القارب غادر من سواحل صفاقس.. وفاة 41 مهاجرا غرقا قبالة لامبيدوزا
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
لقي ما لا يقلّ عن 41 مهاجرا حتفهم في غرق سفينة قبالة سواحل جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، حسبما ذكرت وكالة نوفا الإيطالية للأنباء.
وكان القارب، بحسب خفر السواحل الإيطالي، قد غادر من مدينة صفاقس التونسية.
وفي هذا السياق، قال مدير المعلومات في الأمانة الوطنية للحزب الديمقراطي المعارض، ساندرو روتولو إنّ "تجنّب التأثّر بقول عبارات بين الحين والآخر.
نوفا
المصدر: موزاييك أف.أم
إقرأ أيضاً:
ماذا لو انقلب القارب يا سليمان؟
كان اليومُ يومَ ثلاثاء حين تجولنا فـي المدينة الحجرية، وهي الجزء التاريخي الأقدم من مدينة زنجبار، وتتميّز بشوارعها الضيّقة والمباني الحجرية المصنوعة من المرجان الجيري، ومن معالمها الرئيسية «بيت العجائب» الذي يُعدّ أحد أشهر المباني فـي المدينة وأكبرها، وكان قصرًا لسلاطين زنجبار بدءًا من بانيه السلطان برغش بن سعيد، ومن معالمها أيضًا قلعة العرب القديمة، تقع المدينة على الساحل الغربي لجزيرة «أونغوجا»؛ الجزيرة الرئيسية لأرخبيل زنجبار، وهي التي اتخذها السيد سعيد بن سلطان عاصمة لملكه، وكانت مركزًا لتجارة التوابل، ويزعم الأوروبيون أنها كانت مركزًا كذلك لتجارة الرقيق فـي أواخر القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر. استمرت تلك البقعة عاصمةً لعُمان وزنجبار حتى وفاة السيد سعيد، ثم بقيت عاصمة لسلطنة زنجبار حتى وقوع الانقلاب عام 1964، عندما اتحدت تنجانيقا وزنجبار لتكوّنا جمهورية تنزانيا المتحدة، فانتقلت العاصمة إلى دار السلام، مع احتفاظ زنجبار بحُكم ذاتي، وعاصمتها المدينة الحجرية التي نجوب شوارعها حاليًّا وكأننا فـي سوق الظلام فـي مطرح بعُمان.
تتميز المدينة بمجموعة متنوعة من الأساليب المعمارية التي يعود تاريخها فـي الغالب إلى القرن التاسع عشر، مع عناصر عربية وفارسية وهندية وأوروبية، وهي معروفة أيضًا بأبوابها الخشبية الكبيرة المنحوتة بشكل معقد مع كتابات عربية واضحة، وصُنِّفت المدينة موقعًا للتراث العالمي لليونسكو فـي عام 2000، وهي خطوة من شأنها أن تحافظ عليها من العبث الذي طال الكثير من الأبنية بعد عام 1964.
أخذتنا أقدامنا إلى حواري المدينة الحجرية وأسواقها القديمة وأزقتها، تلك الأزقة التي تشبه المتاهات الضيقة، ويكثر فـيها مرور الدراجات النارية بشكل مزعج. والمدينة الحجرية هي حاليًّا مركز للثقافة السواحيلية، وتستضيف مهرجانات وأحداثًا ثقافـية باللغة السواحيلية على مدار العام، بما فـي ذلك أكبر مهرجان سينمائي فـي شرق إفريقيا، وهو مهرجان زنجبار السينمائي الدولي السنوي متعدد التخصصات، ويقام المهرجان الموسيقي السنوي داخل القلعة القديمة فـي المدينة، ويضم موسيقيين من إفريقيا وخارجها.
تتميّز المدينة الحجرية بسوقها القديم وبالطعام الممتاز؛ فهناك الكثير من المتاجر المتخصصة فـي التوابل ومنتجات الأعشاب البحرية ومستحضرات التجميل والصابون والملابس وغيرها، بالإضافة إلى الفن التقليدي والأقمشة والأبواب المنحوتة والأثاث، ويقول سيف - الذي تولى بجدارة مسؤولية الرحلة كلها بما فـي ذلك المصاريف والمشتريات -: إنه لاحظ أنّ التجّار إذا حددّوا سعرًا معيّنًا لأيِّ بضاعة، يثبتون على ذلك مهما ساومتَهم، «وإذا لم تشتر يتركونك وشأنك»، وأعتقدُ أنّ هذا السلوك يُعدّ نهجًا تجاريًّا مقبولًا ويُضفـي مصداقية على السوق، وأيضًا تجنبًا للشد والجذب الممل بين البائع والمشتري، والذي نراه فـي الكثير من الأسواق العربية، وهناك من الناس مَنْ لا يحبّ أسلوب المساومة وقد يدفع مبلغًا أكبر من قيمة البضاعة تجنبًا لذلك الشد، وأنا من هؤلاء إنْ لم أكن أولهم.
تجولنا فـي «فرضاني» ووقفنا طويلًا أمام تلك الساحة التي يؤمها الناس لبيع المأكولات والمشروبات، وفـيها يجد المارّ كلَّ ما يريده من طعام وشراب، وهي منطقة مزدحمة بالناس، الكلُّ يبيع ويشتري، ولكن الذي ظهر لي أنّ متطلبات النظافة ليست موجودة، وأظنّ أنه لو كان الأمر هنا بيد بلدية مسقط لمنعت كلَّ هؤلاء من مزاولة شَيّ السمك وبيع الأطعمة، حتى وإن كان الطعام يبدو مغريًّا.
مررنا أمام «بيت الساحل» و«بيت العجائب»، وشاهدتُ لوحة مشروع ترميم بيت العجائب يزيّنها شعار حكومة سلطنة عُمان، وقفتُ أمامهما وألقيتُ نظرة متفحصة عليهما، وتفاجأتُ أنّ «بيت العجائب» أكبر ممّا كنتُ أشاهده فـي الصور، فهو بيت عملاق وشديد الارتفاع، بني عام 1883 بأمر من السلطان برغش بن سعيد ثالث سلاطين زنجبار بعد أبيه وأخيه ماجد، وسنعود للحديث عنه لاحقًا.
تعد منطقة فرضاني نقطة انطلاق للعديد من مناطق الجذب الإقليمية وأنشطة الجزيرة، بما فـي ذلك رحلات القوارب إلى بعض الجزر وجولات التوابل والجولات الثقافـية ورحلات الصيد وغيرها من المغامرات التي يقصدها السياح، خاصة الغربيين منهم، وقد ذهبنا إلى بعض هذه الجزر التي تستقطب كثيرًا من السياح من محبي الغوص والسباحة. كانتا رحلتَين؛ يومي الأربعاء والخميس الحادي عشر والثاني عشر من ديسمبر 2024، وفـي رحلة الخميس ركبنا قاربًا يملكه شابٌ عُماني الملمح والأصل اسمه صالح العبري، وكنا مجموعة كبيرة ومن جنسيات مختلفة. وفـي الحقيقة لم أرتح لتينك الرحلتين؛ لأنهما استنزفتا منّا وقتًا ليس بالقصير، ثم إنني لا أجيد فنون البحر والسباحة، وقد كانت لي تجربة وحيدة، غير أنها مريرة منذ سنوات خلت، كدتُ أغرق فـيها وشربتُ من ماء البحر المالح قدرًا معتبرًا جعلني أتحسّس طعم الملح فـي فمي كلما نظرتُ إلى البحر؛ لذا تركتُ تجارب ركوب البحر والسباحة فـيه والمغامرات البحرية برمتها، ولم تعد تغريني. وطوال رحلة الذهاب والعودة إلى تلك الجزر على مدى يومين كانت نفسي تحدّثني: «ماذا لو انقلب القارب؟» وحتمًا هذا النوع من المخاوف ينتاب كلَّ من لا يجيد السباحة مثلي، عكس الذين يجيدونها فإنهم يتطلعون فـي شغف لمعانقة هذه المياه بملحها الأجاج بحب وسعادة. وبما أنني من ذلك النوع الذي لا يجيد السباحة فمن الطبيعي أن أسأل نفسي وقاربُنا يمخر عباب البحر: «كيف لهؤلاء أن ينقذوني وأنا الذي لا أعرف فنّ العوم؟»، وبغتةً ظهر طعم الملح القديم فـي فمي المرتبط بتجربتي مع السباحة، والسؤال: هل يمكن أن ينشغل بي أحدٌ فـي ظرف كذلك، والكلُّ سيقول وفـي صدق كامل: «اللهم نفسي.. نفسي»؟!
لكن سليمان المحروقي كان أكثرنا سعادة بتلك الرحلات، إذ مارس هوايته فـي السباحة فـي البحر. وأكثر ما أثارني أنّه طلب من سائق قاربنا التوقف وسط المحيط لكي يسبح، وللوهلة الأولى كنتُ أظنّ أنه يمزح، ولم أُدرِكْ أنه كان جادًا للغاية إلا عندما رمى بنفسه فـي البحر وسط خوف الجميع وقلقهم إلا سيف الذي يبدو أنه اعتاد مثل هذه المغامرات. وفـي الواقع؛ كان سليمان نجم الرحلات البحرية بامتياز، بما تمتّع به من فكاهة وحس دعابة، وقد أضحَكَنا وأضحَك مرافقينا فـي القوارب بنكاته وبمحاولاته الفاشلة فـي التحدث باللغة السواحلية التي لا يجيدها، ولكن ذلك لم يمنعه من ترديد الأغاني السواحلية وإن كان بلغة مكسرة.
عُدنا إلى الفندق وأنا أحدّث نفسي أنّ من يسألني عن هذه الرحلة حين أعود إلى عُمان فسأنصحه بالتأكيد بعدم بزيارة زنجبار فـي شهر ديسمبر؛ فالحرارة شديدة وكذلك الرطوبة، وما لاحظتُه أنّ معظم المساجد التي دخلناها لا يوجد بها تكييف، وكذلك المطاعم التي يُقدّم الطعام فـي معظمها فـي الهواء الطلق ممّا يسبب إرهاقًا نفسيًّا؛ فمن ناحية رطوبة الجو عالية، ومن ناحية أخرى رائحة المشويات على الهواء تمتزج مع العرق البشري النفّاذ ممّا يستدعي تغيير الملابس فـي كلِّ نزهة ولو صغيرة.