الجزيرة:
2025-03-25@16:40:23 GMT

هل سيكون الاقتصاد سبب سقوط نتنياهو؟

تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT

هل سيكون الاقتصاد سبب سقوط نتنياهو؟

ضربة السابع من أكتوبر/تشرين الأول والحرب متعددة الجبهات التي أشعلتها إسرائيل بعد أن شعرت بالخطر الوجودي الحقيقي لأوّل مرة منذ قيامها قبل 75 عامًا، كلفت – ولا تزال- الاقتصاد الإسرائيلي أكبر خسائر اقتصادية في تاريخه.

وعلى عكس المشهد السياسي، الذي يمكن فيه لنتنياهو وأبواقه الإعلامية العديدة الزعم بأن "الانتصار المطلق" أصبح على مرمى رصاصة، وأن حماس ومقاتليها على وشْك الانهيار في كل لحظة، وأن عودة المخطوفين ستكون قريبة على ظهر دبابات الجيش الإسرائيلي، فإن وصف واقع المشهد الاقتصادي في إسرائيل لا يتحمل أيًا من هذه الادعاءات.

الاقتصاد أرقام وإحصائيات وبيانات دقيقة، ولا يمكن حتى "للساحر"، كما يحبّ عشاق نتنياهو وصفه، تزييف صورة الواقع المالي والاقتصادي الذي يسود في إسرائيل منذ اندلاع الحرب وحتّى يومنا هذا.

ملامح الواقع

كيف يبدو إذًا هذا الواقع؟

ليس بالسوء الذي يظنه البعض. الوضع الاقتصادي في إسرائيل سيئ جدًا، لكنه جيد بالنسبة لدولة تخوض حربًا متعددة الجبهات منذ 10 أشهر.

يمكن إيجاز الثمن الاقتصادي للحرب التي تشنها إسرائيل على غزة والجبهات الأخرى بالتكلفة الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة، والتي ستصل حتى عام 2025 بحسب التقديرات الرسمية إلى 70 مليار دولار تقريبًا، أي ما يعادل 13% من الناتج المحلي السنوي للاقتصاد الإسرائيلي، وأكثر من 50% من ميزانية الدولة لعام 2023.

تشمل تكلفة الحرب المذكورة تكاليف القتال المباشرة (مثل الزيادة في ميزانية وزارة الأمن للتسليح وشراء الذخيرة ومدفوعات جنود الاحتياط)، الخسائر المادية للبلدات في مناطق الجنوب والشمال، تكلفة نزوح 150 ألف مواطن من بيوتهم، شلل قطاع السياحة بالكامل، ركود قطاعات البناء والإنشاءات والزراعة؛ بسبب نقص الأيدي العاملة، تضرر الإنتاج الاقتصادي؛ بسبب تجنيد عشرات آلاف جنود الاحتياط، تراجع حادّ في الاستثمارات الأجنبية، خاصة في قطاع التكنولوجيا المتقدمة (الهايتك)، تضرّر الصادرات والواردات، وغير ذلك من التكاليف والخسائر.

لكن على الرغم من ذلك، بقي الاقتصاد الإسرائيلي صامدًا أمام كل هذه التحولات. الصمود في هذا السياق يعني عدم تأثر سعر صرف الشيكل بشكل ملحوظ أمام العملات الرئيسية، بقاء معدلات البطالة بنفس مستوياتها المنخفضة جدًا قبل الحرب، مستويات تضخم مالي مضبوطة، صمود الجهاز المصرفي الإسرائيلي، زيادة في جباية الضرائب، وتوقعات بمعدلات نمو اقتصادي تصل إلى 1.9% في سنة 2024 و4.6% في سنة 2025.

لا مكانَ هنا لشرح أسباب صمود الاقتصاد الإسرائيلي بالشكل المذكور، لكن بالمجمل، يمكن إيجاز كل الأسباب بجملة واحدة: إسرائيل دخلت الحرب باقتصاد قوي ومتين يعطيها حتى الآن "النفس" المطلوب للتعامل مع المخاطر والتحديات الأمنية والجيوسياسية التي تحيط بها من كل جانب.

حرب في أروقة الوزارة

مع ذلك، يرى محللون في إسرائيل أن التحدي الاقتصادي، هو التحدي الأكبر والأخطر الذي يواجه دولة إسرائيل في هذه المرحلة، وأن سياسات حكومة نتنياهو ووزير ماليته، اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، تهدد استقرار إسرائيل اقتصاديًا وتدفعها نحو هاوية الانهيار المالي بسرعة وثبات.

وبحسب التسريبات المختلفة، هناك حرب مستعرة في أروقة وزارة المالية وبنك إسرائيل بين كبار الموظفين من جهة والمستوى السياسي من جهة أخرى، حول السياسات الاقتصادية المتهورة التي يتبعها سموتريتش، وعدم اكتراثه بآراء المستوى المهني في الوزارة التي تحذره من العواقب الوخيمة لهذه السياسات.

مبدئيًا، لا يرى سموتريتش مشكلة كبيرة في تعميق مستوى العجز في ميزانية الدولة، وفي سدّ هذا العجز بالاستدانة أكثر وأكثر من الأسواق المحلية والعالمية، وفي تبنّي حلول شعبوية للتعامل مع الأزمة الحالية.

بيدَ أن رأي المستوى المهني وجهات اقتصادية مركزية أخرى، وعلى رأسها بنك إسرائيل، يرى أن لا مناص أمام الحكومة من اتخاذ قرارات اقتصادية ومالية صعبة وموجعة لتفادي الوقوع في أزمة اقتصادية كما حدث مع الاقتصاد الإسرائيلي بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973.

بالنسبة لبنك إسرائيل، فإن ما يتوجب على الحكومة فعله فورًا هو ضبط العجز في الميزانية، والسيطرة على وحش الدين العام المتفاقم من خلال تقليص النفقات العامة، رفع الضرائب، تقييد مدفوعات الضمان الاجتماعي، وما شابه من إجراءات موجعة.

وبحسب تقديرات أمير يارون، محافظ البنك المركزي الإسرائيلي، فإن عدم تنفيذ الحكومة هذه الإجراءات يعني أن نسبة الدين العام للناتج الإجمالي ستكون بين 75% و81%، ما يعني أن مكانة الاقتصاد الإسرائيلي في الأسواق العالمية ستتضعضع، أو بكلمات أخرى ستكون تكلفة الاستدانة أعلى بكثير مما هي عليه الآن.

خياران أحلاهما مرّ

يقف نتنياهو حاليًا أمام خيارين اقتصاديين أحلاهما مرّ.

الخيار الأول، والأسهل، هو الاستمرار في تبني سياسات مالية واقتصادية منفلتة وشعبوية لا تغضب قاعدته الشعبية على المدى القصير ولا تهدد بقاءه على سدة الحكم. لكن هذا التوجه سيعني دخول الاقتصاد الإسرائيلي في دوامة التّضخم والركود وتهديد استقراره ومكانته في الأسواق العالمية على المديين: المتوسط والبعيد، وحصول تراجع مؤكد في جاذبية الاستثمار في القطاعات الاقتصادية الإسرائيلية، وعلى رأسها قطاعات (الهايتك) والصناعات المتطوّرة التي تعتمد الآن بشكل أساسي على الاستثمارات الخارجيّة.

بحسب شخصيات مركزية في الاقتصاد الإسرائيلي، فإن هذا السيناريو يمكن أن يحصل خلال فترة قصيرة، أي خلال حكم نتنياهو، وأن تأثيراته على مستوى الحياة في إسرائيل ستكون موجعة وغير مسبوقة، وسيدرك الشارع الإسرائيلي أن المسؤول الأول عن هذا التحول هو نتنياهو.

الخيار الثاني، الذي يرى فيه الخبراء والمسؤولون في وزارة المالية وبنك إسرائيل الحل الصحيح والمطلوب، فهو أن يأمر نتنياهو وزير ماليته بإجراء تقليص حاد في ميزانية الدولة للسنة القادمة (8 مليارات دولار تقريبًا) ورفع الضرائب على مختلف أنواعها، وتقليص مدفوعات الضمان الاجتماعي المختلفة.
ومن سيدفع ثمن هذه الإجراءات التقشفية ستكون بالأساس الطبقات الفقيرة ومتوسطة الدخل التي تعتبر القاعدة الشعبية لليمين في إسرائيل ولنتنياهو بالذات. لكن هذا القرار سيتطلب موافقة أحزاب الائتلاف التي لن تضحي بقاعدتها الشعبية لإنقاذ اقتصاد تل أبيب، حتى لو أمرها نتنياهو بذلك.

الخياران، إذن، يُهددان بقاء نتنياهو، لكن الفارق بينهما هو التوقيت. هل سيختار نتنياهو مصلحة الدولة على غضب جمهور اليمين الذي بايعه "ملكًا" على إسرائيل، أم أنه سيشتري رضا هذا الجمهور الآن مقابل المخاطرة باقتصاد الدولة لأجيال قادمة؟

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الاقتصاد الإسرائیلی فی إسرائیل

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تغلي.. وتصاعد أزمة الخلافات الداخلية ودعوة لـ شل الاقتصاد

يتواصل الغليان في الداخل، إذ تظاهر آلاف الإسرائيليين قبالة المقار الحكومية في القدس المحتلة بعدما صدقت الحكومة بالإجماع على حجب الثقة عن المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا.

اقرأ ايضاًفوضى عارمة.. هل يقود نتنياهو إسرائيل نحو حرب أهلية؟

يأتي ذلك، في ظل تصاعد أزمة الخلافات الداخلية بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ورئيس جهاز الشاباك "المقال" رونين بار، حيث وصف نتنياهو ادعاءات بأنه سمح لـ "بار" بفتح تحقيق ضد الوزير إيتمار بن غفير بأنها "كاذبة".

وفق مكتب نتنياهو، الذي أضاف أن "الوثيقة بشأن توجيه رونين بار لجمع أدلة ضد القيادة السياسية تقوض أسس الديمقراطية وتهدف إلى الإطاحة بحكومة اليمين".

واعتقلت الشرطة متظاهرين حاولوا اقتحام حواجزها قرب مقر إقامة نتنياهو، حيث يطالب المحتجون بالعدول عن إقالة رئيس الشاباك وقرارِ حجب الثقة عن ميارا وبإعادة الأسرى في غزة.
ونقلت صحيفة معاريف عن زعيم حزب الديمقراطيين الإسرائيلي يائير غولان أنه "يجب تكثيف النضال ضد الحكومة، وعلينا الانتقال من الاحتجاج إلى المقاومة وشل الاقتصاد والخدمات".
وقال إن "هذه الحكومة لن تتغير، إنها حكومة دمار وخراب، ويجب إرسال نتنياهو إلى بيته فهو مجرم يجب أن ينشغل بمحاكمته فقط ولا يمكن أن يكون رئيسا للوزراء".

اقرأ ايضاًاستشهاد صحفيين.. وقصف مقر "الصليب الأحمر".. هل يتواصل الصمت العالمي؟

 

المصدر: الجزيرة


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

عمر الزاغ

محرر أخبار، كاتب وصانع محتوى عربي ومنتج فيديوهات ومواد إعلامية، انضممت للعمل في موقع أخبار "بوابة الشرق الأوسط" بعد خبرة 7 أعوام في فنونالكتابة الصحفية نشرت مقالاتي في العديد من المواقع الأردنية والعربية والقنوات الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعي. ‎

الأحدثترند إسرائيل تغلي.. وتصاعد أزمة الخلافات الداخلية ودعوة لـ "شل الاقتصاد" كارثة إنسانية.. مئات الشهداء وآلاف النازحين خلال أيام مشهد عودة رجب الجرتلي وإش إش يتصدر حديث الجمهور استشهاد صحفيين.. وقصف مقر "الصليب الأحمر".. هل يتواصل الصمت العالمي؟ مصر: الداخلية تضبط شركة تخصصت في النصب على الحجاج Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • ما هي الدول التي ستنضم إلى اتفاقيات «التطبيع» مع إسرائيل؟
  • هل تنزلق إسرائيل إلى حرب أهلية في عهد نتنياهو؟
  • إسرائيل تغلي.. وتصاعد أزمة الخلافات الداخلية ودعوة لـ شل الاقتصاد
  • الجزيرة ترصد آثار القصف الإسرائيلي على مخيم المغازي في غزة
  • الجزيرة ترصد أوضاع مجمع ناصر الطبي في خان يونس بعد القصف الإسرائيلي
  • ترامب: 2 نيسان سيكون يوم الحرية لأمريكا
  • الوشق المصري أعجوبة الخلق الذي يخشى البشر فلِم عقر جنود إسرائيل؟
  • ساجدا في خيمته.. صلاح البردويل الذي غيبته إسرائيل من شوارع الوطن
  • بتوجيه من نتنياهو.. إسرائيل تشن غارات عنيفة على لبنان
  • إعلام عبري: نتنياهو يقودنا للهاوية.. وكاتب: النار التي تشعلها إسرائيل ستعود لتحرقها