ما دلالات رفع علم الجزائر في مسيرات أنصار الانقلاب بالنيجر؟
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
ظهر العلم الجزائري بشكل مفاجئ في مسيرات النيجر الداعمة للانقلاب والمنددة بالتدخل العسكري الذي تهدد به أطراف أفريقية وغربية عدة، مما أثار الاستغراب لكنه طرح تساؤلات، كما فتح أبواب التوجس حيال علاقة الجزائر بالأحداث الجارية لدى الجار الجنوبي، لا سيما أن رفع الراية الجزائرية جاء إلى جانب العلم الروسي، فما القصة؟
في وقت كان الجميع يراقب فيه الوضع بالنيجر بعد الانقلاب الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم وحكومته، ظهر على حين غرة العلم الجزائري في مسيرات حاشدة لأنصار الانقلاب شهدتها الشوارع الرئيسة بالعاصمة نيامي، تنتقد فرنسا وترفض التدخل العسكري الخارجي، في مشهد لم يألفه العالم الذي دأب على رؤية رايات الدول الكبرى في مختلف مناطق التوتر، ما عدا دخول أعلام بعض البلدان على الخط خلال ثورات ما يعرف بـ”الربيع العربي”.
في السياق يقول عضو المجلس العسكري في النيجر العقيد محمان ساليسو، في تصريح حصري مقتضب لـ”اندبندنت عربية”، إن “الشعب النيجري يسعى إلى التحرر كما تحررت الجزائر”، مضيفاً أن “الجزائر قامت بثورة في عام 1954 من أجل الاستقلال وتحقق ذلك في عام 1962 والنيجر تتخذ المسار ذاته، وارتباط اسم الجزائر وعلمها بمفاهيم الاستقلال والسيادة، ورفض التدخل الأجنبي والتنمية أمر له رمزية ودلالة مهمتان للغاية”. وأوضح ساليسو أن “النيجر تواجه محاولات التدخل في شؤونها وتهديدات بالتدخل العسكري، مما يتطلب اليقظة لحماية الشعب التواق للحرية”، وختم أن “ما يحدث في النيجر إنما هو انتفاضة شعب رفض الاستغلال والاستعباد والنهب والتدخل في شؤونه”.
ويرجح مراقبون أن صراعاً على النفوذ بين الغرب وروسيا قد يكون أدى إلى الانقلاب، بينما يرى آخرون أن الوضع المستجد سببه خلافات شخصية بين الرئيس المعزول محمد بازوم وسابقه محمدو إيسوفو، وفق ما ذكر عضو المكتب السياسي لحزب “التجديد الديمقراطي والجمهوري” النيجري عمر الأنصاري، الذي أضاف أن “توبيخ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمدير جهاز مخابراته يؤكد أن الانقلاب كان مفاجئاً، لكن بين اختلاف الآراء والتبريرات يبقى المتفق حوله أن الشعب النيجري يدفع الثمن على مختلف المستويات إلى أجل مسمى”.وأوضح الأنصاري في تصريح خاص لـ”اندبندنت عربية” أن الوضع في بلاده “هادئ ومستقر لولا عقوبات إيكواس الغاشمة التي تسببت في انقطاع كهرباء وتعطيل المصارف”، مشيراً إلى أن “ظهور العلم الجزائري في المسيرات وفوق مبنى البرلمان يعود لموقف الجزائر برفض التدخل العسكري في النيجر، وأنها مع الشرعية والحلول السلمية والمدنية، وبذلك شعب النيجر يشكر للجزائر موقفها”.
وقال إنه “جرت توعية الشعب إلى أهمية دور الجزائر في المنطقة بحدودها وكذلك أجواؤها التي تفصل بيننا وبين فرنسا”، مضيفاً أن “موقف الجزائر يمكن أن يؤثر في القرار الفرنسي”. وشدد على أن “من يعتبر رفع العلم الجزائري تأكيداً على ضلوع الجزائر في الانقلاب نقول له أن لا علاقة للجزائر بالانقلاب، بل ولا علاقة لروسيا بالانقلاب أيضاً. الانقلاب أقرب إلى اختلاف داخلي أو مؤامرة من تدخل دولي بين الحزب الحاكم والجيش وفرنسا لمزيد من المبررات للتدخل في شؤننا”، مبرزاً أن “قائد الحرس الرئاسي الذي يحكم البلاد حالياً تربطه صلة قرابة قوية بالرئيس السابق محمدو إيسوفو، وأن هرولة الاتحاد الأوروبي إلى هذا الأخير للوساطة من دون الساسة الآخرين لها دلالات يمكن النبش فيها”. وتابع الأنصاري أن “الجزائر دولة مجاورة وتعي جيداً ما يعنيه توتر الحدود، وعانت منه في جميع الاتجاهات، إضافة إلى علاقتها الاقتصادية بالنيجر، وبالتالي ليس أمامها سوى الحل السلمي والمدني ما دام ممكناً وإن أدى إلى تنحي الرئيس بازوم عن السلطة”، موضحاً أن “الشعب النيجري يقف ضد أي تدخل على أراضيه بغض النظر عن توجه الحكومة المطاح بها، وكذلك الجيش الذي يقال إنه يستعين بأطراف خارجية، وأبرز أن العلم الروسي رفعه الشعب نكاية بفرنسا، ورفع العلم الجزائري فرحاً بموقف الجزائر الرافض للتدخل العسكري”. وختم أن “الوضع ما زال غامضاً، ولكن أغلب الشعب يستبعد رجوع بازوم، لذلك ربما يعود النظام الدستوري بعد تسوية مع الانقلابيين ومنحهم مدة معقولة لتنظيم الانتخابات”.
وحاولت “اندبندنت عربية” الحصول على موقف من حكومة النيجر المقالة، عبر الاتصال بالسفيرة لدى باريس عيشاتو بوعلامة، لكنها اعتذرت عن عدم التصريح. إلى ذلك لم تعلق باريس وواشنطن كما بقية الدول على رفع العلم الجزائري في مسيرات الشعب النيجري، بينما يشهد الموضوع بالجزائر تجاذبات ونقاشات وتأويلات، إذ يعتبر أستاذ العلاقات الدولية المهتم بالشؤون الأفريقية مبروك كاهي أن “العلم الجزائري والثورة التحريرية ككل تحمل رمزية ورسالة عالمية إنسانية تعبر عن عشق الشعوب للحرية والرغبة في العيش الكريم، وعليه فإن رفع العلم الجزائري هو استحضار لتضحيات الجزائريين ورفضهم كل أشكال الظلم والاستغلال المباشر وغير المباشر لخيرات الشعوب الضعيفة. إن رفعه تم من الجماهير، وهي جهات غير رسمية، لا يمكن أن نبني عليه موقفاً رسمياً، فالانقلاب لا يزال في بدايته والأمور لم تتضح بعد في ظل المساعي والوساطات التي تقودها دول عدة”.
علي ياحي – اندبندنت عربية
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: التدخل العسکری فی النیجر فی مسیرات
إقرأ أيضاً:
بينهم محمد عبدالسلام.. أمريكا تستهدف عددا من قيادات الحوثيين
محمد عبدالسلام ناطق حركة أنصار الله (وكالات)
بدأت الولايات المتحدة، يوم الإثنين، اتخاذ خطوات جديدة في محاولة لاحتواء التصعيد اليمني المرتقب ضد الاحتلال الإسرائيلي، وذلك من خلال استهداف كبار قادة حركة أنصار الله "الحوثيين".
تأتي هذه التحركات الأمريكية في وقت حساس، حيث تترقب الأوساط الدولية عودة العمليات العسكرية اليمنية التي قد تندلع مجددًا في ظل تصاعد الأوضاع في غزة نتيجة استمرار الحصار والحرب هناك.
اقرأ أيضاً 7 علامات مرضية إذا ظهرت واحدة منها يجب أن تفطر فورا.. تعرف عليها 3 مارس، 2025 تصريحات جديدة من صنعاء حول فتح طريق القصر-الكمب في تعز 3 مارس، 2025ووفقًا لتقارير خاصة من الخبر اليمني، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات جديدة على عدد من الشخصيات البارزة في اليمن، في مقدمتهم محمد عبدالسلام، رئيس وفد المفاوضات التابع لحركة أنصار الله.
وتعد هذه العقوبات جزءًا من سلسلة من التدابير التي اتخذتها الولايات المتحدة منذ بداية "طوفان الأقصى" وتأكيد اليمن على دعم غزة بكل الوسائل المتاحة، سواءً البحرية أو البرية.
على الرغم من أن العقوبات طالت عدة قيادات يمنية، بما في ذلك قائد حركة أنصار الله عبد الملك الحوثي، إلا أن توقيت العقوبات الأخيرة يبدو مرتبطًا بمحاولات واشنطن للضغط على صنعاء لوقف أي عمليات عسكرية جديدة ضد الاحتلال الإسرائيلي وحلفائه.
يشير استهداف محمد عبدالسلام إلى أن الولايات المتحدة تستخدم الورقة السياسية للضغط على اليمن في محاولة للتأثير على الموقف السياسي للحركة، خاصة أن الشخصيات المستهدفة لا تملك أرصدة مالية خارج اليمن، كما أن سجلهم من الرحلات الخارجية محدود جدًا.
وفي وقت سابق، عبرت أطراف دولية، بما في ذلك الولايات المتحدة، عن قلقها من إمكانية عودة العمليات العسكرية اليمنية التي تدعم غزة، خاصة في ظل التصعيد المستمر من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
ومن الجدير بالذكر أن اليمن قد وجهت ضربات مؤلمة للاحتلال الإسرائيلي في العام الماضي، مستهدفة مواقع حيوية في إسرائيل وحلفائها، وتمكنت من تنفيذ ضربات ميدانية على امتداد الخطوط الملاحية من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط.
من جهة أخرى، حاولت الولايات المتحدة بكل الطرق التوصل إلى اتفاق مع صنعاء لوقف العمليات العسكرية اليمنية مقابل تقديم امتيازات اقتصادية وسياسية، إلا أن هذه المساعي باءت بالفشل، حيث أكدت الحكومة اليمنية مرارًا أن موقفها هو موقف إنساني وأخوي تجاه غزة ولا يمكن المساومة عليه.