لجريدة عمان:
2024-09-10@22:07:18 GMT

أجراسُ العودة تُقْرع أو لا تُقْرع

تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT

نحنُ جيلٌ يشدُّه الطَّربُ، طربنا بأحْزاننا، وأشدّ ما حوّلنا هزائمنا وخساراتنا وانتكاساتنا وأملنا إلى طرب، إلى رقصةٍ أحيانًا، إلى نغم شجيّ حَزنٍ أحيانًا أخرى، إلى تقطُّعات صوتِ شاعرٍ تتحشرج كنزْعٍ أخير. طرِبْنا في هزائمنا وغنّيْنا جُرُوحَنا، نكسةً، هزيمةً، ألمًا، مجزرةً، مذْبَحةً. في النكسة 1967 طربْنا لأغنية عبد الحليم حافظ «عدّى النهار»، كتبها الأبنودي وصاغ ألحانها بليغ حمدي.

في صبرا وشاتيلا تألّمنا، كنتُ صغيرا، ورأيتُ الدبابات الإسرائيلية تَطَسُ وتدوس رُكام البشر، فغنّى أصحابنا في «الغيوان» صبرا وشاتيلا مجزرة الكبيرة، وأبدع العربي باطما وصحبه، فأطْرَبَنا، نحنُ الذين نريد أن نحوِّل ألمنا، جرحنا، أغنيةً، كلمةً، لحنا. وقْتها كان أثرُ العربي باطما المغربي، من فرقةٍ موسيقيّة نكرة، لا يُماثل أثر عبد الحليم، ولا أثر فيروز، ولكنّه وصَل العالم بقوله: يا عالمُ، فيك القُتَّال، وجائزة، «وفيك الحقْرة (الاحتقار) فائزة، ومن كلّ ماضٍ أحكام»، ولن تجد تمثيلا يُمكن أن يُقنعك، لمجزرة صبرا وشاتيلا سوى أغنية «ناس الغيوان» الذين وصفوها «بالمهزلة الكبيرة». تراكُمٌ من أغانٍ تهزّنا، نحن أجيال الهزائم، وقد تُبكينا أحيانا، وقد تُشجينا، ولكنّنا نفتقد الفرح، نفتقد الطربَ المرح. لقد حفّزني المغنّي المُطرب لطفي بوشناق بعد أن سمعت رائعته «أجراسُ العودة»، بصوْته، وبصوت رلى عازر، التي كتبها الشاعر السوري باقتدار عماد الدين طه، على تذكُّر صلة الكلمة باللحن، وصلة الكلمة واللحن بالألم، وصلة الطرب عندنا بالوجع، كلماتُ الشاعر التي تلقّفها المتذوِّقُ الفنّان لطفي بوشناق، وأدخلها في لحن رائقٍ مناسب، وغنّاها هو كأحسن ما يكون الغناء، تقول: «أجراسُ العودةِ إنْ قُرِعَتْ، أو لمْ تُقْرَعْ فلِمَ العجلةْ؟ / لو جئنا نقرعها حالا، كانتْ «دُمْ تكُ» كالطبلةْ/ فالعُرْبُ بأخطرِ مرحلةٍ، وجميع حروفِهمُ عِلّةْ/ أغرتهم كثرتهمْ لكنْ، وبرغمِ جموعِهُمُ قِلَّةْ/ وبوادي النّملِ إذا عَبَروا، سَتموتُ مِنَ الضحكِ النّملةْ». وهي في الأصْل مُستقاةٌ من أغنية لفيروز بعنوان «الآن الآن وليس غدا»، غنّتها قصيدةً للشاعر سعيد عقل ولحّنها الأخوان الرحباني، تقول: «سيفٌ فَلْيُشهَر في الدنيا/ ولتَصْدَعْ أبواقٌ تصدعْ/ الآنَ الآنَ وَلَيسَ غداً/ أجراسُ العَودةِ فَلْتُقرعْ/ أنا لا أنساكِ فلسطينُ/ ويشدُّ يشدُّ بِيَ البُعدُ/ أنا في أفْيائِكِ نِسرينُ/ أنا زهرُ الشوكِ أنا الوردُ/ سَنَدُكُّ نَدُكُّ الأسوارا/ نَسْتَلْهِمُ ذاكَ الغارْ/ ونعيدُ إلى الدارِ الدارا/ نمحو بالنارِ النارْ/ فَلْتَصْدَعْ، فَلْتَصْدَعْ/ أبواقٌ أجراسٌ تُقْرَعْ/ قد جُنَّ دَمُ الأحرارْ»، وهي أغنيةٌ مُعْضِلةٌ، أثارت ثائرة الشعراء، ودفعتهم إلى البناء عليها. والقول الحقُّ، الأجودُ، هو الذي يُلْهم اللاّحقين، ويبعث فيهم رغبةً في القول. عندما قالت فيروز «الآن الآن وليس غدا» أجابها نزار قبّاني بقوله: «غـنّت فيروزُ مردِّدة / آذان العـُرب لها تسمع / الآنَ، الآنَ وليس غداً/ أجراسُ العـَودة فلتـُقـرَع / عـفواً فيروزُ ومعـذرة / أجراسُ العَـوْدةِ لن تـُقـرَعْ»، وأجابها أيضا البرغوثي بقوله: «عـفواً فيروزٌ ونزارٌ/ أجراسُ العـَودةِ لن تُقـرَع / مِن أينَ العـودة، إخـوتـنا/ والعـودة تحتاجُ لإصبَع / والإصبعُ يحتاجُ لكـفٍّ/ والكـفُّ يحتاجُ لأذرُع / والأذرُعُ يَلزمُها جسمٌ/ والجسمُ يلزمُهُ مَوقِـع / والمَوقِعُ يحتاجُ لشعب / والشعـبُ يحتاجُ لمَدفع / والمدفعُ في دِبر رجال / في المتعة غارقة، ترتـَع / والشعبُ الأعزلُ مِسكينٌ/ مِن أينَ سيأتيكَ بمَدفع؟!». أجراسُ العودة التي ابتدأها سعيد عقل وخطّ ملامحها، أثارت الموسيقيين والشعراء، فكان غناؤها وكان الجواب عليها شعرا ممّن ذكرنا من الشعراء. يُولِّدُ الشعرُ الشعرَ، ويُحفِّز الشعر النّغمَ والموسيقى، ولقد ولّى زمنٌ كان فيه اللّقاءُ بين الشعراء والموسيقيين، بين المبدعين على اختلاف أصنافهم، حيث كانت تُدَارُ حواراتٌ بين اللاّعبِ بالكلمات، واللاّعب بالأنغام والأصوات. يُحرّكنا النّغم، وهو القادرُ على تحريك سواكننا، وبعْث الموات منها، وعلى حدّ قول حُجّة الإسلام أبي حامد الغزالي، فـ»من لم يحرّكه الربيعُ وأزهاره، والعودُ وأوتاره، فهو فاسدُ المزاج ليس له علاج»، ونحن شعوبٌ تُحرّكنا الموسيقى، ونرقص «الدبكة» على آلامنا، على مآسينا. فهل ما زلنا نَطربُ، وهل ما زالت الكلماتُ تفعلُ فينا فعلَها، وتُحيينا. عندما كُنتُ يافعا، كنت أظن -وبعضُ الظنّ إثمٌ- أنّ الشعر فعلٌ، وأنّنا ونحنُ ننشدُ الأغاني في حفلة لمارسيل خليفة في الثمانينيات من القرن العشرين، أو ونحن ننشد مع الشيخ إمام أو ونحن نطرب مع ناس الغيوان أو جيل جيلالة أنّنا نصنع عالما جديدا، أنّنا نغيّر الكون، فلا الكون تغيّر، ولا عالم صُنِع، ولكن فقدنا طرب المآسي، غلبت الإحنُ حتّى بُحَّ الشاعر، وصمت الملحّن وتوقّف الشادي، فأثر الواقع صار أشدّ إيلاما، أشدّ تخييلا ممّا يُمكن أن يخيَّله شاعر. عذرا سعيد عقل، وهذرا فيروز، وعذرا الأخوان الرحباني، لا جرس لعودة.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

عبد المجيد عبد الله.. أحدث مشاهدات أغنية حكى واجد

حقق الفنان عبد المجيد عبد الله بأحدث أغانيه “حكي واجد”، أكثر من مليوني و 800 ألف مشاهدة، خلال يومين من طرحها عبر موقع الفيديوهات الشهير “يوتيوب”.

تفاصيل أغنية حكي واجد وكلماتها 

أغنية حكي واجد من كلمات 
كلمات :تركي الحان :طارق محمد توزيع :جلال حمداوي ، وتقول كلماتها"

 

 كلمات الأغنية حكى واجد وبـرّر لي كثير اسباب ماخلّى عذر بالكون الاّ جاب ناظرته بعيون وداع حبيبي من يديني ضاع نـوى بـيـروح .. ويـبي مني طلب واحد اخير أقول له مسموح حضنته حضن أتمنّي احضنه من يوم لاقيته لكنـي خجلت وقلت وقته يحين وخلّيته حضن يساوي الدنيا ووجعه اللي في قلبي الحين حل بيته وناظرته بعد وبشوق قلتللله فمان الله بحفظ اللي بيردّك لي بحوله وقوّته يالله اهلاً وسهلاً ياوجع حبيبي ياجرح لاتبرا ولاتطيبي انت اللي باقي منّه وماعندي اعز منّه اهلاً وسهلاً ياوجع حبيبي "

 

ألبوم عبد المجيد عبد الله الجديد 2024
 

جاءت أغنية حكي واجد ضمن ألبوم عبد المجيد عبد الله الجديد، والذي ضم 6 أغاني 

أغنية أبا أعيش من كلمات: تركي، ألحان: طارق محمد، توزيع موسيقي: عمر الصباغ.

أغنية حكي واجد من كلمات تركي، ألحان: طارق محمد، توزيع موسيقي: جلال حمداوي.

أغنية يا منيتي، من كلمات المذهب: أحمد فضل القمدان،الكوبليه: تركي، تطوير وإعداد: طارق محمد، توزيع موسيقي: عمر الصباغ.

أغنية خلاص مابي، من كلمات: تركي، ألحان: طارق محمد، توزيع موسيقي: جلال حمداوي.

أغنية أحط راسي، من كلمات: تركي، ألحان: طارق محمد، توزيع موسيقي: جلال حمداوي.

أغنية  احتاجلك، من كلمات: تركي، ألحان: طارق محمد، توزيع موسيقي: جلال حمداوي.

 

كانت قد طرح عبد المجيد حديثًا أغنية “انا أضحك”، والتي اجتازت حاجز 9 ملايين مشاهدة عبر يوتيوب.

 

أغنية أنا اضحك" كلمات تركي، ألحان طارق محمد، وتقول كلماتها “انا اضحك لكن انا ساكت لكن نظرتي تحكي انا مفارق حبيب انا واقف لكن لو تمر نسمه. وتذوبني وتخط اسمه توديني وتجيب انا اضحك لكن ضحك تيتك لكن نظرتي تحكي انا مفارق حبيبي انا واقف لكن لو تمر نسمح. تحطمني وتذوبني توديني وتجي انا مليان”.

 

بجانب أغنية “ماعاد يمديني”، التي سجلت أكثر من 3 ملايين مشاهدة، وتقول كلماتها"ماعاد يمديني ولا عاد يمديك قلوبنا حبت ولا استاذنتنا الحب ماهو بديني ولا ايديك لا هبت رياح المحبه خذتنا صعبه تخليني وانا صعب اخليك لو نترك دروب الغلا ماتركتنا انا على الله ماهقيت التقي فيك ابوس راس الصدفه اللي جمعتنا الود ودي في عيوني اخبيك ونطير انا وانت بسما عاطفتنا الشوق باين فيني وباينن فيك لا جينا نخفيه العيون فضحتنا 

مقالات مشابهة

  • من حكايات الماضي 2 – 2
  • أحمد سعد يتصدر التريند بـ أغنية "بنت ناس"
  • أجراس لا توقظ أحدًا.. جديد الروائي الموريتاني محمد عبد اللطيف
  • عبد المجيد عبد الله.. أحدث مشاهدات أغنية حكى واجد
  • نجاح أغنية هاني شاكر  "في حل" بتوقيع عزيز الشافعي
  • عوض الناشري يقترب من العودة للملاعب
  • اليمنيون يعيدون تداول أغنية عبد الحليم حافظ بذكرى ثورة 26 سبتمبر ضد الأئمة (فيديو )
  • رحيل مؤلف أغنية فيلم "تيتانيك" الأمريكي ويل جينينغز
  • أروى تلبي طلب جمهورها العراقي وتصدر أغنية مغرم
  • ابنة جون ترافولتا تطلق أغنية جديدة عن والدتها الراحلة