قدمت ثلاثين أوبرا والعديد من الأعمال الفنية بمصر وإيطالياأنا ضد مقولة إن المسرح فن غير هادف للربح

 

هو أول مخرج أوبرالى فى تاريخ مصر (لؤلؤة الأوبرا السمراء)، هو الفنان الدكتور عبدالله سعد، الذى التحق بأكاديمية الفنون قسم الموسيقى بمعهد الكونسرفتوار بالقاهرة، ثم درس الإخراج بالمعهد العالى للفنون المسرحية، وسافر إلى إيطاليا فى منحة من وزارة الثقافة، بدأ عمله كمخرج منفذ ومخرج مساعد، ثم مخرج، وأمتعنا بكثير من العروض، تتلمذ على يده الكثيرون، وأصبحت له بصمة دولية وليست محلية فقط، ولعل أهم ما يميزه أنه دائم البحث عن زوايا جديدة فى تناوله للموضوعات، ومع حصوله على جائزة الدولة للإبداع وبعدها منحة دراسية لدراسة الدكتوراه، بروما والتى أضافت له الكثير من الخبرات حول اختيار فريق العمل طبقاً لمعايير علمية، والتوفيق بين كل عناصر العمل.

فهو مخرج وصاحب صوت متميز وممثل بارع، قدم العديد من الأعمال الفنية بمصر، منها مسرحية «تخاريف» مع محمد صبحى عام 1989، وشارك فى مسلسل الثعلب عام «1993»، وفيلم «العميل رقم ١٣», كما شارك فى مسلسل «على باب مصر»، ومسلسل «الضوء الشارد»، كما أخرج ثلاثين أوبرا متنوعة، وقدم ثلاثة أعمال فنية فى إيطاليا، أحدهم حصل على جائزة، فهو فنان مصر عالمى بمعنى الكلمة.

«الوفد» التقت الفنان الدكتور عبدالله سعد، الذى حدثنا عن كواليس تكريمه بالمهرجان القومى للمسرح المصرى، ورحلته الفنية التى امتدت من مصر إلى إيطاليا.

- سبب تأثرى أثناء تكريمى، أننى لم أكرم طوال تاريخى الفنى، سواء من دار الأوبرا المصرية، والتى أعمل بها منذ عام ١٩٧٤، وقدمت خلال هذه المدة العديد من الأعمال، كما أننى لم أكرم من أكاديمية الفنون، التى أنشأت بها قسم إخراج المسرح الموسيقى، والتى أنتمى إليها كعضو هيئة تدريس، وجاء المهرجان القومى للمسرح المصرى ليكرمنى، وبيتى ذاته لم يكرمنى.

وعن التكريم أشعر بسعادة، فتكريمى هو بمثابة تقدير لمسيرتى الفنية والإخراجية على مدار تاريخى الطويل الذى أفتخر به، فأنا أعتبر أول مخرج أوبرا لى فى مصر، وأنشأت قسم المسرح الموسيقى بأكاديمية الفنون، بالإضافة إلى إخراج ثلاثين عملاً أوبرالياً سواء داخل أو خارج مصر.

والتكريم بالنسبة لى جاء فى وقته المناسب وهو لحظة فارقة فى حياتى، وأشكر كل القائمين على المهرجان وخاصة الفنان محمد رياض.

- فى بداية حياتى كانت تتوافر لدىَّ الكثير من المواهب، فقد كنت رياضياً، بخلاف الجمع بين فنون الموسيقى والغناء والرسم والنحت والرقص، فكنت مشتتاً إلى حد ما، ثم درست فى المعهدين فى نفس الوقت لتعلم أصول الغناء والإخراج، وتخصصت فى قسم الفنان الشامل الذى كان يجمع بين الإخراج والتمثيل والغناء، وبعدها درست وتخصصت فى إخراج الأوبرا.

ثم أصبحت معيداً، وأنشأت قسم إخراج المسرح الموسيقى، وصقلت موهبتى بعملى كمساعد مخرج مع العديد من المخرجين الاجانب، وأصبحت لى رؤية خاصة فى الاخراج، عملت على حرفية التمثيل مع غناء الأوبرا، وكسرت فكره جمود الأوبرا التى كانت تسيطر على مغنى الأوبرا المصريين، ولحبى للرسم كنت أتعاون مع منفذى السينوغرافيا وأنفذ معهم ديكور الأعمال عبر مشاهد كبيرة بخلفيات ومستويات عديدة مع تحريك مجاميع متوافق مع حركة الإضاءة ليكون بالنهاية عمل ملحمى متكامل. 

- شعرت بأن الإخراج الأوبرالى لم يأخذ حقه، رغم وجود أساتذة كبار، ولكنهم لم يتطرقوا لهذا الإخراج الأوبرالى والمسرح الغنائى، ولكن الإخراج عطلنى عن مسيرتى فى التمثيل، رغم أنه كان يعرض على العديد من الأعمال الفنية سواء فى التلفزيون أو السينما أو المسرح، ولكن كنت أشعر أن الإخراج أهم شىء بالنسبة لى.

- سافرت إيطاليا فى أواخر السبعينيات، منحة إلى الكونسرفتوار فى إيطاليا، وعشقت إيطاليا لكونها عبارة عن متاحف مفتوحة، وقدمت بها ثلاثة أعمال فنية باللغة الإيطالية، ومنهم فيلم حصل على جائزة، وسبب عودتى لمصر، هو الإخراج الأوبرالى.

- هناك الكثير من المعوقات والمشكلات التى حدثت فى مشوار حياتى، كادت تتسبب فى إيقاف مسيرتى، منا صعوبة معادلة الشهادة الخاصة بى، ولكنى لم أنظر إلى الخلف، وأترك مستقبلى، وهناك أشخاص ساعدونى كثيرا مثل الدكتور فوزى فهمى، والدكتور عصمت يحيى، وفى الأوبرا ناصر الأنصارى، وهم لهم دور جميل وساعدونى فى تخطى الكثير من العقبات. 

- نحتاج إلى التسويق الجيد، والاهتمام بالإعلام والتوعية بفن الأوبرا، لأن فن الأوبرا ليس كما يقال أنه «صويت»، والأوبرا فن راق جداً والمطربون يقومون بالغناء بطرق معينة، وكان الهدف منه إنشاء الأوبرا من البداية، وعندما نقدم الأوبرا يجب أن نحافظ عليها، وعلينا أن نهتم بالكلمة والأداء ومستوى الصوت، ونرضى بتقديم أوبرا فى الأماكن السياحية للأجانب، وتقديم عروض محلية، داخل الأوبرا تكون مقدمة للمصريين والأجانب.

- المسرح يحتاج إلى عناية ورعاية وتقديم الدعم لنرتقى بمستوى الأعمال والاداء، ورفع المعاناة، متسائلا كيف لفنان يقدم متعة للجمهور، وهو لديه معاناة شخصية فى ضعف أجره، كما أن مهندسى الديكور، دائما لا يكون لديهم الحرية للإبداع نتيجة لضعف الميزانية، والمسرح يعانى من قلة الإمكانيات، ولكن الأوبرا المكان الوحيد الذى يوجد بها نوع من الاكتفاء على المستوى التقنى، لكن باقى المسارح بها الوضع صعب، وتحتاج إلى رعاة لتقديم الدعم المادى للعروض لكى تخرج بشكل جيد، وفى النهاية نحن نقدم فن، ولكى نقدم فناً يجب ألا تكون هناك معاناة للمبدع.

المسرح يحتاج إلى الاهتمام بالمسارح وتطويرها، لاننا مؤخرا افتقدنا هوية المسرح، فليس من المنطقى أن يكون هناك عرض مسرحى غنائى ويقدم دراما، أو مسرح درامى يقدم مسرح طفل، وما إلى ذلك، حتى يستوعب رواد المسارح الفوارق والأنواع المختلفة لتتكون لديهم ثقافة مسرحية وليس فقط بغرض الإمتاع، فهذا الاختلاط ليس فى مصلحة فن المسرح ولا فنانيه ولا رواده بالتأكيد.

بالإضافة إلى أهمية الاهتمام بتطوير التقنيات المسرحية، فالمسارح العالمية حاليًا متطورة وبها الكثير من التقنيات التى لازلنا لا نعلم عنها شيئاً، فمعظم المسارح لدينا أصبحت بها شاشات، لكن ليست هذه هى العالمية المطلوبة، هناك تقنيات أحدث وأقوى، بالإضافة إلى أنه من المفترض أن يكون المسرح هو فن يهدف للربح إلى جانب توصيل الرسائل، لأن التطوير يحتاج إلى ظروف اقتصادية ملائمة، وأنا ضد ما يقال أن المسرح هو فن غير هادف للربح، وأرى أن هذه الجملة هى سبب عدم تشجيع الكثير من الفنانين للمشاركة فى الأعمال الفنية المسرحية.

- أرى أن مصر لديها الكثير من المؤلفين المبهرين والمتميزين، ولكن ما يحدث أحياناً هو استسهال من بعض الكتاب أو المخرجين بأن يتم ترجمة نص قديم حتى يتم توفير تكلفة وميزانية التأليف، لكن مصر تحتوى على الكثير من النصوص التى يمكن العمل عليها وتحويلها إلى عمل فنى، بالإضافة إلى أن كل بلد لديها هويتها المسرحية الخاصة، وما يحدث هو فقط محاولة لتطويع النص الأجنبى ليلائم هويتنا، وأنا ضد هذا لأن مصر لديها الكثير من الأدباء والتراث المسرحى الثرى الذى يمكن أن يقدم بشكل لائق.

- لدى الكثير من الذكريات التى لا يمكن أن أنساها، من أبرزها عملى مع الفنان محمد صبحى، الذى كان له تأثير كبير فى مشوارى، بالنسبة لى هو نموذج المسرح المنضبط، فكنت لا أتأخر عن موعدى أبدا، ودائماً أحضر قبل موعد البروفة، واختيار صبحى من البداية للعناصر التى ستعمل معه، هو شىء أساسى حتى يحدث تناغم بين جميع أفراد وعناصر العرض ودائما ما يكون حريصاً على جعلنا كأسرة واحدة، وفى النهاية كان يتضح هذا التماسك فى الشكل النهائى لعروضه، وعندما اشتركت مع المخرج حسن سعد فى عرض «اللعب مع السادة» على مسرح السلام كان المسرح فى قمة الانضباط، وكذلك مع المخرج عادل عبده فى «زقاق المدق» وغيرها من الكواليس التى لا أستطيع نسيانها.

 

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: التمثيل والغناء عبدالله سعد العدید من الأعمال الأعمال الفنیة إخراج الأوبرا بالإضافة إلى الکثیر من

إقرأ أيضاً:

تأثير مبادئ ثورة ١٩ وانتماء محفوظ للوفد على نظرته للصحافة

الحكيم.. صبرى.. غانم.. بركة.. أدباء تناولوا صاحبة الجلالةاللص والكلاب.. الثلاثية.. القاهرة ٣٠.. صحافة النفوذ والثراء

كثيرة هى الروايات والكتب التى مرت بأروقة صاحبة الجلالة، منها ما دلف حيث الكواليس، وفض أسرارها، وكشف مكنوناتها، ومنها ما مر مرور الكرام دون توغل يذكر..

فهذا كتاب «صاحبة الجلالة» لتوفيق الحكيم، الذى ذاع صيته وكان أحد أكبر أسباب شهرة كاتبه.

وتلك رواية «الرجل الذى فقد ظله» لفتحى غانم، التى تحولت إلى فيلم للمخرج كمال الشيخ، وبدا فيها الصحفى شخصية انتهازية، بينما عبر موسى صبرى فى روايته «دموع صاحبة الجلالة» عن أجواء العمل الصحفى وأسراره وطقوسه التى خبرها لنصف قرن من الزمان، وتُصور مناخاً عاماً للصحافة المصرية منذ أوائل الأربعينيات حتى ثورة 23 يوليو وما بعدها، فيما تمثل رواية «الحب فى المنفى» لبهاء طاهر، مرحلة الغربة التى عاشها، بعد فصله من العمل فى الإذاعة المصرية فى منتصف السبعينيات.

بينما تتناول رواية «أشباح بروكسل» لمحمد بركة، رحلة الصحفى مكاوى، الذى يسافر إلى بروكسل فى مهمة عمل ويسيطر عليه شعور بأنه منفى فيتعامل مع المهمة على أنها عبء ثقيل ثم ينخرط فى رحلة أخرى فى نفس الوقت يفرضها واقع جديد أخذ يتشكل فى أوروبا وهى رحلة اللاجئين الذين بدأوا التوافد بطرق غير شرعية.

وتحكى «باب الخيمة» لمحمود الوردانى عن معاناة الصحفيين، حيث تناول الوردانى عالم الوكالات والمكاتب الصحفية وصحف الحكومة ويقترب من الباب الخلفى لعالم الصحافة.

على أن القليل من الروايات التى تناولت صاحبة الجلالة، استطاع أن يرسم صورة أقرب وأكثر واقعية لشخصية الصحفى نفسه.

ففى الواقع لا يمكن فصل صورة الصحفى عن الخطاب الأدبى، فالصحفى يعد انعكاساً قوياً لطبيعة المجتمع وتوجهاته وتطوراته ورؤاه السياسية والأخلاقية بشكل أكثر وضوحا وتكثيفا.

وقد أولى أديب نوبل، نجيب محفوظ، اهتماماً خاصاً بشخصية الصحفى، فقد حفل أدبه سواء فى رواياته أو قصصه القصيرة، بنموذج الصحفى الذى يعتبره محفوظ شخصية تكاد تكون رئيسية ومؤثرة فى تطور أحداث النص، فتتعدد صور الصحفى، إلا أن السائد منها فى أدب محفوظ، هو ذلك الصحفى الانتهازى المتطلع المنافق، وأحياناً كثيرة الذى يبيع كرامته فى سبيل الوصول لمنصب أو تحقيق ثراء.

وغالباً ما يصف محفوظ الصحفى والكاتب فى بداياته بالمتحمس والواعد، وما يؤكد انحياز محفوظ لأفكاره ومن يمثلها من شخوصه، أنه لم يفلت صحفى فى رواياته من الجانب السلبى إلا من استمروا مخلصين للوفد مثل عامر وجدى فى «ميرامار»، أو صاحب ورئيس تحرير مجلة «الإنسان الجديد» المفكر التقدمى عدلى كرم فى «السكرية»؛ ربما لأنه يمثل سلامة موسى صاحب ورئيس تحرير مجلة «المجلة الجديدة» التى كتب فيها محفوظ مقالاته الفلسفية الأولى.

 كما أنه أحياناً يتعاطف مع النماذج الصحفية التى تعرضت للظلم فى عهد عبدالناصر.

فهل تلك الصورة السائدة تعد واقعية وانعكاساً فعلياً للواقع، أم أنها وقعت تحت تأثير الرؤية الشخصية لمحفوظ عن الصحفي؟

فى البداية، دعونا نتحدث عن نموذج الصحفى من واقع أعمال محفوظ ثم نستنتج إجابة سؤالنا بالتبعية.

** الصحفى المتطلع الحالم بالنفوذ والثراء:

ونرى عند محفوظ نماذج صحفية عدة من الحالمين بالثراء والساعين إلى النفوذ مثل رؤوف علوان فى «اللص والكلاب» وأنوار بدران فى «قشتمر» وعزيز صفوت فى «الباقى من الزمن ساعة» ومحمد بدران صاحب الموضوعات الدعائية التى يقبض ثمنها من الشركات وعلى السيد فى «ثرثرة فوق النيل».

ولنتحدث عن بعض النماذج فى بعض الروايات بشىء من الإيجاز:

*نموذج الصحفى فى اللص والكلاب:

مثلاً فى رواية «اللص والكلاب»، نرى بطلها رؤوف علوان قد دفعته الانتهازية والنفعية والأنانية إلى احتلال المناصب العليا فى أشهر الصحف الحكومية، وعن طريق الانتهازية صعد فوق قمة المجد والشهرة والثروة وانضم إلى فئة الأغنياء بعد أن كان بالأمس يهاجمهم بمقالاته الصحفية.

** رواية (القاهرة الجديدة):

وتتجلى بتلك الرواية ثلاث شخصيات كانت لها علاقة بالصحافة (أحمد بدير ومحجوب عبدالدايم وعلى طه)، من خلالهم يقدم محفوظ رؤيته لمهنة الصحفى، مُركزاً على شخصية «محجوب» الصحفى الانتهازى الذى يتجرد من مبادئه، ثم تفضيله طريقاً آخر مختصراً إلى الصعود المادى والاجتماعى، وهو أن يبيع شرفه مقابل وظيفة عندما يتزوج من عشيقة مرؤوسه.

**وفى الثلاثية (بين القصرين، قصر الشوق، السكرية)، تظهر الصحافة وحياة بعض الصحفيين قوية وحاضرة، وأول تناول لها نراه فى نشر كمال أحمد عبدالجواد مقالاً فى جريدة «البلاغ الأسبوعى»، وفى الحوارات الكثيرة بين كمال وأصدقائه، وفى «السكرية» نرى تبيان صورة مهنة الصحافة عام 1941 خاصة لدى البرجوازية التركية القديمة، ليصل المؤلف إلى أن صورة الصحفى الاشتراكى فى أدب نجيب محفوظ مستمرة ملامحها حتى الآن.

وفى الواقع فإن هناك أكثر من كتاب مهم تناول تلك التيمة لدى محفوظ، أهمها وأكثرها رصداً كتاب الدكتور محمد حسام الدين إسماعيل، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، بعنوان «الصحفى فى أدب نجيب محفوظ»، يدرس المؤلف من خلاله صورة الصحفى فى جميع أعمال نجيب محفوظ من روايات وقصص قصيرة.

ويرى المؤلف أن النماذج الصحفية فى أدب نجيب محفوظ – التى لا تزال حية حتى الآن – لا تخبرنا فقط عن خواص زمنية بالمهنة وقت كتابة الرواية أو القصة، بل تتجاوز ذلك عبر الزمن، ألا وهى الثقافة، وهو ما جعل نقاد وباحثى أدب نجيب محفوظ يرون مثلاً أن بعض نماذج رواية «المرايا»– التى نشرها عام 1971 تعبر عن شخصيات شغلت حيزاً كبيراً من القرن العشرين– ولا تزال نماذجها تعيش بيننا حتى الآن رغم مرور أكثر من نصف قرن على كتابة الرواية، فالعناصر الثقافية شبه الثابتة التى رصدها نجيب محفوظ بعبقريته وموهبته هى إفراز لخصوصية الخطاب الأدبى الراقى.

وفى تصورى (يقول المؤلف) إن «نماذج شخصية الصحفى التى أبدعها نجيب محفوظ، لا سيما بعد «أولاد حارتنا» ما زالت تعيش بيننا ومؤثرة فى صنع حاضرنا ومستقبلنا».

* علاقة محفوظ بالصحفيين:

 والغريب أنه رغم إيراد محفوظ لنماذج صحفية سلبية فى قصصه ورواياته، إلا أنه كانت له علاقات طيبة بالصحفيين وله صداقات شهيرة مع العديد منهم، مثل رجاء النقاش ومحمد عفيفى وصلاح جاهين ويوسف القعيد وجمال الغيطانى وإبراهيم عبدالعزيز وغيرهم.

إلا أن الفكرة الأساسية عند محفوظ هى جرأته الصادمة فى تناول الشخصيات والنماذج التى يعرفها، لأنه يستقى منها شخصيات قصصه ورواياته، وكل من درج فى حارته كان له نصيب فى أدبه، كما أن كل من صادفهم فى الوظيفة الحكومية وجدوا أنفسهم فيما بعد فى أعماله، وأيضاً من الوسط الصحفى أخذ نماذج من الواقع الذى عاشه والشخصيات الصحفية التى صادفها.

 

** موسوعة نجيب محفوظ:

أما ما يراه الناقد الكبير وعاشق محفوظ مصطفى بيومى فى موسوعته ويمكن استنتاجه، أن وراء المصير المأساوى أو الحكم العنيف ضد زملاء المهنة هو الموقف السياسى لمحفوظ نفسه، فهو يرى الصحفى فى كل قصصه ورواياته ضمن منظوره لقيمة وأهمية ثورة 1919 وحزب الوفد. التى أثرت بشكل كبير فى توجهاته وأفكاره ومواقفه، بدءاً بوفديته وانتمائه لليبرالية اليسارية داخل الوفد ثم موقفه تجاه ثورة يوليو وإيمانه بمبادئها وكفره بسياساتها، وصدمته فى النكسة وفخره بالنصر، وموقفه تجاه السلام مع إسرائيل وغيرها.

فى النهاية نخلص إلى أن نماذج شخصية الصحفى التى أبدعها محفوظ لا سيما بعد رواية «أولاد حارتنا» ما زالت تعيش بيننا وتؤثر فى صنع حاضرنا ومستقبلنا، ولذا اتخذ واعتمد فى دراسته على تحليل صفات وأدوار الصحفيين وتطور ذلك عبر مراحل أدبه المختلفة، زمنياً وتقنياً، مازجاً ذلك برؤيته الشخصية تجاه مهنة الصحافة التى رفض الالتحاق بها لأنها ستلتهم جل وقته وقد تصبح حائلا بينه وبين الإبداع.

 

مقالات مشابهة

  • «الجازى» يربك حسابات إسرائيل
  • لن أنسى حقيبته القماشية!!
  • تعرف على أسعار تذاكر حفل علي الحجار 100 سنة غنا في الأوبرا
  • الإطارى أو الحرب
  • د.حماد عبدالله يكتب: حضارة الأغنياء فى مصر القديمة !!
  • وليد عونى: ندعم القضية الفلسطينية بسلاح الفن
  • مشكلة الأخلاق
  • نجل فؤاد المهندس لـ«بين السطور»: جدتي رفضت دخول والدي عالم التمثيل
  • تأثير مبادئ ثورة ١٩ وانتماء محفوظ للوفد على نظرته للصحافة
  • حظك اليوم الأحد| توقعات الأبراج الترابية.. تراكمت الكثير من الأعمال