د. سالم بن عبدالله العامري
لطالما عُرِفت بلاد اليمن بأنَّها أرض المدد والدعم والعون لنصرة الدين في أحلك الظروف على مر التاريخ، فكلما ضاق الأمر بالمُسلمين يأتي أهل اليمن ليذودوا عن حياض المسلمين وينفسوا كرباتهم وينتصروا لله وللمسلمين عامة.
وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم بيده نحو اليمن في مواضع عدة دلالة منه على أنها أرض مدد لأهل الإسلام، وفي مواضع أخرى عن فضائل أهل اليمن فمن ذلك: أن أهل اليمن هم أهل الإيمان، والفقه، والحكمة، كما قال عليه الصلاة والسلام: "جاء أهل اليمن هم أرق أفئدة، الإيمان يمان، والفقه يمان، والحكمة يمانية"، ويقول في موضع آخر: "إني لَأَجِدُ نفَسَ الرحمن من جهة اليمن"، وأهل اليمن هم من خيار أهل الأرض، ورجالهم خير الرجال، لا تزلزل أقدامهم عند تزلزل أقدام غيرهم.
أهل اليمن هم جيش الإسلام وجنده البواسل، ركبوا المهالك والأخطار، وأنزلوا بأسهم بالكفار، وفتحوا الأمصار، فقد كانت لهم أيادٍ بيضاء في الفتوحات الإسلامية في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وبعد موته في فتوح العراق والشام وبلاد الترك وأفريقية والأندلس حتى وصلوا إلى أبواب فرنسا، وما زالت معالمهم وآثارهم شاهدة على أفعالهم وإنجازاتهم الخالدة في عموم أسبانيا ونواحي أوروبا، واليوم لا يزال أهل اليمن كذلك ترى أفواجهم تهب لنجدة ونصرة أهل الإسلام في كل زمان ومكان، لا يخافون في الله لومة لائم، يذودون عن بلاد المسلمين كل عدو ومرتد، وما هذه الغارات الجوية الأمريكية والصهيونية على اليمن إلا دليل يثبت الخوف الشديد الذي يمثله جند اليمن لليهود وأحلافهم الصليبيين.
هناك في أرض التاريخ، والحضارة ترفرف رايات النصر عاليًا خفاقة، مهيبة في آفاق السماء الرحيب، لتعانق عصر النبوة، وزمن المعجزات. لم تهدأ هتافات النصرة، والعزة، والإباء في كل ميادين وساحات الحرية، والكرامة منذ طوفان الأقصى؛ بل استمرت العمليات العسكرية التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية في البر والبحر وقصف المدن المحتلة في فلسطين التاريخية، واستهداف السفن الإسرائيلية. يُجدّد اليمنيون عهدهم مع فلسطين مؤكدين ثباتهم مع قضيّتهم ومظلوميّتها حتى النصر، ثابتون على موقفهم الشجاع في زمن الخذلان، والصمت، والقهر، معلنين حالة الاستنفار الشامل شعبيًا وعسكريًا حتى يتوقف العدوان ويرفع الحصار عن غزة.
هناك في رحاب بلاد العرب السعيدة تبدو بشائر الخير، ورياح النصر والتمكين قادمة، وها هي الأيّام تمر والصحائف تُطوى، ليتحقّق وعد الله ورسوله في يمن الإيمان؛ حيث نرى الشعب اليمني الأصيل، متسلحًا بإيمانه، ومعتزًا بمبادئه، يواجه إمبراطوريات الشر والكفر التي تكالبت على أهل غزة وعلى شعب اليمن العزيز، يواجه اليمنيون جيوش الشر، والإجرام بثقة البطل المنتصر ويمرغ أنوفهم في التراب، ويُسقط هيبتهم الكاذبة في الوحل. يبرهن اليمنيون بحكمتهم وإيمانهم أن قضية فلسطين التي يستخدم فيها العدو الصهيوني وشركائه القوة والقتل والتنكيل والاستيطان والتهجير ضد الشعب الفلسطيني لا يمكن إحياء روحها واستعادة بريقها ومجدها إلا بالقوة، فالقوة وحدها هي الطريق لاستعادة الحقوق وتحرير الأرض المنهوبة، والأقصى والمقدسات المستباحة من دنس الصهاينة.
وأخيرًا.. لا يحظى بالتشريف والتكريم إلّا من اصطفاه الله بالإيمان والإخلاص والصدق في القول والفعل، هذا التشريف والتكريم الإلهي الذي اختص الله ورسوله به أهل اليمن دون غيرهم هو بمثابة وسام شرف عظيم يؤكد العلاقة المتينة لليمنيين بدينهم وربهم ورسوله وأوليائه الصالحين، الأمر الذي كلفهم بنصرة الحق والدين ومقارعة الظالمين المستكبرين على مر العصور، يقول المولى عز وجل: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" (المائدة: 54).
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
حكم من مات وعليه ديون وماله محجوز عليه.. الإفتاء توضح التصرف الشرعي
اجابت دار الإفتاء المصرية سائل يقول: توفي رجل وعليه ديون، وله مال محجوز عليه من دائنين بمقتضى أحكام. فهل المال المحجوز عليه يعتبر من مال المتوفى؟ وإذا كان يعتبر من ماله فهل يقدم فيه مصاريف التجهيز والتكفين والدفن على قضاء الديون؟ وهل يدخل في التجهيز والتكفين إقامة ليلة المأتم يصرف فيها أجرة سرادق وفراشة؟ وما هو الكفن اللازم شرعًا؟
لترد دار الإفتاء موضحة، أنَّ الظاهر أن هذا المال المحجوز يبقى على ملك المدين إلى أن يصل إلى الدائنين؛ ولذلك لا يبرأ المدين من الدين إلا بوصول هذا المال إلى الدائن أو وكليه في القبض، ولو اعتبر ملكًا للدائنين بمجرد الحجز، واعتبر مَن في يده المال وكيلًا عن الدائنين قبضه كقبضهم لبرئت ذمة المدين بقبض مَن في يده المال مع أن الظاهر خلاف ذلك، وحينئذٍ إذا لم يصل هذا المال إلى الدائنين ووكلائهم في القبض في حياة المُتوفَّى كان ملكًا للمتوفى واعتبر تركة عنه بموته، وإذ كان هذا المال تركة عن المتوفى وهي مستغرقة بالدين فالواجب تقديمه في هذا المال هو تجهيزه إلى أن يوضع في قبره، وتكفينه كفن الكفاية وهو ثوبان فقط، ولا يكفن كفن السنة وهو ثلاثة أثواب ممَّا يلبسه في حياته إلا برضاء الدائنين، وما صرف زيادة عن ذلك من أجرة سرادق وفراشة وثمن قهوة.. إلخ لا يلزم ذلك في مال المُتوفَّى وإنما يلزم به مَن صرفه ومَن أذنه بالصرف من الورثة، وبهذا عُلِم الجواب عن السؤال متى كان الحال كما ذُكِر.
حكم من مات وعليه دين يصعب سدادهورد إلى دار الإفتاء المصرية، من خلال منصة الفيديوهات "يوتيوب"، سؤالاً تقول صاحبته: زوجي مات وعليه دين وأنا وأولادي يصرف علينا والدي.. فما حكم هذا الدين؟
وقال الدكتور محمود شلبي أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن دين المتوفى يسدد مما تركه حال رحيله عن الحياة سواء أموال أو عقارات أو قطعة أرض وغيرها، أما وإن مات ولا يملك شيء فأمر هذا الدين إلى الله سبحانه وتعالى.
وأجاب شلبي على السائلة:" والدك يصرف عليكي أنت وأبنائك جزاه الله خيرا، وليس عليكي أي شيء في أمر الدين طالما لا تستطيعن السداد".
حكم من مات وعليه دينقال الدكتور مجدى عاشور، المستشار العلمى لمفتى الجمهورية، ردا على سؤال حكم من مات وعليه دين: يجب على كل من استدان أو أخذ قرضاً لابد أن ينوى نية صحيحة ويعقد العزم على أن يسد هذا الدين ما دام يستطيع، ومن مات وعليه دين فعلى ورثته أن يقضوا هذا الدين عنه لأن هذا الدين هو فى رقبة هذا المدين الذى مات والنبي صلى الله عليه وسلم بيًن أن الميت مرهون بدينه ولم يصل النبي صلى الله عليه وسلم على رجلاً عليه دين عندما سأل عليه دين قالوا ديناران فقال صلوا أنتم عليه، وفى حديث أخر (نفس المؤمن مُعلَّقة بدَيْنِه حتى يُقْضَى عنه).
وأشار الى أن من مات وعليه دين ولم يستطيع أن يقضيه ولم يكن له أحداً يقضي هذا الدين وكان ينوى فى حال حياته أنه سيقضي هذا الدين فإن الله عز وجل بفضله يتحمل عنه هذا الدين.
حكم من مات وعليه دين
قال الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إنه يجب على الورثة المسارعة إلى قضاء ديون ميتهم مما ترك من المال، إن كان ترك مالًا.
وأضاف «ممدوح» في إجابته عن سؤال: «إذا توفي شخص مدين ولا نعلم الدائن هل يجوز إخراج صدقة بنية سداد الدين؟»، أنه في هذه الحالة يجوز إخراج صدقة بنية سداد الدين.
وأوضح أنه إذا مات المسلم وعليه ديون وترك أموالًا فأول عمل يقوم به ورثته هو تجهيزه وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، ومن ثمَ تسديد ديونه، وبعد ذلك إنفاذ وصيته إن كان قد أوصى، وبعد ذلك يوزع باقي المال على الورثة، وينبغي أن يعلم أن نَفْسَ المؤمن إذا مات تكون معلقةً بدينه حتى يقضى عنه، كما ورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ» رواه الترمذي (1078).