أبرز الفروق بين الجيش الإيراني والحرس الثوري
تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT
طهران- في خضم التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط، يظهر الدور العسكري الإيراني بوضوح في تشكيل ديناميات المنطقة، بينما توجد قوتان رئيستان في الساحة العسكرية الإيرانية هما الجيش الإيراني والحرس الثوري، ورغم أنهما يشتركان في مهمة حماية البلاد وتعزيز مصالحها فإن لكل منهما وظائف وأدوارا مختلفة.
وتلعب القوى العسكرية الإيرانية دورا حاسما في الصراعات الإقليمية، وحاليا في الحرب على قطاع غزة يظهر تأثير إيران من خلال دعمها لفصائل المقاومة في غزة والمنطقة، كما أن الحرس الثوري الإيراني ومن خلال "فيلق القدس" يسهم في دعم هذه الفصائل وتدريبها، بما يعزز من نفوذ إيران في القضية الفلسطينية والمنطقة.
ويعدّ الجيش الإيراني القوة العسكرية التقليدية لإيران، ويعمل بشكل رئيسي على حماية الحدود الإيرانية والدفاع عن السيادة الوطنية، ويتألف من القوات البرية والبحرية والجوية، ويعمل تحت إشراف القيادة العامة للقوات المسلحة الإيرانية.
أما الحرس الثوري الإيراني فقد أُسّس بعد الثورة عام 1979، وهو قوة عسكرية خاصة تعمل على حماية "الثورة الإسلامية والنظام السياسي" بعد الثورة، بالإضافة إلى دوره في حماية النظام الداخلي على مستويات مختلفة، ويتولى مسؤوليات إضافية تشمل الحضور في الشؤون الإقليمية ودعم الحركات السياسية والأنظمة المرتبطة بإيران، كما يدير "فيلق القدس" -وحدة متخصصة بالعمليات الخارجية- وهو ما لا يقوم به الجيش.
ويعدّ القاسم المشترك بين الجانبين على المستوى المؤسساتي، وهو ما يتمثل في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة لجمهورية إيران الإسلامية، التي تعدّ أعلى مؤسسة عسكرية في القوات المسلحة الإيرانية، وهي المسؤولة عن التنسيق بين قوات الجيش والحرس الثوري، وكذلك الشرطة ووزارة الدفاع، ويعين المرشد الأعلى قائد هذه الهيئة.
وعلى المستوى العملي، تعد قاعدة "خاتم الأنبياء" للدفاع الجوي ميدان النشاط المشترك بين الجيش والحرس الثوري، وتعمل هذه القاعدة تحت إشراف هيئة الأركان المشتركة، وهي مسؤولة عن تنسيق أنشطة الدفاع الجوي للجيش والحرس الثوري، فضلا عن تعزيز شبكة القيادة والسيطرة المتكاملة للقوات المسلحة الإيرانية في الدفاع الجوي، ويعين المرشد الأعلى قائد هذه القاعدة.
الحرس الثوري الإيراني يشارك في الصراعات الإقليمية خارج حدود إيران (رويترز) بين الدفاع والهجومفي سياق تحليلي، أوضح الباحث المتخصص بالقوات المسلحة الإيرانية حسين حقيان أن الأجواء الغالبة بين أعضاء الحرس الثوري وقادته هي الأخوية التي تكون بين الثوار، فالحرس لم يكن له نظام عسكري واضح منذ تأسيسه حتى مطلع تسعينيات القرن الماضي، حين قرر قائد الحرس آنذاك محسن رضائي أن يرسم نظاما عسكريا للحرس شبيها بالجيش.
وأضاف -في حديثه للجزيرة نت- أن هذه الأجواء تجعل قادة الحرس أكثر شعبية، كما تجعلهم يعتمدون على بناء العلاقات الفردية مع حلفائهم في المنطقة، حتى إن سلوك قادة الحرس وأعضائه تجمع بين النظام العسكري التقليدي والأعراف الاجتماعية.
ومن هذا المنطلق، يقول إنه يمكن لقادة الحرس الثوري الظهور في خطابات كثيرة، والتحدث في قضايا سياسية واجتماعية وحتى في المناسبات الدينية، بعكس قادة الجيش سواء في إيران أو في العالم حيث لا يظهرون كثيرا في الإعلام ولا يتحدثون في المناسبات أو في القضايا السياسية.
وفي هذا الصدد، يشار إلى صورة متداولة في الإعلام الإيراني يظهر فيها القائد السابق لفيلق القدس قاسم سليماني الذي اغتالته الولايات المتحدة في العاصمة العراقية بغداد في مطلع عام 2020، وهو يقف إلى جانب قادة عسكريين ويؤدي التحية العسكرية للمرشد الأعلى ويضع يده الأخرى على صدره، كما هو متعارف للسلام والاحترام لدى الإيرانيين التقليديين، بينما بقية القادة يؤدون الاحترام العسكري فقط.
وقال حقيان إن الشعب الإيراني محب للجيش كما بقية شعوب العالم، بينما الأمر مختلف بخصوص الحرس، حيث إنه لا يستطيع تعريف أسباب وجوده ومهامه بوضوح للشعب، وذلك يدفعه إلى ضرورة صنع أبطال وطنيين وقوميين من قادته، فحب الشعب له مرهون بما يقوم به قادة الحرس ومواقفهم وتعاطيهم مع الأزمات والقضايا بشكل منفصل، ومن ثم فمقياس حب الشعب للحرس متغير بينما مقياس حبه للجيش ثابت.
وأضاف الباحث أن ثمة اتفاقا غير رسمي بين الجيش والحرس على أن الجيش هو المسؤول عن الدفاع عن البلاد، بينما يعد الحرس الثوري المسؤول عن الهجمات على بلاد أخرى.
الردع لدى الحرسوبحسب الخبراء، فإنه من حيث المنطق العسكري والإستراتيجي، فإن القوة الجوية والفضائية للحرس هي القوة العسكرية الرادعة الوحيدة لدى إيران، لا سيما أنه عندما لا تكون هناك حدود برية مع العدو تصبح القوة الجوية غاية في الأهمية.
وقال حقيان "إذا فسرنا الردع العسكري بأنه يد طويلة في الجانب الجغرافي تستطيع تنفيذ هجمات بمدى 2500 كيلومتر، وعلى مستوى قدرتها على التخريب ومدة استعدادها للهجوم وتكرار الهجمات، فإن القوة الجوية للحرس هي القوة الرادعة لإيران، حيث يمكنها إيجاد الخوف والرعب لدى العدو، وإيجاد أعلى مستويات التخريب والضرر، ومن ثم الردع"، وفق رأيه.
وأوضح أنه بعد الثورة وبسبب العقوبات بات من الصعب الحصول على مقاتلات، ولذلك ركزت إيران على الصواريخ، مشيرا إلى أن الحرس "وليد القيود" وأنه اتجه نحو إنتاج الصواريخ وتطويرها لأنه الخيار الوحيد للردع لديه.
وفي هذا السياق، أردف أن الصواريخ الباليستية البعيدة المدى تستخدم لوضع رأس نووي، لكن بسبب العقوبات والقيود في ما يتعلق بالحصول على مقاتلات حديثة، اتجه الحرس نحو صنع هذه الصواريخ، وإن كانت بطبيعتها ليست دقيقة وقد تخطئ بحدود 500 متر، وهو خطأ غير مؤثر بالنسبة إلى صواريخ تحمل رؤوسا نووية، لكن الحرس طوّر من صواريخه التي لا تحمل رؤوسا نووية وأوصل احتمال الخطأ إلى 10 أمتار فقط.
وتابع حقيان أن قوة الجيش الجوية ترتكز على امتلاكه مقاتلات شرقية وغربية قديمة، لم تصنع لتعمل مع بعضها، بل لتعمل ضد بعضها بعضا، وكذلك المسيّرات.
وخلص الباحث إلى أن القوات البرية للحرس أصغر من القوات البرية للجيش، وبوجه عام لا يؤثر هذا على قدرة الردع لدى إيران، لأنها ليست لديها حدود برية مع أعدائها، بينما القوة البحرية للجيش أكبر، ولكن سرعة تطور الحرس في هذا المجال أكبر.
الجيش الإيراني يتولى بشكل رئيسي مهمة حماية الحدود الإيرانية والدفاع عن السيادة الوطنية (رويترز) الحرس يساند الجيشومن جانبه، قال القيادي السابق في الحرس الثوري حسين كنعاني مقدم إن الحرس الثوري مع حفاظه على الأراضي الإيرانية فهو يحافظ على حدود القيم والأيديولوجيات المتعلقة بنظام الجمهورية الإسلامية، وهو يعتمد رد الفعل السريع والدعم الشعبي في تحركاته.
ويضيف -في حديثه للجزيرة نت- أنه يجب على الجيش الحفاظ على مبادئ الثورة الإسلامية داخل الأراضي الإيرانية وخارجها، وأن حدود فعاليات الحرس لا تحدّها الحدود الواقعية للبلاد، وهذا يفسر حضور فيلق القدس إلى جانب فصائل المقاومة في المنطقة، مضيفا أن الجيش يحتاج إلى مساندة قوات عسكرية غير تقليدية مثل الحرس الثوري لتعزيز عمله ودعمه بأداء واجبه بشكل أفضل.
وفي ما يتعلق بالحضور الاجتماعي والعلاقة مع الشارع، قال القائد السابق في الحرس إن الجيش يتحرك ضمن أطر تقليدية محددة، بينما الحرس الثوري لديه فعاليات ثقافية واجتماعية، خاصة أن قوات التعبئة تعدّ قوات شعبية وغير نظامية تابعة للحرس، وتقوم بمهام تتنوع بين الإعمار والإمداد والتعليم والترويج للعقائد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المسلحة الإیرانیة الجیش الإیرانی والحرس الثوری الحرس الثوری قادة الحرس
إقرأ أيضاً:
إيران تسعى لمحادثات مع أوروبا وسط قلق غربي متزايد.. الخوف من العقوبات بسبب البرنامج النووي أبرز الأسباب.. والدعم العسكري لروسيا والحلفاء الإقليميين على الطاولة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تستعد إيران لعقد محادثات مع المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا في أعقاب إصدار الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارًا يُدين نقص الشفافية الإيرانية وانتهاكاتها للاتفاق النووي لعام 2015.
القرار، الصادر في 21 نوفمبر، أكّد شكوك الوكالة في الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني، مما قد يمهد الطريق لتفعيل آلية "سناب باك" التي تعيد فرض جميع العقوبات الأممية التي كانت قائمة قبل الاتفاق.
استعداد إيران للمحادثات
رغم إعلان وزارة الخارجية الإيرانية جاهزيتها للتفاوض، يبقى السؤال حول مدى استعدادها لتقديم تنازلات في قضايا رئيسية تشمل: برنامجها النووي، دعمها للقوات الوكيلة في المنطقة، ودورها العسكري في الحرب الروسية ضد أوكرانيا.
البرنامج النووي.. أولوية للمحادثات
البرنامج النووي الإيراني يظل محور الاهتمام الدولي، لكنّه ليس التحدي الوحيد في المفاوضات. تشمل الملفات الأخرى دعم إيران لميليشياتها الإقليمية، توترات مع إسرائيل، تدخلاتها في الحرب الأوكرانية، تطوير الصواريخ، اتهامات بالتورط في عمليات إرهابية عابرة للحدود، وانتهاكات حقوق الإنسان.
قلق غربي من دعم إيران لحلفائها الإقليميين
رغم الضربات الإسرائيلية الأخيرة على جماعات مثل "حماس" و"حزب الله"، فإن إيران تستمر في تقديم الدعم المالي واللوجستي لتعويض خسائرهما. كما تواصل إيران الترويج لرؤية "محور المقاومة" المناهضة لإسرائيل والولايات المتحدة.
المخاوف الأوروبية من دور إيران في الحرب الأوكرانية
يتزايد القلق الأوروبي بشأن تورط إيران في دعم روسيا عسكريًا، خاصةً مع تأثير الحرب على استقرار القارة الأوروبية. هذه الأزمة تشكل تحديًا إضافيًا لأوروبا التي تحاول التوفيق بين دعم أوكرانيا وضغوط اقتصادية داخلية.
برنامج الصواريخ الإيراني.. تهديد قائم
تواصل إيران استعراض قدراتها الصاروخية بعيدة المدى، ما يثير قلق الدول الأوروبية رغم محدودية فعاليتها في مواجهة الدفاعات الإسرائيلية. الاستخدام المتكرر للصواريخ ضد أهداف مدنية في السعودية والعراق يزيد من هذا القلق.
حقوق الإنسان.. ورقة ضغط غربية
تتصاعد الانتقادات الغربية لانتهاكات حقوق الإنسان في إيران، خاصةً بعد الانتخابات الرئاسية في يونيو 2024، التي شهدت مقاطعة واسعة من الإيرانيين. ومع استمرار الاحتجاجات المحلية وتصاعد الضغوط الدولية، تبدو حقوق الإنسان قضية مركزية في أي مفاوضات مقبلة.
النظرة المستقبلية
تبدو المحادثات القادمة بين إيران والدول الأوروبية حاسمة في تحديد مسار العلاقات الدولية، في ظل تصاعد التوترات بشأن الملفات النووية والإقليمية والإنسانية. ومع ذلك، يبقى نجاحها مرهونًا بمدى استعداد إيران لتقديم تنازلات ملموسة تواجه بها المخاوف الدولية.