ديسمبر/كانون الأول 2024، استقبل الشرع وفدًا سعوديًا رفيع المستوى برئاسة مستشار في الديوان الملكي، في لقاء تناول سبل تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، بالإضافة إلى تبادل وجهات النظر حول آخر تطورات المنطقة. وكان اللقاء فرصة لتبادل الآراء حول التحديات الإقليمية وكيفية إيجاد حلول منسقة، خاصة في ظل الأزمة المستمرة في المنطقة.
في ذات اليوم، كان اللقاء مع الوفد الأمريكي مؤثرًا أيضًا، حيث أعربت الولايات المتحدة عن دعمها المستمر للشعب السوري، مع تأكيد التزامها بالإسهام في الجهود الرامية لتحقيق الاستقرار السياسي وإعادة إعمار البلاد. وقد سلط هذا اللقاء الضوء على الأبعاد الإنسانية والتعاون الدولي الذي يسعى لدعم سوريا في المرحلة المقبلة.
أما في 22 ديسمبر/كانون الأول 2024، فقد استقبل الشرع وفدًا قطريًا رفيع المستوى، حيث تم تناول سبل تعزيز الاستقرار في سوريا ودور قطر الفاعل في تقديم الدعم لعملية إعادة الإعمار. كما تم بحث آفاق تطوير العلاقات الثنائية وتعميق التعاون على الأصعدة كافة. وفي سياق آخر، استقبل الشرع في نفس اليوم نائب الرئيس السوري السابق فاروق الشرع، الذي تم دعوته للمشاركة في مؤتمر وطني يسعى إلى تحقيق المصالحة الوطنية. اللقاء بين الطرفين كان ذا طابع خاص نظرًا للعلاقات الأسرية القوية بينهما، ما أضفى مزيدًا من الأبعاد الشخصية والسياسية على المباحثات.
زيارة الوفد القطري لدمشق ولقاء الجولانيوفي تطور مهم آخر، استقبل الشرع في 22 ديسمبر/كانون الأول 2024، وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، حيث شهد اللقاء تأكيدا على ضرورة تعزيز التعاون بين البلدين، مع التركيز على ضمان السيطرة الوطنية الكاملة على الأسلحة في سوريا، بما في ذلك تلك التي بحوزة القوات الكردية. كما شدد وزير الخارجية التركي على ضرورة تفكيك وحدات حماية الشعب الكردية ورفع العقوبات المفروضة على سوريا لتسهيل إعادة الإعمار، وهو ما يعد نقطة مفصلية في تعزيز العلاقة التركية-السورية.
وفي 23 ديسمبر/كانون الأول، جرت محادثات مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في دمشق كذلك، حيث تم التركيز على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وتناول قضايا اللاجئين والتعاون الأمني، بما يسهم في استقرار المنطقة.
كما كانت اللقاءات مع زعماء سياسيين آخرين مؤثرة، مثل لقاء الشرع مع زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني وليد جنبلاط في 22 ديسمبر/كانون الأول، حيث أكد الشرع التزام سوريا بعدم التدخل في الشؤون اللبنانية واحترام سيادة لبنان، في الوقت الذي شدد فيه جنبلاط على ضرورة التعاون لتحقيق استقرار دائم في المنطقة.
Relatedالجولاني: لسنا بصدد الخوض في صراع مع إسرائيل ولا نعتبرها جزءاً من معركتنامن ماهر الأسد إلى ماهر الشرع.. تعيين شقيق الجولاني وزيرا للصحة يثير انتقادات شديدةالجولاني يدعو لرفع العقوبات عن سوريا ويؤكد بأنها لن تكون منصة لمحاربة إسرائيلوتكشف هذه اللقاءات المتواصلة عن مرحلة جديدة في السياسة السورية، مرحلة من الانفتاح على محيطها العربي والدولي. وفي وقت تسعى فيه دمشق لتعزيز مكانتها كمحور للحلول الإقليمية، فإن هذه الدبلوماسية النشطة تعد خطوة مهمة نحو تحقيق المصالحة الوطنية والاستقرار في المنطقة، في ظل المتغيرات السياسية والدبلوماسية التي تعيشها سوريا والمنطقة العربية.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية بين حماية الدروز وتطبيع العلاقات.. ماذا يخفي لقاء جنبلاط بالجولاني؟ بعد محادثات إيجابية.. أمريكا تلغي مكافأة الـ10 ملايين دولار لاعتقال الجولاني الجولاني يزور مدرسته القديمة في دمشق ويلتقط صورة مع المديرة قطرالولايات المتحدة الأمريكيةأبو محمد الجولاني لقاءات ثنائيةدمشقالأردن اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. استمرار القصف على قطاع غزة المحاصر واعتقالات في الخليل وبؤر استيطانية جديدة في الضفة الغربية يعرض الآن Next زيارة مثيرة لمسؤول أوروبي إلى موسكو.. فيتسو يناقش مع بوتين إمداد الغاز الروسي وأزمة أوكرانيا يعرض الآن Next المغرب: تكريم 99 مدرسة لتميزها البيئي ضمن برنامج "المدارس الإيكولوجية" يعرض الآن Next آمال تُعلّق على أبواب سنة مقدسة في روما، فهل ستكون سنة 2025 علامة فارقة؟ يعرض الآن Next "نستيقظ في الصباح متجمدين من البرد".. معاناة بلا حدود للفلسطينيين في غزة في شتاء قارس ونقص المساعدات اعلانالاكثر قراءة بحضور الوزير فيدان.. الشرع يعد بنزع سلاح كل الفصائل بما فيها قسد وإسرائيل قلقة من تحرك عسكري تركي الشرطة النيجيرية: ارتفاع عدد قتلى حادثي تدافع بمناسبتين خيريتين لعيد الميلاد إلى 32 شخصا آيتان على سقف قصر السيسي ومُلْك فرعون الذي لا يفنى.. صورة الرئيس المصري تشعل مواقع التواصل مارس الجنس مع 400 من زوجات كبار الشخصيات أمام الكاميرا.. فضيحة مسؤول كيني يعتقد أنه مصاب بمرض الإيدز حادثة بـ"نيران صديقة" تسقط طائرتين أمريكيتين فوق البحر الأحمر اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومعيد الميلادإسرائيلضحاياروسياأبو محمد الجولاني جنوب السودانسوريافيضانات - سيولبشار الأسدألمانياالحرب في أوكرانيا حزب اللهالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024