الجديد برس:

قصفت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، اليوم الثلاثاء، “تل أبيب” وضواحيها بصاروخين من نوع “M90″، رداً على المجازر الإسرائيلية ضد المدنيين في قطاع غزة.

ونقلت قناة “الميادين” عن مصدر في المقاومة تأكيده أن إطلاق الصاروخين في اتجاه “تل أبيب”، حيث سُمع دوي انفجارين قويين، تم من قلب المنطقة التي تتوغل فيها القوات الإسرائيلية في خان يونس، جنوبي قطاع غزة.

وبُعيد إعلان قصف “تل أبيب”، نشر الإعلام العسكري لكتائب القسام مشاهد توثق الاستهداف، وتجهيز المقاومين الصواريخ قبل إطلاقها.

ويظهر في الفيديو أحد المجاهدين وهو يلقي أبياتاً من الشعر جاء فيها: “جنود لها الإيمان والصبر عدة، لدى الحرب ليسوا بالضعاف ولا العزل.. والحرب إن باشرتها فلا يكن منها الفشل، واصبر على أهوالها لا موت إلا بالأجل”.

#شاهد.. كتائب القسام تقصف مدينة "تل أبيب" بصاروخين من طراز "M90" رداً على الاعتداءات الصهيونية بحق المدنيين والتهجير المتعمد بحق أبناء شعبنا pic.twitter.com/GDbjxct0lR

— أدهم أبو سلمية ???????? Adham Abu Selmiya (@adham922) August 13, 2024

من جهته، أقر جيش الاحتلال بإطلاق صاروخين من قطاع غزة، استهدفا “تل أبيب الكبرى”، من دون تفعيل صفارات الإنذار، مضيفاً أن أحدهما سقط في مقابل منطقة “غوش دان”.

وأوضحت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن الصاروخين أُطلقا من منطقة بني سهيلا في خان يونس، على بعد كيلومتر ونصف كيلومتر فقط من تمركز “الفرقة الـ98”.

وعلقت وسائل إعلام إسرائيلية على الحدث، مشيرةً إلى أن صاروخاً استطاع عبور نحو 90 كلم من خان يونس، مؤكدةً أن “هذا إنجاز على صعيد الوعي” بالنسبة إلى المقاومة وحماس.

يُذكر أن الإعلام العسكري لكتائب القسام نشر، في الـ8 من ديسمبر الماضي، فيديو بعنوان “تل أبيب تحترق.. والقدس ستحرر”.

ويُظهر الفيديو إخراج المجاهدين عشرات الصواريخ من نوع “M90” من بوابة عُلِّقت إلى جانبها صورة الشهيد القائد في حماس إبراهيم المقادمة.

مشاهد نشرتها #كتائب_القسام تحت عنوان تل أبيب تحترق و القدس ستتحرر.✌️#فلسطين_قضيتي #طوفان_الأقصى #وتستمر_المقاومة ???????? pic.twitter.com/UAXUwZ1zvn

— Antoun Abou Haiidar | أنطون أبو حيدر (@AntounAh) December 8, 2023

وتخليداً لذكرى الشهيد إبراهيم المقادمة، أطلقت كتائب القسام اسمه على صاروخ “M75” بعيد المدى الذي صنعته. واستخدمت كتائب القسام هذا الصاروخ في معركة “حجارة السجيل” عام 2012، وكشفت خلال “طوفان الأقصى” عن “M90″، الذي قصفت به “تل أبيب”.

ويصل المدى الأقصى لـ”M90″ إلى 90 كلم، ووزن رأسه الحربي 50 كلغ.

من هو الشهيد إبراهيم المقادمة؟

الشهيد القائد إبراهيم مقادمة، الذي وصفه الاحتلال بـ”نووي حماس”، هو مقاوم ومفكر فلسطيني، ويُعدُّ أحد أبرز رموز حركة حماس وكتائب القسّام.

ولد المقادمة في مايو 1950 في مخيم جباليا للاجئين، شمالي قطاع غزة. وفي إحدى مدارس المخيم، التابعة لـ”الأونروا”، تلقى المقادمة تعليمه وكان من الطلاب المتوفقين.

درس المقادمة طب الأسنان في مصر، ليعود بعد ذلك إلى قطاع غزة، حيث عمل طبيباً للأسنان في مستشفى الشفاء، وشارك في دورات في التصوير الإشعاعي، وأصبح اختصاصي أشعة.

وإلى جانب نشاطه في مجال الطب، تميّز الشهيد بالانضباط والحماس للقضية الفلسطينية، فانخرط في العمل الميداني النضالي، وكان أحد المقرّبين من مؤسس حماس، الشهيد الشيخ أحمد ياسين.

وفي العمل المقاوم، شارك الشهيد القائد في تشكيل الجهاز الأمني لحماس “مجد”، وكان مسؤولاً عن إمداد المقاومين بالسلاح والذخيرة.

وكما كل قيادات المقاومة، تعرّض الشهيد مقادمة للاعتقال في سجون الاحتلال الإسرائيلي. وفي 1984، اعتُقل الشهيد للمرة الأولى، بتهمة الحصول على أسلحة وإنشاء جهاز عسكري في قطاع غزة.

وحكم عليه بالسجن 8 سنوات، تنقّل فيها بين السجوم الإسرائيلية المختلفة. وأعيد العتقاله مرةً أخرى، ليصل مجموع سنوات الأسر إلى 10.

اختاره الأسرى الفلسطينيون، خلال اعتقاله في سجن النقب، مسؤولاً عن كل الأقسام، فساهم في صنع الإنسان المقاوم من داخل السجون، حيث أسس “جامعة يوسف” وحدّد لها برامج ثقافية متطورة، وشكل لجاناً بهدف تحضير محاور الدروس والمحاضرات التي عقدها ورفاقه دورياً.

بعدما أبعد الاحتلال عدداً كبيراً من قيادات حماس إلى مرج الزهور، في جنوبي لبنان، عام 1992، قاد الشهيد المقادمة كتائب القسام، خلال المرحلة التي عُدت صعبةً جداً، فتمكن من تحقيق تطور نوعي في أدائها وتنويع عملياتها.

عارض الشهيد اتفاق أوسلو الذي وقعته منظمة التحرير الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، إذ تمسك بالرؤية التي تؤكد أن المقاومة هي السبيل الوحيد للاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية.

وبعد عام 2000، تفرغ الشهيد المقادمة للعمل السياسي والفكري والدعوي في سبيل القضية الفلسطينية، حيث ألف عدداً من الدراسات والكتب، ولاسيما في المجال الأمني، منها: “معالم في الطريق إلى تحرير فلسطين، الصراع السكاني في فلسطين، لا تسرقوا الشمس (ديوان شعري)”.

وفي الـ8 من مارس عام 2003، أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي، 5 صواريخ من مروحية “أباتشي”، مستهدفةً سيارة المقادمة في وسط مدينة غزة، ما أدى إلى استشهاده رفقة 3 من مرافقيه.

وعقب استشهاده، أكد نائب رئيس جهاز “الشاباك”، جدعون عيزرا، أن الشهيد هو ” أحد أخطر الفلسطينيين على أمن إسرائيل، وأنه ليس مجرد قيادي في تنظيم ، بل مدرسة فكرية كاملة، غذت اندفاع الفلسطينيين نحو مواصلة القتال ضد إسرائيل”.

المقاومة تستهدف قوات الاحتلال في خان يونس ورفح و”نتساريم”

بالتوازي، تواصل الأجنحة العسكرية لمختلف فصائل المقاومة الفلسطينية خوض المعارك الضارية ضد قوات الاحتلال في محاور القتال في قطاع غزة، ولاسيما في خان يونس.

واستهدفت كتائب القسام دبابتين إسرائيليتين من نوع “ميركافا”، بقذيفتي “الياسين 105″؛ إحداها في منطقة الزنة، شرقي خان يونس، والأخرى في منطقة زلاطة، شرقي مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة.

ونفذت “القسام” كميناً محكماً بقوات الاحتلال في حي تل السلطان، غربي رفح، حيث تمكنت من تفجير 3 عيون أنفاق فُخخت مسبقاً بها.

بدورها، استهدفت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، تجمعاً لآليات الاحتلال وجنوده في حي أبو هداف، شمالي شرقي خان يونس، بوابل من قذائف “الهاون”.

وأعلنت كتائب القسام أنها دمرت، بالاشتراك مع سرايا القدس، الإثنين، دبابة “ميركافا” بعبوة “شواظ”، وذلك في شارع القدس في تل السلطان.

ونشر الإعلام الحربي للسرايا مشاهد عن العملية، وفيها يظهر مجاهد من يتوعد بضرب قوات الاحتلال قائلاً: “بإذن الله هنعلم عليهم”.

وظهر في الفيديو أيضاً مجاهدان يتنافسان على تنفيذ الاستهداف، ليقوما معاً بعد ذلك باستهداف الدبابة من إحدى المباني.

يتنافس المجاهدون أيهم يفجر الدبابة..

عــاجــل | مشاهد من تفجير مجاهدي سرايا القدس وكتائب القسام دبابة صهيونية من نوع "ميركافاه 4 باز" في حي تل السلطان غرب مدينة رفح.#طوفان_الأقصى pic.twitter.com/9dLLypnu3U

— رضوان الأخرس (@rdooan) August 13, 2024

أما كتائب المجاهدين، الجناح العسكري لحركة المجاهدين الفلسطينية، فاستهدفت تجمعاً لآليات الاحتلال وجنوده في “نتساريم”، بعدد من قذائف “الهاون”، من العيار المتوسط.

ودكت كتائب شهداء الأقصى تجمعاً لجنود الاحتلال وآلياته في شمالي شرقي خان يونس، بقذائف “الهاون” من العيار الثقيل.

ونشرت “شهداء الأقصى” مشاهد توثق استهدافها مقر قيادة الاحتلال الإسرائيلي وتموضع آلياتها في محور ” نتساريم”، جنوبي غربي مدينة غزة، بقذائف “الهاون” من العيار الثقيل.

وفي عملية مشتركة، دكت كتائب القسام، بالاشتراك مع سرايا القدس وكتائب المجاهدين، تجمعات قوات الاحتلال في شرقي خان يونس، بوابل من قذائف “الهاون”.

#بالفيديو .. كتائب شهداء الأقصى تنشر مشاهد من استهدافها لمقر قيادة الاحتلال الإسرائيلي وتموضع للآليات في محور " نتساريم " بقذائف الهاون من العيار الثقيل .#طوفان_الأقصى pic.twitter.com/xYHTBDkI2S

— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) August 13, 2024

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی قوات الاحتلال فی شرقی خان یونس کتائب القسام طوفان الأقصى سرایا القدس فی خان یونس من العیار pic twitter com قطاع غزة تل أبیب من نوع

إقرأ أيضاً:

عدو “إسرائيل” الأول يترجل عن جواده.. القائد محمد الضيف شهيداً

يمانيون/ تقارير لم تكن من كلماتٍ أبلغ في ارتقاء القائد الشهيد “محمد الضيف” “أبو خالد” ورفاقه الشهداء الأبرار، بأنّ الشهادة في سبيل الله هي ما يليق بمثلهم، إذ قالها “أبو عبيدة” بكل عزةٍ وافتخار: “هذا ما يليقُ بقائدنا محمد الضــيف، الذي أرهق الاحتلال لأكثر من 30 عامًا”.

ترجل القائد “الضيف” عن جواده، ليرتقي شهيدًا في معركة “طوفان الأقصى” البطولية؛ معركة هو من قادها وخطّط لها مع إخوانه في المجلس العسكري، تاركًا تاريخًا حافلًا وبصمات حاضرة في المشهد العسكري الفلسطيني.

إذ زفّ الناطق باسم “كتائب الشهيد عز الدين القسام” المجاهد “أبو عبيدة” في بيانٍ عسكري، مساء الخميس، ارتقاء ثلة من المجاهدين الكبار والقادة الأبطال من أعضاء المجلس العسكري، على رأسهم القائد العام الشهيد “محمد الضيف”، بعد رحلةٍ جهاديةٍ استمرت لعقودٍ من الزمن.

بعد أن رسم القائد “الضيف” مشهد انتصار غزة “مقاومةً وحاضنة”، منذ الطلقة الأولى للمعركة؛ جاء هذا النصر الذي جبل بدماء القادة العظماء، فكان نصر أغلى ثمنًا، وأثبته على الأرض قدمًا، وأجدره من بين ادعاءات العز والتمكين تصديقًا.

في تفاصيل المشهد، لابد من استعراض شذراتٍ من سيرة هذا القائد العظيم، إذ ارتبط اسم “محمد الضيف”، منذ التسعينيات بالمقاومة الفلسطينية، فكان أحد أبناء الجيل الأول المؤسس من القساميين، وتحول إلى رمز للبطولة والتخفي، ورغم أنه لم يكن يُرى إلاّ أن بصماته كانت حاضرة بقوة في المشهد العسكري الفلسطيني، كأحد الشخصيات المقاومة الأكثر تعقيدًا في نظر الاحتلال ومؤسساته العسكرية والاستخباراتية، والتي تطارده منذ 33 عامًا.

قاد “الضيف” كتائب القسام، منذ أكثر من ثلاثة عقود، متجاوزًا محاولات الاغتيال المتكرّرة التي جعلته أشبه بالشبح الذي يؤرق الاحتلال الصهيوني، ويعيد صياغة معادلات الصراع في كل مواجهة، وصولًا إلى معركة “طوفان الأقصى” التي أذلت الاحتلال وأثبتت فشله استراتيجيًّا رغم البطش والإبادة التي ارتكبها بعد يوم العبور المجيد، الذي سقطت فيه فرقة غزة في جيش الاحتلال على أيدي أبطال القسام.

   القائد محمد الضيف في سطور

وُلد “محمد دياب إبراهيم المصري”، المعروف بـ”محمد الضيف” عام 1965م، لعائلةٍ فلسطينيةٍ تعود جذورها لقرية “كوكبا”، التي تعرّضت للتهجير من داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة 1984م، ونشأ وترعرع في مخيم “خان يونس” للاجئين جنوبي قطاع غزة، حتى استقر به المقام في مخيم “خان يونس”.

تتكون أسرته من 15 فردًا، وكان والده يعمل في صناعة الوسائد وتنجيد الفرش، تلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي في مدارس مخيم “خان يونس”، كبقية اللاجئين الفلسطينيين الذين هُجروا من ديارهم وأرضهم وممتلكاتهم.

وشكلت مساجد منطقته مرحلة انطلاقته بالعمل الإسلامي منذ صباه، إذ نشأ في بيئة المقاومة، وتأثر منذ صغره بواقع الاحتلال وظروف اللجوء القاسية، ما دفعه للانخراط في صفوف الحركة الإسلامية خلال دراسته في الجامعة الإسلامية بغزة، كما درس العلوم وحصل على شهادة البكالوريوس في تخصص الأحياء، إذ كان فيها من قادة العمل الطلابي ونشطاء الكتلة الإسلامية وهو الإطار الطلابي لحماس.

القائد الضيف وبداية العمل الحركي ومراحل المطاردة:

انضم الشهيد “محمد الضيف” إلى حركة “حماس” منذ نعومة أظفاره وكان عنصرًا نشيطًا في صفوف العمل الاجتماعي، حتى الانطلاقة الرسمية للحركة بالتزامن مع الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987م، وكان “الضيف” من كوادرها الأوائل.

اعتُقل “الضيف” في إطار الضربة الأولى التي وجهتها قوات الاحتلال للحركة في صيف عام 1989م، بتهمة الانضمام إلى الجناح العسكري للحركة الذي كان الشيخ “صلاح شحادة”، “استُشهد في صيف 2002م”، قد أسسه آنذاك، وكان يحمل اسم “حماس المجاهدين” قبل أن يطلق عليه اسم “كتائب القسام”، وأمضى عامًا ونصف العام في السجن قبل تحرّره عام 1991م.

تدرج “الضيف” في العمل الأمني وملاحقة العملاء ثم في الجهاز العسكري لحركة حماس، وأصبح مطلوبًا بعد مشاركته في تنفيذ العديد من العمليات الفدائية والاشتباك مع قوات الاحتلال للاحتلال، ورفض تسليم نفسه لتبدأ رحلة أطول مطاردة ربما في التاريخ في مساحةٍ جغرافيةٍ صغيرةٍ وضيقة، إلا أنه استطاع خلال هذه الفترة، ومن خلال إتقانه للتخفي وعدم البقاء في مكانٍ واحد لفترةٍ طويلة، كي لا يقع في قبضة قوات الاحتلال حيًّا أو ميتًا.

برز دور “الضيف” بعد استشهاد “عماد عقل” الذي برز اسمه في سلسلة عمليات فدائية في نوفمبر عام 1993م، وأوكلت إليه قيادة “كتائب القسام”، فعمل على قيادة وتنسيق مجموعات الكتائب بين الضفة الغربية وقطاع غزة، بين عامي 1993 – 1994م، وتمكن خلال هذه الفترة من التخطيط وتنفيذ عدة عمليات نوعية، والوصول إلى الضفة الغربية المحتلة وتشكيل العديد من الخلايا الفدائية هناك، كالمشاركة في تنفيذ عدة عمليات فدائية في مدينة “الخليل” والعودة إلى قطاع غزة.

نحن خلقنا لمقاومة الاحتلال إما أن ننتصر أو نستشهد:

وتصاعد الدور الكبير للقائد “الضيف” خصوصًا في التخطيط لعملية خطف الجندي الصهيوني “نخشون فاكسمان” عام 1994م، في بلدة “بير نبالا” قرب القدس، والذي قتل وخاطفيه بعد كشف مكانهم، وألقى “الضيف” بيان العملية بنفسه، وظهر حاملاً بندقية وبطاقة هوية “فاكسمان” التي هربت من الضفة الغربية إلى قطاع غزة.

ومع اشتداد الخناق على المطلوبين للاحتلال في قطاع غزة، رفض “الضيف” طلبًا بمغادرة قطاع غزة خشية اعتقاله أو استشهاده، لا سيما في ظل سياسة قصف المنازل التي يعتقد أن بها أي من المطلوبين، وقال كلمة مشهورة آنذاك: “نحن خلقنا لمقاومة الاحتلال إما أن ننتصر أو نستشهد”، ولذلك كان لا يستقر في مكانٍ واحد حتى أطلق عليه لقب “الضيف” الذي يأتي ويرحل.

استطاع “الضيف” أن يؤمن وصول المهندس “يحيى عياش”، أحد خبراء المتفجرات في الضفة الغربية إلى قطاع غزة بعد تضييق الخناق عليه في الضفة الغربية، وللاستفادة من خبرته في صناعة المتفجرات، ووقف وراء عمليات الثأر للشهيد “عياش”، بعد أن اغتيل بواسطة هاتف مفخخ مطلع عام 1996م، من خلال إرسال “حسن سلامة” إلى الضفة الغربية للإشراف عليها، وقتل في هذه العمليات الفدائية نحو 60 صهيونيًّا.

توارى “الضيف” كليًا عن الأنظار بعد تنفيذ عمليات الثأر “لعياش”، وفي ربيع عام 1996م، شنت السلطة الفلسطينية عملية ملاحقة له في إطار الضربة الكبيرة التي وجهتها لحركة “حماس”، اعتقلت المئات من قادتها وعناصرها، واستطاعت السلطة بعد ذلك من اعتقال “الضيف” عام 2000م، بحجة أنها تريد حمايته من القصف الصهيوني، وسمحت السلطة لمحققين من جهاز المخابرات الأمريكي المعروف باسم “السي آي إيه” من التحقيق معه.

غير أن “الضيف” تمكن فيما بعد من انتزاع حريته من سجن الأمن الوقائي الفلسطيني بغزة ليعود لتشكيل خلايا القسام من جديد بعد مصادرة سلاحهم وذخائرهم، وبدأ بالاستعداد لتنفيذ المزيد من العمليات حتى اندلعت انتفاضة الأقصى في سبتمبر عام 2000م.

اغتيالات فاشلة وإرادة لا تنكسر:

وبعد عامٍ من اندلاع الانتفاضة تعرض “الضيف” لمحاولة الاغتيال الأولى، حيث كان برفقة “عدنان الغول” (استشهد في 22 أكتوبر 2004م)، وهو خبير المتفجرات في كتائب القسام ونجله “بلال”؛ بعد أن أطلقت عليهم طائرة صهيونية صاروخًا في بلدة “جحر الديك”، وقد نجيا من الاغتيال بأعجوبة بعد استشهاد “بلال” في القصف ليغطي والده ورفيق دربه.

ورغم أن “إسرائيل” نفذت العديد من محاولات اغتيال على الأقل ضد “محمد الضيف”، إلا أنه نجا منها جميعًا، وإن كان بعضها قد أوقع إصابات بالغة في جسده، وأخطر هذه المحاولات عام 2014م، خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، إذ استهدفت طائرات الاحتلال منزله وقتلت زوجته وابنه، لكن “الضيف” خرج من تحت الركام ليواصل قيادة المعركة.

ومنذ توليه دفة القيادة، أدار القائد القسامي الخفي “الضيف” العديد من العمليات الفدائية ضد الاحتلال، وكان من أبرز المهندسين لتطوير القدرات العسكرية لحماس، بما في ذلك تصنيع الصواريخ المحلية وإنشاء شبكة الأنفاق العسكرية التي تحولت إلى عامل حاسم في معارك غزة، كما قاد العمليات في قطاع غزة حتى تحريره من المستوطنات عام 2005م، وحوّل القسام من مجموعات وخلايا إلى جيش شعبي منظم.

وفي مايو 2021م، تصاعدت حدة الاعتداءات الاستيطانية على المسجد الأقصى المبارك، وحاولت سلطات الاحتلال تهجير سكان حي “الشيخ جراح”، وفي لحظة محاولة مجموعات المستوطنين إطلاق مسيرة الأعلام قرب “باب العامود”، قصفت كتائب القسام مدينة القدس المحتلة برشقةٍ صاروخيةٍ ضخمة بأمرٍ من قائد الأركان “محمد الضيف”.

وفيما استمرت المعركة لأيام فرضت خلالها المقاومة الفلسطينية فصلًا جديدًا من فصول المواجهة مع الاحتلال، وبرز اسم “محمد الضيف” بعد المعركة كقائدٍ فعلي لها، وارتبط اسمه بها بشكلٍ وثيق، ليصبح الملهم لتشكيلات المقاومة الفلسطينية وجمهورها في الضفة الغربية المحتلة.

عدو “إسرائيل” الأول.. القائد الخفي “الشبح” حاضر في المعركة:

وخلال الكثير من المراحل التي مر بها؛ كان القائد “الضيف” لا يظهر في وسائل الإعلام، ولم يُعرف له سوى تسجيلات صوتية معدودة، لكنه حاضر بقوة في كل مواجهة مع الاحتلال، حيث يُنظر إليه باعتباره العقل المدبر للتكتيكات العسكرية التي غيرت طبيعة المواجهة بين المقاومة والاحتلال.

وخلال معركة “سيف القدس” عام 2021م، كان الضيف وراء استراتيجية استهداف “تل أبيب” بالصواريخ ردًّا على الاعتداءات الإسرائيلية في القدس والمسجد الأقصى، وهو ما فرض معادلة ردعٍ جديدة، أظهر مدى تطور المقاومة الفلسطينية.

وفي الـ 7 من أكتوبر 2023م، أطل القائد “الضيف” ليعلن انطلاق معركة “طوفان الأقصى” التي أشرف عليها وحضر في ميدانها حتى ارتقى شهيدًا، وكان من أبرز أسباب الطوفان هو سلوك الاحتلال الصهيوني، ومخططاته القائمة على حسم الصراع، وفرض السيادة على القدس بمقدساتها، تمهيدًا للتقسيم المكاني والزماني، وبناء الهيكل المزعوم.

وعلى مدار عقود وضعت “إسرائيل” “محمد الضيف” على رأس قائمة المطلوبين، وعدّته أخطر شخصية فلسطينية تهدد أمنها، ورغم كل الجهود الاستخباراتية، لم يتمكن الاحتلال من الوصول إليه، ما جعله يتحول إلى أسطورة وكابوس يطارد الاحتلال، حتى رحل كما يحب شهيدًا في ميدان أعظم معركةٍ شارك في التخطيط لها وقيادتها، وهي المعركة التي أثبتت هشاشة كيان الاحتلال وقابليته للهزيمة.

وعلى مدار شهور المعركة نجحت كتائب القسام في الاستمرار بعملياتها الناجحة والتي أوقعت الخسائر في صفوف جيش الاحتلال، والاحتفاظ بأسرى الاحتلال الذين اعتقلتهم يوم العبور العظيم، لتعلن أخيرًا بعد انتهاء المعركة عن استشهاد قائدها العام.

رحل القائد “محمد الضيف” شهيدًا ويبقى تاريخه الحافل وبصماته حاضرة يستلهم منها الأحرار درب الحرية، وسط إجماع فلسطيني على أنه أحد رموز الصمود الذين صنعوا معادلات جديدة في المواجهة مع الاحتلال، ويقينهم يقول: إن “يستشهد قائد يخلفه ألف قائد”.

وفي الإطار؛ وبعد الإعلان عن استشهاد القائد “محمد الضيف”، ونائبه “مروان عيسى” ورفاقهم القادة: “غازي أبو طماعة، رائد ثابت، رافع سلامة، أحمد الغندور، ايمن نوفل”، توالت ردود الفعل المهنأة، في سيلٍ من البيانات الصادرة عن دول وقوى محور الجهاد والمقاومة من “فلسطين، إيران، اليمن، العراق، لبنان، وغيرها من الدول الحرة.

عبرت البيانات جميعها عن مباركتها باستشهاد القادة، مؤكدةً أنهم “قدموا نماذج حية للأجيال في الإقدام والتضحية والفداء بعد رحلةٍ جهاديةٍ طويلة قضوها مقاومين للاحتلال الصهيوني، ومدافعين عن حقوق الشعب العادلة، منافحين عن مقدسات الأمة في فلسطين”.

ودعت البيانات كلّ “أبناء الأمة وأحرار العالم للسير على طريق الشهداء القادة والاستمرار في تصعيد المواجهة تجاه العدوّ الصهيوني وقطعان مستوطنيه، وتدفيعه ثمن الجرائم الجبانة حتّى تطهير فلسطين من النهر إلى البحر”.

نقلا عن المسيرة نت

مقالات مشابهة

  • شاهد.. ابنة “الضيف” قائد القسام تنعي والدها الشهيد (فيديو)
  • عدو “إسرائيل” الأول يترجل عن جواده.. القائد محمد الضيف شهيداً
  • شاهد / اول ظهور لاسره الشهيد القائد محمد الضيف .. فيديو
  • مكون الحراك الجنوبي ينعى قائد أركان كتائب القسام الشهيد المجاهد محمد الضيف ورفاقه
  • أول ظهور مرئي لقائد كتائب القسام الشهيد محمد الضيف (شاهد)
  • “تحدٍّ وسخرية”.. كتائب القسام تبعث برسائل لجيش الاحتلال عبر تسليم الأسرى (شاهد)
  • “كتائب القسام” تنعي قائد أركانها محمد الضيف
  • عاجل.. “أبو عبيدة” يعلن استشهاد قائد كتائب القسام الشهيد المجاهد “محمد الضيف” وعدد من القادة (صور + فيديو)
  • بالفيديو والصور.. كتائب القسام وسرايا القدس تُفرجان عن 3 أسرى صهاينة ضمن صفقة “طوفان الأحرار”
  • انتشار كتائب القسام أمام منزل الشهيد المشتبك يحيى السنوار في خانيونس / صور