يمانيون:
2025-04-17@07:40:25 GMT

حواراتُ السلام في المنطقة

تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT

حواراتُ السلام في المنطقة

عبدالرحمن مراد

ما هو موضع خلاف في حوارات السلام اليوم، قضايا تمس الإنسان، وتمس حقوق الشعوب في الحرية، والاستقلال، والسيادة، وهي قضايا جوهرية، لكن النظام الرأسمالي لا يتعامل مع هذه القضايا إلا من زوايا المصالح المرسلة له وليس للشعوب التي تدير حركة الحروب والاضطرابات فيها، ففي اليمن مثلًا لا يعني إغلاق المطارات، والموانئ، والمنافذ سوى الانتهاك الصارخ للحقوق، والحريات، وهي ظاهرة لا تمُتُّ بصلة إلى فكرة الشرعية والانتصار لها، فالشرعية المزعومة بدون أسس منطقية، ودستورية، ولا قانونية، حتى يحاول النظام الرأسمالي الانتصار لها -إن فرضنا صحة زعمه-، وهي موضع الخلاف في اليمن، والدستور اليمني إن كان يمنح الشرعية، ويستمد النظام سلطته منه، فقد سلب من هادي، ومن مجلس القيادة الذي شكله النظام الدولي -بتوافق دولي- تلك الشرعية، وإن كان النظام الدولي يستمد الشرعية في تشكيل مجلس القيادة من ميثاق الأمم المتحدة في الفصل السابع، فهذا لا يعني أن يستمر الحصار والتجويع للشعب اليمني؛ إذ يفترض أن تحترم الجوانب الإنسانية، فالصراع لا يعني أن يعاقب الملايين من البشر لتحقيق غايات وأهداف غير نبيلة.

لا يمكن للنظام الدولي أن يساهم في توسيع دائرة معاناة الشعوب، إن كان صادق النوايا في احترام الحقوق والحريات للشعوب، لكن الأمر مختلف جِـدًّا، فالرأسمالية تسعى ما وسعها الجهد على فرض ثنائية الهيمنة والخضوع، فالهيمنة على الشعوب في فرض الاستبداد والطغيان والاستغلال ضد فكرة الحريات، وخضوع الحكومات؛ مِن أجلِ ضمان تدفق المصالح وفرض السيطرة على مصادر الطاقة والتحكم بها ضد فكرة السيادة، وفكرة الحصار البري والبحري والجوي ضد العهود الدولية لحقوق الإنسان، وهي عهود توافق عليها المجتمع الإنساني وأقرها، ولذلك فالنظام الدولي ينتهك كُـلّ العهود والمواثيق، وفي السياق نفسه يتغنى بها، أَو يجادل ببنودها في إدارة الدول الفقيرة والضعيفة، ويبدو أن نظام القطب الواحد قد أفسد في حياة الأمم والشعوب ما نحتاج إلى عقود من الزمن لإصلاحه، فالإنسان الذي هو محور الصراع في كُـلّ التجاذبات والحروب الذي يديرها النظام الرأسمالي، هو الإنسان، بغض النظر عن معتقده، وعن ثقافته، وعن حضارته، لكن معيار الرأسمالية مختلف جِـدًّا في البعد الإنساني، فالجنس الأُورُوبي، والأمريكي، هو الجنس الذي يستحق الحياة، ما دون ذلك لا قيمة لإنسانيته في ثقافة الرأسمالية، فالشعوب الأُخرى مسخرة لخدمة الجنس السامي ولرفاهيته، ولذلك يحاولون تكريس ثقافة التهديد والخوف من الثقافات الأُخرى، فالعرب في معتقدهم أُمَّـة فوضوية غير منتظمة تشكل تهديداً للحضارة المعاصرة، ولذلك لا قيمة لهم، وقد رأينا كيف تعامل معهم الغرب إبان فترة الاحتلال الصليبي، وكيف تعامل معهم بعد خروجه من بلدانهم، فهم أتباع له، وليسوا أسيادًا على أرضهم.

ولذلك نقول إن السلام في اليمن غير مستحيل التحقّق إذَا توفرت النوايا الدولية الحسنة؛ لأَنَّنا نعلم أن نفوس أهل اليمن -مع تعدد طيفهم السياسي- أقرب إلى السلام، وإلى المحبة، والتعايش، فماضيهم الحضاري والثقافي دال على ذلك، والتضليل الذي يمارسه مبعوث الأمم المتحدة مفضوح سلفاً؛ لأَنَّه في خاتمة المطاف يتحَرّك وفق استراتيجية مجموعة السبع في الصراع مع الصين كقوة اقتصادية ناشئة مهدّدة لوجودهم، ومع الروس كقوة عسكرية واقتصادية كبرى تشق طريقها اليوم لفرض مركزيتها وقطبيتها في أسس ومداميك النظام الدولي الجديد القائم على مبدأ تعدد الأقطاب.

يظهر النظام الدولي اليوم حرصه على السلام في اليمن، هكذا تبدو الصورة في ظاهرها، وهكذا هي الرأسمالية في تعاطيها وفي إدارتها لمصالحها تظهر للرأي العام خلاف الذي تخفيه أَو تبطنه، فهي التي تصنع الأزمات وتصنع الاضطرابات ثم تأتي لتحقيق أهدافها من خلف الجدران، وصورتها حسنة أمام الرأي العام، فهي تحرص على السلام، وعلى الإنسان، والحقيقة أن الإنسان لا قيمة له في أيديولوجيا الرأسمالية إلا بالقدر الذي يحقّق مصالحها.

وإذا أردنا أن نتجاوز اليمن إلى فلسطين؛ باعتبَار فلسطين وغزة هي محك التجارب اليوم والبؤرة الأكثر اشتعالاً وتفاعلاً، والصراع هناك يمتد لعقود لوجدنا ذات التوجّـه للنظام الدولي الذي يتكلم كَثيراً عن السلام وعن الصراع العربي الصهيوني وضرورات السلام والتعايش في ظاهر أمره، ولكنه يدير حركة وجود للصهيونية وحركة توازن مع العرب والمسلمين دون أي معنى أَو قيمة للإنسان الذي يتعرض للإبادة الجماعية والتجويع والموت بآلة الدمار الصهيونية، لا نقول منذ (طوفان الأقصى) الذي قارب على العام ولكن منذ أكثر من سبعين عاماً؛ فالتاريخ مبك وحزين ودال على توحش الصهيونية العالمية ونظامها القذر في القتل والتدمير والتصفية العرقية للجنس البشري، وظل موضوع حقوق الإنسان غائباً في كُـلّ الحوارات والاتّفاقات التي كانت تحدث بين الفينة والأُخرى في تاريخ الصراع العربي الصهيوني.

لذلك فالمعركة اليوم بيننا وبين اليهود وأمريكا والنظام الدولي القديم معركة وجود ونؤكّـد على فكرة الوجود؛ باعتبَارها محك التجارب للماضي والحاضر، ولا بُـدَّ لنا من التعاطي مع المرحلة وفق تجلياتها ومعطياتها ولا بُـدَّ من التطور في الأساليب والأدوات؛ فالقوة ليست إلا عنصراً واحداً من عناصر عدة تتظافر كي تحقّق الانتصار وبالتالي السلام، والمعرفة من العناصر التي يفترض بنا الاشتغال عليها اشتغالاً علمياً ومنهجياً واضحاً ومكثّـفاً.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: النظام الدولی فی الیمن

إقرأ أيضاً:

ماعت تطلق تقريرها السنوي عن أوضاع حقوق الإنسان بالمنطقة العربية خلال 2024

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان تقريرها السنوي الثامن لعام 2024، بعنوان "حقوق الإنسان في الدول العربية 2024: تقييم المواقف والتحديات في ظل استمرار النزاعات"، والذي يكشف عن حالة حقوق الإنسان في 22 دولة عربية، مسلطًا الضوء على التقدم المحرز وأبرز التحديات التي تعيق تعزيز هذه الحقوق، حيث يعكس التقرير تحليلاً معمقًا لمدى التزام الدول العربية بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، ويركز على أربعة محاور رئيسية وهي: موقف الدول العربية من الآليات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان، تقييم جهود الدول العربية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مراجعة تفصيلية لأوضاع حقوق الإنسان في الدول العربية، وكذلك تداعيات النزاعات المسلحة على حقوق اللاجئين والنازحين.

 

 

التقرير يؤكد إحراز بعض الدول تقدمًا ملحوظًا في ملف التمييز ضد المرأة 

 

وأشار التقرير إلى تفاوت التزام الدول العربية بالاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية مناهضة التعذيب "CAT"، اتفاقية حقوق الطفل "CRC"، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "CEDAW"، حيث أحرزت بعض الدول مثل المغرب وتونس والأردن تقدمًا ملحوظًا، بينما تستمر دول أخرى كسوريا واليمن والسعودية في مواجهة تحديات كبيرة على الصعيدين التشريعي والتطبيقي.

 

ماعت: السودان يعاني من تدهور حاد يهدد حياة الملايين

كما كشف التقرير عن العقبات الكبيرة التي تواجه تحقيق أهداف التنمية المستدامة، حيث أحرزت بعض الدول الخليجية تقدمًا في مجالات الصحة والتعليم، في حين تعاني دول النزاع مثل اليمن وسوريا والسودان تدهورا حادا يهدد حياة الملايين.

وفيما يخص اللاجئين والنازحين، يبرز التقرير الوضع الكارثي الذي يعيشه ملايين الأشخاص في مناطق النزاع، وسط انعدام شبه تام للخدمات الأساسية. وأوصى التقرير بضرورة تعزيز الاستجابة الإنسانية ودعم التعاون مع المنظمات الدولية لضمان توفير الحماية والمساعدات اللازمة لهذه الفئات.

 

 

أيمن عقيل: التقرير يوضح  استمرار المنطقة في مواجهة تحديات كبيرة في مجال حقوق الإنسان

 

وفي هذا السياق، أكد أيمن عقيل، رئيس مؤسسة ماعت، أن هذا التقرير الصادر في وقت تشهد فيه المنطقة العربية تطورات متسارعة، يبرز بوضوح استمرار المنطقة في مواجهة تحديات كبيرة في مجال حقوق الإنسان.

 

وأشار عقيل إلى أن النزاعات المسلحة المستمرة والقيود التشريعية المفروضة تعرقل تقدم حقوق الإنسان في العديد من الدول العربية. وأضاف أن هناك حاجة ملحة لتعزيز التعاون الدولي والإقليمي لضمان حقوق الإنسان وتحقيق التنمية المستدامة.

كما شدد عقيل على أن التقدم في مجال حقوق الإنسان لا يمكن فصله عن الاستقرار السياسي والاقتصادي، وأن غياب الإرادة السياسية في بعض الدول يمثل عائقًا كبيرًا أمام تحقيق الإصلاحات اللازمة. ودعا عقيل الحكومات إلى اتخاذ خطوات ملموسة تشمل مراجعة القوانين المقيدة للحريات، وتعزيز استقلال القضاء، وضمان مشاركة المجتمع المدني في صنع القرار، لضمان احترام حقوق الإنسان وفقًا للمعايير الدولية. وأشار إلى أن هذه الخطوات ضرورية لضمان بيئة حقوقية صحية ومستدامة في المنطقة العربية.

من جانبه شدد شريف عبد الحميد، نائب رئيس مؤسسة ماعت للأبحاث والدراسات، على أهمية التقرير بقوله: لا يمكن تحقيق الاستقرار والتنمية دون احترام حقوق الإنسان. فهذا التقرير يسلط الضوء على الأوضاع المأساوية التي يعيشها اللاجئون والنازحون، الذين يتعرضون يوميًا لانتهاكات جسيمة، بما في ذلك نقص الغذاء والماء والرعاية الصحية، إلى جانب التهجير القسري وتدمير البنية التحتية لمجتمعاتهم.


وأضاف عبد الحميد إن استمرار هذه الأوضاع دون تدخل فعال يفاقم الأزمة الإنسانية ويفرض تحديات جسيمة على الأمن الإقليمي والدولي. وطالب الحكومات العربية والمنظمات الدولية بتحمل مسؤولياتها، من خلال توفير ممرات إنسانية آمنة، وضمان تقديم المساعدات اللازمة للنازحين، والعمل على إيجاد حلول دائمة تكفل حقهم في الحياة الكريمة. مؤكدا على إن صمت المجتمع الدولي لم يعد مقبولًا في مواجهة هذه الأزمات، حيث إن عدم التحرك سيؤدي إلى مزيد من الانتهاكات التي تهدد السلم والاستقرار في المنطقة بأكملها.

الجدير بالذكر أن هذا التقرير يعد وثيقة مرجعية تشخص حالة حقوق الإنسان في المنطقة العربية وفق منهج رصدي قانوني موضوعي تحليلي مرتكز على أسس ومعايير تتواءم مع أحكام الدساتير الوطنية والمعايير الدولية التي التزمت بها هذه الدول. ليكون هذا التقرير على غرار التقارير السابقة أحد أدوات التقويم الحقوقي، التي تساهم في تعزيز الوعي والتعاون بين الدول العربية والمجتمع الدولي في مجال حقوق الإنسان. حيث قدم التقرير مجموعة من التوصيات دعا من خلالها الحكومات العربية والمجتمع الدولي إلى تعزيز التعاون الإقليمي والدولي لحماية حقوق الإنسان، والعمل على مواءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية، إضافةً إلى تبني سياسات مستدامة لضمان حقوق الفئات الأكثر تأثرًا بالنزاعات.

مقالات مشابهة

  • مباحثات سعودية أوروبية حول جهود السلام في اليمن
  • أمين الفتوى: الرحمة هي الأساس الذي يُبنى عليه أي مجتمع إنساني سوي
  • اليمن: إنهاء التهديد الحوثي مرهون بتجريد موارده
  • دور أنصار الله في تآكل مركزية القوة في النظام الدولي الأحادي
  • رحلة البحث عن السلام الداخلي
  • الرأسمالية والعدم في مواجهة التحديات الأخلاقية «رؤية ماركسية»
  • حديث عن خطة للتسوية الشاملة توقف حرب غزة وتعلن الدولة الفلسطينية
  • إيران والولايات المتحدة: تحت ظلال الردع وإعادة تشكيل النظام الدولي
  • ماعت تطلق تقريرها السنوي عن أوضاع حقوق الإنسان بالمنطقة العربية خلال 2024
  • مجلس الأمن يناقش التصعيد العسكري في اليمن وتأثيراته على جهود السلام والأوضاع الإنسانية