صحيفة البلاد:
2025-02-16@14:34:24 GMT

القراءة والمقارنة

تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT

القراءة والمقارنة

حينما تريد أن تقرأ، لا تقارن نفسك بغيرك فتنظر ماذا يقرأ فتفعل مثلما يفعل؛ لأنك شخص مختلف عنه، فما يصلح له قد لا يصلح لك، وما يناسبه قد لا يناسبك أبدًا، فلكلٍّ ما يناسبه من مواد قرائية. تمامًا كما الرياضة البدنية؛ إذ بعضها يناسب شريحة من الناس دون غيرهم، ولو أن الكل مارس التمارين جميعها دون اختلاف لاختل الأمر، وربما أصبحت الرياضة في حيص بيص.

فلو أن شخصًا مبتدئًا بها مثلًا مارس أشد أنواعها، فلربما أصيب بتمزق في عضلاته أو في أربطته، وربما ترك بعدها الرياضة إلى الأبد.

فلا يغرنك انكباب الناس على كتاب معين، ولا يستهوينَّك منه فقط شكله وحجمه والبريق الذي أثير حوله، فالكتب التي تقرؤها يجب أن تقرأها بقناعة، وبعد معرفة أنها تصلح لك وتناسب مستواك وتوجهك الفكري والثقافي والديني، أو أنك تميل إليها على الأقل حتى إن خالفت بعض توجهاتك.
فالكتب تثمر كما النباتات؛ ففي بعض الأراضي تكون ثمارها غزيرة، وقد لا يكون ذلك في أراض أخرى، رغم استخدام بذور أو فسائل من نفس المصدر.
حتى في سرعة القراءة ومساحة الاستيعاب لا ينبغي المقارنة فيهما.

وكما يقال إن كان لا بد من المقارنة، فليقارن المرء نفسه اليوم بنفسه قبل مدة حتى يعرف كم تطور. ولكي يحدث ذلك، ربما احتاج القارئ أن يعيد قراءة كتابٍ ما مرة ثانية بعد مدة، حيث قد يشعر أنه يقرأ كتابًا جديدًا لكونه قد تطور فكريًّا فتغير مستواه القرائي. ولكي يبقى القارئ في حال تطور دائم: فإن عليه أن يضع لنفسه مقاييس واضحة في كل مرحلة زمنية من أجل معرفة موقعه ومستواه في تلك المرحلة، ثم يلزم نفسه بإجراء مقارنة لأدائه بعد انتهاء هذه المرحلة. فقراءة عشر كتب في هذا العام مع فهمها، يجب أن يتبعه ملاحظة كم قرأ وفهم من كتب في العام الذي سبقه، ثم وضع أهداف، ثم خطط لأعداد ما سيقرأ ويفهم في العام التالي. فإذا قام بذلك، فهو بذلك قد أخذ إيجابيات المقارنة حين قارن نفسه اليوم بنفسه في فترة سابقة، بعيداً عن المقارنة مع الآخرين التي لا نتيجة منها سوى استنزاف الوقت والجهد، وربما التحسر والغيرة، وهو ما لا فائدة حقيقية منه. وتبقى الفائدة من ذلك في التنافس الشريف حين تساعد في الاندفاع للأمام من أجل تحقيق أهداف إيجابية.

سمعت من قراء، أنهم كانوا مأخوذين ببعض الكتب في مرحلة عمرية ما، لكنهم حين عادوا لقراءتها بعد مدة، تغيرت نظرتهم إليها لما يصل إلى 180 درجة، وهو أمر طبيعي راجع إلى تطور مستويات الناس بمرور الوقت.

yousefalhasan@

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

بعد القدس الدور على مكة.. قراءة في كتاب العودة إلى مكة

 

لا نحتاج للتعمق كثيراً في كتاب Return To Mecca للكاتب والسياسي الإسرائيلي Avi Lipkin الذي صدر باللغة الإنجليزية عام 2012، الغلاف بحد ذاته قصة، ويحتوي على صورة للحرم المكي تتوسطه الكعبة ويعلوه رمز التفليين اليهودي (رمز اليهودية).

الكتاب يدعو إلى إحلال النفوذ اليهودي محل الوجود الإسلامي في مكة والمدينة والى إعادة رسم حدود جديدة لإسرائيل انطلاقاً من مبدأ استعادة أرض بني إسرائيل (أرض الميعاد) باعتبارها جغرافيا داخلة ضمن حدود مملكة داود وجزءاً لا يتجزأ من إسرائيل الكبرى الممنوحة من الرب لبني إسرائيل كما ذكرت التوارة في سفر (يشعوبن نون) وهي الوطن التاريخيّ لليهود الذي لا تؤثر فيه الحدود السياسية القابلة للتغيير.

يقول مؤلف الكتاب: علينا غزو جزيرة العرب واحتلال الحجاز وتبوك وهدم الكعبة والتي هي أهم لنا من هدم الأقصى وبناء الهيكل ولنا الحق في إرث جدنا إبراهيم.

قد يُصاب البعض بالذهول؛ ما أكتبه ليس من نسج الخيال، فما نخاف منه هو ان نجد أنفسنا أمام تهديد عام موجود في كل مكان بعد ان أصبحت غالبية الأنظمة العربية في حضن إسرائيل، فما كان صعباً بات الآن ممكناً ولا استحالة لأي شيء، خصوصاً بعد ما تشابكت الجغرافيا مع السياسة بفضل مواقف الكثير من العرب الذين يتسابقون فيما بينهم لإثبات ولائهم لإسرائيل بطرق عدة.

الليالي من الزمان حُبلى تَلِدنَ كل عجيب وتستحق المراقبة وسط خنوع عربي لم يشهده التاريخ إلا في زمن البرابرة والتتار، وكل عربي يشاهد بأم عينيه سقوط أحجار وطنه العربي ويرى تصدع جدرانه الآيلة للسقوط.

بشكل عام، يعيش العالم العربي هذه الأيام نشاطاً واسعاً في سوق بيع الأوطان وينتقل من كارثة إلى أخرى كأنه خارج مزارع الموز، ولا نعلم من هي الدولة العربية التي تلي سوريا على أجندة المشروع الصهيوني!

إذعان واستسلام، أمة عربية منقسمة داخلياً ومهزومة نفسياً، وتحوُّلٌ سياسي عربي يمكن ان نطلق عليه عصر الرِّدة العربية ومخاضات ستنتهي بظهور مولود جديد ستتغير معه تركيبة المنطقة وشكلها.

موالاة إسرائيل أصبحَ يتم الجهر بها علناً واللعب بات على المكشوف ومن بابه الواسع، ومطالبة إسرائيل بخيبر ومناطق قينُقاع وبني النضير وبني قُريظة ليست نكتة، وهذا ما نبّه له مُبكراً المفكر العربي (عبدالوهاب المسيري) في منتصف سبعينات القرن الماضي حين قال: قد نصل إلى مرحلة يصبح فيها الإنسان العربي صهيونياً وظيفياً يؤدي الوظائف نفسها التي يؤديها الصهيوني الأصلي.

بالتأكيد الطريق إلى مكة بات مفتوحاً أمام إسرائيل وكتاب العودة إلى مكة يمثّل تطوراً لافتاً للأحلام الإسرائيلية في استعادة أرض الميعاد التي تحدثت عنها نصوص التوراة كما يقولون.

من منكم يتذكر العبارات التي قالتها رئيسة وزراء إسرائيل بعد هزيمة العرب عام 1967: إني أشم رائحة بلادي في الحجاز وهي وطني الذي على أن أستعيده. وبعدها بسنوات طويلة جاء نتنياهو في كتابه (مكان تحت الشمس) وقال: طموحنا السياسي والجغرافي لا حدود له وحدود دولتنا ليست فلسطين بل تمتد إلى الأردن وحتى خيبر في السعودية والى حيث توجد دباباتنا وأقدام جنودنا.

أضحكني فيديو تم نشره قبل حوالي أربع سنوات تقريباً للإعلامي الإسرائيلي (إيدي كوهين) الذي تحدى فيه الحكام العرب جميعاً في أن يتجرأ أحد منهم على سحب سفرائهم من واشنطن اعتراضاً على قرار الرئيس الأمريكي ترامب وقتها بنقل سفارة أمريكا إلى القدس والمضحك فيما قاله إنه سيعلن إسلامه إن حدث ذلك.

دعوني أعود إلى سؤال قديم: ما الفرق بين رؤية الرئيس القذافي قبل ثلاثين عاما ورؤية كل حكام العرب؟ وإذا كان القذافي مجنوناً -كما يقولون- فمن العاقل فينا ومن المجنون؟

الكارثة قادمة والحديث هنا بلا حرج، ولا نملك من أمرنا شيئاً! والمطلوب أن نُجيب على سؤال قديم لنزار قباني: متى يعلنون وفاة العرب؟ الجواب: الآن حان وفاة العرب.

فهل يفطن من يهمهم الأمر خطورة المنزلق؟

كاتب اردني

مقالات مشابهة

  • محافظ القاهرة يتفقد مكتبة «إقرأ نون السحار» والمخصصة للقراءة المجانية لطلاب المدارس بمدينة نصر
  • محافظ القاهرة يحاور مجموعة من الطلاب في مكتبة «اقرأ نون السحار» بمدينة نصر
  • محافظ القاهرة: مكتبة «اقرأ نون السحار» خطوة مهمة لتعزيز البنية الثقافية والتعليمية بمصر
  • منها الدعاء والصدقة.. أعمال تنفع الميت في قبره
  • عبد الناصر قنديل: حان الوقت للتركيز على الاستثمار في البشر
  • بعد القدس الدور على مكة.. قراءة في كتاب العودة إلى مكة
  • تصميمات عالمية وتصريحات قوية.. أبرز ما جاء في حفل استاد الأهلي بالأقصر
  • د. عبدالله الغذامي يكتب: بين النص والقارئ
  • للعاملين في صناعة السينما.. بشرى سارة من إدارة الحوار الوطني
  • الأهلي سبب رفض ميكالي تدريب الزمالك.. تفاصيل