يبقى مضيق هرمز، الممر المائي الرئيسي الواقع عند مدخل بحر الخليج محور اهتمام عالمي دائم، إذ يخضع لمراقبة مستمرة تحسبا لأي اضطرابات محتملة تؤثر على الطريق البحري الذي تمر منه قرابة 30 بالمئة من تجارة النفط العالمية.

وأثارت التهديدات الإيرانية الأخيرة بالانتقام من إسرائيل، التي حمّلتها مسؤولية مقتل زعيم حركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران، مخاوف جديدة بشأن سلامة الملاحة في هذا الممر الاستراتيجي، وفقا لـ"بلومبرغ".

وعلى مر السنين، لطالما استهدفت إيران السفن التجارية التي تعبر هذا المضيق، كما هددت مرارا بإغلاقه. 

ورغم أن طهران لم توجه تهديدات صريحة هذه المرة بعرقلة حركة الملاحة في هرمز، إلا أن دعمها الحوثيين، الذين يشنون هجمات بحرية بالبحر الأحمر، قد يشير إلى استعدادها لتعطيل الشحن العالمي سعيا وراء تحقيق أهدافها، بحسب الوكالة.

الموقع والأهمية الاستراتيجية

ويتخذ مضيق هرمز شكل حرف "V" مقلوب، ويربط الخليج العربي ـ الفارسي بالمحيط الهندي. وتقع إيران إلى شماله، بينما تتواجد الإمارات وسلطنة عمان على جنوبه.

ويمتد المضيق لمسافة تقارب 161 كيلومترا، ويضيق ليصل عرضه إلى نحو 34 كيلومترا في أدق نقطة، مع ممرات ملاحية في كل اتجاه لا يتجاوز عرضها 3.2 كيلومترات.

ويجعل عمقه الضحل السفن العابرة عرضة للألغام البحرية، كما أن قربه من السواحل، وخاصة الإيرانية، يضع السفن في مرمى الصواريخ البرية، ويسهل اعتراضها بواسطة زوارق الدوريات والمروحيات.

وتكمن أهمية المضيق في كونه شريانا حيويا للتجارة العالمية، خاصة النفط. فقد نقلت ناقلات النفط عبره ما يقارب 15.5 مليون برميل يوميا من النفط الخام والمكثفات من السعودية والعراق والكويت والإمارات وإيران، خلال الربع الأول من عام 2024، وفقا لإحصاءات بلومبرغ.

كما يعد المضيق ممرا رئيسيا للغاز الطبيعي المسال، إذ مر عبره أكثر من خمس الإمدادات العالمية، معظمها من قطر، خلال نفس الفترة.

تاريخ من التوترات 

ودأبت إيران على استخدام تكتيك مضايقة السفن في الخليج لعقود، سواء للتعبير عن استيائها من العقوبات المفروضة عليها، أو كورقة ضغط في النزاعات الدولية.

ورغم التهديدات المتكررة، لم تقدم إيران حتى الآن على إغلاق المضيق بالكامل. ويرى محللون أن إيران من غير المرجح أن تغلق المضيق كليا، إذ سيمنعها ذلك من تصدير نفطها. كما أن قدراتها البحرية لا تضاهي بالأسطول الأميركي الخامس والقوات الأخرى في المنطقة.

وشغلت حماية الملاحة في مضيق اهتمام عالميا منذ فترة طويلة. فخلال "حرب الناقلات" بين العراق وإيران خلال ثمانينيات القرن الماضي، لجأت البحرية الأميركية إلى مرافقة السفن عبر الخليج.

قوة أميركية تجري مراقبة للتحركات الإيرانية في مضيق هرمز- أرشيف

وفي 2019، أطلقت الولايات المتحدة "عملية سنتينل" ردا على التهديدات الإيرانية، وذلك بمشاركة 10 دول أخرى، فيما يعرف الآن بـ"التحالف الدولي لأمن وحماية حرية الملاحة البحرية".

ومؤخرا، تحول جزء كبير من الاهتمام نحو حماية الشحن في جنوب البحر الأحمر ومضيق باب المندب، في ظل تصاعد هجمات الحوثيين المدعومين إيرانيا، على السفن في تلك المنطقة. وتقود الولايات المتحدة حاليا قوة بحرية في البحر الأحمر لحماية حركة الملاحة هناك.

التأثير المحتمل على الاقتصاد العالمي

تعد السعودية أكبر مصدر للنفط عبر مضيق هرمز، رغم سعيها لتنويع طرق التصدير عبر خط أنابيب يربط حقولها النفطية بميناء على البحر الأحمر.

كما تمتلك الإمارات خيارا بديلا لتصدير جزء من نفطها عبر خط أنابيب إلى ميناء الفجيرة على خليج عمان. أما العراق والكويت وقطر والبحرين، فتعتمد كليا على المضيق لتصدير نفطها.

ويتجه معظم النفط العابر لمضيق هرمز نحو آسيا، مما يعني أن إغلاقه سيكون أقل تأثيرا على الدول الغربية الداعمة لإسرائيل.

ومع ذلك، تؤكد بلومبرغ، أن أي اضطراب في هذا الممر الحيوي من شأنه أن يؤثر بشكل كبير على أسواق الطاقة العالمية، وسلاسل الإمداد الدولية.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: مضیق هرمز

إقرأ أيضاً:

أزمة تجارية عالمية وشيكة مع إشعال أميركا الحرب ضد الحوثيين في باب المندب

شنت الولايات المتحدة مساء أمس نحو 40 غارة على اليمن أسفرت عن مقتل وجرح العشرات. واعتبرت واشنطن أن الغارات تأتي دفاعا عن المصالح الأميركية، واستعادة لحرية الملاحة البحرية. من جانبه قال المتحدث العسكري باسم جماعة أنصار الله (الحوثيين) يحيى سريع -اليوم الأحد- إنهم استهدفوا حاملة الطائرات الأميركية "يو إس إس هاري ترومان" بـ18 صاروخا وطائرة مسيّرة، واصفا العملية بالنوعية.

وأوضح سريع في كلمة مقتضبة أن الهجوم الحوثي جاء "ردا على العدوان الأميركي الذي استهدف عددا من المحافظات اليمنية بأكثر من 47 غارة جوية مخلفا عشرات الشهداء والجرحى".

وأكد أن الحوثيين "لن يترددوا في استهداف أي قطع بحرية في البحرين الأحمر والعربي ردا على العدوان".

وصرح مسؤول أميركي بأن الضربات الأميركية ضد الحوثيين في اليمن قد تستمر لأسابيع.

وفي تبريره للغارات التي شنتها بلاده ضد اليمن، قال الرئيس الأميركي  دونالد ترامب في منشور له على "تروث سوشيال" أنه لم تعبر أي سفينة تجارية أميركية قناة السويس أو البحر الأحمر أو خليج عدن بأمان منذ أكثر من عام. وأضاف تسببت في خسائر بمليارات الدولارات للاقتصاد العالمي.

تهديد الملاحة البحرية

وذكر البيت الأبيض أن هجمات الحوثيين تسببت في تحويل مسارات 60% تقريبا من السفن المرتبطة بالاتحاد الأوروبي إلى أفريقيا بدلا من البحر الأحمر، وأن هجمات الحوثيين على الشحن البحري منذ عام 2023 تسببت في تأثير سلبي مستمر على التجارة العالمية والأمن الاقتصادي الأميركي.

إعلان

ويعتبر مضيق باب المندب الذي تطلع عليه اليمن من الجنوب أحد أهم الممرات البحرية الاستراتيجية في العالم. هذا المضيق يربط بين البحر الأحمر وخليج عدن، ويعد مسارا حيويًا لحركة النفط والتجارة بين آسيا وأوروبا.

وفيما يلي أبرز التداعيات لإغلاق المضيق:

في إطار نصرتها لغزة الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي متواصل منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 نفذ الحوثيون عدة هجمات استهدفت سفن تجارية وناقلات نفط في البحر الأحمر، ما أدى إلى اضطراب حركة الشحن البحري. هذه الهجمات دفعت الكثير من الشركات إلى تعليق مرور سفنها عبر المضيق أو اتخاذ مسارات بحرية أطول بالتوجه نحو رأس الرجاء الصالح، الأمر الذي زاد من تكاليف الشحن. مع تزايد الهجمات التي استهدفت السفن الإسرائيلية أو المتجهة نحو إسرائيل، ارتفعت تكاليف التأمين على السفن العابرة في المنطقة بشكل ملحوظ، ما زاد من الأعباء المالية على الشركات التجارية، وزاد الأمر سوءا بعدما وسع الحوثيين الحظر ليشمل السفن الأميركية والبريطانية بسبب استهداف دولهم الحوثيين بضربات جوية خلال العام الماضي. تهديد إمدادات الطاقة، باب المندب يُعد مسارًا رئيسيًا لنقل النفط من دول الخليج الغنية بالنطف إلى أوروبا وأميركا. أي اضطراب في هذه المنطقة قد يؤثر على أسعار النفط عالميًا.

أهمية باب المندب

مضيق باب المندب يُعَدّ من أهم الممرات البحرية لنقل النفط عالميا، حيث بلغ متوسط تدفقات النفط عبر المضيق عام 2023 حوالي 8.8 مليون برميل يوميا. وفي عام 2024 شهدت تدفقات النفط تراجعا حادا بنسبة 54% خلال الأشهر الثمانية الأولى، حيث انخفض المتوسط إلى نحو 4 ملايين برميل يوميًا حتى أغسطس/آب، مقارنة بـ 8.7 مليون برميل يوميا لنفس الفترة من عام 2023.

هذا الانخفاض الكبير في عام 2024 يُعزى إلى تصاعد الهجمات على السفن في المنطقة، مما دفع العديد من شركات الشحن إلى تجنب المرور عبر المضيق.

إعلان

يُذكر أن مضيق باب المندب يحتل المرتبة الثالثة عالميًا من حيث حجم تجارة الطاقة التي تمر عبره، بعد مضيقي ملقا وهرمز، مما يبرز أهميته الاستراتيجية في حركة النفط العالمية.

وشنت جماعة الحوثي أكثر من 100 هجوم على السفن منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023 وحتى نهاية العام 2024، مما أسفر عن غرق سفينتين والاستيلاء سفينة "غالاكسي ليدر" (تم الإعلان اليوم عن الإفراج عن طاقمها).
ودفع ذلك العديد من شركات الشحن الكبرى في العالم إلى تغيير مسار سفنها لتبحر حول جنوب قارة أفريقيا بدلا من البحر الأحمر. وهو ما أدى إلى خسارة طاقة شحن إضافية تقدر بنحو 30% على الأقل عن المعتاد.

مقالات مشابهة

  • أمريكا تعيد التهديد للملاحة الدولية بعسكرة البحر الأحمر وتجديد العدوان على اليمن
  • وزير الخارجية يوجه رسائل دولية بشأن استئناف حظر الملاحة ضد العدو الصهيوني
  • زعيم الحوثيين يتوعد الملاحة الأميركية في المنطقة
  • وزير الخارجية يبعث رسائل للخارج بشأن الملاحة
  • وزير الخارجية في رسائل للمجتمع الدولي: استئناف حظر الملاحة البحرية موجه للكيان الصهيوني فقط
  • أزمة تجارية عالمية وشيكة مع إشعال أميركا الحرب ضد الحوثيين في باب المندب
  • جهنم ستُمطر عليكم.. النص الكامل لبيان ترامب للحوثيين وما قاله لإيران قبل الضربات العنيفة
  • روبيو: ترامب وجه رسالة قوية وواضحة للحوثيين
  • رئيس الوفد الوطني المفاوض: الغارات الأمريكية عودة لعسكرة البحر الأحمر وذلك هو التهديد الفعلي للملاحة الدولية
  • ترامب يهدد إيران ويعلن بدء ضربات "حاسمة" ضد الحوثيين