الجزيرة:
2024-09-10@22:24:51 GMT

ذريعة نتنياهو للانطلاق في مغامرة حربية جديدة

تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT

ذريعة نتنياهو للانطلاق في مغامرة حربية جديدة

ثمة قناعة راسخة لدى الأطراف الفاعلة في الشرق الأوسط أنّ رئيس حكومة الحرب الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، يدفع بالأوضاع المعقدة في المنطقة إلى مزيد من التصعيد الخطر، وصولًا لتحقيق أهداف إستراتيجية أساسية، وهي ضرب القدرة العسكرية لإيران، بما فيها المنشآت النووية، وتوجيه ضربة عسكرية ضد حزب الله، وإبعاده نهائيًا عن الحدود اللبنانية بعمق لا يقلّ عن عشرة كيلو مترات.

مغامرة جديدة

لذا، فإن نتنياهو يتعاطى مع التطورات الحاصلة ميدانيًا، وكأنها باتت تصبّ في مصلحته، وهو يتعامل على أن الظرف الداخلي فتح له المجال للتحرّك، واتخاذ قرارات أوسع بكثير؛ بسبب حالة الحرب والطوارئ.

وعلى المستوى الخارجي، فإن التحديات الانتخابية في الولايات المتحدة تتخذ منحًى متسارعًا مع انسحاب بايدن، وترشّح كامالا هاريس، وهذا الإطار ظهر خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن وخطابه في الكونغرس، حيث ركز بشكل رئيسي على أهمية توجيه ضربة عسكرية لإيران.

بالمقابل، فإن نتنياهو بات يدرك بالتوازي أن الوقت يمر بشكل متسارع، وهو غير مفتوح إلى ما لا نهاية، ويمكن التدليل على ذلك بما قاله الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب: "لا أريد أن تكون الحرب مستمرة لدى عودتي إلى البيت الأبيض". أي أن لدى نتنياهو أشهرًا قليلة لإنهاء الحرب.

وبدا أن لدى رئيس حكومة الحرب أهدافًا أخرى، وهي ما يتعلّق بمستقبله السياسي، وضمان خروج آمن له من السلطة السياسية الإسرائيلية؛ لأنه يدرك جيدًا أن الرأي العام الإسرائيلي لا يزال – رغم كل الجرائم الحاصلة والاغتيالات – يحمّله مسؤولية عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأن هذه العملية ما كانت لتحصل لولا "غض النظر" عن تطوير حماس بنيتها العسكرية؛ للقيام بالضربة التي هزّت الكيان الإسرائيلي في الصّميم.

لذا، فإن نتنياهو بدأ بالتحضير للمرحلة الجديدة من الحرب الطويلة، وذلك خلال زيارته واشنطن ولقاءاته الباردة مع أركان الحكم الأميركي، ومن هنا فإن صاروخ "مجدل شمس" الذي تهرب الجميع من إعلان المسؤولية عنه، أعطى نتنياهو ذريعة للانطلاق نحو مغامرة حربية جديدة، لكن تداعياتها باتت ستشمل كل المنطقة.

لذلك حصل النزاع السياسي بين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، بعدما حاول الأخير إدارة الردّ العسكري على صاروخ "مجدل شمس"، لكن نتنياهو تصدّى لغالانت، بعدم اتخاذ أي قرار، وتجميد كل شيء إلى حين عودته. ومع تنفيذ الضربات الإسرائيلية أصبح المشهد أكثر وضوحًا، وهو أن نتنياهو بات أكثر قلقًا من علاقة خَصمه مع الإدارة الاميركية.

فالضربات الإسرائيلية تخطّت سقف المعركة القائمة، وتجاوزت قواعد الاشتباك المرسومة، إن من خلال اغتيال فؤاد شُكر في الضاحية الجنوبية لبيروت، أو باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، بعد ساعات معدودة داخل أهم أحد مقرات "الحرس الثوري"، عشية مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد.

وهذان الاغتيالان بما يحملان من دلالات على تهور نتنياهو الميداني، استُتبعا بعد أقل من يوم بضربات شملت فصائل متمركزة في القصير في سوريا، وجرف الصخر في العراق، ولا شك في أن نتنياهو يهدف إلى توجيه ضربات استفزازية لا يمكن لإيران ولا لحزب الله أن يتجاوزاها من دون حصول ردّ في المقابل.

ما يعني أنه يريد رد فعل يفتح له الباب ويعطيه ذريعة للذهاب في الحد الأقصى من إثارة التوتر؛ لتحقيق أهدافه بحشد الجميع خلفه بضرب إيران وحزب الله.

استنفار عسكري

وثمة من يعتبر أن نتنياهو المترقب للردود على استهدافَي الضاحية وطهران، يعمل على حشد الجبهة الداخلية، فهو على سبيل المثال لا الحصر عمل على نقل جزء من المنتجات الزراعية من مدن شمالية باتجاه المدن الداخلية، إضافة لإزالته نترات الأمونيوم والمواد السريعة الاشتعال من معامل المنطقة الشمالية.

قبل ذلك كانت الطائرات الحربية الإسرائيلية قد وجّهت ضربة لهدف بعيد، هو ميناء الحُديدة اليمني. وأكدت يومها إسرائيل أن العملية أنجزها سلاح الجو الإسرائيلي من دون مساعدة أحد، والمقصود بهذا الكلام أن إسرائيل باتت قادرة على توجيه ضربة مماثلة في منطقة بعيدة مثل إيران.

وفي الوقت نفسه حصلت على قنابل كبيرة تحدث دمارًا واسعًا، إضافة إلى الأسلحة الذكية والانشطارية والتي تسعى لاستخدامها في لبنان، كما استخدمتها في قطاع غزة.

لكن اللافت هو حالة الاستنفار العسكري الأميركي والبريطاني في مياه المتوسط قبالة لبنان، والخليج العربي، وعلى الرغم من أن الطابع العسكري لهذه القطع البحرية "دفاعي"، كونها مجهزة بصواريخ متخصصة في إسقاط الصواريخ الباليستية الموجهة في اتجاه إسرائيل، فإنّ الجميع بات مقتنعًا بأن الإدارة الديمقراطية حريصة على عدم التورط بمستنقع الحرب في  المنطقة، ولو أنها باتت غير قادرة على لجم اندفاع نتنياهو.

من هنا تجري في الأروقة الدبلوماسية اتصالات ولقاءات ومحاولات لسحب الجميع من حافة الهاوية عبر الذهاب لمفاوضات جدية تمنع الانفجار. وزيارة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إلى طهران تندرج في هذا الإطار، على الرغم من حالة البرودة والتوتر بين الجانبين، والاتهامات المستمرة الأردنية لإيران بزعزعة أمن الأردن.

وظهر أن الصفدي الذي عاد أدراجه لم يتمكن من إحداث ما يمكن اعتباره خرقًا يذكر بجعل إيران تتجاوز قرارها بالردّ على اغتيال الشهيد هنية، وهذا الأمر أعلنته طهران خلال زيارة الصفدي في جلسة البرلمان الإيراني، عبر التأكيد على دعوة القيادة السياسية إلى "ردّ مزلزل على إسرائيل"، رغم ذلك كانت هنالك إشارات مرنة ولو صامتة من قبل طهران تجاه واشنطن، عبر إبقاء قناة التواصل مفتوحة بينهما، إما عبر قطر أو سلطنة عُمان.

سياسة الاستفزاز والاستهداف

كلّ هذه الوقائع، تجعل المنطقة تعيش على الهوى الشخصي لنتنياهو، الذي لا أحدَ بات قادرًا على توقع أفعاله وتصرفاته والجرائم المتخيلة التي قد يجري ارتكابها. لكن من الواضح أن الرجل يبدو مستعدًا لإدخال المنطقة كلها في دُوامة صراع لا ينتهي، ولو استدرج معه كل القوى والدول، خصوصًا أنه في حال تطوّرت الوقائع العسكرية إلى ضربات مضادة ومتبادلة بين طهران وتل أبيب، فإن ذلك سيكون في سماء الكثير من الدول العربية التي سترى نفسها أصبحت في قلب الصراع الميداني، ما يرفع احتمالات مخاطر تفجُّر الأوضاع الإقليميّة كلها.

وهنا لا يمكن القفز فوق ما تبثّه وسائل إعلام مقربة من الجمهوريين الأميركيين والتي تتحدّث عن موجة ثورات محتملة إثر ما يجري في المنطقة.

لكن وعلى جانب حزب الله، فإن الحزب الذي فصل بين الرد على اغتيال القيادي شُكر، وبين جبهة الإسناد ضمن قواعدها التقليدية، يؤكد أن رده على ضرب الضاحية الجنوبية لبيروت سيكون مؤكدًا. وهذا الرد سيكون كافيًا لإعادة قواعد الردع إلى سابق عهدها؛ كي لا يستمر نتنياهو في مواصلة سياسة الاستفزاز والاستهداف بلا رادع.

من هنا، فإنّ الحزب تلقى رسائل من واشنطن عبر وسطاء من دول عدة للتأكيد على ثابتة رئيسية، وهي أن الإدارة الأميركية لم تكن على علم بالضربة الإسرائيليّة التي استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت، وأن واشنطن لا علاقة لها بما جرى وغير راغبة بالحرب، لكن الحزب يعتبر أنّ الأميركيين وحدهم القادرون على وقف إسرائيل للحرب، لو أرادوا ذلك.

وقد يكون رئيس حكومة الحرب، ومعه كل قوى اليمين الإسرائيلي المتطرف يرون أنّ الظروف تلعب لمصلحة الذهاب نحو لعبة تغيير المعادلة الإقليمية القائمة، وقد تكون واشنطن التي تعيش أدقّ استحقاق انتخابي ترى أن لا شيء يمنع من إعادة تغيير ملامح المنطقة ونفوذ الأطراف فيها، ما دامت المفاوضات السياسية لا تحدث أيّ خرق، ولم تصل بعدُ إلى النتائج المرجوّة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

محللون.. نتنياهو يتعمد قتل المدنيين الفلسطينيين لأنه يأمن العقاب الأميركي

اتفق محللان على أن رئيس الحكومة الإسرائيلية يتعمد قتل المدنيين في قطاع غزة دون أن يكترث بأي غضب دولي لأنه يدرك أن واشنطن ستوفر له الحماية وتزوده بالسلاح مهما ارتكب من جرائم بحق المدنيين في قطاع غزة.

وفي إطار مشاركته في برنامج "غزة ماذا بعد؟" أقر أستاذ الأمن الدولي بجامعة جورج واشنطن، بنجامين فريدمان بأن إسرائيل تستهدف المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة بشكل متعمد وعشوائي، وواشنطن تدعمها لحسابات سياسية وانتخابية.

وفي سياق تعليقه على المجزرة المروعة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي -فجر اليوم الثلاثاء- في منطقة مواصي خان يونس جنوبي قطاع غزة، وأسفرت عن استشهاد 40 وجرح 60، وفق ما كشف الدفاع المدني في غزة.

وقال إن إسرائيل مستعدة لقتل عدد كبير من المدنيين الفلسطينيين في سبيل قتل بضعة مقاتلين، وإن الإدارة الأميركية اتخذت قرارها بأن تتقبل كل ما تقوم به إسرائيل، فهي لم توقف عنها الأموال وشحنات السلاح، وأكد أن واشنطن أعطت أموالا إضافية لتل أبيب كي تشن الحرب على غزة.

ونوّه فريدمان إلى أن إسرائيل لا تعبأ بالانتقادات الأميركية -التي توجه لها في بعض الأحيان- لأنها تعلم أنها ستحصل رغم ذلك على القنابل والسلاح.

ومن جهته، لا يتوقع الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، الدكتور مصطفى البرغوثي سلوكا مختلفا من الإدارة الأميركية لأنها -حسبه- "منخرطة ومتورطة" في عملية الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تقدم لإسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي 50 ألف طن من الأسلحة والمتفجرات وتزودها بـ22 ونصف مليار دولار من المقدرات العسكرية، وتوفر لها الحماية السياسية في مجلس الأمن الدولي وتضغط على الدول الأخرى بما في ذلك جنوب أفريقيا لسحب الدعوى التي ترفعها ضد إسرائيل، وعلى محكمتي العدل الدولية والجنائية الدولية لنفس الغرض.

ويؤكد البرغوثي أن الولايات المتحدة متورطة في الإبادة الجماعية وفي التجويع والتطهير العرقي الذي يمارس ضد الفلسطينيين، فهناك نحو مليوني فلسطيني تم ترحيلهم من بيوتهم.

ولا يستغرب البرغوثي من سكوت الأميركيين على مجزرة مواصي خان يونس، "وهم سكتوا عن استشهاد 150 ألف فلسطيني، على فرض وجود عشرات الآلاف تحت الأنقاض، وأكثر من 94 ألف جريح ربعهم سيموت بسبب عدم توفر الخدمات الصحية، بالإضافة إلى سكوت واشنطن عن إلقاء الاحتلال لأكثر 80 ألف طن من المتفجرات على أهل غزة".

الازدواجية الأميركية


ولأنها منحازة لإسرائيل ومتورطة معها في المجازر التي ترتكب بحق الفلسطينيين، يقول البرغوثي إن الولايات المتحدة ليست وسيطا ولم تكن ولن تكون يوما كذلك، وهي استسلمت لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وتساعده على الاستمرار في حربه على غزة.

وفي السياق، ينتقد الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية موقف منسق الاتصالات الإستراتيجية بمجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، الذي اتهم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بأنها العقبة الأساسية أمام التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة.

وأشار إلى أن المفاوضين الإسرائيليين أنفسهم وأهالي الأسرى وحتى منظومة الجيش يتهمون نتنياهو بأنه هو من يعرقل التوصل إلى صفقة مع المقاومة الفلسطينية في غزة، لكن الإدارة الأميركية تتهم حماس، مما يؤكد الازدواجية الأميركية.

ومن جهته، يؤكد أستاذ الأمن الدولي بجامعة جورج واشنطن أن حكومة إسرائيل لا تريد صفقة، والإدارة الأميركية تريد هذه الصفقة لكنها مقيّدة بالحسابات السياسية والانتخابية، ولذلك تحجم عن الضغط على نتنياهو، وتوقع أن تكون الأمور أسوأ في حال وصل مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مرة أخرى. كما قال إن الصفقة يمكن التوصل إليها إذا كانت هناك حكومة جديدة في إسرائيل.

مقالات مشابهة

  • محللون.. نتنياهو يتعمد قتل المدنيين الفلسطينيين لأنه يأمن العقاب الأميركي
  • إسرائيل تقصف «المنطقة الإنسانية» في خان يونس
  • هآرتس تكشف استعداد نتنياهو لمرحلة جديدة من الحرب تشمل ضم شمال قطاع غزة
  • هآرتس: نتنياهو يحضر للاستيطان وضم شمال غزة إلى إسرائيل
  • بعد إطلاق صواريخ منها..إسرائيل تأمر بإخلاء مناطق في شمال غزة
  • «نتنياهو» أمام فضيحة جديدة الليلة.. إسرائيل توافق على عرض فيلم فاضح له
  • كاميرا الجزيرة ترصد الوضع على معبر اللنبي
  • إسرائيل تزعزع أمن المنطقة
  • أستاذ في العلوم السياسية: نتنياهو يريد إشعال المنطقة واستمرار الحرب على غزة
  • بعد قتل عائشة نور.. استنكار أمريكي لتواطؤ واشنطن مع حكومة نتنياهو