لجريدة عمان:
2024-09-10@22:12:24 GMT

التنجيم

تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT

من السهل بمكان الحكم على ما لا يبدو منطقيًا، أو حقيقيًا، ولستُ أدري إن كان هذا هو التعبير المثالي عن الأمر. سأحاول تقديم بعض الأمثلة، يمكن أن نقول إن الأبراج خرافة، ولا صحة في أنها تقول شيئًا عن شخصياتنا ومستقبلنا، يمكن أن نتحدث ونتجادل كثيرًا حول مفهوم الحظ، وإذا ما كان واقعيًا. لكن هل هذا ما يهم فعلًا؟ لا أعتقد.

أظن أن الإنسان يحب فكرة أن هنالك أبعد مما ينظر إليه، مما يتجسد في المادة، سحرٌ ما يستطيع من خلاله أن يكتشف النظام، وهذه مفارقة ساخرة بالمناسبة، أن نتوخى النظام من خلال السحري والميتافيزيقي، ومع ذلك، يبدو الأمر ملحًا بالنسبة للإنسان اليوم، الذي يعيش خواء هذا العالم وعدميته، خصوصًا في ظل العبثية التي تسببها الكوارث الكبرى مثل: الحروب والمجاعات والتفاوت الطبقي.

وقعتُ مؤخرًا على حادثة أثارت اهتمامي. شابة عمانية، تطلب من أخرى قراءة خارطتها الفلكية، والتعرف من خلالها على ما سيحدث معها هذا العام. لا تقدم هذه الخدمة بدون مقابل، بل هي جزء من سوق حيوية نشطة ليس في عمان فحسب بل حول العالم. تسألُ المنجمة الشابة بدورها أيضًا، عن ساعة الميلاد، لتحديد الطالع، وبالتالي القدرة على قراءة مؤشرات هذا العام، حول الحب والعمل والمال والعلاقات الأسرية والصداقة والجمال والصحة وغيرها. لا تملك الأولى الكثير من المال، لكنها تتوق لمعرفة ما سيحدث معها. ستدفع مبالغ طائلة في سبيل تحقيق ذلك. وبعد أن تلقت قراءة الخريطة الفلكية، قالت بأنها صبغت وقصت شعرها فعلًا كما توقعت المنجمة، تقول أيضًا أن كل ما يقال حقيقي حتى مع صديقاتها اللاتي يتحدثن مع نفس المنجمة. وقبل أن تدخل هذه الشابة غرفة العمليات، تقوم بإجراء بعض الحسابات التي تتعلق برقم الغرفة التي ستنزل فيها بعد العملية، هل هو رقم متشائم وما طاقته. يبدو بسيطًا أن نحدد نوع المغالطة المنطقية هنا، أو طريقة بناء هذا الوهم، وليس هذا ما يهمني في هذه المقالة، بل الأسباب التي تدفع نحو هذا الإيمان. بالأبراج وقراءة فنجان القهوة وأوراق التاروت، أو الإيمان بجذب الطاقة وغيرها.

يعتقد البعض أن الإيمان بهذه المعتقدات مرهون بدرجة التدين، هذا ليس صحيحًا، يمكنك أن تلاحظ أن الكثير من المتدينين من بينهم الشابة التي أتحدث عنها يؤمنون بتنويعات للفكرة نفسها. مع ذلك هنالك خوف رابض من المستقبل، ومحاولة لقتل مجهوليته، التي هي أساس لطبيعته، إنها إذن محاولة هدم سابقة، ووسيلة دفاعية للوقوف في وجه الآلام القادمة على اعتبار أن عيش الألم أمر معتاد عليه. ولا يمكن رده. فأخبرني إذن عزيزي المنجم هل أنا على وشك أن أموت أو أنجح؟ أهرب من علاقتي الزوجية أم أحاول إصلاحها؟ هل سأمتلك المال؟ هل سأحصل على وظيفة أي وظيفة؟

يمكن أيضًا أن يدلنا هذا الإيمان على نوع من التسليم بفقدان السيطرة، الذي يحاول هؤلاء الشبان إعادة إحكام القبضة عليه. في عالم لا يبدو معقولًا كيف لا نتخيل كل هذه الأشياء غير المعقولة. هل العقل أصلًا هو الطريقة لمعايرة هذا العالم وحقيقته. يبدو أحيانًا كما لو أننا نلعب في عالم افتراضي مليء بالحماقة والشر والأخطاء التقنية، عالم لا يصدق، فكيف يلقي جيش الاحتلال الإسرائيلي منشورات على المخيمات الفقيرة جدًا في غزة قبل يومين: هل تريدون القيادات أم السجائر على إثر ردة فعل الغزيين على استلام السنوار دفة قيادة المكتب السياسي لحماس. مع المنشور هنالك سيجارة واحدة نوع «رويال». يلُقى المنشور والسيجارة بواسطة الطائرات المسيرة.

يعيش الشباب اليوم هزيمتهم على نحو مضاعف، ربما كان في الحروب السابقة قدر من الحجب، أما الكشف الذي يرينا الأشلاء التي تقاس بالوزن لتوضع في الأكياس البلاستيكية، لا يطاق. ومع حالة العجز على الفعل السياسي والمساهمة في وقف الإبادة أو أي نوع من الكوارث، يستسلم الإنسان لما لا أريد أن اسميه وهمًا؛ لأن تطبيع كل هذه الأفكار كوهم فحسب، والحكم عليها أخلاقيًا لا يفيدنا في الحقيقة، وهو صوت غير قادر على التأثير على من يؤمنون بهذه الأفكار، ذلك أن البقية بالنسبة لهم لا يعرفون ما يتحدثون عنه، عوضًا عن كونهم متعصبين ودوغمائيين ولا يمكنهم التفكير خارج الحقيقة التي يؤمنون بها. لكن ماذا لو قرأنا هذا على نحو مختلف؟ تُرى هل تعاني الفتاة التي تقدم هذه الاستشارات من ظروف مادية صعبة أو من البطالة؟

تقول الشابة التي لجأت للمنجمة أنها الأرخص في السوق وأنه وبمجرد استخراج الطالع بساعة الولادة تكون الأمور أقل تكلفة. أما إذا لم تكن تعرفها، فأنت تدفع ما يزيد على ٣٠٠ ريال لتحديده. وبذلك فإن المستقبل يكلف الكثير معروفًا ومجهولًا.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

جائزة الشيخ سلطان لطاقات الشباب تفتح باب المشاركة في دورتها الجديدة

أعلنت "جائزة الشيخ سلطان لطاقات الشباب"، فتح باب التسجيل للمشاركة في دورتها الخامسة، بهدف إلهام المواهب الشابة الطموحة من المواطنين والمقيمين في الدولة، وتحفيزهم لخوض غمار تحدّيات فريدة تغرس فيهم ثقافة التعلُّم المستمر وتقودهم إلى النجاح والتألُّق في المستقبل.

وتستقبل الجائزة المشاركات من اليافعين والشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و18 عاماً من كلا الجنسين ضمن ثلاثة مستويات، تشمل الذهبي والفضي والبرونزي ينجز فيها المشاركون تحدّيات في أقسام الجائزة الأربعة: المغامرة والتطوع والمهارات والأنشطة البدنية.

وللمشاركة والتنافس للفوز بميداليتها الذهبية يُشترط إنجاز الأقسام الأربعة جميعها، وفي الفضية ثلاثة منها، أما البرونزية فتتطلّب إنجاز قسميّ التطوع والمغامرة فقط.

ومنذ انطلاقها في 2019 تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، تسعى الجائزة إلى صقل مواهب ومهارات أجيال الغد في العديد من المجالات غير الأكاديمية وتعزيز إرادتهم وثقتهم بأنفسهم ضمن منظومة محفِّزة تقوم على مبادئ تحدّي الذات، والتعلُّم المستمر وإطلاق العنان للشغف والطاقات الكامنة.

أخبار ذات صلة "فن" تمنح الأطفال والناشئة تجارب ثقافية وإبداعية مُلهمة حاكم الشارقة يشهد أداء اليمين القانونية لرئيس وأعضاء المجلس البلدي لمدينة خورفكان

وقالت عزيزة إبراهيم المازمي مدير جائزة الشيخ سلطان لطاقات الشباب: " نفخر بما حققته الجائزة على مدار الدورات الأربع الماضية حيث شهدنا خلالها الكثير من غراس مواهبنا الشابة المبدعة تُزهر وتثمر واحتفينا بجهودهم عاماً بعد عام ونتطلع إلى خلق آفاق من النمو في الدورة الخامسة من خلال استقطاب عدد أكبر من المشاركات الشابة على مستوى إمارات الدولة بالتعاون مع شركائنا الرئيسيين الذين لعبوا دوراً كبيراً في نجاح الجائزة وتحقيق أهدافها في دوراتها السابقة".

ونجحت الجائزة عبر دوراتها السابقة في نشر رسالتها الهادفة إلى غرس مجموعة من القيم الإيجابية النبيلة في نفوس الشباب والتي تتمثل في: المبادرة والعطاء والتسامح وتحمّل المسؤولية وتقبل الآخرين وتقديرهم والتعاون والشراكة، وهي قيم أساسية تسهم في تعزيز الترابط المجتمعي وتشكل أساساً للعمل المشترك من أجل تعزيز عملية التقدم والتنمية في المجتمع.

وتدعو الجائزة اليافعين والشباب من المواطنين والمقيمين في جميع إمارات الدولة إلى التسجيل في دورتها الخامسة عبر الموقع الرسمي للجائزة www.sheikhsultanaward.ae وتقديم مشاركاتهم قبل تاريخ الأول من مايو 2025.

المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • بايدن: يبدو أن مقتل المواطنة الأمريكية في الضفة الغربية كان عرضياً
  • جائزة الشيخ سلطان للشباب تفتح المشاركة في دورتها الخامسة
  • القاعات السينمائية تحتضن "صدى الذكريات" قريبا
  • جائزة الشيخ سلطان لطاقات الشباب تفتح باب المشاركة في دورتها الجديدة
  • محافظ أسيوط يواصل متابعة أعمال تطوير حديقة الإيمان ورفع كفاءتها تمهيدًا لفتحها للجمهور  
  • كيف يبدو الوضع في جنوب لبنان صباح اليوم؟
  • تزامناً مع حراك العسكريين المتقاعدين.. كيف يبدو وضع الطرقات؟
  • كانت في السيارة إلى جانب خطيبها.. الشابة ريتا خسرت حياتها في حادث سير مروّع
  • الأستاذ الصحفي فتحـي الضـو عن الحرب العبثية الدائرة ومآلاتها والسيناريوهات التي يمكن أن تحدث حال إستمرارها
  • الصغير: يبدو الدبيبة أمام خيارين.. رجوع الكبير أو الرحيل فوراً