لجريدة عمان:
2025-01-27@05:19:50 GMT

مدى صمود الجدار الأوروبي ضد اليمين المتطرف

تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT

بعد مرور أكثر من نصف هذا العام الانتخابي الكبير، نجحت الأحزاب الديمقراطية الليبرالية في الغالب في الصمود أمام زحف قوى الشعبية القومية السوداء في أوروبا.

غير أنه لا يزال سابقا كثيرا للأوان أن نعلن انتصار حائط صد اليمين المتطرف هذا. فقد تُزعزِع الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الاستقرار في أوروبا وخارجها في حال رجوع دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

في المقابل، قد يؤدي فوز نائبة الرئيس كامالا هاريس ـ التي استعادت آمال الديمقراطيين في الاحتفاظ بالسلطة خلال ثلاثة أسابيع فقط من انسحاب الرئيس جو بايدن من السباق ـ إلى بث الطاقة في القوى التقدمية في العالم.

في أوروبا، تبدو الهشاشة واضحة في التحالف المفكك للأحزاب الأساسية التي أبعدت عن السلطة في بروكسل وباريس وبرلين ووارسو قوى التعصب والتطرف المناهضة لليبرالية. ولقد ساعدها على ذلك العجز الأصيل في أحزاب اليمين المتطرف التي فازت بقرابة 25% من أصوات الانتخابات في الاتحاد الأوروبي عامة في شهر يونيو لتشكل جبهة متحدة في البرلمان الأوروبي. وبرغم محاولة رئيس وزراء المجر فكتور أوربان أن يشكل أممية قومية واحدة، توجد الآن ثلاثة تجمعات يمينية أوروبية الميل ومتنافسة بدلا من اثنتين في المجلس السابق.

وإضافة إلى التنافسات الشخصية، تختلف هذه التجمعات على دعم أوكرانيا أمام روسيا من عدمه، كما تختلف على تحويل الاتحاد الأوروبي إلى تجمع فضفاض لدول ذات سيادة أو الانفصال عن الاتحاد بالكلية. ويرغب المحافظون الوطنيون البرجماتيون الذين يحظون بقدر أكبر من «القبول» من المحيطين بجورجييا ميلوني، رئيسة الوزراء الإيطالية في النأي بأنفسهم عن الأحزاب القومية العدوانية التي تناصر طرد المهاجرين ممن حصلوا على الجنسية أو حق الإقامة.

في منتصف يوليو، تكون تحالف مؤقت من المحافظين والاشتراكيين والليبراليين والخضر لإعادة انتخاب أورسولا فون دير لاين رئيسة للمفوضية الأوروبية بعد أن قدمت وعودا متناقضة بالالتزام بأهداف انبعاثات الكربون الصافية الصفرية، وتعزيز القدرة التنافسية الصناعية وتخفيف العبء التنظيمي على المزارعين. ومن المرجح لها أن تحتفظ بالدعم الواسع نفسه عندما تقدم مجموعتها الكاملة من المفوضين، الذين رشحتهم الحكومات الوطنية في سبتمبر برغم أنه قد يتم رفض واحد أو اثنين من المرشحين في مسرح جلسات الموافقة التي تمنح البرلمان المنتخب حديثا فرصة إظهار عضلاته.

سوف يأتي التحدي الحقيقي لفون دير لاين عندما تحاول سن تشريع جديد لفرض جوانب حساسة من الصفقة الخضراء الأوروبية لمكافحة أزمة المناخ وحماية البيئة والتنوع البيولوجي. فقد يتعاون المحافظون في حزبها تكتيكيا مع أقصى اليمين للتصويت ضد تدابير الحفاظ على الطبيعة أو المبيدات الحشرية التي كانت محل نزاع مرير في الهيئة التشريعية الأخيرة. قد لا يرقى هذا النوع من التحول الانتهازي بحسب كل قضية إلى التحول لسلطة يمينية متطرفة، لكنه سيكون أكثر إثارة للقلق إذا امتد إلى سياسة الهجرة فجعلها أشد منافاة للإنسانية.

فقد حدث مثل هذا التحول في البرلمان الفرنسي العام الماضي، عندما سمح الوسطيون التابعون للرئيس إيمانويل ماكرون لحزب الجمهوريين المحافظ بتشديد مشروع قانون الهجرة بتدابير تمييزية ضد الأجانب تم تبنيها بدعم من حزب التجمع الوطني اليميني المتشدد، لولا أن المجلس الدستوري أبطل ذلك التشريع المعتزم. وكانت النتيجة تقوية للأجندة السياسية لحزب التجمع الوطني اليميني المتشدد.

في الانتخابات العامة المبكرة التي جرت في يونيو ويوليو، صوت ملايين الفرنسيين تكتيكيا لصالح خصوم سياسيين لكيلا يسمحوا للجبهة الوطنية بتحويل انتصارها في الجولة الأولى إلى هيمنة برلمانية. ونتيجة لهذا، وصلت الجمعية الوطنية إلى طريق مسدود، إذ لم يحصل أي حزب أو تحالف على الأغلبية. فأضعف هذا من نفوذ ماكرون في الاتحاد الأوروبي، ولكن جدار الصد المتمثل في «الجبهة الجمهورية» نجح على الأقل في إبعاد الشعبويين في الوقت الحالي.

ويبقى أن نرى هل ستنتهي فرنسا بحكومة أقلية من يمين الوسط، أو إدارة أقلية يسارية من الجبهة الشعبية الجديدة (وهو أمر أبعد احتمالا)، أو ربما حكومة تكنوقراطية على الطراز الإيطالي حتى تتسنى الدعوة إلى انتخابات جديدة في غضون عام. وبينما تأخذ السياسة قسطا من الراحة الصيفية خلال دورة الألعاب الأولمبية في باريس، هناك ارتياح واسع النطاق إزاء إيقاف الشعبويين الوطنيين بقيادة مارين لوبان بعيدا عن أبواب السلطة، مع شائبة تخوف من أن هذا قد يعزز فرصها في الفوز بالانتخابات الرئاسية لعام 2027.

وفي حين يصمد الوسط على مستوى الاتحاد الأوروبي، يواصل القوميون الشعبويون إحراز تقدم في السياسة الوطنية في أجزاء عديدة من أوروبا. ففي هولندا، تشكل أول ائتلاف حاكم بقيادة اليمين المتطرف، برغم منع زعيم حزب الحرية المناهض للإسلام، جيرت فيلدرز، من تولي رئاسة الوزراء. كما يوفر روبرت فيكو زعيم القوميين الموالي لروسيا في سلوفاكيا والذي فاز حليفه في الانتخابات الرئاسية في البلد دعما لأوربان في مواجهة جهود الاتحاد الأوروبي لتشديد العقوبات المالية على سلسلة انتهاكات سيادة القانون في المجر.

وفي المملكة المتحدة، أظهر انتصار كير ستارمر الساحق على حزب المحافظين الذي انحرف إلى اليمين القومي بعد تصويت بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي أن بالإمكان الانتصار على القومية الشعبوية عندما يدرك الناخبون أنها فشلت في تلبية توقعاتهم وتركتهم أسوأ حالا. ومع ذلك، فإن اندلاع أعمال شغب اليمين المتطرف العنيفة المعادية للمهاجرين يبرز أنه بوسع مجموعة متطرفة، تم حشدها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أن تسبب دمارا سياسيا حتى لو أن صوتها هامشي في البرلمان.

سوف يأتي الاختبار الكبير القادم لجدران الصد الأوروبية في ألمانيا، عندما تقيم ثلاث ولايات شرقية انتخابات في سبتمبر يتابعها المراقبون باعتبارها تمرينا على الانتخابات الفيدرالية في العام المقبل. وبرغم سلسلة فضائح أدت إلى نبذه حتى من أحزاب قومية أخرى في البرلمان الأوروبي، فإن حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف يتصدر استطلاعات الرأي في جميع الولايات الثلاث، في حين يحظى تحالف سارا فاجينكنيخت اليساري الشعبوي الموالي لروسيا الذي تم إنشاؤه مؤخرا بما يصل إلى 20٪. وقد لا تفوز الأحزاب الرئيسية بما يكفي من المقاعد معا لتشكيل ائتلافات قابلة للاستمرار في أي من هذه الولايات.

من بين جميع الأحداث القادرة على تغيير الديناميكيات السياسية في أوروبا، فإن الانتخابات الرئاسية الأمريكية هي الأقوى، فمن شأن عودة ترامب النزّاع إلى الانتقام أن تشجع القوميين والشعبويين الأوروبيين وتضفي عليهم الشرعية. وتخيلوا ابتسامة على وجه زعيم الإصلاح، نايجل فاراج، أو ترحيبا على السجادة الحمراء في بودابست بصديق أوربان المقرب.

في حال انتصار هاريس، وقيادتها إدارة تجسد التنوع والنسوية والالتزام القوي بسيادة القانون، فقد يساعد ذلك في تعزيز جدار الصد في جميع أنحاء أوروبا. ومع ذلك، فإن الحواجز التي تمنع اليمين المتطرف من الوصول إلى السلطة لن تنجح في المدى البعيد إلا إذا استطاعت الأحزاب الرئيسية أن تعالج القضايا المتعلقة بتكاليف المعيشة والإسكان والطاقة بأسعار معقولة وكذلك شتى القضايا التي دفعت العديد من الناخبين إلى أحضان الشعبويين على جانبي الأطلسي.

بول تيلورزميل زائر أول في مركز السياسة الأوروبية

الترجمة عن «جارديان»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الانتخابات الرئاسیة الاتحاد الأوروبی الیمین المتطرف فی البرلمان فی أوروبا

إقرأ أيضاً:

هل سيعلّق الاتحاد الأوروبي العقوبات المفروضة على سوريا؟.. هذا ما نعرفه

كشف ثلاثة دبلوماسيين أنّ: "الاتحاد الأوروبي ربما يعلّق قريبا العقوبات المفروضة على سوريا، فيما يتعلق بقطاعي الطاقة والنقل، لكن لم يتم الاتفاق بعد على ما إذا كان تخفيف القيود سيشمل كذلك تلك المفروضة على المعاملات المالية".

وأوضح الدبلوماسيين ووثيقة اطّلعت عليها وكالة "رويترز" أنّه: "من المقرر أن يناقش وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، هذه المسألة، خلال اجتماع يعقد في بروكسل غدا الاثنين". 

وفي السياق نفسه، قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد، كايا كالاس، الأربعاء، إنها: "تأمل خلال الاجتماع في التوصل إلى اتفاق سياسي حول تخفيف العقوبات".

تجدر الإشارة إلى أن أوروبا بدأت تسير نحو دمشق، وذلك عقب الإطاحة بنظام بشار الأسد المخلوع من السلطة، في كانون الأول/ ديسمبر على يد المعارضة السورية، بقيادة هيئة تحرير الشام الإسلامية، وهي التي تصنفها الأمم المتحدة بكونها "جماعة إرهابية".

وبحسب وكالة "رويترز" فإن المسؤولون يرون أنّ: "قطاع النقل هو السبيل الرئيسي لمساعدة المطارات السورية على العمل بكامل طاقتها، الأمر الذي قد يسهل بدوره عودة اللاجئين".

"بالمثل، يُنظر إلى الطاقة والكهرباء على أنهما ضروريان من أجل تحسين الظروف المعيشية بهدف دعم استقرار البلاد وتشجيع المواطنين على العودة" وفق المصدر ذاته.

كذلك، بحسب وثيقة للاتحاد الأوروبي، قد أوصى دبلوماسيون من الدول الأعضاء في الاتحاد البالغ عددها 27 دولة باتخاذ إجراءات سريعة نحو: "تعليق القيود في القطاعات الضرورية للاستقرار الاقتصادي والشروع في إعادة بناء الاقتصاد في سوريا، مثل تلك المتعلقة بالطاقة والنقل".


أيضا، أوصى الدبلوماسيون، بـ"تقييم خيارات إعادة فتح العلاقات المصرفية والاستثمارية مع سوريا"، مؤكدين في الوقت نفسه: "ستخفف الإجراءات التقييدية التي فرضها الاتحاد الأوروبي بطريقة تدريجية وقابلة للمراجعة، مع تقييم منتظم لما إذا كانت الظروف في سوريا تسمح بتعليق المزيد من (العقوبات)".

وفيما ترغب بعض الحكومات في التحرك سريعا نحو تعليق العقوبات، تفضّل حكومات أخرى اتباع نهج تدريجي وأشد حذرا من أجل ضمان احتفاظ أوروبا باليد العليا. فإن صياغة الوثيقة تمثّل توافقا بين عواصم الاتحاد الأوروبي. 

وبحسب الوثيقة، يجب أن يبقى عدد من العقوبات ساريا، من قبيل: التدابير المتعلقة بنظام الأسد والاتجار غير المشروع بالمخدرات والأسلحة.

مقالات مشابهة

  • لمواجهة استفزازات ترامب، تعزيز القدرة التنافسية للاتحاد الأوروبي
  • هل سيعلّق الاتحاد الأوروبي العقوبات المفروضة على سوريا؟.. هذا ما نعرفه
  • الاتحاد الأوروبي يدين "الاعتقالات التعسفية"الأخيرة التي نفذها الحوثيون بحق موظفي الأمم المتحدة باليمن
  • تظاهرات ضد اليمين المتطرف في كل أنحاء ألمانيا
  • 7 حروب تجارية بين الاتحاد الأوروبي وأميركا منذ 1963
  • مظاهرات ضد اليمين المتطرف في أنحاء ألمانيا
  • ألمانيا: أكثر من 15 ألف متظاهر في كولونيا ضد صعود اليمين المتطرف قبل انتخابات شباط الحاسمة
  • "القاتل الصامت".. كيف يهدد التلوث الضوضائي صحة مواطني الاتحاد الأوروبي وأطفالهم؟
  • الاتحاد الألماني يجدد عقد مدرب المنتخب ناغلسمان
  • ناغلسمان مستمر مع منتخب ألمانيا حتى 2028