من السهل بمكان الحكم على ما لا يبدو منطقيًا، أو حقيقيًا، ولستُ أدري إن كان هذا هو التعبير المثالي عن الأمر. سأحاول تقديم بعض الأمثلة، يمكن أن نقول إن الأبراج خرافة، ولا صحة في أنها تقول شيئًا عن شخصياتنا ومستقبلنا، يمكن أن نتحدث ونتجادل كثيرًا حول مفهوم الحظ، وإذا ما كان واقعيًا. لكن هل هذا ما يهم فعلًا؟ لا أعتقد.
وقعتُ مؤخرًا على حادثة أثارت اهتمامي. شابة عمانية، تطلب من أخرى قراءة خارطتها الفلكية، والتعرف من خلالها على ما سيحدث معها هذا العام. لا تقدم هذه الخدمة بدون مقابل، بل هي جزء من سوق حيوية نشطة ليس في عمان فحسب بل حول العالم. تسألُ المنجمة الشابة بدورها أيضًا، عن ساعة الميلاد، لتحديد الطالع، وبالتالي القدرة على قراءة مؤشرات هذا العام، حول الحب والعمل والمال والعلاقات الأسرية والصداقة والجمال والصحة وغيرها. لا تملك الأولى الكثير من المال، لكنها تتوق لمعرفة ما سيحدث معها. ستدفع مبالغ طائلة في سبيل تحقيق ذلك. وبعد أن تلقت قراءة الخريطة الفلكية، قالت بأنها صبغت وقصت شعرها فعلًا كما توقعت المنجمة، تقول أيضًا أن كل ما يقال حقيقي حتى مع صديقاتها اللاتي يتحدثن مع نفس المنجمة. وقبل أن تدخل هذه الشابة غرفة العمليات، تقوم بإجراء بعض الحسابات التي تتعلق برقم الغرفة التي ستنزل فيها بعد العملية، هل هو رقم متشائم وما طاقته. يبدو بسيطًا أن نحدد نوع المغالطة المنطقية هنا، أو طريقة بناء هذا الوهم، وليس هذا ما يهمني في هذه المقالة، بل الأسباب التي تدفع نحو هذا الإيمان. بالأبراج وقراءة فنجان القهوة وأوراق التاروت، أو الإيمان بجذب الطاقة وغيرها.
يعتقد البعض أن الإيمان بهذه المعتقدات مرهون بدرجة التدين، هذا ليس صحيحًا، يمكنك أن تلاحظ أن الكثير من المتدينين من بينهم الشابة التي أتحدث عنها يؤمنون بتنويعات للفكرة نفسها. مع ذلك هنالك خوف رابض من المستقبل، ومحاولة لقتل مجهوليته، التي هي أساس لطبيعته، إنها إذن محاولة هدم سابقة، ووسيلة دفاعية للوقوف في وجه الآلام القادمة على اعتبار أن عيش الألم أمر معتاد عليه. ولا يمكن رده. فأخبرني إذن عزيزي المنجم هل أنا على وشك أن أموت أو أنجح؟ أهرب من علاقتي الزوجية أم أحاول إصلاحها؟ هل سأمتلك المال؟ هل سأحصل على وظيفة أي وظيفة؟
يمكن أيضًا أن يدلنا هذا الإيمان على نوع من التسليم بفقدان السيطرة، الذي يحاول هؤلاء الشبان إعادة إحكام القبضة عليه. في عالم لا يبدو معقولًا كيف لا نتخيل كل هذه الأشياء غير المعقولة. هل العقل أصلًا هو الطريقة لمعايرة هذا العالم وحقيقته. يبدو أحيانًا كما لو أننا نلعب في عالم افتراضي مليء بالحماقة والشر والأخطاء التقنية، عالم لا يصدق، فكيف يلقي جيش الاحتلال الإسرائيلي منشورات على المخيمات الفقيرة جدًا في غزة قبل يومين: هل تريدون القيادات أم السجائر على إثر ردة فعل الغزيين على استلام السنوار دفة قيادة المكتب السياسي لحماس. مع المنشور هنالك سيجارة واحدة نوع «رويال». يلُقى المنشور والسيجارة بواسطة الطائرات المسيرة.
يعيش الشباب اليوم هزيمتهم على نحو مضاعف، ربما كان في الحروب السابقة قدر من الحجب، أما الكشف الذي يرينا الأشلاء التي تقاس بالوزن لتوضع في الأكياس البلاستيكية، لا يطاق. ومع حالة العجز على الفعل السياسي والمساهمة في وقف الإبادة أو أي نوع من الكوارث، يستسلم الإنسان لما لا أريد أن اسميه وهمًا؛ لأن تطبيع كل هذه الأفكار كوهم فحسب، والحكم عليها أخلاقيًا لا يفيدنا في الحقيقة، وهو صوت غير قادر على التأثير على من يؤمنون بهذه الأفكار، ذلك أن البقية بالنسبة لهم لا يعرفون ما يتحدثون عنه، عوضًا عن كونهم متعصبين ودوغمائيين ولا يمكنهم التفكير خارج الحقيقة التي يؤمنون بها. لكن ماذا لو قرأنا هذا على نحو مختلف؟ تُرى هل تعاني الفتاة التي تقدم هذه الاستشارات من ظروف مادية صعبة أو من البطالة؟
تقول الشابة التي لجأت للمنجمة أنها الأرخص في السوق وأنه وبمجرد استخراج الطالع بساعة الولادة تكون الأمور أقل تكلفة. أما إذا لم تكن تعرفها، فأنت تدفع ما يزيد على ٣٠٠ ريال لتحديده. وبذلك فإن المستقبل يكلف الكثير معروفًا ومجهولًا.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
تفاصيل اعتقال أبناء كبار باطرونات الأعمال بالمغرب في قضية اغتصاب جماعي لمحامية فرنسية تحت التخدير
زنقة 20 . الرباط
تجري الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، منذ مساء الأربعاء 20 نونبر 2024، أبحاثا مع ثلاثة شباب مشتبه فيهم، من أبناء رجال أعمال مشهورين، بارتكاب جناية الاغتصاب في حق محامية شابة من جنسية فرنسية، والضرب والجرح واستهلاك الكوكايين وغيرها من الجرائم.
جريدة الصباح، أوردت أن المشكوك فيهم الثلاثة وضعوا رهن تدبير الحراسة النظرية بالدار البيضاء، للتحقيق معهم حول الشبهات المنسوبة إليهم واستبيان درجة تورط كل مشكوك فيه، ومواجهتهم بالضحية وصديقها، المتحدر أيضا من أسرة ميسورة.
ووفق مصادر الجريدة، فإن الحادث وقع قبل أسبوع، بفيلا فاخرة تقع في منطقة عين الذئاب بمقاطعة آنفا بالبيضاء، بعد تنظيم حفل ساهر من طرف ابن ملياردير مشهور، دعا إليه الدائرة الضيقة من أصدقائه وصديقاته من أبناء الأعيان والميسورين، وضمنهم قريبه، خطيب المحامية الشابة الفرنسية.
وذكرت الجريدة شرارة الأحداث انطلقت مباشرة عند وصول الشاب المشتكي رفقة خطيبته الفرنسية، وشاءت الصدف أن يجد داخل الفيلا صديقة سابقة له، هي الأخرى من عائلة ثرية، لتثور حفيظة الشابة الفرنسية وتطلب طردها، لعلمها بعلاقتها السابقة مع خطيبها، فنشب اشتباك بينهما، تدخل على إثره أبناء الأعيان الحاضرون ليتطور إلى ضرب الخطيب بل وطرده خارج الفيلا، بينما فضلت خطيبته الفرنسية البقاء، سيما بعد أن غادرت غريمتها المكان.
و تطورت الأمور بعد ذلك، إذ لم تنته السهرة إلا في السادسة والنصف صباحا، لتجد المحامية الشابة، عند مغادرتها الفيلا، خطيبها في انتظارها، إذ لم يبرح المكان وأجرى اتصالات عديدة، وعندما عاتبها عن سبب بقائها رغم مغادرته بعد طرده، أشعرته بأنها احتجزت بغرفة في الطابق العلوي، وتعرضت لاغتصاب بالتناوب، مدعية أنها لم تعد تعي ما تقوم به، مشككة في أنهم دسوا لها مخدرا قويا في المشروبات الكحولية، ما أفقدها القدرة على التمييز والمقاومة.
وإثر ذلك، وضع الخطيبان شكاية في الموضوع، لتغادر بعدها الفرنسية المغرب لالتزاماتها المهنية، وتابعت قضيتها بإجراء فحص لإثبات اغتصابها، كما أجرت تحاليل الدم للتعرف على المخدر الذي تناولته في المشروب المشكوك فيه.
و دخل والد الخطيب على الخط، إذ وضع بدوره شكاية أوضح فيها أنه تعرض للإيذاء العمدي من قبل مغتصب خطيبة ابنه، وسبب له خسائر في سيارته، ورجحت المصادر أن يكون والد الخطيب توجه لمعاتبة المعني بالأمر، وهو ابن قريبته، بسبب ما فعله بابنه وخطيبته الشابة الفرنسية، فتطور الأمر إلى شجار.
وفي الوقت الذي يصر ابن صاحب الفيلا على أنه الوحيد الذي مارس الجنس مع الفرنسية برضاها ومن دون صديقيه، تحدثت مصادر عن أن المحامية الضحية تدعي تعرضها لاغتصاب بالتناوب من قبل الثلاثة.
وينتظر أن تشمل الأبحاث كل الذين حضروا الحفل بالفيلا، وضمنهم الصديقة السابقة لخطيب الفرنسية، التي غادرت الفيلا بعد معاتبتها من قبل الشابة الفرنسية، مباشرة عندما لمحتها ضمن الحاضرين، واحتجت على وجودها، ما شكل الشرارة الأولى للوقائع التي تلت الحادث وفق الصباح.