ظهر العلم الجزائري بشكل مفاجئ في مسيرات النيجر الداعمة للانقلاب والمنددة بالتدخل العسكري الذي تهدد به أطراف أفريقية وغربية عدة، مما أثار الاستغراب لكنه طرح تساؤلات، كما فتح أبواب التوجس حيال علاقة الجزائر بالأحداث الجارية لدى الجار الجنوبي، لا سيما أن رفع الراية الجزائرية جاء إلى جانب العلم الروسي، فما القصة؟

في وقت كان الجميع يراقب فيه الوضع بالنيجر بعد الانقلاب الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم وحكومته، ظهر على حين غرة العلم الجزائري في مسيرات حاشدة لأنصار الانقلاب شهدتها الشوارع الرئيسة بالعاصمة نيامي، تنتقد فرنسا وترفض التدخل العسكري الخارجي، في مشهد لم يألفه العالم الذي دأب على رؤية رايات الدول الكبرى في مختلف مناطق التوتر، ما عدا دخول أعلام بعض البلدان على الخط خلال ثورات ما يعرف بـ”الربيع العربي”.

ويبدو أن موقف الجزائر الرافض للتدخل العسكري في النيجر يبقى التبرير الأوفر حظاً لرفع الراية الجزائرية فوق مبنى البرلمان النيجري، وهو ما يشير إلى اعتراف فئات واسعة من النيجريين برد فعل الجزائر حيال تهديدات المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا التي تعرف اختصاراً بـ”سيدياو” أو “إيكواس”، وكذلك من فرنسا والولايات المتحدة.

في السياق يقول عضو المجلس العسكري في النيجر العقيد محمان ساليسو، في تصريح حصري مقتضب لـ”اندبندنت عربية”، إن “الشعب النيجري يسعى إلى التحرر كما تحررت الجزائر”، مضيفاً أن “الجزائر قامت بثورة في عام 1954 من أجل الاستقلال وتحقق ذلك في عام 1962 والنيجر تتخذ المسار ذاته، وارتباط اسم الجزائر وعلمها بمفاهيم الاستقلال والسيادة، ورفض التدخل الأجنبي والتنمية أمر له رمزية ودلالة مهمتان للغاية”. وأوضح ساليسو أن “النيجر تواجه محاولات التدخل في شؤونها وتهديدات بالتدخل العسكري، مما يتطلب اليقظة لحماية الشعب التواق للحرية”، وختم أن “ما يحدث في النيجر إنما هو انتفاضة شعب رفض الاستغلال والاستعباد والنهب والتدخل في شؤونه”.

ويرجح مراقبون أن صراعاً على النفوذ بين الغرب وروسيا قد يكون أدى إلى الانقلاب، بينما يرى آخرون أن الوضع المستجد سببه خلافات شخصية بين الرئيس المعزول محمد بازوم وسابقه محمدو إيسوفو، وفق ما ذكر عضو المكتب السياسي لحزب “التجديد الديمقراطي والجمهوري” النيجري عمر الأنصاري، الذي أضاف أن “توبيخ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمدير جهاز مخابراته يؤكد أن الانقلاب كان مفاجئاً، لكن بين اختلاف الآراء والتبريرات يبقى المتفق حوله أن الشعب النيجري يدفع الثمن على مختلف المستويات إلى أجل مسمى”.وأوضح الأنصاري في تصريح خاص لـ”اندبندنت عربية” أن الوضع في بلاده “هادئ ومستقر لولا عقوبات إيكواس الغاشمة التي تسببت في انقطاع كهرباء وتعطيل المصارف”، مشيراً إلى أن “ظهور العلم الجزائري في المسيرات وفوق مبنى البرلمان يعود لموقف الجزائر برفض التدخل العسكري في النيجر، وأنها مع الشرعية والحلول السلمية والمدنية، وبذلك شعب النيجر يشكر للجزائر موقفها”.

وقال إنه “جرت توعية الشعب إلى أهمية دور الجزائر في المنطقة بحدودها وكذلك أجواؤها التي تفصل بيننا وبين فرنسا”، مضيفاً أن “موقف الجزائر يمكن أن يؤثر في القرار الفرنسي”. وشدد على أن “من يعتبر رفع العلم الجزائري تأكيداً على ضلوع الجزائر في الانقلاب نقول له أن لا علاقة للجزائر بالانقلاب، بل ولا علاقة لروسيا بالانقلاب أيضاً. الانقلاب أقرب إلى اختلاف داخلي أو مؤامرة من تدخل دولي بين الحزب الحاكم والجيش وفرنسا لمزيد من المبررات للتدخل في شؤننا”، مبرزاً أن “قائد الحرس الرئاسي الذي يحكم البلاد حالياً تربطه صلة قرابة قوية بالرئيس السابق محمدو إيسوفو، وأن هرولة الاتحاد الأوروبي إلى هذا الأخير للوساطة من دون الساسة الآخرين لها دلالات يمكن النبش فيها”. وتابع الأنصاري أن “الجزائر دولة مجاورة وتعي جيداً ما يعنيه توتر الحدود، وعانت منه في جميع الاتجاهات، إضافة إلى علاقتها الاقتصادية بالنيجر، وبالتالي ليس أمامها سوى الحل السلمي والمدني ما دام ممكناً وإن أدى إلى تنحي الرئيس بازوم عن السلطة”، موضحاً أن “الشعب النيجري يقف ضد أي تدخل على أراضيه بغض النظر عن توجه الحكومة المطاح بها، وكذلك الجيش الذي يقال إنه يستعين بأطراف خارجية، وأبرز أن العلم الروسي رفعه الشعب نكاية بفرنسا، ورفع العلم الجزائري فرحاً بموقف الجزائر الرافض للتدخل العسكري”. وختم أن “الوضع ما زال غامضاً، ولكن أغلب الشعب يستبعد رجوع بازوم، لذلك ربما يعود النظام الدستوري بعد تسوية مع الانقلابيين ومنحهم مدة معقولة لتنظيم الانتخابات”.

وحاولت “اندبندنت عربية” الحصول على موقف من حكومة النيجر المقالة، عبر الاتصال بالسفيرة لدى باريس عيشاتو بوعلامة، لكنها اعتذرت عن عدم التصريح. إلى ذلك لم تعلق باريس وواشنطن كما بقية الدول على رفع العلم الجزائري في مسيرات الشعب النيجري، بينما يشهد الموضوع بالجزائر تجاذبات ونقاشات وتأويلات، إذ يعتبر أستاذ العلاقات الدولية المهتم بالشؤون الأفريقية مبروك كاهي أن “العلم الجزائري والثورة التحريرية ككل تحمل رمزية ورسالة عالمية إنسانية تعبر عن عشق الشعوب للحرية والرغبة في العيش الكريم، وعليه فإن رفع العلم الجزائري هو استحضار لتضحيات الجزائريين ورفضهم كل أشكال الظلم والاستغلال المباشر وغير المباشر لخيرات الشعوب الضعيفة. إن رفعه تم من الجماهير، وهي جهات غير رسمية، لا يمكن أن نبني عليه موقفاً رسمياً، فالانقلاب لا يزال في بدايته والأمور لم تتضح بعد في ظل المساعي والوساطات التي تقودها دول عدة”.

علي ياحي – اندبندنت عربية

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: التدخل العسکری فی النیجر فی مسیرات

إقرأ أيضاً:

معرض الكتاب يناقش «دور العلم والتكنولوجيا في تطور علاج الأورام»

استضافت القاعة الرئيسية ضمن فعاليات معرض الكتاب في دورته الـ56، ندوة بعنوان «دور العلم والتكنولوجيا في تطور علاج الأورام».

وحضر الندوة كل من: الدكتور محمد سعد زغلول، أستاذ العلاج بالإشعاع في جامعة القاهرة ورئيس قسم العلاج بالإشعاع في مستشفى سرطان الأطفال 57357، الدكتور سامي سليمان، مدير عام شركة إليكتا إيجيبت وخبير التكنولوجيا الطبية، والدكتور محمد فاروق، مدير قسم الفيزياء والتدريب والتطوير في شركة بي تي دابليو الألمانية.

ندوة «دور العلم والتكنولوجيا في تطور علاج الأورام»

أدارت الندوة الإعلامية مروة الشبراوي، حيث أشارت مروة الشبراوي إلى أن التطور العلمي يحدث في كل لحظة، وأن المريض أو أهله هم أكثر الناس حرصاً على متابعة هذا التطور، مضيفةً أنه يُقال دائماً إن التشخيص الصحيح هو بداية العلاج.

من جانبه، قال الدكتور محمد سعد إن التشخيص الصحيح هو مفتاح العلاج السليم، إذ يسمح بتوفير المال والحصول على أفضل النتائج، مشيراً إلى أن السرطان غالباً ما يصيب كبار السن، رغم أنه قد يصيب الأطفال أيضاً، لكن النسبة الأكبر تكون بين كبار السن.

وشرح سعد طبيعة الأورام، موضحاً أن السرطان هو انقسام غير طبيعي في الخلية يستمر دون توقف. كما أوضح الفرق بين الخلية السليمة والخلية السرطانية، حيث تنقسم الخلايا السليمة حسب حاجة الجسم، بينما تنقسم الخلايا السرطانية بسرعة دون حاجة، مما يؤدي إلى تكوّن السرطان.

وتحدث «سعد» عن مراحل السرطان، التي تبدأ بتكاثر الخلايا في نفس العضو، ثم تنتقل إلى مرحلة ثانية وثالثة عندما تخرج من العضو. وأضاف أن بعض الخلايا السرطانية قد تنتقل إلى الغدد الليمفاوية، أو إلى الشرايين والأوردة، مشيراً إلى أن مناعة الجسم يمكن أن تقضي على الخلايا السرطانية.

ندوة «دور العلم والتكنولوجيا في تطور علاج الأورام»

كما تناول «سعد» أنواع العلاج المتاحة للأورام الخبيثة، مثل العلاج الجراحي الذي كان معروفاً منذ العصور الفرعونية، بالإضافة إلى العلاج الكيميائي، المناعي، الإشعاعي، والمكمل.

بدوره، قال الدكتور محمد فاروق إن الوضع في مصر أصبح أفضل بكثير في الفترة الأخيرة، حيث توافرت جميع الأجهزة المطلوبة لعلاج الأورام، وبدعم من وزارة الصحة والهيئات الحكومية الأخرى لتوفير هذه الأجهزة.

كما أشار إلى توفر كل تقنيات الأساليب الحديثة، فضلاً عن سفر الكوادر الطبية إلى الخارج لتلقي أفضل التدريبات، مما أسهم في تحسين مستوى الكوادر الطبية في مجال الأورام.

وأضاف «فاروق» أن هناك نقلة كبيرة حدثت في العشر سنوات الأخيرة في جميع مجالات الطب، وخاصة في علاج الأورام. كما تحدث عن توفير بيئة تعليمية متميزة من الشركات الموردة للخدمات الطبية في مصر، بهدف ضمان كفاءة الطواقم الطبية في استخدام الأجهزة الحديثة على أكمل وجه، حيث إن استخدام الأجهزة المتطورة يتطلب معرفة كافية للاستفادة من إمكانياتها.

وفيما يتعلق بتقنيات المستقبل، أشار فاروق إلى أن الفترة القادمة ستشهد تطوراً ملحوظاً بفضل دخول الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي، مما سيسهم في تسريع العمل وتحسين النتائج.

من جانبه، أوضح الدكتور سامي سليمان، أن مرض السرطان لا يقتصر على فئة معينة من الناس، وهو مرض غير معدٍ، لافتًا إلى أن أكبر صعوبة كان يواجها مريض السرطان في الماضي هي عدم اكتشاف المرض إلا في مراحل متقدمة، مما يعطل العلاج ويؤثر على نسب الشفاء.

ندوة «دور العلم والتكنولوجيا في تطور علاج الأورام»

وأضاف أن الوعي المتزايد حول المرض يساهم في زيادة نسب الشفاء وتأخير المضاعفات. كما بيّن أن الوضع في مصر قد تحسن بشكل كبير مقارنة ببعض الدول الأفريقية الأخرى التي تفتقر إلى أبسط التقنيات مثل المناظير الجراحية، مؤكداً أن الكوادر الطبية المصرية أصبحت تتمتع بكفاءة عالية في هذا المجال.

كما تطرق «سليمان» إلى الموروث الثقافي الذي يربط مرض السرطان بالموت المبكر، وهو ما يتم ترسيخه في الأعمال الدرامية، حيث يعتقد المرضى أنه بمجرد تشخيصهم بالسرطان، يتعين عليهم الاستعداد للموت في غضون أشهر قليلة.

وأكد أن هذا المفهوم خاطئ، وأن مريض السرطان يمكن أن يتم علاجه وشفاؤه تماماً، مما يمنح الأمل لبقية المرضى. ودعا المنتجين والقائمين على الأعمال الدرامية إلى إعادة تشكيل وعي الناس حول مرض السرطان.

وفي ختام الندوة، أشار «سليمان» إلى أن تقنيات التشخيص قد تطورت بشكل كبير، حيث أصبح من الممكن الكشف عن الخلايا ومعرفة ما إذا كانت سليمة أو مصابة، مما يسهم في الكشف المبكر عن المرض وفتح آفاق جديدة في طرق العلاج.

اقرأ أيضاًمنذ الساعات الأولى.. إقبال جماهيري كثيف في اليوم الثامن لمعرض الكتاب 2025

الصالون الثقافي بمعرض الكتاب يناقش التراث والثقافة بين السودان وموريتانيا

معرض الكتاب 2025.. «اتحاد كتاب مصر» ينظم أصبوحة شعرية متميزة

مقالات مشابهة

  • معرض الكتاب يناقش «دور العلم والتكنولوجيا في تطور علاج الأورام»
  • ذياب بن محمد بن زايد يهنئ النيجر لقضائها على داء العمى النهري
  • الشعب المصري يستعد للخروج في مسيرات احتجاجاً على خطط ترامب لتهجير الفلسطينيين
  • مستجير العلم والأدب
  • {أنصار الله}: اليمن سيظل ثابتاً في موقفه الداعم للمقاومة والشعب الفلسطيني
  • سياسي أنصار الله: اليمن سيظل داعماً للمقاومة وحقوق الشعب الفلسطيني
  • مسير ووقفة لخريجي دورات “طوفان الأقصى” في السدة بإب
  • خلال مؤتمر صحافي.. مرتضى منصور يكشف كواليس الانقلاب عليه
  • غياب مجلس القيادة الرئاسي والحكومة يتسبب في ضياع فرص إنهاء الانقلاب وتحرير اليمن من الحوثيين
  • سياسي أنصار الله: اليمن سيبقى الى جانب المقاومة وحقوق الشعب الفلسطيني