أكاديمي بجامعة عدن لـ "الفجر": أذرع إيران تتحرك بإيقاع متناغم.. وهذا هو القاسم المشترك بين طهران وتل أبيب
تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT
قال الدكتور صالح طاهر سعيد أستاذ الفلسفة السياسية المساعد بكلية الاداب بجامعة عدن، إنه لا يمكن الفصل بين الاتجاهات العسكرية والسياسية للحركة الحوثية عن مجريات الصراع الدائر بأبعاده المحلية والإقليمية والدولية فحركاتها لا تخرج عن الإطار العام للصراع، فالحوثيون بوصفهم ذراع من الأذرع الإيرانية في المنطقة العربية "في لبنان والعراق وسوريا وغيرها يتحركون حسب ايقاع متناغم مع هذا المحور أو مايسمون أنفسهم محور المقاومة.
◄الحركة الحوثية في اليمن على ماذا تضبط إيقاعات سلوكها في المنطقة؟
وأضاف طاهر في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، بأن الثمرة في جوهرها لايمكنها أن تخالف البذرة التى أتت منها. فهذه الأذرع تشكلت على قاعدة التفكيك المذهبي (السني الشيعي) داخل الدول العربية واستبدال الانتماء الوطني بالانتماء المذهبي والدفع بتفجير الصراع المذهبي داخل الدول العربية وضرب وحدتها الوطنية وعلى الضفة المقابلة تعمل إسرائيل على احياء الحركات الأتنية ودعمها وتشجيعها على المطالبة بالاستقلال عن دولها الوطنية، ومن ثم فإن تفكيك الدول العربية وتشجيع نمو الكانتونات المذهبية والعرقية داخلها تمهيدا لأضعافها وتقسیمها إلى كيانات هزيلة هو القاسم المشترك بين ما تعمله إيران وما تعمله إسرائيل، والعداء الظاهر بینہما غير واقعي لاشتراكهما في تنفيذ هدف واحد هو تفكيك الدول العربية وتنفيذ مخطط الشرق الاوسط الجديد القائم على الانتماءات المذهبية والعرقية ووضع نهاية للهوية العربية والهويات الوطنية لشعوب الأمة وإلغاء مسمى الأرض العربية.
وأكد بأنما يعمله الحوثيون في البحر الأحمر وتهديد الملاحة الدولية في واحد من أهم ممرات التجارة العالمية خلق ذريعة مباشرة للقوى الغربية لتحرك في تشكيل أكبر حشد عسكري بحري ضم البارجات والسفن وحاملات الطائرات والغواصات في أكبر تحدي للسيادة العربية منذ الزمن الاستعماري، ليس ذلك فحسب بل وإلحاق أضرار اقتصادية كبيرة في الدول العربية المطلة على البحر الأحمر وبحر العرب حيث انخفضت حركة السفن التجارية ووجهت ضربة للموانئ العربية الواقعة على هذا الممر العالمي الذي يعتبر شريان الحياة للدول العربية والعالم كله.
وتابع: هل يدرك الحوثيون والاذرع الأيرانية الأخرى أنهم بأفعالهم يضعفون اوطانهم ويجعلون أمنها مستباح للقوى الخارجية، حيث تحقق إيران من خلالهم انتهاك لسيادة الدول العربية وتمزيق وحدتها الداخلية، ومع ذلك يدعون في بياناتهم وإعلامهم أنهم يدافعون عن الأمة، والدفاع عن الأمة لايتحقق من بوابة فتح ابواب شعوبها ودولها الوطنية أمام القوى الخارجية بانتهاك سيادتها وإضعافها، فهم بذلك يلعبون دور جسور العبور للقوى الخارجية إلى بلدانهم، وتكامل أدواره فما تعمله إیران واذرعها يمهد الطريق للقوى الإقليمية والدولية الأخرى للعربدة وخوض حروب الإبادة ضد شعوب الأمة على غرار ما تعمله إسرائيل والداعمين لها في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق.
وأوضح بأنه في خضم هذه الأفعال والأفعال المضادة نجد تفسيرًا واضحًا لأسباب الليونة في الموقف الأمريكي والأوروبي ومواقف المؤسسات الدولية في التعامل مع إيران والحوثي وبقية الأذرع الإيرانية في المنطقةفھولاء يتحركون بوعي وبغير وعي ضمن المشروع المعادي للامة ويخدمون أهدافه عسكريًا واقتصاديًا وسياسيًا، ومن ثم فالتعامل والليونة مع الحوثي ليس نتيجة لقوة الحوثي وحيله لكن في حقيقة الامر أن يرون في سلوكه بوابة لتحقيق أهدافهم في المنطقة العربية، ويضع كل ذلك الدول العربية وقادتها أمام تحدي الكينونة نكون أو لا نكون، فهم مطالبون بتطوير النظام الإقليمي العربي ليرقى إلى مستوى القدرة على مواجهة تحديات التفكيك من الداخل والأطماع من الخارج، ورفع مستوى التنسيق الأمني والدفاعي بين الدول العربية وإعادة الحياة والقوة للجسد العربي.
واختتم حديث بأن العرب بحاجة إلى حلف اقتصادي عسكري (دفاعي) يحدد الخطوط الحمراء المسموح والغير مسموح في التعامل الدولي مع العالم العربي.. فنحن أمة إذا أحسنا التعامل مع الذات العربية سنشكل مع بعضنا حلقة توازن مع الأمم الاخرى، تهدف للاستقرار العالمي في هذه المنطقة من العالم. ومشاكل المنطقة كلها سببها ضعف الأمة وانعدام التوازن مع الأمم الأخرى سواء تلك الأمم التي تقع في المحيط الجغرافي للامة (إيران إسرائيل، تركيا، وإثيوبيا) والقوى الدولية الأخرى.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: جامعة عدن الشحات غريب الحوثيين ايران اخبار اليمن الدول العربیة فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
تحليل .. إيران في عهد ترامب.. هل يواصل الضغط أم يعود للمسار الدبلوماسي؟
واشنطن"د ب أ": هل ستتبنى إدارة الرئيس الأمريكي القادم دونالد ترامب سياسة الضغط الأقصى أم ستلجأ إلى مسار الدبلوماسية مع إيران ؟ وكيف ستتعامل مع نظام إيراني لا يزال يشكل تهديدا خطيرار من المنظور الأمريكي؟ وهل يمكن تحقيق توازن بين منع إيران من امتلاك السلاح النووي والحد من نفوذها الإقليمي؟
هذه التساؤلات ستظل تطرح نفسها على الرئيس القادم لاسيما في ظل المتغيرات التي طرأت على المشهد في الأشهر الأخيرة من إدارة الرئيس جو بايدن.
ويقول المحلل لورانس هاس في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية إنه مع مواجهة إيران انتكاسات جيوسياسية، سيجد الرئيس ترامب نفسه قريبا أمام قرار مهم : هل يزيد الضغط على طهران لإضعاف النظام أكثر، أم يستغل هذا الضعف لمحاولة التفاوض على اتفاق بشأن القضايا النووية وغيرها؟
وبدأ خبراء السياسة الخارجية بالفعل في تقديم آرائهم حول الخطوات المفضلة. فعلى سبيل المثال، اقترح رئيس مجلس العلاقات الخارجية الفخري ريتشارد هاس أن يسعى ترامب إلى "تحقيق الهدف الطموح المتمثل في إعادة تشكيل سياسة إيران الأمنية الوطنية من خلال الدبلوماسية، ولكن دبلوماسية تمارس على خلفية الاستعداد والقدرة على استخدام القوة العسكرية إذا رفضت طهران معالجة المخاوف الأمريكية والغربية بشكل كاف."
ويرى هاس أن هذا الاقتراح يبدو معقولا، على الأقل ظاهريا. ومع ذلك، فإن تاريخ السنوات الاثنتي عشرة الماضية يشير إلى أنه ينبغي على الرئيس الجديد عدم التسرع في دعوة طهران للتفاوض على أمل التوصل إلى اتفاق يخدم المصالح الأمريكية.
ويقول إن استنزاف قوة إيران منذ خريف 2023 كان مذهلا بكل المقاييس. وعندما عبرت حركة حماس حدود إسرائيل مع غزة وقتلت 1200 شخص، وعندما أطلق حزب الله وابلا متواصلا من الصواريخ من لبنان، بدت طهران واثقة بشكل متزايد من تحقيق هدفها المتمثل في تدمير الدولة اليهودية.
ولكن بعد خمسة عشر شهرا، تسعى إسرائيل لتدمير قدرة حماس على شن هجوم كبير آخر، بينما قضت على قيادات حزب الله، وقللت من أعداد مقاتليه، ودمرت ما يصل إلى 80% من ترسانته الصاروخية.
ومع انشغالها بمصاعب حماس وحزب الله وضعفها بسبب تبادل الصواريخ المباشر مع إسرائيل، الذي أظهر قوة تل أبيب وضعف إيران، لم تتمكن طهران من منع سقوط بشار الأسد، أهم حلفائها الإقليميين.
والآن، سحبت إيران معظم قواتها من سوريا، حيث لا يتمتع الذين أطاحوا بالأسد بأي ود خاص تجاه الجمهورية الإسلامية، مما ترك طهران بدون "الجسر البري" لتسليح حزب الله.
ومع ذلك، يرى هاس أن إيران تظل تهديدا خطيرا ليس فقط لحلفاء ومصالح أمريكا الإقليمية، بل أيضا للاستقرار العالمي، مما يجعل طهران في مقدمة جدول الأعمال السياسي الخارجي لفريق ترامب الجديد.
ومع قيام إيران الآن بتخصيب المزيد من اليورانيوم بالقرب من درجة نقاء تستخدم في تصنيع الأسلحة، صرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن البرنامج النووي الإيراني قد يكون قريبا من "نقطة اللاعودة"، مما يترك للغرب وقتا أقل وخيارات محدودة لمنع الواقع المزلزل المتمثل في امتلاك إيران أسلحة نووية.
وفي الوقت نفسه، يواصل "أنصار الله" في اليمن إطلاق الصواريخ على إسرائيل، بينما يعطلون الشحن العالمي في الممرات المائية الإقليمية، ما يضيف مليارات الدولارات إلى تكاليف الشحن الدولية، ويرفع أسعار السلع الاستهلاكية، ويدفع ما لا يقل عن تسع وعشرين شركة شحن عالمية كبرى إلى تجنب قناة السويس والإبحار حول أفريقيا، مما يؤثر على ما يصل إلى خمسة وثمانين دولة.
ويتساءل هاس: كيف ينبغي لترامب أن يتعامل مع إيران ..هل أصبحت أضعف؟ أم لا تزال تشكل خطرا، في "محور المقاومة" الخاص بها؟
في أوائل عام 2013، واجه الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما معضلة مشابهة. فقد تركت سنوات من العقوبات وقرار نظام "سويفت"، خدمة الرسائل المالية العالمية، بوقف تعاملاته مع البنوك الإيرانية، الاقتصاد الإيراني في حالة انهيار. وانكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تقارب 6%، وارتفع التضخم إلى 45%، بينما بلغت البطالة 10%. وبحلول مايو 2013، انخفضت صادرات النفط إلى 700 ألف برميل يوميا (بعد أن كانت 2ر2 مليون في نهاية عام 2011).
ومع تعثر الاقتصاد الإيراني وتعرض نظامه المكروه لوضع خطير محتمل، خفف أوباما من ضغطه وركز على التفاوض للتوصل إلى اتفاق يقيد البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات.
وسواء قبل توقيع الاتفاق أو بعده، عبر أوباما عن أمله في أن يؤدي الاتفاق (خطة العمل الشاملة المشتركة) الموقع في يوليو 2015 بين إيران وست قوى عالمية، إلى تقليل التوترات بين واشنطن وطهران وتعزيز التعاون بشأن قضايا إقليمية أخرى.
ونتيجة ذلك هي صفقة مليئة بالثغرات تفتقر إلى الوسائل التي تمنع طهران من تطوير برنامجها النووي سرا والتي ستنتهي صلاحيتها تدريجيا على مدى عشرين عاما أو نحو ذلك، واقتصاد إيراني معزز أدى إلى استقرار النظام، وبفضل تخفيف العقوبات، نظام لديه مليارات الدولارات الإضافية لتوسيع جيشه وتمويل "شبكته " ومتابعة طموحاته في الهيمنة.
ويتساءل هاس: ماذا ينبغي أن يفعل ترامب، الذي سحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في 2018، الآن؟
أولا وقبل كل شيء، يجب ألا يكرر خطأ أوباما بالسعي إلى اتفاق مع طهران بأي ثمن، مما يؤدي إلى إبرام اتفاق معيب.
وفي الوقت الحالي، ينبغي عليه إعادة فرض حملته "الضغط الأقصى" من القيود المالية على إيران (كما وعد)، وإيضاح استعداده لاتخاذ جميع الخطوات العسكرية وغيرها لمنع إيران نووية (كما ألمح)، وحشد الدول ذات التفكير المماثل لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد"أنصار الله" لحماية الشحن العالمي، وتحميل طهران مسؤولية سلوك حلفاؤها"أنصار الله".ويخلص هاس إلى أن الوقت لم يحن بعد للدبلوماسية.