طيف أول:
والرغبة تصب في نهاية الحرب
في وقت يهطل فيه مطر الزوال
والحلم يملأ الأمكنة بالنور
وينبت الشعور الذي لا يموت
قد يسقط ألف حاكم، ولكن لن يسقط وطن سيما أنه لم يعرف الانحناء..
وسبعون عاما تمر على تأسيس قوات الشعب المسلحة بعظمتها وجبروتها وسيرتها المشرفة وضباطها الأوفياء سيرة عطرة خلدها التاريخ في مؤسسة عسكرية تصّدر جيشها قائمة أفضل الجيوش إفريقيا، ووقفت شامخة عندما قال قائدها (أرضا ظرف) وقتما سلمت حكومة الكويت حوافز للضباط السودانيين.
حتى جاءت الإنقاذ، ونخرت عظمها واعتلى قيادتها الفريق عبد الفتاح البرهان أسوأ الجنرالات الذين كتبوا اسمهم من دم الشعب السوداني.
ووقف على منصة الذكرى بالأمس بخطاب مرتبك متناقض سيطرت على كلماته المعلبة صبغة سياسية واضحة، وتلاشت فيه مظاهر الهيبة، وكشفت تفاصيله أنه لا يمثل لا الجيش ولا الشعب السوداني، ولكنه يجسد صورة حاكم أغراه بريق السلطة للحد الذي جعله بنية استمراره في الحرب يسيء، لشعبه ولقواته في آن واحد.
ويلقي القائد كلمة مكررة ضعيفة أظهرته وكأنه مقيد تنقصه الحرية، مارس فيها الشكوى كما فعل ذلك في أول يوم حرب حدث الناس فيها عن الغدر الذي مارسته قوات الدعم السريع وقائدها محمد حمدان دقلو، ولكنه عجز عن كشف ملامح الحل الذي يخرج الناس من ظلمات هذا الغدر فالمواطن لا ينقصه أن يعيد له البرهان “حدوته” ما فعله الدعم السريع به، ولكن تنقصه كلمة وقرار يخرجه من هذا الجحيم.
وظهر البرهان وكأنه يتوارى من جيشه، ومن فلوله ولم يخاطب جنوده وضباطه في قلعة عسكرية، واكتفى بخطاب أكد فيه ملامح المرحلة البائسة التي أوصل بها الجيش والشعب إلى هذا الدرك السحيق
سبعون عاما كان ينتظر الشعب فيها أن يحتفل مع جيشه في قلب الخرطوم، ويرتدي الأطفال الزي العسكري ليعبروا فيه عن فرحتهم بالانتصار والعودة إلى الديار، ولكن استحى البرهان أن يواجه قواته، ويخرج إلى الملأ ليقول كلمته.
فالمؤسسة العسكرية تظل واقفة شامخة، ولكن يظل البرهان هو العود الذي أعوج فانحنى معه ظله.
ليخسر، كل شي من حوله أنصاره ومعارضيه، ليس بسبب خذلانه المتكرر للمؤسسة العسكرية أو للشعب السوداني، ولكن لأنه أصبح القائد الذي لا قيمة لحديثه ولا طعم.
ولأن اللسان كلمة وقرار، لذلك لم يعد أحد مهتما بما يقوله سيما أن الجميع ينتظره لأكثر من عام ليفعل شي من أجل الوطن والمواطن فلا حقق نصرا، ولا استجاب للسلام.
ولكنه ظل أسيراً في مربع الهلامية التي يعيش فيها طوال فترة حكمه يظن أنها المنطقة الآمنة التي تقيه شر الفتن التي يتحدث عنها، ويقول أنها تحيق بالسودان، ولو أراد البرهان أن يقطع الطريق أمام الطامعين في البلاد كما يقول.
لخرج معلنا موافقته التامة للسلام دون نقصان، ووافق على خيار التفاوض، ولكنه يريد أن تكون البلاد قبلة لأطماع الطامعين الذين ما كانوا ليظهروا أطماعهم إلا عندما أظهر الحكام ضعفهم، ولو أن قول الحقيقة يشفع فالبرهان هو أكثر الطامعين في البلاد!!
والقادة الأقوياء في العالم كله الذين أجبرتهم الخيارات، ذهبوا إلى الموت، ومنحوا شعبهم الكرامة، إلا الجنرال السوداني منح شعبه الموت، وطفق يبحث عن الكرامة التي لن يحصل عليها، وهو يجدد إصراره على حرب خلفت ملايين النازحين وآلاف اللاجئين الذين يصارعون الجوع في دور الإيواء، حتى إن البرهان لم يذكرهم في كلمته، ولم يوجه لهم أي رسالة؛ لأنه لا يعرف عن معاناتهم شي
ولكن هل ما عادت كلمة البرهان وخطاباته ساحرة لافتة لها آذان صاغية!! فالرجل بعد أن كانت تلاحقه دعوات النصر أصبحت تطارده لعنات الشعب بعد أن أدرك الناس أنه ما زال يقتل فيهم الأمل يوميا فرجل استباح دماء شعبه في حرب لم يحقق فيها ربحا، لن يهمه إن ماتت بداخل المواطن الف أمنية، وانتحر بداخله الف حلم وعشم.
فكم من المواطنين الذين يقتلهم البرهان معنويا يوميا، دون أن تحصي عددهم الأمم المتحدة، وليتها كانت هناك منظمات تحصي ضحايا القتل المعنوي!!
وقائد يرهن التفاوض بالالتزام ببنود اتفاق جدة الاتفاق الذي لم يلتزم به لا الدعم السريع ولا الجيش فكلاهما خرقه، ومارس انتهاكات واضحة لبنوده، فإن كان البرهان يريد تنفيذ الاتفاقيات لسلامة شعبه لذهب إلى التفاوض.
لأنه يعلم الحقيقة أن الحرب لن تجعل الدعم السريع يلتزم بالاتفاقيات باعتباره قوة فوضوية متمردة، ولكنها قابضة فلطالما أن السلاح لن يؤديها وينزع قوتها، فإن التفاوض هو الحل للسيطرة عليها.
ولكن البرهان لا يريد السلام وحده. يريد السلطة معه!!
وتتزامن أعياد الجيش مع انطلاق مباحثات جنيف، والتي من المتوقع أن تأتي بقدرات ستقع كالصاعقة على رؤوس فلول النظام البائد، فكل الفاعلين في ملعبها أكدوا أنهم سيحررون هدفا في مرمى السلام.
لذلك أن خطاب البرهان لا ينظر إليه العالم سوى أنه قرص تخدير للمهوسين في الميدان الذين كلما جاءت الأخبار تحكي عن التفاوض مارسوا أبشع ما عندهم على الأرض انتقاما من المواطن، وشهدت أمس الميادين معارك جنونية متفلتة في عدد من المدن استهدفت المواطنين الأبرياء.
ولكن مهما بلغت الحاجة إلى مزيد من الدماء فإن القادم سلام لا يفصلنا عنه سوى قرار.
طيف أخير
الممرات الآمنة لهروب فلول النظام البائد عبر بورتسودان هي التي سيفتحها الجنرال قريبا
فما زالت الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت إن لم تكن الساعات.
الوسومصباح محمد الحسنالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: صباح محمد الحسن الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
رئيس الوفد يحيي جهاد المصريين في ذكرى ثورة 1919 واستشهاد الفريق عبد المنعم رياض
أكد الدكتور عبد السند يمامة رئيس حزب الوفد ، أن الشعب المصري ضرب أعظم صور وأمثلة النضال عبر تاريخه، وقدم أرواح ابنائه الطاهرة في سبيل تماسك الوطن والحفاظ على الأرض.
وحيا رئيس الوفد في بيان له جهاد المصريين في ذكرى ثورة ١٩١٩ التي انطلقت في التاسع من مارس، وكذلك ذكرى استشهاد الفريق أول عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة، خلال حرب الاستنزاف والذي ضرب المثل والقدوة للعسكرية المصرية الشريفة.
وأكد يمامة ، أن تماسك مصر يعتمد بالدرجة الاولى على مدى تماسك جبهتها الداخلية ووحدتها الوطنية وقدرة المصريين على تجاوز الأزمات والتحديات بعزيمة وإرادة.
وطالب رئيس حزب الوفد، المصريين بالتماسك ومواجهة التحديات التي تمر بها المنطقة والعالم، والتي تنعكس على مصر ودورها الاقليمي الكبير مؤكدا على ان الشعب المصري لديه من الاصرار والعزيمة والإرادة الصلبة التى تمكنه من تجاوز أي مخاطر.