يمانيون:
2025-03-17@12:34:18 GMT

حواراتُ السلام في المنطقة

تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT

حواراتُ السلام في المنطقة

عبدالرحمن مراد

ما هو موضع خلاف في حوارات السلام اليوم، قضايا تمس الإنسان، وتمس حقوق الشعوب في الحرية، والاستقلال، والسيادة، وهي قضايا جوهرية، لكن النظام الرأسمالي لا يتعامل مع هذه القضايا إلا من زوايا المصالح المرسلة له وليس للشعوب التي تدير حركة الحروب والاضطرابات فيها، ففي اليمن مثلًا لا يعني إغلاق المطارات، والموانئ، والمنافذ سوى الانتهاك الصارخ للحقوق، والحريات، وهي ظاهرة لا تمُتُّ بصلة إلى فكرة الشرعية والانتصار لها، فالشرعية المزعومة بدون أسس منطقية، ودستورية، ولا قانونية، حتى يحاول النظام الرأسمالي الانتصار لها -إن فرضنا صحة زعمه-، وهي موضع الخلاف في اليمن، والدستور اليمني إن كان يمنح الشرعية، ويستمد النظام سلطته منه، فقد سلب من هادي، ومن مجلس القيادة الذي شكله النظام الدولي -بتوافق دولي- تلك الشرعية، وإن كان النظام الدولي يستمد الشرعية في تشكيل مجلس القيادة من ميثاق الأمم المتحدة في الفصل السابع، فهذا لا يعني أن يستمر الحصار والتجويع للشعب اليمني؛ إذ يفترض أن تحترم الجوانب الإنسانية، فالصراع لا يعني أن يعاقب الملايين من البشر لتحقيق غايات وأهداف غير نبيلة.

لا يمكن للنظام الدولي أن يساهم في توسيع دائرة معاناة الشعوب، إن كان صادق النوايا في احترام الحقوق والحريات للشعوب، لكن الأمر مختلف جِـدًّا، فالرأسمالية تسعى ما وسعها الجهد على فرض ثنائية الهيمنة والخضوع، فالهيمنة على الشعوب في فرض الاستبداد والطغيان والاستغلال ضد فكرة الحريات، وخضوع الحكومات؛ مِن أجلِ ضمان تدفق المصالح وفرض السيطرة على مصادر الطاقة والتحكم بها ضد فكرة السيادة، وفكرة الحصار البري والبحري والجوي ضد العهود الدولية لحقوق الإنسان، وهي عهود توافق عليها المجتمع الإنساني وأقرها، ولذلك فالنظام الدولي ينتهك كُـلّ العهود والمواثيق، وفي السياق نفسه يتغنى بها، أَو يجادل ببنودها في إدارة الدول الفقيرة والضعيفة، ويبدو أن نظام القطب الواحد قد أفسد في حياة الأمم والشعوب ما نحتاج إلى عقود من الزمن لإصلاحه، فالإنسان الذي هو محور الصراع في كُـلّ التجاذبات والحروب الذي يديرها النظام الرأسمالي، هو الإنسان، بغض النظر عن معتقده، وعن ثقافته، وعن حضارته، لكن معيار الرأسمالية مختلف جِـدًّا في البعد الإنساني، فالجنس الأُورُوبي، والأمريكي، هو الجنس الذي يستحق الحياة، ما دون ذلك لا قيمة لإنسانيته في ثقافة الرأسمالية، فالشعوب الأُخرى مسخرة لخدمة الجنس السامي ولرفاهيته، ولذلك يحاولون تكريس ثقافة التهديد والخوف من الثقافات الأُخرى، فالعرب في معتقدهم أُمَّـة فوضوية غير منتظمة تشكل تهديداً للحضارة المعاصرة، ولذلك لا قيمة لهم، وقد رأينا كيف تعامل معهم الغرب إبان فترة الاحتلال الصليبي، وكيف تعامل معهم بعد خروجه من بلدانهم، فهم أتباع له، وليسوا أسيادًا على أرضهم.

ولذلك نقول إن السلام في اليمن غير مستحيل التحقّق إذَا توفرت النوايا الدولية الحسنة؛ لأَنَّنا نعلم أن نفوس أهل اليمن -مع تعدد طيفهم السياسي- أقرب إلى السلام، وإلى المحبة، والتعايش، فماضيهم الحضاري والثقافي دال على ذلك، والتضليل الذي يمارسه مبعوث الأمم المتحدة مفضوح سلفاً؛ لأَنَّه في خاتمة المطاف يتحَرّك وفق استراتيجية مجموعة السبع في الصراع مع الصين كقوة اقتصادية ناشئة مهدّدة لوجودهم، ومع الروس كقوة عسكرية واقتصادية كبرى تشق طريقها اليوم لفرض مركزيتها وقطبيتها في أسس ومداميك النظام الدولي الجديد القائم على مبدأ تعدد الأقطاب.

يظهر النظام الدولي اليوم حرصه على السلام في اليمن، هكذا تبدو الصورة في ظاهرها، وهكذا هي الرأسمالية في تعاطيها وفي إدارتها لمصالحها تظهر للرأي العام خلاف الذي تخفيه أَو تبطنه، فهي التي تصنع الأزمات وتصنع الاضطرابات ثم تأتي لتحقيق أهدافها من خلف الجدران، وصورتها حسنة أمام الرأي العام، فهي تحرص على السلام، وعلى الإنسان، والحقيقة أن الإنسان لا قيمة له في أيديولوجيا الرأسمالية إلا بالقدر الذي يحقّق مصالحها.

وإذا أردنا أن نتجاوز اليمن إلى فلسطين؛ باعتبَار فلسطين وغزة هي محك التجارب اليوم والبؤرة الأكثر اشتعالاً وتفاعلاً، والصراع هناك يمتد لعقود لوجدنا ذات التوجّـه للنظام الدولي الذي يتكلم كَثيراً عن السلام وعن الصراع العربي الصهيوني وضرورات السلام والتعايش في ظاهر أمره، ولكنه يدير حركة وجود للصهيونية وحركة توازن مع العرب والمسلمين دون أي معنى أَو قيمة للإنسان الذي يتعرض للإبادة الجماعية والتجويع والموت بآلة الدمار الصهيونية، لا نقول منذ (طوفان الأقصى) الذي قارب على العام ولكن منذ أكثر من سبعين عاماً؛ فالتاريخ مبك وحزين ودال على توحش الصهيونية العالمية ونظامها القذر في القتل والتدمير والتصفية العرقية للجنس البشري، وظل موضوع حقوق الإنسان غائباً في كُـلّ الحوارات والاتّفاقات التي كانت تحدث بين الفينة والأُخرى في تاريخ الصراع العربي الصهيوني.

لذلك فالمعركة اليوم بيننا وبين اليهود وأمريكا والنظام الدولي القديم معركة وجود ونؤكّـد على فكرة الوجود؛ باعتبَارها محك التجارب للماضي والحاضر، ولا بُـدَّ لنا من التعاطي مع المرحلة وفق تجلياتها ومعطياتها ولا بُـدَّ من التطور في الأساليب والأدوات؛ فالقوة ليست إلا عنصراً واحداً من عناصر عدة تتظافر كي تحقّق الانتصار وبالتالي السلام، والمعرفة من العناصر التي يفترض بنا الاشتغال عليها اشتغالاً علمياً ومنهجياً واضحاً ومكثّـفاً.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: النظام الدولی فی الیمن

إقرأ أيضاً:

قمة طرابلس.. تنسيق إقليمي في مواجهة التحديات الأمنية والتنافس الدولي

???? ليبيا – الغويل: القمة الثلاثية تسعى لتعزيز التعاون الإقليمي وليس إقصاء أي طرف

???? أهداف اقتصادية وتنموية ????
علق وزير الدولة للشؤون الاقتصادية السابق، سلامة الغويل، على القمة المرتقبة بين ليبيا، تونس، والجزائر، معتبرًا أنها تسعى لتعزيز التعاون الاقتصادي والاستراتيجي، عبر مشاريع مشتركة في مجالات الطاقة، التجارة، والأمن الغذائي، بما يخدم التكامل الإقليمي بين الدول الثلاث.

???? التنسيق الأمني ومكافحة الإرهاب ????️
أكد الغويل أن القمة ستناقش التنسيق الأمني والسياسي في ظل التحديات التي تواجه المنطقة، مشيرًا إلى أن مكافحة الإرهاب ستكون أحد أبرز الملفات على الطاولة، إلى جانب مواجهة التحولات الجيوسياسية والتنافس الدولي على شمال إفريقيا.

???? علاقة القمة بغياب قادة تونس والجزائر عن قمة القاهرة
أوضح الغويل أن عدم حضور الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون والتونسي قيس سعيد للقمة العربية الطارئة في القاهرة ليس بالضرورة مرتبطًا بالقمة الثلاثية، لكنه قد يكون خطوة لتعزيز موقف هذه الدول إقليميًا، خاصة مع عدم وضوح التوجهات الجماعية في بعض الملفات العربية.

???? التوازنات الإقليمية وتجنب الإقصاء ⚖️
أشار الغويل إلى أن القمة لا تستهدف إقصاء أي طرف، رغم التوترات بين الجزائر والمغرب، معتبرًا أن الهدف الأساسي هو تعزيز التعاون بين الدول الثلاث، لكنه حذر من أن أي تحرك يستثني أحد الأطراف الفاعلة في المنطقة قد يُفسَّر على أنه إعادة رسم للتحالفات الإقليمية.

???? رؤية تكاملية بدلًا من تعميق الخلافات ????
اختتم الغويل تصريحه بالتأكيد على أن القمة يجب أن تُنظر إليها من منظور تنموي يركز على البناء الاقتصادي والشراكات الاستراتيجية، بدلًا من أن تكون مجرد إعادة تموضع سياسي قد يؤدي إلى تعميق الخلافات، مشددًا على أن المنطقة المغاربية بحاجة إلى رؤية تكاملية تستفيد من كل مكوناتها، بعيدًا عن الاصطفافات التي قد تضر بمصالح الشعوب.

Previous القمر يتحول إلى اللون الأحمر في خسوف مثير يستمر لساعات Related Posts القيلوشي: مراقبة الأسعار مستمرة والتجار المخالفون سيواجهون إجراءات قانونية محلي 14 مارس، 2025 خلال مناقشة ملف الهجرة غير النظامية.. الدبيبة: “لا للحرب” لا تعني ترك الحدود الجنوبية استعد يا محمود محلي 14 مارس، 2025 أحدث المقالات قمة طرابلس.. تنسيق إقليمي في مواجهة التحديات الأمنية والتنافس الدولي القمر يتحول إلى اللون الأحمر في خسوف مثير يستمر لساعات اكتشاف ينهي جدلا علميا واسعا حول المومياء المصرية “الحامل” أنظمة الأنسولين الآلي تثبت فعاليتها في إدارة السكري لكبار السن التبرع بالدم يقدم فائدة غير متوقعة لصحتك وحياتك

ليبية يومية شاملة

جميع الحقوق محفوظة 2022© الرئيسية محلي فيديو المرصد عربي الشرق الأوسط المغرب العربي الخليج العربي دولي رياضة محليات عربي دولي إقتصاد عربي دولي صحة متابعات محلية صحتك بالدنيا العالم منوعات منوعات ليبية الفن وأهله علوم وتكنولوجيا Type to search or hit ESC to close See all results

مقالات مشابهة

  • جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي تستضيف المؤتمر الدولي حول الإنسان المعزز
  • جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي تستضيف مؤتمر "الإنسان المعزز" الدولي
  • نائب: الطرح المصري لـ إعمار غزة خطوة هامة تحقق السلام والاستقرار
  • رئيس الجمهورية يدعو المجتمع الدولي لمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل المحرمة دوليا
  • وزارة العدل وحقوق الإنسان تدين العدوان الأمريكي البريطاني الغاشم على اليمن
  • خالد الجندي: الرزق مكفول لكل مخلوق وعلى الإنسان التوكل على الله.. فيديو
  • قسم الغاز في معمل “سادكوب” بانياس يستأنف عمله بعد التوقف الذي نتج عن هجمات فلول النظام البائد.
  • وزراء خارجية مجموعة السبع يشيدون بالاجتماع الذي عُقد بين الولايات المتحدة وأوكرانيا في المملكة
  • ترامب والجدلية الرأسمالية
  • قمة طرابلس.. تنسيق إقليمي في مواجهة التحديات الأمنية والتنافس الدولي