سوء التغذية الحاد يهدد حياة آلاف الأطفال في السودان
تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT
(الشرق الاوسط)
أُدخلت الطفلة رونق (7 أشهر) «مستشفى بورتسودان» وهي تعاني من سوء التغذية الحاد، ورغم مُضيّ أسبوع على قرار الأطباء تنويمها في العناية المركزة، فإن استجابتها للعلاج بطيئة.
أخبر الأطباء والدتها حليمة عبد الله بأن حالة ابنتها الصحية تستدعي البقاء أياماً، وربما أسابيع أخرى، في العناية الفائقة بالمستشفى.
ومع الارتفاع الحاد في معدلات سوء التغذية بين الأطفال، خصص «مستشفى بورتسودان» قسماً خاصاً لاستقبال الأعداد الكبيرة التي تتوافد يومياً.
قالت حليمة لــ«الشرق الأوسط» إن ابنتها رونق، التي أُدخلت المستشفى بسبب سوء التغذية، مصابة بثقب في القلب، مضيفة أن «حجمها صغير، وتزن ما بين 3 و4 كيلوغرامات، ولم يزد وزنها رغم شرب لبن التغذية».
حليمة نزحت من ولاية النيل الأبيض إلى مدينة بورتسودان الساحلية في أقصى شرق البلاد؛ حتى تتمكن من إجراء عملية قلب لابنتها، لكنها لا تملك المال لدفع تكاليفها.
قالت إنه بعد أكثر من شهر من الانتظار منحها «ديوان الزكاة» مبلغ 100 ألف جنيه سوداني (أقل من 50 دولاراً). وأردفت وهي تذرف الدموع: «أنا متألمة لحالة ابنتي. لا أعرف ماذا أفعل».
بدوره، قال المدير الطبي في المستشفى، أيمن عبد القادر، لــ«الشرق الأوسط»: «نستقبل يومياً عشرات الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية. والمستشفى يقدم العلاج مجاناً، ويُشترى بعض الأدوية من الخارج بأسعار رخيصة».
وذكر أن «منظمة الأمم للطفولة (اليونيسيف)» توفر «الألبان والبسكويت» للمرضى، بينما تلتزم منظمة الصحة العالمية بتوفير بعض الأدوية. وأضاف أن العدد الكبير لإصابات سوء التغذية يحتاج إلى زيادة الاصطفاف الطبي لتقديم الخدمة للمرضى.
وفي حين تشير تقارير المنظمات الدولية والمحلية إلى أن أكثر من مليوني طفل في السودان معرضون للموت جراء المجاعة، توقعت «اليونيسيف» إصابة نحو 730 ألف طفل بسوء التغذية الحاد في العام الحالي.
ومنذ اندلاع القتال في السودان بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في أبريل (نيسان) من العام الماضي، تعرقل وصول المساعدات الإنسانية إلى مئات الآلاف من العالقين في مناطق الاشتباكات، وأصبحت المواد الغذائية شبه معدومة، وانتشرت الأمراض، مما أثر على تغذية الأطفال، وأدى إلى زيادة حالات سوء التغذية.
وأفاد أحدث تقرير من أداة «التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في العالم» خلال أغسطس (آب) الحالي، بأن أكثر من 25.6 مليون سوداني (نصف عدد السكان) يعانون من الجوع الحاد.
د. أيمن عبد القادر المدير الطبي لـ«مستشفى بورتسودان»... (الشرق الأوسط)
في أحد العنابر تجلس نعمات يعقوب على طرف سرير يرقد عليه طفلها الصغير (3 سنوات) الذي يعاني من سوء التغذية، في انتظار الطبيب ليخبرها بسبب الارتفاع المستمر في درجة حرارته. قالت بصوت مخنوق: «كل ما أتمناه شفاء ابني من هذا المرض، وأن يعود ليلعب مع إخوته وأقرانه».
وأشارت إلى كيس بلاستيكي صغير معلق على طرف السرير، قائلة: «كل هذه الأدوية أشتريها من خارج المستشفى لعلها تشفي طفلي».
ويعاني القسم المخصص للأطفال المصابين بسوء التغذية في «مستشفى بورتسودان» من قلة الأَسِرَّة، وفي بعض الأحيان يُنوَّم كل طفلين في سرير واحد. ولا توجد تهوية جيدة. ورغم توفر مكيفات الهواء، فإن المرضى من الأطفال، ومرافقيهم، يتصببون عرقاً من شدة الحرارة.
وقالت أمهات لـ«الشرق الأوسط» إنهن يخشين من إصابة بقية أطفالهن بسوء التغذية، حيث إنه لا تتوفر في ملاجئ الإيواء وجبات منتظمة، وفي الغالب تكون من «العدس أو الفول».
من جانبها، قالت رئيسة إدارة الإحصاء في قسم حوادث الأطفال، منى الهادي، إن القسم الخاص بالأطفال المصابين بسوء التغذية يعالج الحالات من عمر شهر إلى 5 سنوات. وأضافت أن 75 في المائة من الحالات التي تصل إلى المستشفى، تعود في غالبيتها إلى نازحين بسبب الحرب.
وأشارت إلى أن حالات الإصابة بسوء التغذية في زيادة مستمرة، وأنه في الأسبوع الماضي سُجل نحو 466 حالة من مختلف ولايات البلاد. وفي يوليو (تموز) الماضي استقبل «مستشفى بورتسودان» 2193 طفلاً من المصابين بسوء التغذية.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الشرق الأوسط بسوء التغذیة سوء التغذیة
إقرأ أيضاً:
التدخين السلبي: خطر خفي يهدد صحة الأطفال وجيناتهم
أميرة خالد
لا يقتصر تأثير التدخين السلبي على التسبب في مشكلات تنفسية للأطفال، بل يمتد ليطال تركيبتهم الجينية، محدثًا تغييرات قد تكون دائمة.
وفي دراسة حديثة شملت 2695 طفلًا من ثماني دول أوروبية كشفت أن التعرض لدخان السجائر في المنزل قد يؤدي إلى تغييرات جينية تُعرف بـ”مثيلة الحمض النووي” (DNA methylation)، وهو تعديل كيميائي يؤثر على كيفية قراءة الجينات وتنظيمها، ما قد يزيد من احتمالات الإصابة بأمراض مزمنة مثل الربو والسرطان مستقبلًا.
ومثيلة الحمض النووي هي عملية تُضاف فيها مجموعة كيميائية (ميثيل) إلى مناطق معينة من الحمض النووي، مما قد يؤدي إلى تثبيط أو تنشيط بعض الجينات دون تغيير تسلسلها الأصلي.
وهذه التعديلات قد تؤثر على إنتاج البروتينات والوظائف الحيوية في الجسم، ما يجعل الأطفال أكثر عرضة للإصابة بالأمراض مستقبلاً.
وأظهرت الدراسة أن التدخين السلبي يؤدي إلى تغيرات في 11 منطقة جينية مرتبطة بأمراض مختلفة، ست منها على وجه التحديد لها علاقة بالربو والسرطان، وهما من أبرز المخاطر الصحية الناتجة عن التدخين.
وقد تساهم التغيرات الجينية الناتجة عن التدخين السلبي في زيادة مخاطر الإصابة بـ:الربو، حيث أن التعرض لدخان السجائر يزيد من احتمالية الإصابة بالربو أو تفاقم الأعراض لدى الأطفال المصابين به مسبقًا.
وتؤدي كذلك للإصابة بالسرطان، حيث أن التدخين السلبي قد يكون عاملاً في تحفيز بعض التغيرات الجينية المرتبطة بأنواع مختلفة من السرطان، لا سيما سرطان الرئة، وأمراض القلب والأوعية الدموية، فالتأثير الجيني الناتج عن التعرض للدخان قد يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب مستقبلاً.
وتؤكد هذه الدراسة الحاجة الماسة لاتخاذ إجراءات لحماية الأطفال من التعرض للتدخين السلبي، سواء داخل المنازل أو في الأماكن العامة، وذلك من خلال:الامتناع التام عن التدخين داخل المنازل، حتى في الغرف المنفصلة، لأن الجسيمات الضارة تنتشر بسهولة، ورفع الوعي بين الآباء والأمهات حول المخاطر الجينية والصحية التي قد تصيب أطفالهم بسبب التدخين السلبي، وتطبيق سياسات صارمة تحد من التدخين في الأماكن المغلقة والمرافق العامة لحماية الفئات الأكثر تأثرًا، خصوصًا الأطفال.