سودانايل:
2024-09-11@01:22:26 GMT

رحلة عبر النجوم: شالت قلبي قول: يا جامع..!

تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT

الحردلو (17)
رحلة عبر النجوم: شالت قلبي قول: يا جامع..!
سلف القول أن بعض المسادير تصف رحلة الشاعر خلال العام عبر البطانة إلى مساكن المحبوبة..وأن هذه المسادير تعكس وتنبئ عن معرفة عميقة بالطقس المحلي وأحوال الجو والفلك وتكشف عن البصيرة البدوية الحادة للتنبؤ بالمناخ وأحوال المطر والجفاف..إلخ ولساكني البادية وسائلهم الخاصة في رصد أحوال الطقس وتبدلات الفصول.

.! وسبقت الإشارة إلى تقسيم الفصول الأربعة إلى سبع عيّن (جمع عِينة)..يمثل كل منها نجم بعينه يمنحونه اسماً محلياً.. وكل عينة أو نجم يستمر 13 يوماً ويتميّز بخصائص جزء خاص من الفصل..وطلوع وأفول هذه النجوم يحرّك أيضاً مشاعر البدوي بالحنين والشغف للمحبوبة..!
تبدأ الرحلة في بواكير الصيف مع سطوع (نجم النطح) بما يوازي 21 أبريل من كل عام..(والعين السبع هي: النطح، والبطين، والتريا، والدبران، والهكعة، والهنعة والضراع)..وأكثر تمثيل لهذا النوع من المسادير مسدار النجوم لـ"عبدالله حمد ود شوراني" الذي يتكوّن من 28 مربوعاً...وقد مرّ بنا كيف افتتحه بغياب (نجم النطح) واشتداد موجة الحر..!
**
الملامح المميّزة لهذا المسدار تبدو في مهارة الشاعر في رسم الخطوط المتوازية بين تغيّر
أحوال الطقس وبين أحاسيسه وتصاعد مشاعر الحنين للمحبوبة..! وبعد المربوع الافتتاحي الذي يذكر فيه نجم النَطِح يقدم لنا ود شوراني (نجم البطين) أوعِينته شديدة الحر...ولكنها لا تخلو من بعض القطرات والرذاذ رغم أن سقوط المطر لا يزال بعيداً..!
في هذا الجو الحار تبرز الثعابين والحشرات من مكامنها وجحورها..وبالرغم من ذلك تمور مشاعر الحنين للمحبوبة الفاتنة ذات الخدود االساحرة بعيدة المنال..!
ويميل الشاعر لإطلاق التشبيهات المأخوذة من طبيعة الحياة البدوية...فهو يمثل صعوبة نيل أي دالة وصال من المحبوبة باستحالة استخراج اللبن أو الزبد من الماء...!
فتاة البادية تضع اللبن في السِعن وتربط فوهته برباط وثيق..والسعن معلّق في الشِعبة..وتقوم بـ(خج السعن) أو (خش اللبن) في حركات متتابعة ولفترة من الزمن لاستخراج (الزبدة)..!
هنا يرى الشاعر أن أمله في نيل (شيء) من محبوبته يماثل حالة من يأمل أن يظفر بالزبدة عن طريق (خج الماء).. هذا هو المحال بعينه..!!
شال برق البطين رقصَن دبادبو ورشّو
وين النايره يا خلّاي مراية وشّو..؟
عاشقي العندو حقن المويه ضايق خشّو
سهران فاقدو بي عِليقو ليّا وغشّو..!
وبظهور (نجم التريا) النجم الثالث "العينة الثالثة" من فصل الصيف يصبح الحر لا يطاق..! والشاعر يناجي حبيبته بأن تضع حداً لحالة الفراق الطويل..
لي زنق "التريا" الحرّو أزعج وضيَّق
وين النادي واصفر وسيد وشاماً زيّق
ذوقو اللي أمل دنيا.. وكتير ما فيّق
خرّت مقلة القَلع الرسانه وهيّق
وفي ما ترجمه "عادل بابكر" شرحٌ للغوامض:
Al-Tiraya sending down throttling heat,
I can't wait to catch my sweetheart,
Her tattoo adding glamor to her lustrous complexion
She means the world to me
and to my sturdy steed,
who spares no energy to get us there
**
ثم النجم الرابع (الدبران):
ريدا الجابلها (الدبران) بريقاً لامع
ما فيقني افكر في معاش ومطامع
سيد قافية غُناي الفوقا طارب السامع
قلّت صبري شالت قلبي قول: يا جامع
ثم عينة (الهكعة):
يرق الهكعه رفّ ولاح وفكّ رياحو
ذكرني البفوق دهب البراتي سماحو
الخلّاني اقيم الليل ملاقي صباحو
بعد الشيب..خفيف الروح جرحني سلاحو
ومع حال أن سقوط المطر على بعد نجمين أو عينتين..بدأت السُحب تتجمّع، وأصبحت الزوابع الرعدية تتردد بين آونة وأخرى والنسيم البارد يُنبئ بقدوم المطر...
هذا نجم (الهنعة):
الهنعه ام هبايب قام سحابا مهدِّر
هواها البارد اصبح للسخانه مفدِّر
وين دُر جوهر الحضري الصعوبتو تكدِّر
ممنوع ما سِهل لي تجارتو كل مُسدِّر
ثم النجم الأخير (الضراع):
دعاش برق الضراع الفي السحابه بلاوي
جلب ليّ راحه من اللي أذايا بِداوي
كان ما الحب صعب من الكُبار وبلاوي
ما فيش داعي بعد الشيب اكون لها غاوي
**
نحن الآن على مداخل الخريف بمنازله السبعة: قول يا جامع...!

مرتضى الغالي

murtadamore@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

بين الشِعر والشاعر شَعرة

(1)

الشعر نبات القلوب، ونخيل الفؤاد، يتساقط رطبا جنيا، كلما غنّاه الشاعر.

(2)

حيث يوجد الشعر، توجد الحياة.

(3)

يموت الشاعر ويده على قصيدة لم يقلها.

(4)

راحل ذلك الغريب إلى أرض لم يطأها غيره، باحثا عن قصيدة لم يبعثها أحد قبله.

(5)

كناي راعٍ لاهٍ مع غنمه، يتعمم الشاعر غيمته، ويمسك عصاه، ليهش بها على قصيدته.

(6)

ليل، ونجوم، وعشق..تلك هي عدّة الشاعر.

(7)

خذ ما شئتَ، واترك مساحة من العشق، لقصيدة أخيرة.

(8)

كما تولد القصيدة من قلب الشاعر، كذلك يولد الشعراء من رحم القصيدة.

(9)

ينظر الشاعر إلى قصيدته التي كتبها قبل يوم، فيشعر أنها لم تكتمل بعد، فيعيد كتابة بيتها الأخير.

(10)

هل يولد الشاعر من رحم المعاناة؟..أم من رحم الموهبة؟

أعتقد أن كليهما أوكسجين المبدع.

(11)

لا تتحدث كثيرا، دع القصيدة تقول كل شيء.

مسعود الحمداني كاتب وشاعر عماني

مقالات مشابهة

  • خالد الصاوي يودع كلبته بكلمات مؤثرة: «باي باي حبيبة قلبي»
  • قطر.. «نقطة» تحت «المطر»!
  • البطلة نادية فكري تحتفل ببرونزيتها بزغرودة على الهواء.. وأديب: البنت شالت جبل
  • مشاعر وتضامن وجنازة عسكرية في وداع جثمان عائشة أزغي بنابلس
  • بين الشِعر والشاعر شَعرة
  • تامر عاشور يحتفي بعيد ميلاد زوجته بكلمات رومانسية: «مفيش منك يا روح قلبي»
  • ‫ما اضطراب نهم الطعام؟
  • زخات مطر
  • رياض بيدس : كوابيس
  • مساجد لها تاريخ.. جامع سيدي شبل الأسود بني على ضريح صاحبه