يمانيون:
2025-03-20@03:48:19 GMT

حواراتُ السلام في المنطقة

تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT

حواراتُ السلام في المنطقة

عبدالرحمن مراد

ما هو موضع خلاف في حوارات السلام اليوم، قضايا تمس الإنسان، وتمس حقوق الشعوب في الحرية، والاستقلال، والسيادة، وهي قضايا جوهرية، لكن النظام الرأسمالي لا يتعامل مع هذه القضايا إلا من زوايا المصالح المرسلة له وليس للشعوب التي تدير حركة الحروب والاضطرابات فيها، ففي اليمن مثلًا لا يعني إغلاق المطارات، والموانئ، والمنافذ سوى الانتهاك الصارخ للحقوق، والحريات، وهي ظاهرة لا تمُتُّ بصلة إلى فكرة الشرعية والانتصار لها، فالشرعية المزعومة بدون أسس منطقية، ودستورية، ولا قانونية، حتى يحاول النظام الرأسمالي الانتصار لها -إن فرضنا صحة زعمه-، وهي موضع الخلاف في اليمن، والدستور اليمني إن كان يمنح الشرعية، ويستمد النظام سلطته منه، فقد سلب من هادي، ومن مجلس القيادة الذي شكله النظام الدولي -بتوافق دولي- تلك الشرعية، وإن كان النظام الدولي يستمد الشرعية في تشكيل مجلس القيادة من ميثاق الأمم المتحدة في الفصل السابع، فهذا لا يعني أن يستمر الحصار والتجويع للشعب اليمني؛ إذ يفترض أن تحترم الجوانب الإنسانية، فالصراع لا يعني أن يعاقب الملايين من البشر لتحقيق غايات وأهداف غير نبيلة.

لا يمكن للنظام الدولي أن يساهم في توسيع دائرة معاناة الشعوب، إن كان صادق النوايا في احترام الحقوق والحريات للشعوب، لكن الأمر مختلف جِـدًّا، فالرأسمالية تسعى ما وسعها الجهد على فرض ثنائية الهيمنة والخضوع، فالهيمنة على الشعوب في فرض الاستبداد والطغيان والاستغلال ضد فكرة الحريات، وخضوع الحكومات؛ مِن أجلِ ضمان تدفق المصالح وفرض السيطرة على مصادر الطاقة والتحكم بها ضد فكرة السيادة، وفكرة الحصار البري والبحري والجوي ضد العهود الدولية لحقوق الإنسان، وهي عهود توافق عليها المجتمع الإنساني وأقرها، ولذلك فالنظام الدولي ينتهك كُـلّ العهود والمواثيق، وفي السياق نفسه يتغنى بها، أَو يجادل ببنودها في إدارة الدول الفقيرة والضعيفة، ويبدو أن نظام القطب الواحد قد أفسد في حياة الأمم والشعوب ما نحتاج إلى عقود من الزمن لإصلاحه، فالإنسان الذي هو محور الصراع في كُـلّ التجاذبات والحروب الذي يديرها النظام الرأسمالي، هو الإنسان، بغض النظر عن معتقده، وعن ثقافته، وعن حضارته، لكن معيار الرأسمالية مختلف جِـدًّا في البعد الإنساني، فالجنس الأُورُوبي، والأمريكي، هو الجنس الذي يستحق الحياة، ما دون ذلك لا قيمة لإنسانيته في ثقافة الرأسمالية، فالشعوب الأُخرى مسخرة لخدمة الجنس السامي ولرفاهيته، ولذلك يحاولون تكريس ثقافة التهديد والخوف من الثقافات الأُخرى، فالعرب في معتقدهم أُمَّـة فوضوية غير منتظمة تشكل تهديداً للحضارة المعاصرة، ولذلك لا قيمة لهم، وقد رأينا كيف تعامل معهم الغرب إبان فترة الاحتلال الصليبي، وكيف تعامل معهم بعد خروجه من بلدانهم، فهم أتباع له، وليسوا أسيادًا على أرضهم.

ولذلك نقول إن السلام في اليمن غير مستحيل التحقّق إذَا توفرت النوايا الدولية الحسنة؛ لأَنَّنا نعلم أن نفوس أهل اليمن -مع تعدد طيفهم السياسي- أقرب إلى السلام، وإلى المحبة، والتعايش، فماضيهم الحضاري والثقافي دال على ذلك، والتضليل الذي يمارسه مبعوث الأمم المتحدة مفضوح سلفاً؛ لأَنَّه في خاتمة المطاف يتحَرّك وفق استراتيجية مجموعة السبع في الصراع مع الصين كقوة اقتصادية ناشئة مهدّدة لوجودهم، ومع الروس كقوة عسكرية واقتصادية كبرى تشق طريقها اليوم لفرض مركزيتها وقطبيتها في أسس ومداميك النظام الدولي الجديد القائم على مبدأ تعدد الأقطاب.

يظهر النظام الدولي اليوم حرصه على السلام في اليمن، هكذا تبدو الصورة في ظاهرها، وهكذا هي الرأسمالية في تعاطيها وفي إدارتها لمصالحها تظهر للرأي العام خلاف الذي تخفيه أَو تبطنه، فهي التي تصنع الأزمات وتصنع الاضطرابات ثم تأتي لتحقيق أهدافها من خلف الجدران، وصورتها حسنة أمام الرأي العام، فهي تحرص على السلام، وعلى الإنسان، والحقيقة أن الإنسان لا قيمة له في أيديولوجيا الرأسمالية إلا بالقدر الذي يحقّق مصالحها.

وإذا أردنا أن نتجاوز اليمن إلى فلسطين؛ باعتبَار فلسطين وغزة هي محك التجارب اليوم والبؤرة الأكثر اشتعالاً وتفاعلاً، والصراع هناك يمتد لعقود لوجدنا ذات التوجّـه للنظام الدولي الذي يتكلم كَثيراً عن السلام وعن الصراع العربي الصهيوني وضرورات السلام والتعايش في ظاهر أمره، ولكنه يدير حركة وجود للصهيونية وحركة توازن مع العرب والمسلمين دون أي معنى أَو قيمة للإنسان الذي يتعرض للإبادة الجماعية والتجويع والموت بآلة الدمار الصهيونية، لا نقول منذ (طوفان الأقصى) الذي قارب على العام ولكن منذ أكثر من سبعين عاماً؛ فالتاريخ مبك وحزين ودال على توحش الصهيونية العالمية ونظامها القذر في القتل والتدمير والتصفية العرقية للجنس البشري، وظل موضوع حقوق الإنسان غائباً في كُـلّ الحوارات والاتّفاقات التي كانت تحدث بين الفينة والأُخرى في تاريخ الصراع العربي الصهيوني.

لذلك فالمعركة اليوم بيننا وبين اليهود وأمريكا والنظام الدولي القديم معركة وجود ونؤكّـد على فكرة الوجود؛ باعتبَارها محك التجارب للماضي والحاضر، ولا بُـدَّ لنا من التعاطي مع المرحلة وفق تجلياتها ومعطياتها ولا بُـدَّ من التطور في الأساليب والأدوات؛ فالقوة ليست إلا عنصراً واحداً من عناصر عدة تتظافر كي تحقّق الانتصار وبالتالي السلام، والمعرفة من العناصر التي يفترض بنا الاشتغال عليها اشتغالاً علمياً ومنهجياً واضحاً ومكثّـفاً.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: النظام الدولی فی الیمن

إقرأ أيضاً:

متمردو إم23 يقاطعون محادثات السلام والعقوبات الأوروبية تتصاعد

فاجأت حركة متمردي إم23 الجميع بإعلان انسحابها المفاجئ من محادثات السلام المزمع إجراؤها في أنغولا، بعد أن أعربت في وقت سابق عن عزمها إرسال وفد للمشاركة في هذه المفاوضات.

جاء هذا التطور ليحبط الآمال في إمكانية التوصل إلى حل سلمي للصراع المستمر في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، الذي أسفر عن مئات الآلاف من النازحين والضحايا ويتورط فيه العديد من الأطراف.

وبعد أن كانت الحركة قد أعلنت استعدادها للمشاركة في المحادثات، فاجأت الجميع بتراجعها المفاجئ مبررة ذلك بتصاعد الضغوط العسكرية في المنطقة، فضلاً عن التوترات السياسية التي تعوق عملية السلام، حسب قولها.

وفي بيان رسمي، أكدت إم23 رفضها المشاركة في الوقت الراهن، مشيرة إلى ضرورة المزيد من التحضيرات بسبب التغيرات الكبيرة في الوضع على الأرض.

أسباب المقاطعة 

على الرغم من الدعوات الدولية لإنهاء العنف، يشعر المتمردون بأن هناك غيابا للثقة في الوساطة الدولية، وبالتحديد في قدرة حكومة أنغولا والجهات الدولية الأخرى على ضمان تنفيذ أي اتفاقات يتم التوصل إليها.

وتزداد المخاوف لدى الحركة من أن المفاوضات قد تؤدي إلى تجاهل مطالبهم الرئيسية المتعلقة بالتمثيل السياسي والحقوق الأمنية في المنطقة.

عقوبات أوروبية

في خطوة تصعيدية أخرى، أعلن الاتحاد الأوروبي أمس فرض عقوبات جديدة على أفراد وكيانات متورطة في النزاع القائم في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.

إعلان

وتشمل العقوبات شخصيات سياسية وعسكرية يُعتقد بأنها تدعم الجماعات المسلحة، بجانب قيادات في الحركة نفسها.

تأتي هذه العقوبات في إطار جهود الاتحاد الأوروبي لتكثيف الضغط على الأطراف المعنية لإلزامهم بالجلوس إلى طاولة المفاوضات والالتزام بالهدنة.

وفي هذا السياق، أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه من أن التأخير في التوصل إلى تسوية سياسية قد يزيد من تعقيد الوضع الأمني والإنساني في المنطقة.

الوساطة الأنغولية

في الوقت نفسه، أكدت الحكومة الكونغولية استعدادها للمشاركة في المحادثات تحت رعاية أنغولا، التي تُعد إحدى القوى الإقليمية المؤثرة في أفريقيا.

وفي بيان مشترك بين الكونغو الديمقراطية ومتمردي إم23، تم التأكيد على أن الأطراف المعنية قد اتفقت على ضرورة الحوار المباشر للوصول إلى حل سياسي.

تعد هذه المفاوضات فرصة نادرة لوقف الاقتتال المستمر، ولكن هناك شكوكا حول قدرتها على معالجة الجذور العميقة للصراع المستمر منذ عقود.

أثر النزاع على المدنيين

يظل المدنيون في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية هم أكبر ضحايا هذا الصراع، إذ تشير التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 5 ملايين شخص قد نزحوا بسبب القتال، فيما يعاني السكان من قلة الغذاء والموارد الأساسية، مما يعمق الأزمة الإنسانية في المنطقة.

هل يمكن للسلام أن يتحقق؟

رغم العقوبات والضغوط الدولية، يبقى التساؤل قائمًا حول قدرة المفاوضات المزمع إجراؤها في أنغولا على تحقيق السلام المستدام.

خريطة الكونغو الديمقراطية (الجزيرة)

ويشير الخبراء إلى أن تحقيق السلام الدائم يتطلب أكثر من مجرد اتفاقات دبلوماسية، بل يتطلب إرادة سياسية حقيقية من جميع الأطراف المعنية.

كما أن حل الأزمة يحتاج إلى معالجة القضايا الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي أدت إلى اندلاع الصراع في المقام الأول.

ويطالب المجتمع الدولي باستمرار بوقف إطلاق النار واستئناف المساعدات الإنسانية في المناطق المتأثرة، ويأمل في أن تسهم أي مفاوضات في إنهاء المعاناة المستمرة وتحقيق السلام في هذه المنطقة.

إعلان

مقالات مشابهة

  • ماكرون: الشراكة الاستراتيجية مع السعودية تزيد من فرص السلام والأمن في المنطقة
  • حزب الإصلاح في اليمن يوجه دعوة للأمم المتحدة ومجلس الأمن بخصوص العدوان الإسرائيلي على غزة
  • اليمن: الهجوم الإسرائيلي الأخير على غزة تحد صارخ للقانون الدولي
  • شبكة المثقفين والفنانين للدفاع عن الإنسانية تدين العدوان الأمريكي على اليمن
  • متمردو إم23 يقاطعون محادثات السلام والعقوبات الأوروبية تتصاعد
  • المنطقة الرمادية.. حوارات استقصائية معمقة مع ضيوف غير تقليديين
  • سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة: مجلس الأمن الدولي سينعقد اليوم لمناقشة الوضع في غزة
  • البنتاغون: هجماتنا لا تهدف لتغيير النظام في اليمن وقتلنا قيادات حوثية
  • جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي تستضيف المؤتمر الدولي حول الإنسان المعزز
  • جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي تستضيف مؤتمر "الإنسان المعزز" الدولي