خصص مهرجان المسرح المصري (مائدة مستديرة) بعنوان “المهرجان القومي للمسرح المصري.. الواقع والمأمول”، ضمن سلسلة ندوات المحور الفكري للمهرجان الذي رفع شعار “المرأة المصرية والفنون الأدائية”، وشارك في تلك الندوة فنانون و نقاد وكتاب وأساتذة متخصصون في علوم المسرح، بالإضافة لعدد من رؤساء ومديري المهرجانات المصرية، وادار الجلسة الدكتور أحمد مجاهد، رئيس لجنة الندوات، وبحضور رئيس المهرجان الفنان محمد رياض.

استهل الدكتور أحمد مجاهد حديثه قائلا: المهرجان القومي للمسرح هو المهرجان الأبرز في مصر، ويعبر عن الحالة المسرحية المصرية، ولذلك اردنا من خلال المائدة المستديرة ان نستمع لكل من لديه أفكار لتطوير المهرجان واستعراض التحديات التي تواجهه ووضع تصور حول كيفية سير العملية المسرحية.

وبدأ الفنان محمد رياض، حديثه قائلا: " بشكر كل الحضور، واتمني أن نستعرض من خلال المائدة المستديرة كل التحديات وما نطمح له من تطور وكذلك السلبيات التي نتطلع لتجاوزها، لان المسرح هو همنا كلنا كمسرحيين، واعتبر ان أولي احلامي التي اردت ان تتحقق خلال الدورة التي تشرفت برئاستها ان يصل المهرجان لرجل الشارع، و العام الماضي استطعنا تحقيق انتشار المهرجان ، بداية من  الورش الفنية التي تم تنفيذها قبل ميعاد الافتتاح باكثر من شهر في مجالات المسرح المختلفة لعدد كبير من المتدربين، ونجحت في الاتفاق علي تصوير عدد من العروض المشاركة لعرضها بقناة الحياة حتي تصل لأكبر شريحة من الجمهور ، فالمهرجان يجب أن يحدث حراك مسرحي، وأتمنى للمهرجان الدورة القادمة ان يقام في المحافظات، ولا يصبح مجرد مسابقة و حفل افتتاح وتكريمات.


وقال الدكتور سامح مهران، في كلمته : "ان اي مهرجان هو وسيلة لتوضيح ما إذا نتقدم في المسرح ام لا، وعند الوقوف للتقييم نجد اننا يجب ان نضع في الإعتبار عدة نقاط: أولها النظر الي الأبنية المعمارية، وهنا يثار عدة تساؤلات منها :هل ما زالت مناسبة لتنفيذ عروض عليها ،  واين الفضاءات المخصصة لمهرجان المسرح المصري مؤقتة والمفتوحة التي نستطيع من خلالها تقديم أعمالا مختلفة،  ولماذا لا توجد مسارح جديده في المدن الجديدة ، وكيف لا يتم النظر الي تخلف خشبات المسارح التي تنتمي للقرن ال١٨ ولم يتم تحديثها حتي الآن رغم كون كل العالم العربي يتحرك بسرعة الصاروخ.

ثانيا: بالنظر الي قطاع الإنتاج الثقافي فنجد أنه عبارة عن بيوت فنية مستقلة ، وكل منهم له سياسة خاصة ، وبالتالي فهناك معاناة من غياب السياسة المسرحية لكل مسرح وغياب مفهوم الفرقة التي بها كل الاعمار مع  تدني الاجور.

واضاف: للاسف هناك غياب دراسات المتفرج،  وتعد آخر دراسة قدمت في التسعينيات من نسرين بغدادي ، مع انخفاض سقف الحريات،  مع فرضية تساؤل حول النصوص والخطاب النصي.

وتحدث د. جمال ياقوت، في كلمته عن أهمية عمل بحث عن المسرح والجمهور، قائلا: ان جهاز التعبئة العامة استعرض احصائيات اعتبر ان كثيرا منها خطأ ، مقارنة لإحصائيات عالمية وضحت أن نسبة مرتادون المسارح ٣٨  ٪ علي مستوي العالم والتي تقدم خلطة شيقة بين الفن والاثاره ، فيما تكون نسبة مصر ٢٪ ويعد نصيب عدد الافراد بالنسبة للمسرح ان لكل ٣ مليون مواطن مسرح واحد فقط ، وهنا يجب الوقوف أمام هذه النسبة هل هي بسبب عدم وجود مسارح ام لان الناس هي العازفه عن المسارح ، واضاف: من النماذج التي يجب الإشارة اليها ان تكلفة ترميم قصر ثقافة الانفوشي كانت  ٥٦ مليون جنيه ،  كان البديل ان يبني عدة مسارح جديده بنفس المبلغ ليشمل شرائح اكبر من الجمهور، هذا بخلاف أهمية دراسة مفهوم المواطنين عن المسرح وأسباب عزوف فئات عدة من المجتمع ، وحتي ان كان المفهوم مغاير لابد من ان نخلق الاحتياج للثقافة وبالتالى نستقطب فئات أكثر؛ كحق التعلم بتوفير فنون المسرح في المدارس والجامعات التي لابد ان يتم استزادتها كإضافة تخصصات في كليات متخصصة ككلية الفنون الجميلة ، وليس منطقي ان يكون تخصص اخراج وتمثيل في كليه آداب.

واستطرد قائلا: نتمني وجود جهات تمويل ووحدات إنتاجية  تتغلب علي المسرح التجاري ، وتطور من إمكانيات العاملين علي المسرح، وتساعد علي تطور الأجهزة مع توفير ميزانيات، واخيرا اريد ان اؤكد لو المهرجان بدأ بدور تشجيعي في محافظات مصر المختلفة  سيكون لها دور تثقيفي كبير.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مهرجان المسرح المصري المسرح الدكتور أحمد مجاهد الفنان محمد رياض محمد رياض

إقرأ أيضاً:

الهروب من الواقع

 

 

د. إبراهيم بن سالم السيابي

 

الهروب، في معناه الأعمق، لا يقتصر على الفرار من سجنٍ أو الهروب من مكانٍ معين إلى مكان آخر؛ بل هو فعل نفسي وروحي يلجأ إليه الإنسان عندما يشعر أن واقعه أصبح عبئًا لا يُحتمل، أو ما يسمى بالهروب من الواقع و هو محاولة لا إرادية للابتعاد عن حياةٍ لا ترضيه، أو ضغوطٍ تفوق قدرته على الاحتمال، أو حتى عن مشاعر تؤلمه ولا يجد لها حلًا؛ فهو ليس مجرد فعل مادي؛ بل حالة ذهنية معقدة، يختار فيها الإنسان- بوعي أو بدون وعي- أن يُغلق عينيه عن بعض الأمور التي هي في الحقيقة أمر واقع، بحثًا عن عالم بديل لربما أكثر اطمئنانا لروحه ونفسه أو لربما أكثر رحمة لراحة باله، لكن الإنسان في كثير من الأحيان، لا يدرك أن هذا الهروب قد يتحول إلى سجن جديد، أكثر قسوة مما هرب منه في البداية.

وتتعدد أشكال الهروب وتتنوع بين الظاهر والخفي، فهناك من يهرب بالانعزال، يبتعد عن الناس ويغرق في وحدته، كأنما يحاول الاختباء داخل قوقعته بعيدًا عن ضجيج العالم والناس أو ما يزعجه، وهناك من يهرب إلى الخيال، يخلق قصصًا داخل رأسه يعيشها وكأنها واقع، ينسج حكايات عن حياةٍ لم يعشها، أو يستعيد ذكريات ماضٍ جميل ليهرب من حاضرٍ مؤلم يعيشه، والبعض يختبئ خلف انشغاله المستمر، يغرق في العمل بلا هوادة، ليس حبًا في العمل بحد ذاته أو الإنتاج، بل خوفًا من لحظة فراغ تجبره على مواجهة ما يزعجه ويقض مضجعه، وآخرون قد يجدون مهربهم في السفر، يظنون أن الأماكن البديلة ستمنحهم الراحة المطلوبة، لكنهم سرعان ما يكتشفون أنَّ ما يهربون منه يسافر معهم، يسكن داخلهم ولا يمكن التخلص منه بمجرد تغيير الجغرافيا أو البلدان.

وهناك مع الأسف من يهرب إلى الإدمان، سواء كان إدمان المخدرات، الكحول، أو وسائل التواصل الاجتماعي، أو حتى النوم لساعات طويلة، بحثًا عن لحظات من النسيان، دون أن يدركوا أنَّ هذا النسيان مؤقت، وأن الألم سيعود أقوى كلما انتهى تأثير الهروب.

لكن، لماذا يهرب الإنسان؟ ما الذي يدفعه إلى الانفصال عن واقعه؟

الأسباب كثيرة ومتنوعة، لكنها جميعها تنبع من إحساس عميق بالعجز أو الألم، فقد يكون السبب حبًا لم يكتمل، علاقة انتهت قبل أوانها، أو مشاعر لم تجد طريقها إلى النور، وقد يكون ضغطًا ماليًا يُثقل كاهله، يجعله يشعر بأنه محاصر في دائرة لا مخرج منها، أو وظيفة مرهقة لا تمنحه أي شعور بالإنجاز أو الطموح، وربما قد يكون السبب بيئة أسرية غير ملائمة، أو مجتمعًا يضع أمامه معايير لا تتناسب مع طبيعته وأحلامه وهناك أسباب أخرى عديدة لا يُمكن حصرها؛ فيصبح الهروب خيارًا مغريًا، كأنما هو طوق نجاة من بحرٍ هائج، لكنه في الحقيقة قد يكون مجرد وهم يُغرق صاحبه أكثر.

لكن السؤال الأهم هو: هل الهروب حل؟ هل يمكن للإنسان أن يهرب من مما يؤرقه حقًا، أم أنه يؤجل المواجهة فقط؟ الواقع أن الهروب لا يمحو المشكلة، بل يجعلها تكبر في الظل، فتكبر وتتحول إلى شيء أكبر يصعب السيطرة عليه لاحقًا، فالمشاكل لا تزول بالتجاهل، بل بالمواجهة، والهروب المستمر يجعل الإنسان أضعف أمامها كلما عاد لمواجهتها من جديد، إنه يمنح راحة مؤقتة، لكنه في الوقت نفسه يسرق من الإنسان قدرته على التكيف، على إيجاد حلول حقيقية، لاستعادة السيطرة على حياته.

لكن، هل يمكن أن يكون الهروب إيجابيًا؟ ربما، إذا كان هروبًا مؤقتًا بهدف إعادة ترتيب النفس والتفكير بهدوء فأحيانًا يحتاج الإنسان إلى خطوة للخلف، إلى مساحة من العُزلة ليُعيد تقييم الأمور، ليجد طريقة أفضل للتعامل مع أزماته، لكن الفرق بين الهروب المؤقت والهروب المزمن هو أن الأول يمنح الإنسان فرصة للعودة أقوى، بينما الثاني يسلبه قدرته على العودة تمامًا.

 وحتى نكون منصفين الهروب ليس دائمًا فعلًا سلبيًا، لكنه ليس حلًا أيضًا، فالمواجهة رغم صعوبتها، هي الطريق الوحيد للخروج من الأزمات، والتغيير الحقيقي لا يحدث بالفرار، بل بالقدرة على الصمود وإعادة تشكيل الواقع بوعي وإصرار فقد يكون الواقع مؤلمًا، لكن مواجهته هي السبيل الوحيد، بينما الهروب قد يبدو راحة، لكنه في النهاية مجرد وهم جديد يطارد صاحبه أينما ذهب فهو إغراءً مؤقتًا يشبه السراب الذي يمنحك الوهم دون أن يروي عطشك فكلما هربت وجدت أن المشكلات ما زالت تلاحقك، وربما أصبحت أكبر مما كانت عليه فالحياة لا تنتظر الفارين، بل تكافئ من يواجهونها بشجاعة.

ختاما.. المواجهة ليست مسؤولية فردية فقط؛ بل هي مسؤولية مشتركة علينا كأسرة أو مجتمع أن نمدّ يد العون والمساعدة قدر ما نستطيع لمن يشعرون أنهم عالقون في أي أمر يدفعهم للهروب منه، وأن نصنع لهم بيئة داعمة تساعدهم على الوقوف من جديد، فالحياة تصبح أيسر حين نواجهها معًا، لا حين نترك بعضنا يغرق في وهم الهروب!

مقالات مشابهة

  • انطلاق مهرجان الخير للتسوق في درعا بتخفيضات واسعة وعروض مميزة
  • وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يناقشون التسوية السلمية في أوكرانيا
  • «مهرجان الفرجان» في دبي يستأنف فعالياته
  • رحيل أنطوان كرباج.. أيقونة المسرح اللبناني بعد صراع مع الزهايمر
  • 300 ألف زائر يختتمون فعاليات مهرجان "أيام سوق الحب"
  • "مهرجان الفرجان" الرمضاني يعزز التلاحم المجتمعي في دبي
  • مهرجان واحة صحار فرصة لدعم أصحاب المشاريع وتعزيز الاقتصاد المحلي
  • جمال بوزنجال: «مهرجان رمضان الشارقة» يهدف لإضفاء البهجة على سكان الإمارة
  • فنانون ناصروا الثورة السورية منذ بدايتها ودفعوا الثمن راضين
  • الهروب من الواقع