قال الصحفي شيموس مالك افزلي إن الصحفيين الغربيين يواصلون التماهي مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، حتى في الوقت الذي يُذبح فيه زملاؤهم عمدا في قطاع غزة، وذلك بعدما وصلت صحيفة الشهداء من العاملين في مجال الصحافة والإعلام لأكثر من 170 شخصا منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

وأكد افزلي في مقال نشره عبر مجلة" ذي نيشين" أنه في الحادي والثلاثين من تموز/ يوليو استشهد مراسل قناة الجزيرة إسماعيل الغول، الذي كان يقدم تقاريره من مخيم الشاطئ للاجئين في غزة، ويغطي ردود أفعال السكان إزاء اغتيال رئيس الوزراء الفلسطيني المنتخب إسماعيل هنية في طهران في وقت سابق من ذلك الصباح.

 

وبينما كان الغول برفقة مصوره رامي الريفي، استُهدفت سيارتهما بشكل مباشر في غارة شنتها القوات الإسرائيلية، وسرعان ما ظهر مقطع فيديو للصحفيين داخل السيارة. 

وكانت قوة الانفجار قد قطعت إسماعيل  رأس الغول، وكانت سترة الصحافة التي كان يرتديها لا تزال ظاهرة بوضوح. 


وأضاف أن "الغول والريفي اثنين فقط من أكثر من 160 صحفيا قُتلوا أثناء تغطيتهم للحرب في غزة، وهي أعنف صراع على الإطلاق بالنسبة للصحفيين في التاريخ المسجل، ولكن في حين تترك إسرائيل عادة ضرباتها على الصحفيين دون أن تعترف بها، فإن الجيش الإسرائيلي بدلا من ذلك يتفاخر علنا بقتل الغول".

 وفي بيان صادر عنه، اتهم جيش الاحتلال الغول بأنه مقاتل في حركة حماس، وتحديدا عضو في قوة النخبة للعمليات الخاصة، (ولم يقدم أي دليل على هذا الادعاء). 

وعلاوة على ذلك، فقد تم تعيين تصويره لعمليات حماس ضد قوات جيش الاحتلال ــ أي قيامه بعمله كمراسل لشبكة تلفزيونية كبرى ــ على وجه التحديد باعتباره السبب وراء اغتياله.

ولم يكن الغول حتى أول صحفي فلسطيني يتعرض للتشهير باعتباره عضوا في منظمة مسلحة دون أدلة، فقد اتهم حمزة الدحدوح، نجل رئيس مكتب قناة الجزيرة في غزة وائل الدحدوح، بأنه عضو في حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية بعد أن اغتاله الجيش في كانون الثاني/ يناير. 

وذكرافزلي أن "الاعتراف الصريح من جانب إسرائيل بأن عمل الغول كصحفي ــ جهوده لتوثيق الحرب من حوله ببساطة ــ كان كافيا لقتله هو ما تسبب في قدر كبير من الصدمة المحيطة بوفاته، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن هذه القضية تثير تساؤلا كان يتردد صداه بقوة في الدوائر المؤيدة لفلسطين في الأشهر الأخيرة، ولكنه نادرا ما اخترق القاعات المقدسة لمنظمات الإعلام التقليدية: أين أصوات الصحفيين الغربيين وسط كل هذا؟".

وأضاف أنه "طيلة هذه الحرب تجاهل هؤلاء الصحفيون في الغالب حقيقة مقتل الصحفيين الفلسطينيين، أو حتى تجاهلوا حقيقة كونهم صحفيين على الإطلاق. ومع منع الصحفيين الغربيين إلى حد كبير من دخول غزة خلال الأشهر العشرة الماضية، لم يستجب العديد منهم بالنظر إلى التغطية المستمرة من جانب الصحفيين الفلسطينيين داخل غزة، بل بالتظاهر بأن هؤلاء الصحفيين غير موجودين".

وبين أنه "على سبيل المثال، أعربت كريستين أمانبور في شهر نيسان/ إبريل عن أسفها لأن الصحفيين لا يتواجدون على الأرض في غزة كي يستطيعوا أن يصوروا ما يحدث هناك. (وعندما تم تصحيحها بشأن هذا، أوضحت أنها كانت تعني الصحفيين الغربيين المستقلين".

 وفي شهر كانون الأول/ ديسمبر، تم بيع تقرير من رفح أعدته كلاريسا وارد من شبكة سي إن إن للجمهور باعتباره "نظرة حصرية على الحياة في غزة التي مزقتها الحرب"، وكأن الفلسطينيين لم يكشفوا عما يجري في رفح منذ شهر تشرين الأول/ أكتوبر. 

ولكن ما هو أسوأ من هذا الإلغاء هو أن الصحفيين الغربيين القلائل الذين تمكنوا من دخول غزة فعلوا ذلك حصريا تقريبا من خلال مرافقة جيش الاحتلال في رحلات خاضعة لإشراف مشدد إلى القطاع.


 ويقرر جيش الاحتلال أين يذهب الصحفيون، وما الذي يُسمح لهم برؤيته، ومن الذي يُسمح لهم باستجوابه.

وأضاف أنه "بدلا من تحدي هذا الوضع الدعائي الواضح، قام صحفيون من منافذ إعلامية مثل صحيفة نيويورك تايمز وشبكة إن بي سي نيوز بالتماهي بإخلاص مع دعاية الجيش الإسرائيلي، والفائدة التي تعود على إسرائيل واضحة. ولنتأمل هنا تقريرا في صحيفة وول ستريت جورنال في شهر شباط/ فبراير، حيث نقل مراسل الصحيفة تقارير مثيرة من داخل أنفاق حماس تحت مدينة خانيونس المدمرة، والتي كان الجيش الإسرائيلي أكثر من سعيد بإتاحتها".

وقالت إن "إسرائيل لم تفعل شيئا لكسب هذا المستوى من الثقة. فخلال هذه الحرب، كذبت حكومتها باستمرار، وبلا نهاية، وبطرق سخيفة دون أن تتوقف لالتقاط أنفاسها قبل الإعلان عن الكذبة التالية. ولا شك أن مصداقيتها لا تقبل الشك لأنها لا تملك أي مصداقية".

يمكن استغراق هذه المقالة بأكملها لسرد الطرق التي مكنت بها الاتهامات، التي يرددها الصحفيون الغربيون كالببغاوات دون تحقيق، من تدمير قطاعات رئيسية من المجتمع في غزة، حيث لم يعد تدمير المستشفيات وقصف المدارس أمورا تستحق الاستجواب.

وأشار إلى أن "الأمر سيكون مختلفا تماما، على مستوى ساخر بحت، لو تلقى الصحفيون الأميركيون الذين تعهدوا بالولاء للروايات الإسرائيلية الولاء والثقة والمساحة للمناورة حول الساسة والقادة العسكريين الإسرائيليين في المقابل. ولكن الأمر يصبح مختلفا بشكل متزايد عندما يبدو أن هذا الولاء لا يزال يُكسبهم ازدراء بالكاد يتم اخفاؤه".

وأضاف أن "وسائل الإعلام الغربية تعرضت طيلة الحرب ضد غزة للهجوم من قبل الساسة الإسرائيليين، حيث أدان زعيم المعارضة يائير لابيد وسائل الإعلام الموضوعية ووصفها بأنها تخدم حماس، واتهم وزير الاتصالات الإسرائيلي شبكة سي إن إن وصحيفة نيويورك تايمز، من بين منظمات رئيسية أخرى، بالتواطؤ في هجمات السابع من تشرين الأول/ أكتوبر من خلال المصورين الصحفيين الذين عملوا معهم سابقا في غزة. كما امتد عداء إسرائيل لوسائل الإعلام الغربية المحترمة إلى ما هو أبعد من حدود هذه الحرب. خلال حرب غزة عام 2021، قامت إسرائيل حتى بتسوية مبنى مليء بمكاتب وسائل الإعلام، بما في ذلك وكالة أسوشيتد برس، على أساس مزاعم بأنها كانت تستخدم من قبل حماس دون أن يتم تقديم أي دليل على الإطلاق".

وذكر أنه "بعد مثل هذا الهجوم الصارخ، وهذه العلامات الواضحة على عدم الاحترام، ناهيك عن عمليات قتل وتشويه زملائهم، ليس فقط في فلسطين ولكن في لبنان أيضا، قد يظن المرء أن الصحفيين الغربيين ومنظماتهم سيكونون على استعداد لتغيير موقفهم بشأن الدولة التي آمنوا بها بسهولة من قبل. ولكن هذا لم يحدث".

ولكن بدلا من ذلك، يواصل المراسلون في نصف الكرة الأرضية الآخر التظاهر بالصمت، ويطالبون بمزيد من التوضيح، ويصرون على أنهم سينتظرون الأدلة، ويلتزمون الصمت بشأن قتل الناس الذين يؤدون عملهم، في حين أنهم لا يفعلون ذلك بالتأكيد عندما يحدث ذلك لأناس في مدارهم المباشر، على أمل أن تزول هذه الغيمة ذات يوم، وتظل حياتهم المهنية سليمة، بل وحتى مرتفعة. والأمر الأكثر غدرا هو أنهم يواصلون السفر إلى غزة مرافقين لنفس الجيش الإسرائيلي الذي يقتل العديد من زملائهم المراسلين. وهذه لعبة خطيرة محكوم عليها بالفشل.


وإذا لم يثبت أي شيء آخر من اندلاع الحرب ضد غزة، فهو أن الأرض تحركت تحت أقدامنا جميعا. وكلما طال أمد تمسك الصحفيين الغربيين بكلمات المتحدثين باسم إسرائيل، كلما زاد ارتباطهم بسفينة متجهة إلى دوامة جارفة. ولم تتعاف منافذ إعلامية مثل صحيفة نيويورك تايمز تماما من تغطيتها الكارثية للأحداث التي سبقت حرب العراق، وأثبتت تغطيتها لأحداث غزة أنها لا تقل ضررا بسمعتها.

لقد كان هذا الترتيب بين الصحفيين الغربيين و"إسرائيل" دائما أشبه بصفقة فاوستية (صفقة مع الشيطان)، حيث يقايضون الوصول إلى المعلومات بالخسارة الحتمية للمصداقية في المستقبل. والآن أصبحت العيوب الحقيقية الخبيثة المترتبة على هذا الترتيب واضحة تماما، حيث تهدد الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بالفعل في غزة بالانفجار في صراع قد يحرق الشرق الأوسط. وقد لا تلتئم الحروق التي تتركها على أولئك الذين مكنوا من اندلاع مثل هذه الحرب الرهيبة بسهولة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة دولية الاحتلال غزة الصحافة غزة الاحتلال الصحافة اسماعيل الغول المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجیش الإسرائیلی جیش الاحتلال هذه الحرب وأضاف أن الذی ی فی غزة

إقرأ أيضاً:

زاخاروفا: رد روسيا بخصوص العقوبات المفروضة على الصحفيين سيكون حاسمًا

أوضحت ماريا زاخاروفا ، المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية  أن رد روسيا على العقوبات المفروضة على الصحفيين الروس سيكون حاسمًا، وفقًا لـ"روسيا اليوم".

الخارجية الإيرانية ترد على مزاعم إرسال طهران صواريخ بالستية إلى روسيا مدير الاستخبارات الأمريكية: مخاوف استخدام روسيا أسلحة نووية ضد أوكرانيا لاتزال قائمة


ووصفت زاخاروفا في مقابلة مع وكالة "تاس" العقوبات الأخيرة بأنها "شكل من أشكال الضغط على الصحفيين الروس وخطوة أخرى لتكريس كراهية روسيا من جانب واشنطن".
وأضافت: "تم الكشف عن بعض قوائم الصحفيين، وبعض القوائم لم يتم الكشف عنها مطلقا، إنهم يعرفون أننا سنرد، كما رددنا على قرارات المفوضية الأوروبية".
وتابعت: "إنهم يلجأون إلى تقنيات هجينة: الإضرار بأنشطة وسائل الإعلام الروسية، والتضييق على الصحفيين الذين يعملون مع وسائل الإعلام الروسية بحجة التدخل الروسي الزائف في الانتخابات الأمريكية".
وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، في 4 سبتمبر، فرض عقوبات على رئيسة تحرير قناة RT التلفزيونية، مارغريتا سيمونيان، ونائبيها أنطون أنيسيموف وإليزافيتا برودسكايا.

وشملت العقوبات أيضا نائب رئيس خدمة البث الإخباري لقناة RT أندريه كياشكو، ورئيس قسم مشاريع الإعلام الرقمي قسطنطين كلاشينكوف والموظفة في قسم مشاريع الإعلام الرقمي يلينا أفاناسييفا.

بالإضافة إلى ذلك، تعمل وزارة الخارجية على تشديد قواعد العمل فيما يتعلق بمجموعة روسيا سيفودنيا الإعلامية وهياكلها التأسيسية، مع تحديد وضعها على أنها "مكاتب تمثيل أجنبية".

وتزعم الولايات المتحدة دون دليل وجود "تأثير عدائي" مزعوم على الانتخابات الرئاسية في البلاد، وقد رفضت السلطات الروسية مرارا مثل هذه الادعاءات.

مقالات مشابهة

  • الإعلامي الحكومي يحذر من أكاذيب العدو الصهيوني لتبرير مجزرته بخانيونس
  • “حكومة غزة” عن مجزرة المواصي: إسرائيل تضلل العالم عبر ترويج أكاذيب وروايات ملفقة عن المجزرة ..
  • «مستقبل وطن»: أكاذيب إسرائيل عرض مستمر وموقف مصر ثابت من القضية الفلسطينية
  • إسرائيل ترد على عملية «الكرامة»
  • مصر: إسرائيل تنشر أكاذيب وتعرقل التوصل إلى اتفاق
  • شراكة بين جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل وجمعية الإعلام السياحي
  • خارجية مصر: إسرائيل تنشر أكاذيب تستهدف عرقلة التوصل لصفقة في غزة
  • مركز القدس: الضغط الأمريكي ضعيف ولم يستطع إجبار إسرائيل على وقف حرب غزة
  • زاخاروفا : سنرد بحسم على العقوبات المفروضة على الصحفيين الروس
  • زاخاروفا: رد روسيا بخصوص العقوبات المفروضة على الصحفيين سيكون حاسمًا