السابع من أكتوبر وفشل المخطط الصهيوني
تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT
يشهد العالم العربي تناقضات حاسمة فيما يخص الأمن القومي العربي من الاعتماد على الذات والتعاون الجماعي في ظل منظومة الجامعة العربية إلى الدخول في مشروعات شرق أوسطية تمثل انقلابا على السياسة العربية التقليدية منذ عهود الاستقلال.
الوضع العربي الحالي دخل في حالة من عدم اليقين من خلال تحالفات غير محسوبة، ولعل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية والتي تعد دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من الدول الحليفة لم تعد كذلك بالمعنى الإستراتيجي، وهو الأمر الذي أشار إليه الرئيس الأمريكي السابق عندما قال في عدة حوارات صحفية بأن الحماية ينبغي أن تكون مقابل، ليس فقط للحلفاء في الشرق الأوسط ولكن على صعيد دول الناتو أي أن الحماية مقابل المال مع استثناء الكيان الصهيوني الذي يعد اللوبي الصهيوني أحد الأذرع ذات السطوة والتأثير على صانع القرار الأمريكي.
أمام المتغيرات التي شهدتها الساحة الدولية خلال العقد الأخير على الأقل، ثمة تداعيات إستراتيجية كبيرة يشهدها العالم العربي على صعيد القضية الفلسطينية، القضية المركزية للعرب، وأيضا على صعيد التطبيع مع الكيان الإسرائيلي من خلال صفقة القرن، والتي أطلقتها الولايات المتحدة الأمريكية خلال عهد الرئيس الأمريكي الأسبق بوش الابن وبعد ذلك إدارة أوباما وتم التركيز على صفقة القرن خلال عهد الرئيس الأمريكي السابق ترامب حيث انطلقت مفاهيم الشرق الأوسط المزدهر اقتصاديا بحيث يتم تصفية القضية الفلسطينية بشكل ممنهج من خلال مشروعات اقتصادية تشمل عددا من الدول العربية والإقليمية، ولعل مشروع الخط البحري الذي يمتد من الهند عبر المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط وصولا إلى أوروبا وشق قناة بن جوريون هو الخطوة الإستراتيجية والاقتصادية والثقافية التي تجعل من الشرق الأوسط والباسفيك وآسيا وأوروبا وحدة اقتصادية وتجارية. ويلعب الكيان الصهيوني الدور الأهم في التغلغل إلى الدول العربية بحيث ينطلق قطار التطبيع بشكل أسرع لكل الدول العربية والإسلامية والإفريقية، وكانت قمة العشرين في الهند الأخيرة قد وضعت المخطط الأساسي لتلك الرؤية.
إن ذلك المخطط يهدف إلى تحقيق عدة أهداف سياسية واستراتيجية واقتصادية منها إفشال المشروع الصيني الكبير«الحزام والطريق» والذي يهدف إلى كسر احتكار الغرب والولايات المتحدة الأمريكية للتجارة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والهدف الأكبر هو تحقيق السلام والازدهار من خلال الربط التجاري والاستثماري والمشروعات الكبرى بين الكيان الصهيوني والدول العربية بشكل كبير. ومن خلال تلك الرؤية يتم تصفية القضية الفلسطينية بشكل ممنهج من خلال إقامة مشروعات حيوية في الضفة الغربية وقطاع غزة وإيجاد سلطة وطنية موحدة أشبه بحكم إقليم تحت السيطرة الإسرائيلية. ومن هنا كان هناك حماس أمريكي وغربي كبير لتنفيذ تلك الخطة الاستراتيجية والاقتصادية على صعيد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
إن خطورة المخطط الغربي الإسرائيلي تتمثل في طمس هوية المنطقة وإيجاد ثقافة جديدة تحت شعار التسامح ووحدة الأديان وتظل الدول العربية تحت مظلة أمنية قاعدتها الكيان الصهيوني من خلال وجود الموانئ المشتركة والطرق البرية وفتح الاستثمار وإنهاء العداء التاريخي بين إسرائيل والعرب.
إن إنهاء العداء بين الكيان الصهيوني والدول العربية على الصعيد الشعبي بشكل خاص يحتاج إلى تغيير مفهوم القيم والثقافة والاعتراف بتفوق العنصر الإسرائيلي على بقية الأقوام في المنطقة، وإن المنطقة تحتاج إلى تغيير فكري حاسم وشامل بحيث يتم استنساخ التجربة الإسرائيلية المتطورة في العلوم والتكنولوجيا ويكون هناك انبهار عربي رسمي وشعبي من تجربة الكيان الصهيوني خلال السبعة عقود الماضية وان الصراع العربي الإسرائيلي ليس في صالح الطرفين.
ويبدو أن المخطط كان في إطار تنفيذي وهناك تسارع واضح من خلال وجود تصاميم للمشروع الشرق أوسطي الكبير الذي سوف يغير ملامح المنطقة ويجلب السلام والازدهار للشعوب ومنها الشعب الفلسطيني.
إذن ما حدث يوم السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ ليس هجوما مسلحا عبثيا من المقاومة الفلسطينية على القواعد العسكرية والأمنية الإسرائيلية في غلاف غزة والبلدات المحتلة ولكن كان هجوما كبيرا لإفشال مشروع الشرق الأوسط الكبير، والذي من خلاله يتم تصفية القضية الفلسطينية وسوف توضح الوثائق التي بحوزة المقاومة الفلسطينية خطورة المشروع وما هي أهدافه الكلية وحتى خطورته على الأمن القومي العربي.
وستكشف الوثائق الكثير من المراسلات السرية والخطط والمؤامرة الكبرى التي كانت تحاك ضد القضية الفلسطينية وما تمثله من رمزية لملايين العرب والمسلمين. ومن هنا يمكن تفسير الانتقام الصهيوني من الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وعموم فلسطين بسبب إفشال ذلك المخطط الكبير المدعوم أمريكيا وغربيا، وهذا يفسر الهرولة الأمريكية من الرئيس الأمريكي بايدن ووزير الخارجية ووزير الدفاع وحضورهم اجتماعات الحرب في إسرائيل مع حكومة نتنياهو المتطرفة، وهي من المرات النادرة في التاريخ الأمريكي الحديث. وقد فاق الدعم العسكري والاقتصادي والاستخباراتي الأمريكي للكيان الصهيوني كل التوقعات خلال الحرب العدوانية الإسرائيلية على قطاع غزة والتي تقترب من العام.
لقد ارتكبت قوات الاحتلال الصهيوني أبشع المجازر ضد المدنيين الفلسطينيين في التاريخ الحديث ولم يستطع المجتمع الدولي أن يوقف تلك المجازر، كما أن الدول العربية والإسلامية الجامعة العربية لم تستطع أن تفعل شيئا في ظل المكابرة والمساندة الأمريكية الرسمية.
وعلى ضوء ذلك وأمام سقوط المشروع الاقتصادي والاستراتيجي للكيان الصهيوني المدعوم من عدد من الدول تظل هناك تساؤلات حول مصير المشروع وأيضا موقف الصين من مشروعها الكبير الذي يمتد عبر البحار واليابسة إلى قارات عديدة تمثل الدول النامية الجزء الأهم بهدف إنهاء السطوة الغربية.
إذن هجوم السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ أفشل أحد أكبر المشروعات الخطيرة على صعيد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والذي يمتد من آسيا عبر المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط وصولا إلى القارة الأوروبية. ومن هنا لابد من التذكير بالدور البطولي للمقاومة الفلسطينية التي أحبطت مشروعا أساسه الصهيونية ومحاولة تغلغلها بشكل كبير في الدول العربية والإسلامية وتصفية القضية الفلسطينية بشكل ممنهج وتصميم نتنياهو وحكومته المتطرفة على ضرورة القضاء على حركة حماس بشكل خاص هو إيجاد البديل لتنفيذ ذلك المخطط المشبوه الذي يمثل خطرا على الهوية والقيم الوطنية والإسلامية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: القضیة الفلسطینیة الرئیس الأمریکی الکیان الصهیونی الدول العربیة الشرق الأوسط على صعید من خلال
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الأوروبي: نلتزم بحل الدولتين كإطار لتحقيق سلام مستدام في الشرق الأوسط
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
دعت مفوضة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، اليوم الإثنين، إلى ضرورة التوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وأوضحت أن السلام في المنطقة لا يمكن تحقيقه إلا من خلال التزام الجميع بوقف العمليات العسكرية.
كما أكدت مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي أن الاتحاد الأوروبي ما زال يلتزم بحل الدولتين كإطار لتحقيق سلام مستدام في الشرق الأوسط.
وأشارت إلى أن هذا الحل يُعد أساسياً لاستقرار المنطقة على المدى الطويل.
وفي هذا السياق، أعربت عن أملها بأن تلعب بعثة الاتحاد الأوروبي دورًا حاسمًا في دعم وقف إطلاق النار في قطاع غزة، من خلال مراقبة تنفيذ الاتفاقات وضمان احترام حقوق المدنيين.