تفتح التلفزيون عند تمام الساعة. ماذا ترى في صدر الأخبار على هذه القناة التي تنقل كل صغيرة وكبيرة حول ما يحدث في غزة من فظائع وجرائم تجعل من يقوم بها ويرتكبها يومياً منذ عشرة أشهر في مرتبة يكون الإنسان قد وصل فيها إلى مستوى الحيوان؟ قانون الغاب هو المسيطر. لا أمم متحدة يمكن أن تردع هذا المجرم. ولا قانون دولي يمكن أن يقف في وجهه.
ولا محكمة عدل دولية يمكن أن ترى قراراتها فاعلة، أو يمكن تنفيذها على هؤلاء الخارجين على القانون. يتحدثون عن حرب في الشرق الأوسط. أي حرب هذه ؟ الحرب تكون عادة بين طرفين يتبادلان الكر والفر. هنا طرف واحد مدجّج بسلاح مدمّر ضد نساء وأطفال ومدنيين عزّل ينتقلون من مكان إلى آخر هرباً من جحيم الطائرات والصواريخ. هذه ليست حرباً؛ بل جرائم إبادة يقوم بها أقذر جيش يمكن أن تراه أو تسمع عنه. ما تراه على الشاشة هي طائرات مدجّجة بقنابل شديدة الفتك والانفجار، ومخالفة للقانون الدولي، تقصف مدرسة يفترض أنها آمنة، ومخصصة من قبل العدو نفسه لإيواء اللاجئين الهاربين من بيوتهم المدمَّرة أصلاً.
هذا هو المشهد الذي يتكرّر على عينيك بشكل يومي طوال عشرة أشهر إلى ما لا نهاية. مثال ذلك المشاهد المروّعة التي رأيتها للتو في مجزرة مدرسة التابعين في حي الدرج في غزة، حيث قصف العدو الصهيوني المصلّين في مسجد المدرسة أثناء صلاة الفجر يوم السبت، وذهب ضحية هذا الهجوم، أكثر من 100 شهيد، والكثير من المصابين والمفقودين. كان في المدرسة أكثر من 6000 فلسطيني تدمّرت منازلهم، واتخذوا هذه المدرسة مأوى لهم. أطلق العدوّ الصهيوني ثلاثة صواريخ قاتلة لتضرب مسجد المدرسة. ثم ماذا تشاهد بعد ذلك؟ يستهل المذيع حديثه بتحذير يقول فيه: إن المشاهد التي ستراها في الصور التالية ذات محتوى يؤثر على البعض من فرط بشاعته.
يقول أحد الناجين من المجزرة، والذي تأخّر في الوضوء قليلاً، وكان في طريقه لزاوية المدرسة، التي يوجد فيه المسجد لأداء صلاة الفجر: “كان دوي الانفجار شديدا جداً .. جداً. فزعت وصرخت من بشاعة المشهد الذي أراه أمامي. كانت النار تأكل أجساد الناس والمكان كله يحترق. الجثث تظهر أمامي متفحِّمة. أطراف مبتورة مبعثرة في المكان. جلست على ركبتي وأنا أصرخ من هول ما أرى.”
وتستمر الكاميرا تنقل المشهد المفزع والمبكي، لكل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. عشرات الجثث المحترقة والمشوهة. لحم متناثر هنا وهناك. أحدهم يسحب يداً مبتورة ويخرجها من تحت أنقاض الخرسانة المسلحة التي سقطت على رؤوس المصلين. صراخ وعويل لصغار وكبار ورجال ونساء يبحثون عن ذويهم تحت الركام.
تشعر بالخزي وأنت تتابع هذه المشاهد المؤلمة. تتذكّر القانون الدولي وتضحك باكياً. تمسك بالريموت كنترول وتغلق التلفزيون بقضّه وقنواته.
khaledalawadh @
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: یمکن أن
إقرأ أيضاً:
ترسيخ مكانة الشارقة في المشهد الثقافي في "لندن للكتاب"
شاركت هيئة الشارقة للكتاب في الدورة الـ51 من معرض لندن الدولي للكتاب الذي أقيم في مركز أولمبيا لندن بمشاركة نخبة من الناشرين والكتّاب والمهنيين في قطاع النشر من مختلف أنحاء العالم حيث واصلت من خلال حضورها في الحدث الثقافي البارز ترسيخ مكانة إمارة الشارقة في المشهد الثقافي العالمي.
وسلطت الهيئة الضوء في المعرض على صناعة النشر في الإمارات والمنطقة العربية حيث عرَّفت الجمهور الدولي بالأدباء والمبدعين الإماراتيين والعرب بما يسهم في تعزيز التواصل الثقافي ودعم صناعة النشر العالمية وترسيخ العلاقات الثقافية بين الشارقة والمجتمع الأدبي العالمي.وصرح الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب، أحمد بن ركاض العامري: " إن حضور الشارقة في معرض لندن الدولي للكتاب يأتي على قائمة أجندة مشاركتها السنوية لما يمثله كواحد من أكبر التظاهرات الثقافية العالمية التي تعكس المشهد الأدبي والنشر العالمي وللتعريف بإنجازاتها الرائدة في القطاع الثقافي والتي ترسخت من خلال معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي تصدّر ولأربع سنوات متتالية قائمة أكبر معارض الكتب في العالم في بيع وشراء حقوق النشر ليؤكد الدور المحوري الذي تلعبه الإمارة في دعم حركة النشر العالمي وتعزيز التبادل الثقافي بين الشرق والغرب.
وقال العامري: "بقيادة عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي تؤمن الإمارة بأن الكتاب ليس مجرد مستودع للمعرفة بمقدار ما هو حامل لحضارات الشعوب وجسر للتواصل الثقافي وأداة لترسيخ السلام وتعزيز التقارب بين الأمم وتماشياً مع هذه الرؤية تعمل هيئة الشارقة للكتاب بتوجيهات رئيسة مجلس إدارة الهيئة الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي على تمثيل الإمارات بأفضل صورة في معرض لندن الدولي للكتاب عبر برنامج مشاركة ثري يهدف إلى تسليط الضوء على الإنتاج المعرفي الإماراتي وإبراز تجربة الكاتب والناشر المحلي إلى جانب تقديم المبادرات الثقافية التي جعلت من الشارقة نموذجاً يحتذى به في العالم العربي ووجهة للمفكرين والمثقفين ورواد صناعة النشر في العالم.
وعرض جناح الشارقة لزوار المعرض والمهتمين بالكتاب العربي، مجموعة مختارة من الإصدارات المترجمة إلى الإنجليزية كما نظم لقاءات جمعت بين الناشرين الإماراتيين والدوليين لاستكشاف آفاق التعاون المشترك وشاركت "وكالة الشارقة للحقوق الأدبية" في تقديم استشارات مهنية حول آليات تسويق الكتب وحماية حقوق النشر وإبراز ما تقدمه من خدمات عالية المستوى.
وعقدت الهيئة 40 اجتماعاً مع نخبة من الناشرين الدوليين وذلك استعدادا لمؤتمر الموزعين الدولي، وتضمنت اللقاءات مع الناشرين الدوليين التعريف بصندوق الشارقة لاستدامة النشر "انشر" ومساراته المتنوعة التي تتضمن تقديم برامج تدريبية مبتكرة لدعم الناشرين بما يعزز مكانة الشارقة منصة رائدة لصناعة النشر في العالم العربي.
وشهدت مشاركة الشارقة في معرض لندن الدولي للكتاب 2025 التعريف بالجائزة الدولية لأدب الطفل العربي التي كانت تُعرف سابقاً بجائزة اتصالات لأدب الطفل والتي تُقام بالشراكة بين المجلس الإماراتي لكتب اليافعين وشركة إي آند وذلك في إطار استراتيجية لتعزيز حضور الأدب العربي للأطفال واليافعين عالمياً.