الغاز الروسي يتدفق إلى أوروبا رغم الحرب ومخاوف توقف الإمدادات
تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT
فيينا، براج- رويترز
قالت شركات غاز ومؤسسات لتشغيل شبكات نقل أمس الثلاثاء إن المواجهة العنيفة بين القوات الأوكرانية والروسية بالقرب من خط أنابيب تستخدمه روسيا لتزويد دول أوروبية بالغاز لم يعطل الإمدادات.
وقلص الاتحاد الأوروبي اعتماده على الغاز الروسي بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022، فيما ظلت النمسا الدولة الأكثر اعتمادا على الإمدادات الروسية في الاتحاد الأوروبي.
وقال المتحدث باسم شركة جاز كونيكت النمساوية "لسنا على علم بأي تقلبات في الضغط، وكل التدفقات تمضي وفقا للمتوقع ولا توجد مؤشرات على أي مخالفات". وذكرت شركة جازبروم أمس الثلاثاء أن إمدادات الغاز إلى أوكرانيا عبر سودجا الروسية الواقعة على الحدود لا تزال جارية.
ولم يتضح أي جانب يسيطر على بلدة سودجا التي تضخ موسكو من خلالها الغاز من غرب سيبيريا عبر أوكرانيا إلى سلوفاكيا ودول أخرى في الاتحاد الأوروبي.
وقالت إي-كنترول، وهي الهيئة المعنية بتنظيم قطاع الطاقة في النمسا، في بيان "ليس من المتوقع حدوث مشكلات في الإمدادات في النمسا إذ أن مستويات التخزين مرتفعة ويمكن استبدال الغاز الروسي (بالغاز القادم) عبر ألمانيا أو إيطاليا. ومع ذلك، فإنه إذا انقطعت الإمدادات على الفور، فسوف تتحمل النمسا عبئا اقتصاديا، لا سيما بسبب ضريبة تخزين الغاز الألماني".
وقال محللون لدى كبلر إنسايت إن الضريبة المفروضة على تخزين الغاز الألماني تتزايد منذ 2022، مما يجعل تكلفة واردات الغاز النمساوية عبر ألمانيا أعلى ثلاثة أمثال تقريبا عن تلك القادمة عبر سلوفاكيا.
وقال مصدر بوزارة الطاقة النمساوية لرويترز إنها تتخذ منذ عامين إجراءات لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي على المدى الطويل. وأضاف المصدر "ما دام هناك اعتماد على إمدادات الغاز الروسية، فهناك خطر كبير من توقف الإمدادات، وهو ما سيكون له عواقب بعيدة المدى".
وأعلنت معظم الدول المستقبلة للغاز عبر أوكرانيا استعدادها لوقف التدفقات في نهاية هذا العام عندما ينتهي اتفاق نقل (الغاز) بين أوكرانيا وروسيا؛ إذ إن أوكرانيا قالت إنها لا تريد تمديده.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: الغاز الروسی
إقرأ أيضاً:
أوروبا والتقارب الأمريكي الروسي
لم يعد يؤرق قادة أوروبا في الوقت الحاضر إلا مشكلة أساسية احتلت المساحة الأكبر في مناقشاتهم على الميديا وهي: كيف يمكنهم تطوير صناعة السلاح لديهم بأسرع ما يمكن بعد أن تخلت عنهم الولايات المتحدة وآثر رئيسها التحالف مع العدو التاريخي لبلاده وخصمهم اللدود؟
كانت الولايات المتحدة تتحمل العبء الأعظم في حمايتهم أمنياً وعسكرياً باسم الصداقة والتضامن والإيمان المشترك بقيم الديمقراطية والليبرالية وحقوق الإنسان منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى ابتلاهم القدر بمن ينسف روابط القربى والصداقة. لا شك أن الولايات المتحدة كانت تنوء بنسبة كبيرة بنفقات حلف الناتو وتتكفل بمده بالمال والعتاد الأساسي من السلاح والجنود. كما أنها لعبت الدور الأكبر في تزويد أوكرانيا بالسلاح وبالمعلومات الاستخبارية الحيوية في حربها ضد روسيا. ومن ثم فإن جل ما يشغل بال قادة أوروبا الآن هو يتركز على وضع خطة عاجلة تمكن الدول الأوروبية من الصمود أمام الحليف الأمريكي الذي خان عهد الصداقة والعشرة وتخلى عنهم وجعلهم يواجهون وحدهم بوتين.
لهذا قررت أوروبا الاستثمار بكثافة في الدفاع والتسلح بعد أن رسخ في أذهان قادتها أن بوتين بعد أن يلتهم أوكرانيا بأكملها لن يتردد في الزحف على بولندا وما يجاورها من بلاد كانت في الماضي جزءاً من الاتحاد السوفيتي. والواقع أن نفور ترامب من القارة الأوروبية وضيقه باستغلال دولها لموارد بلاده قد دفعه إلى أن ينشر على منصة السوشال تروث «Social Truth» بوستا متضمناً عبارة قالها له بوتين أثناء لقائهما وتقول: «سترى بنفسك قريباً الجميع وهم واقفون عند أقدام سيدهم يهزون له ذيولهم بخفة ولطف». إن ما يريده ترامب هو إذلال القارة القديمة، إذ لديه شعور قوي بأن الأوروبيين قوم من المبذرين المتغطرسين الذين يتبرمون حتى من سداد ثمن مظلة عسكرية تحميهم! إن ما أثار حنق ترامب التصريحات التي أدلت بها رئيسة المفوضية الأوروبية وأعلنت فيها التزام الاتحاد الأوروبى بمد أوكرانيا بكل ما تحتاجه من دعم مادي وبدون أي شروط حتى تتمكن من هزيمة بوتين رغم أن الاتحاد مثقل بالديون ومتعثر اقتصادياً وعسكرياً اعتماداً منه على أن الولايات المتحدة هي التي ستتكفل بسداد فواتير السلاح لأوكرانيا! والواقع أن تحالف ترامب مع بوتين لا يزال يثير العديد من علامات الاستفهام في مجال الاجتهاد النظري لمحاولة التعرف على ما يمكن أن تفضي إليه التغيرات العميقة في السياسة الأمريكية من تحولات في النظام العالمي والعلاقات الدولية بين القوى المتنافسة، فضلاً عن النزاعات المحتملة بينها. فالواضح أن شخصية ترامب تكاد تؤكد أنه لا يزأر بالتهديد والوعيد إلا لمن يرتجف أمامه وإذا ما وجد فيه طاعة وخنوعاً تمادى في تهديده له. كما أن قراراته كلها محكومة بمنطق الصفقة وحجم ما ستجلبه له من عائد مادي وفير ويمكنه بسهولة التراجع عنها إذا ما جاءه عرض أكبر. وأكثر ما يتأفف منه ترامب الألفاظ الكلية المجردة التي تلوكها المؤسسات الدولية والقانونية في خطاباتها المكررة مثل: الديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان، فهي بالنسبة له فارغة المضمون مادامت منقطعة الصلة بالتجارة المربحة.
ويعقد المفكر الفرنسي جاك أتالى مقارنة مثيرة بين ترامب وهتلر. إذ يرى أن ترامب في تصرفاته كلها في طريقه إلى أن يكون شخصية مطابقة لنموذج الشخصية الهتلرية. فقد سبق لترامب أن حاول القيام بانقلاب فاشل وأشاع الذعر بين المواطنين وسعى إلى الترويج لكثير من الأكاذيب ويسعى إلى تهجير الناس من بلادهم ولا يتوانى عن إلقاء معارضيه في السجون وتهديد القضاة وضرب بأحكامهم عرض الحائط.
والواقع أن أكثر أن ما يقلق ترامب سببه النفوذ الذي يتمتع به العملاق الصيني. وليس يخف على أحد أن يكون تقاربه الأخير مع بوتين وهو الغريم التاريخي للولايات المتحدة ليس إلا محاولة منه لإحداث شرخ في العلاقة الوطيدة التي تربط الصين بروسيا. لن تنظر الصين بعين الارتياح إلى تقارب من هذا النوع بين الولايات المتحدة وحليفها الروسي. فهل سيتمكن ترامب بمنطق الصفقة من عزل العملاق الصيني بعد أن تخلص من القارة العجوز التي استنزفت موارد بلاده باسم التضامن والمحبة؟