الألغام.. “معركة” السودانيين المؤجلة
تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT
اتهم ناشطون وحقوقيون، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بالتورط في زراعة ألغام أرضية بمناطق حضرية، "مما يعرض حياة المدنيين للخطر". في حين أشارت وسائل إعلام محلية إلى أن الأمطار الغزيرة التي ضربت بعض المدن السودانية مؤخرا، كشفت عن ألغام مزروعة في عدد من المناطق، بما في ذلك العاصمة الخرطوم.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورا، قالوا إنها تُظهر مجموعة من الألغام مزروعة في منطقة الجيلي بشمال الخرطوم، حيث توجد مصفاة رئيسية للبترول.
وأثير جدل كثيف عن الجهة التي زرعت تلك الألغام. بينما يتبادل الجيش وقوات الدعم السريع الاتهامات بالتورط بزراعة ألغام في مناطق مدنية.
ولم يتسن لموقع الحرة التأكد من صحة الصور المنشورة بمواقع التواصل من مصدر مستقل.
وتُزرع الألغام لاستهداف الآليات الثقيلة مثل المدرعات والشاحانات والعربات القتالية وغيرها، وهذا النوع من الألغام لا ينفجر إلا تحت وطأة جسم ثقيل. وهناك نوع آخر يستهدف الأفراد والجنود المشاة، وفق خبراء ومختصين.
ويرى الخبير الاستراتيجي، عبد المنعم الزاكي، أن منطقة الجيلي تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع، التي تتخذ من مصفاة البترول مقرا للاحتماء من الضربات الجوية التي يشنها سلاح الطيران التابع للجيش السوداني.
وقال الزاكي لموقع الحرة، إن "الجيش يسعى لطرد قوات الدعم السريع من منطقة الجيلي، خاصة مصفاة البترول، مما جعل قواتها تزرع حقلا من الألغام في تلك المنطقة لإيقاف تقدم الجيش".
وبث ناشطون بمواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو يظهر فيها جنود يرتدون أزياء الجيش السوداني، وهم يحملون مجموعة من الألغام، مشيرين إلى أن قوات الدعم السريع زرعتها في بعض أحياء أم درمان.
وفي المقابل، يشير المحلل السياسي السوداني، عمار صديق إسماعيل، إلى أن الألغام التي جرفتها السيول والأمطار في منطقة الجيلي بشمال الخرطوم، زرعتها قوة من الجيش، أثناء محاولتها استعادة السيطرة على المصفاة.
وقال إسماعيل لموقع الحرة، إن "الجيش يملك وحدة متخصصة في المتفجرات، هي التي زرعت الألغام في شمال الخرطوم، وحول عدد من المدن السودانية، مثل مدينة شندي، لمنع هجوم قوات الدعم السريع على تلك المدن".
وأشار المحلل السياسي إلى أن قوات الدعم السريع اكتشفت خلال الحرب الحالية، مجموعة من الألغام زرعها الجيش في منطقة العيلفون بشرق الخرطوم وغيرها من المناطق، لافتا إلى أن تلك الألغام "تشكل خطرا على المدنيين".
وكانت وسائل إعلام سودانية، أوردت في يناير الماضي، أن 10 أشخاص لقوا مصرعهم بانفجار لغم، بالقرب من مدينة شندي بشمال السودان، حينما كانوا يستغلون مركبة عامة، في طريقهم إلى المدينة.
وكانت منسقة الشؤون الإنسانية في السودان، كليمنتاين نكويتا سلامي، أعلنت في منشور على منصة (إكس)، في أبريل الماضي، مقتل 18 شخصا، في 3 حوادث تتعلق بالألغام ومخلفات الحرب القابلة للانفجار، في يناير وفبراير 2024.
وتداول ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو، قالوا إنه لعدد من جنود الجيش السوداني، يزرعون مجموعة من الألغام في بعض الأحياء السكنية.
ويؤكد الزاكي، أن الجيش، بخلاف الدعم السريع، يستخدم وسائل دفاعية غير مضرة بالمدنيين، مثل حفر الخنادق، لحماية مقراته ومنع قوات الدعم السريع من التقدم.
وأضاف "قوات الدعم السريع لجأت، بعدما تصاعدت هجمات الجيش عليها، لزرع الألغام لتفادي الموجات الهجومية التي يشنها مقاتلو الجيش".
واستغرب المتحدث نفسه "صمت المجتمع الدولي على سلوك قوات الدعم السريع التي تلجأ إلى مثل تلك الوسائل التي تعرضت حياة المدنيين للخطر"، مضيفا "خطر الألغام معركة مؤجلة تنتظر السودانيين، ويجب على المجتمع الدولي الاضطلاع بمسؤولياته في هذا الخصوص".
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قال في أبريل الماضي، إن الألغام الأرضية والذخائر المتفجرة ومخلفات الحرب من المتفجرات تهدد، بشكل مباشر، ملايين الأشخاص من السودان وأفغانستان وميانمار وأوكرانيا وكولومبيا وغزة.
من جانبه، يشير إسماعيل إلى أن خطر الألغام سيظهر بصورة أكبر عقب توقف الحرب وعودة الحياة إلى طبيعتها، متوقعا تعرُّض حياة كثير من المدنيين إلى الخطر.
وأضاف "الخطر سيكون أكبر إذا تمت زراعة تلك الألغام بطريقة عشوائية، ودون إحداثيات دقيقة، مما يصعّب مهمة تحديد مواقعها، ونزعها لاحقا".
وتقر معاهدة حظر الألغام، الموقعة عام 1997 في أوتاوا بكندا، حظرا شاملا على الألغام المضادة للأفراد، كما تحظر تخزين وإنتاج وتطوير ونقل تلك الألغام.
من جهته، نفى مدير المركز القومي لمكافحة الألغام، العميد ركن خالد حمدان، "قيام طرفي الحرب في السودان، بزراعة ألغام"، مؤكدا أنه "لا دليل يثبت وجودها حتى الآن".
وقال حمدان لصحيفة التغيير الإلكترونية، إن "الحديث عن الألغام شائعات تظهر فقط في وسائل الإعلام"، داعيا المواطنين للتفريق بين الألغام ومخلفات الحرب الأخرى.
ويشهد السودان أكبر أزمة إنسانية على وجه الأرض. إذ يعاني أكثر من نصف سكان البلاد البالغ عددهم 48 مليون نسمة من الجوع، بينما أُجبر واحد من كل أربعة على ترك منزله.
وتتباين الإحصائيات الخاصة بعدد ضحايا الحرب، إذ تشير تقديرات نقابة أطباء السودان، في مايو الماضي، إلى مقتل أكثر من 30 ألف شخص، وإصابة أكثر من 70 ألفا، متوقعة أن يكون الرقم الحقيقي للضحايا أكبر بكثير.
وفي 25 يونيو، أصدرت لجنة الإنقاذ الدولية تقريرا عن الأوضاع في السودان، مشيرة إلى أن "تقديرات ضحايا الحرب تصل إلى 150 ألف شخص".
وأشارت اللجنة، وهي منظمة غير حكومية مقرها في نيويورك، إلى أن 25 مليون شخص من سكان السودان البالغ عددهم نحو 42 مليون نسمة في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية والحماية.
وحذرت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، الاثنين، من أن السودان وصل إلى "نقطة انهيار كارثية"، مع توقع تسجيل عشرات الآلاف من الوفيات التي يمكن تفاديها جراء الأزمات المتعددة.
الحرة / خاص - واشنطن
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع تلک الألغام ألغام فی إلى أن
إقرأ أيضاً:
السودان: الدعم السريع تمهل المسلحين داخل مدينة الفاشر 48 ساعة للتسليم
قوات الدعم السريع دعت المقاتلين إلى الإسراع بوضع السلاح والتسليم الفوري، محذرةً من أنها ستتعامل بحزم مع أي مسلحين يبقون داخل المدينة بعد انقضاء المهلة.
الفاشر: التغيير
أمهلت قوات الدعم السريع، جميع المسلحين والمقاتلين داخل مدينة الفاشر 48 ساعة لتسليم أنفسهم ومغادرة المدينة، مع ضمان حسن معاملتهم وإطلاق سراحهم فورًا.
وأكدت القوات في بيان صادر عن الناطق باسمها اليوم الإثنين، أن غالبية المسلحين ينتمون إلى الفئات المهمشة، ممن دفعتهم الظروف للقتال بالوكالة لصالح ما وصفته بـ”عصابة الحركة الإسلامية الإرهابية”.
ودعت القوات المقاتلين إلى الإسراع بوضع السلاح والتسليم الفوري، محذرةً من أنها ستتعامل بحزم مع أي مسلحين يبقون داخل المدينة بعد انقضاء المهلة، مشددة على أن “لا عذر لمن أنذر”.
تأتي مهلة قوات الدعم السريع في مدينة الفاشر وسط تصاعد التوترات في إطار الصراع العسكري المستمر في السودان منذ اندلاع الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في أبريل 2023.
وأدى هذا الصراع إلى تدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية في العديد من المدن السودانية، بما في ذلك الفاشر، التي شهدت مواجهات عنيفة بين الطرفين.
تعد مدينة الفاشر، عاصمة إقليم دارفور، إحدى المدن الرئيسية التي عانت من تداعيات هذا الصراع، حيث شهدت اشتباكات واسعة النطاق وارتفاعًا في عدد الضحايا المدنيين.
وتُبرز هذه المهلة محاولات قوات الدعم السريع لتعزيز سيطرتها على المناطق التي تسيطر عليها، في ظل الاتهامات المتبادلة بينها وبين الجيش السوداني.
الصراع الدائر أثر بشكل كبير على البنية التحتية، بما في ذلك الخدمات الصحية والتعليمية، وأسفر عن نزوح مئات الآلاف من السكان، فيما تواصل الأطراف المتحاربة استقطاب الدعم من جهات داخلية وخارجية لتحقيق مكاسب عسكرية.
الوسومإقليم دارفور القوات المشتركة قوات الدعم السريع مدينة الفاشر