“فورين بوليسي” تحذر: حرب شاملة مع لبنان قد تكون كارثية لـ “إسرائيل” وتضعها في مأزق استراتيجي
تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT
الجديد برس:
قالت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية إن الصراع في لبنان قد يتحول من حرب محدودة إلى صراع شامل، مؤكدةً أنه إذا شنت “إسرائيل” حرباً شاملة، فستكون معركةً صعبةً عليها ومدمرةً لها، وليس فقط للبنان.
وأكدت المجلة أنه بعد توقف المدافع عن إطلاق النار، في هذه الحرب الموسعة، ستجد “إسرائيل” أن صراعها مع حزب الله لم يُحَلَّ، وأنها لم تكسب من هذا الصراع إلا القليل على المستوى الاستراتيجي، حتى لو انتصرت عسكرياً، لافتةً إلى أن من الأفضل لها أن تحاول تعزيز الردع، ولو كان ذلك يعني استمرار التهديد الذي يشكله حزب الله في الظهور.
وذكّرت المجلة بما حدث بعد انتهاء حرب تموز عام 2006، حين ساعدت إيران على إعادة تسليح حزب الله، وضخت أموال إعادة الإعمار في لبنان، الأمر الذي مكّن الحزب من تسجيل نقاط سياسية مع المجتمعات التي تضررت من الحرب. كما أعاد مقاتليه إلى الحدود مع فلسطين المحتلة.
وأكدت “فورين بوليسي” أن دعم إيران لحزب الله لم يتضاءل منذ عام 2006، وأن طهران تواصل العمل من كثب معه، ومن المرجح أن تقدم دعماً مالياً وعسكرياً كبيراً إليه إذا تجدد الصراع مع “إسرائيل”.
ورأت المجلة الأمريكية أن اندلاع الحرب يعني أن “إسرائيل” ستجد نفسها في موقف حرج فيما يتصل بتحمل الصراع في لبنان، لفترة طويلة، بعد أن استنفد الجيش الإسرائيلي قواه بعد نحو عامٍ من الحرب في غزة، بحيث خدم الآلاف من جنود الاحتياط هناك، عدة مرات، كما أن قطع الغيار والذخيرة وغير ذلك من الأمور الضرورية غير كافية لشن حربٍ طويلة الأمد.
استناداً إلى ذلك، استنتجت المجلة أن أي حرب واسعة يرجح أن تكون محدودة المدة، الأمر الذي من شأنه أن يمكّن حزب الله من الصمود في وجه العاصفة.
وأضافت “فورين بوليسي” أن حزب الله قادر أيضاً على إطالة أمد الحرب، مستفيداً من أن لبنان أكبر كثيراً من غزة، وأن “إسرائيل” لا تستطيع ببساطة أن تدفع قواتها إلى داخل البلد بأكمله، في فترة قصيرة من الزمن.
ومن الناحية الواقعية، فإن أفضل ما تستطيع “إسرائيل” أن تفعله، بحسب المجلة، هو إعادة احتلال أجزاء من جنوبي لبنان، كما فعلت بين عامي 1982 و2000. وذكّرت المجلة بأنه خلال تلك الفترة كانت تلحق بـ”إسرائيل”خسائر ثابتة من جراء الهجمات التي تعرضت لها، الأمر الذي دفعها في نهاية المطاف إلى الانسحاب.
ولفتت إلى أن حزب الله أصبح اليوم أكثر قوة، والجزء الأعظم من قواته قادر على الانسحاب بعيداً عن منطقة الحدود والعودة ببساطة عندما تغادر “إسرائيل”، أو شن هجمات منتظمة، في الوقت الذي يختاره، إذا بقيت القوات الإسرائيلية.
كذلك، فإن مشكلة “إسرائيل” مع الرأي العام العالمي ستتفاقم، وستواجه موجة أخرى من الانتقادات الدولية، إذا ما عُدَّت المعتدية في صراع موسع مع لبنان. وحتى الأنظمة العربية، التي تكره حزب الله، لن تكون قادرة على مواجهة شعوبها ودعم العمليات ضد حزب الله.
وأشارت الصحيفة إلى أن حزب الله أعلن أنه سيوقف الهجمات إذا كان هناك وقف لإطلاق النار في غزة، مؤكدةً أنه إذا كان هذا النهج غير مُرضٍ لـ”إسرائيل”، فإن الردع غير المرضي أفضل من حربٍ مدمرة تنتهي نهايةً غير مرضية.
وأقرت المجلة بأن “التسييس” و”التفكير قصير الأمد” يهيمنان على الحسابات، ويحكمان عملية اتخاذ القرار في “إسرائيل”، لا الاستراتيجية، وأن “إسرائيل” تفتقر، بعد عشرة أشهر من القتال في غزة، إلى نهاية واقعية.
وختمت “فورين بوليسي” بأن هذا الميل إلى الأمد القريب قد يدفع “إسرائيل” إلى توجيه الضربة أولاً، ثم محاولة التوصل إلى هدف بعيد المدى في وقت لاحق، مؤكدةً أن من الضروري أن تواصل الولايات المتحدة وحلفاؤها الضغط على “إسرائيل” لتجنب الحرب الشاملة التي قد تكون مكلفة وغير منتجة.
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: فورین بولیسی حزب الله
إقرأ أيضاً:
قنبلة الشرق الأوسط الموقوتة تهدد بالانفجار
أعاصير التغيير الكبير تهب على العالم بعنف لأن أخطر مؤشرات الحرب العالمية الثالثة هي اليوم تهديد (ترامب) و (ناتنياهو) بقصف إيران تبعه موقف إيران العقلاني الساعي للسلام.
ويصاب المرء بفقدان البوصلة لأننا تجاوزنا ما سميناه بالحداثة وما سميناه بما بعد الحداثة وأصبحت تكهنات (صامويل هنتنغتون) وراء ظهورنا وهو الذي بشر بحرب الحضارات بعد الحروب بين الدول. على رغم أن الحرب الروسية – الأوكرانية لم تضع أوزارها بعد بدأ الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء باستخلاص الدروس منها.
هذه الحرب كشفت حجم الخلل البنيوي الذي تعاني منه أوروبا على صعيد قدراتها الدفاعية مع سعي دونالد ترامب إلى وضع حد لهذه الحرب بمعزل عن الأوروبيين: إزاء رئيس أمريكي لا يعترف إلا بالقوة الذاتية للدول اتضح افتقاد الأوروبيين ككتلة إقليمية ممثلة بالاتحاد الأوروبي وكدول مستقلة القدرة على فرض مصالحها.
ولعلنا نعيش أواخر عصر السياسة حين نشهد الحرب الشاملة التي تشنها إسرائيل على سوريا بدعوى ضرب مواقع إرهابية وعلى لبنان تحت تعلة ضربات استباقية لما يدبره حزب الله من هجومات على إسرائيل ومشاركة الجيش الإسرائيلي في الحرب على اليمن وعلى العراق تحت غطاء تدمير قواعد الحشد الشعبي وطبعا بالتوازي مع إعادة حرب الإبادة في غزة (بالأمس الخميس استشهد 70 فلسطينيا منهم 25 طفلا) ثم إن قصف المستشفيات جريمة حرب غير مسبوقة مع غلق المعابر ومنع وصول الإعانات لغزة هو القتل بالتجويع!
نعم نحن أمام مذابح ترتكبها إسرائيل ضد أشقائنا الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين وربما قريبا الأردنيين والمصريين فنغضب ونشارك في النفير الكبير الذي دعت له المقاومة واستجابت له بقية الأمة الإسلامية!
تؤكد وكالات الأنباء أن حكومة (نتنياهو) تستعد لاحتلال قطاع غزة والضفة وفرض الحكم العسكري عليهما والسيطرة الكاملة على الفلسطينيين وعلى الشرق الأوسط وتنفيذ مخططاتها المتعلقة بالاستيطان أو التهجير. وهو التوجه الذي يتوافق مع خطة رئيس هيئة الأركان العامة (إيال زامير)
لكن يبقى السؤال: هل تمتلك إسرائيل إستراتيجية واضحة لما تقوم به؟ وانظروا ما يحدث في العالم من حولنا: رجل أمريكي مثير للجدل ترأس الأمة الأمريكية مرتين واحتل البيت الأبيض ويخطط لعهدة ثالثة وأعلن أن كندا وبنما والقطب الشمالي (غرين لاند) هي ولايات تابعة لأمريكا ! وأن خليج المكسيك أصبح اسمه خليج أمريكا وأن أوكرانيا ليست أوروبية بل هي قطعة من روسيا ثم أعلن أنه لا يعترف للاتحاد الأوروبي بأي سلطة على أوكرانيا بل أنه يعمل على إنهاء الحرب الأوكرانية الروسية في مفاوضات بينه وبين (بوتين) حليفه الجديد ونعت الرئيس الفرنسي (ماكرون) بالمعتوه الذي يغرر بالأوروبيين ويريد قيادتهم الى حرب ضد روسيا مثلما نعت (زيلنسكي) أيضا بالمجنون الذي نفخ فيه الأوروبيون روحا من البطولة المزيفة أفقدته حجمه الحقيقي!
وأمام حرب إبادة الفلسطينيين وقف عاجزا عن إبداع من إبداعاته واكتفى بالرجوع الى أصول ديانته الأنغليكانية التي تدمج الخرافات التلمودية المتطرفة في عقيدتها المسيحية (والتي قاومها القس الألماني مارتن لوثر في القرن السادس م) واكتفى بالقول بأن إسرائيل محقة في الدفاع عن أمنها!!! وهو التبرير الخطأ الممجوج من كثرة تكراره حتى لم يعد يقنع اليهود أنفسهم وخرج بعض نزهائهم للتظاهر ضد حرب الإبادة التي وصمت اليهود بالعار الى أبد الدهر وجعلت شرفاء الدنيا كلهم يشيرون إليهم بالبنان كقتلة أطفال وهو عار لن تمحوه الدعايات البلهاء الصادرة عن العنصريين المتطرفين من مستوطني فلسطين منذ العشرينيات (بداية الهجرات الكبرى) الى عام 2025 حيث بدأ الإسرائيليون حاملو جنسيتين يغادرون فلسطين المحتلة الى بلدانهم الأصلية التي جاؤوا منها (أكثر من 300 ألف حالة عودة طوعية منذ السابع من أكتوبر 2013).
وحسب تحليل أخير للدكتور طلال أبو غزالة (وهو أفضل من يفكك خفايا الصراع في الشرق الأوسط) فإن إسرائيل دخلت مرحلة الحرب الأهلية لأن نصف شعبها يقف ضد (ناتنياهو) والنصف الثاني متعدد الانتماءات والمصالح وبلغت الحرب الأهلية مستوى قياداتها العسكرية حتى أن بعضهم استعمل مصطلح الحرب الأهلية مرات عديدة! ويتنبأ هذا الخبير الواعي بأن حماس سوف تنتصر لأنها تدافع عن أرضها المغتصبة بينما يقاتل الإسرائيلي من أجل الاحتفاظ بأرض اغتصبها ولأن (ناتنياهو) حينما يؤكد أنه يقاتل على سبع جبهات فإنه في الحقيقة يقر باستحالة الانتصار في السبع جبهات بسببين: سبب جغرافي وسبب عقائدي فجبهة لبنان مثلا هي عدة جبهات: حزب الله ودولة لبنان مع الرئيس الجديد (جوزاف عون) الذي أكد أمام (ماكرون) أن الدولة وحدها لديها حق حمل السلاح لكنه أضاف: «وهذا أمر يحتاج الى شيء من الوقت بالنظر الى أن جزءا من أراضينا ما زالت محتلة» فاقتنع الجميع وأولهم (ماكرون) الراعي الرسمي للدولة اللبنانية بأن عملية نزع سلاح حزب الله بالقوة يعني بكل تأكيد حربا أهلية لبنانية أعنف من الحرب الأهلية الأولى (1975-1990) وهي حربٌ أهليّةٌ متعدّدة الأصعدة راح ضحيتها 120 ألف لبناني مسلحين ومدنيين ولا يزال 76 ألف لبناني مشردين نازحين ولاجئين داخل لبنان أو خارجه.
يتذكر أبناء جيلي أن تلك الحرب الضروس اندلعت على إثر محاولة اغتيال الزعيم (بيار جميل) ومحاولات إسقاط إصلاحات فؤاد شهاب الذي سعى لجمع الطوائف وسن دستور ديمقراطي مما حرك طبقات اجتماعية من اللبنانيين تعودوا على الإثراء مغتنمين هشاشة الدولة ثم تحركت قوى اقليمية ودولية تسعى للحفاظ على مصالحها في لبنان والشرق الأوسط مثل سوريا ومصر والأردن ثم روسيا وأمريكا وفي الأثناء ازداد تواجد الفلسطينيين وقياداتهم على التراب اللبناني معتبرين عن خطأ في التقدير أن لبنان أرض مواجهة مباشرة مع العدو الإسرائيلي المحتل ولا ننسى أن منظمة التحرير تم إجلاؤها بقوة عن الأردن في أيلول 1970عندما شرع فدائيوها في تفجير طائرات مختطفة في الأردن فاستقروا في لبنان ليخلوا بالتوازن الهش بين المسلمين والمسيحيين فانقسموا الى يمين ويسار! وحمل شبابهم السلاح وتقاتلوا فيما بينهم واندلعت حرب أهلية دمرت لبنان! نحن اليوم في مارس 2025 نكتشف مزيد انقسام دار الإسلام ونستحي عندما نرى ونسمع السودانيين يتقاتلون وكل فريق يهتف «الله أكبر» وهو يقصف مسلمين موحدين يهتفون أيضا «الله أكبر»! ونرى ليبيا عاصمتين وجيشين وحكومتين ونرى اليمن يمنين وحكومتين وجيشين! وتصل الأزمة العنيفة الى تركيا السنية لتوقظ مارد الفانوس السحري من نومه فيهدد استقرار تركيا مع أردوغان ويكاد يعصف بالليرة وبالسياحة. من جهتها أطلقت الإيكونوميست البريطانية تحذيرا مرعبا للإسرائيليين حول دولتهم مشيرة إلى أن سياسات الحكومة الحالية تقودهم إلى كارثة غير مسبوقة وجاء في تقريرها الذي تصدر غلافها تحت عنوان «غطرسة إسرائيل» أن دولتهم تبدو قوية ظاهريا لكنها تواجه أخطارا متزايدة تهدد استقرارها بل وجودها!!
(الشرق القطرية)