جريدة الرؤية العمانية:
2024-09-10@21:47:33 GMT

هل تشعر بالغيرة؟

تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT

هل تشعر بالغيرة؟

 

 

مدرين المكتومية

 

نعيش وسط مجتمع يختلف فيه الناس عن بعضهم البعض، عن طريقة حياتهم وأسلوب تفكيرهم، عن التأثيرات المباشرة التي تعرضوا لها وغير المباشرة، مما ولد بداخل كل شخص منَّا الكثير والكثير من التجارب التي أوصلتنا للعديد من المشاعر المتضاربة.

وهناك أناس جعلت منهم الحياة على اختلافها أشخاصًا قادرين دائمًا على التجاوز وعلى البدء من جديد دون الالتفات للآخرين، على عكس البعض ممن كان التأثير عليهم قاسياً، أو بالأحرى التجارب التي عاشوها شوّهت كل ما هو جميل بداخلهم، فاصبحوا غير قادرين على أن يحبوا أنفسهم، ويحبوا الآخرين.

وفي اعتقادي أن كل ما نقدمه للآخر هو انعكاس لما نرى أنفسنا فيه؛ حيث تجد البعض يعيش تحت ضغط الغيرة من كل ما تملكه وما بين يديك على الرغم من أنهم قد يكونون أفضل منك بكثير لكن دواخلهم المشوهة صورت لهم أنك أفضل منهم بمراحل.

إنَّ الغيرة لا تقتصر على الأشياء المادية أو على النجاحات وإنما تتجاوزها لتصل الى أعمق من ذلك، الغيرة في حب الناس لك، الغيرة من قربك من الآخرين، الغيرة من قبولك، الغيرة من نشاطك، الغيرة من فرصك، والغيرة أيضا من كل شيء أنت لا ترى أنه مهم أو يذكر.

هذه الغيرة لا تنحصر فقط فيمن هم ليسوا من دائرة معارفك، وإنما قد تجد الغيرة من زملاء العمل، ومن إخوتك وربما أصدقائك القريبين، وربما بين امرأة وامرأة، ويمكن أن تكون أيضا بين رجل ورجل، وقد تجاوز الأمر وأصبح أيضا بين رجل وامرأة! نحن للأسف نخلق في هذه الحياة بطاقات مختلفة، ولذلك فكل منَّا له تفاصيله وحياته التي لا تشبه غيره، وهذه الغيرة سلوك قد يكون غير مقصود وربما تحسس من بعض الأشياء والتفاصيل التي تتولد لدى الشخص، ولكنها مع الوقت تصبح سيئة لأنها تتمكن منه وتجعل منه شخصاً غير قادر على أن يكون عاديا وتتضح كل ما فيه من ردود أفعاله ومن طريقة تعامله مع ما يحدث مع غيره.

قد تكون الغيرة شيئًا عاديًا، وربما صحياً في بعض الأحيان، عندما تكون نوعًا من أنواع التنافس الحميد، لكنها قد تصل لمرحلة مؤذية تجعل الإنسان يحمل في داخله مشاعر سيئة وتجعل مشاعره هي من تتحكم به، وبالتالي تجده غير سعيد حتى وإن امتلك الكرة الأرضية بأكملها، وحتى وإن كان دائما في الأماكن والمراتب العليا، غير أنه يشعر بالنقص أو بافتقاره لشيء معين يجعله يشعر برغبة شديدة في أن يكون مكان شخص آخر أو أن يعيش حياة شخص آخر قد يخيل له أنها حياة متكاملة ولا تشوبها شوائب.

الحقيقة التي لا خلاف ولا جدال عليها هي أننا في هذه الحياة نسعى لأن نكون في مكان مُعين، ومرحلة رائعة، وتحيط بنا الأشياء الجميلة والأشخاص الرائعين لكننا ننسى دائماً أن هناك رب في السماء هو المسؤول عن دورة حياتنا وعن ما نحن فيه وعليه وله حكمته بذلك، والأهم من هذا كله أن يدرك كل منَّا أن الغيرة لا تقود إلا للتعب النفسي لأنك حين تغار من غيرك وتحرق أعصابك بكونك تريد أن تكون هو، فهو في المقابل يعيش بسلام تام ومؤمن إيماناً تاماً بأن الحياة ستعطيه وفق ما يرى نفسه عليه.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

بالنسبة للمتظاهرين في إسرائيل.. فلسطين قد لا تكون موجودة

ترجمة: أحمد شافعي -

يتغير التوازن السياسي الإسرائيلي الآن تغيرًا دقيقًا، فعلى مدار أحد عشر شهرًا، كان أغلب الناس هنا يقبلون القول بأن هدفي إسرائيل من حملة الإبادة الجماعية في غزة ليسا متناسبين فقط ولكنهما متكاملان أيضا. وكان هذان الهدفان هما «تدمير حماس» (وتم إلحاق جميع أنواع التعريفات لاحقا بهذه العبارة دون أن يثبت منها شيء) و«استعادة الرهائن». وقد أصرت حكومتنا على أن الهجوم دائم التوسع على غزة يعجّل بعودة اللاجئين؛ لأن حماس سوف تتعلم كيف تدرك قوتنا وتخشى غضبنا. وفور حدوث ذلك، سوف يستسلمون، ويعيدون رهائننا، وينتهي كل شيء في ظرف عشر دقائق. وذلك ما لا يزال المرء يسمعه كثيرا للغاية من إسرائيليين ينتمون إلى مختلف القناعات السياسية، وهو أن كل ما ينبغي أن تفعله حماس لتبديد الألم هو أن تعيد الرهائن. ففي نهاية المطاف لا يريد الإسرائيليون غير السلام.

ثم جاء مقتل ست رهائن في نهاية أغسطس فأدى أخيرًا إلى أن يفهم كثير من الإسرائيليين الحقيقة أخيرًا. لقد صوّرت حكومة نتانياهو محنة الرهائن باعتبارها قصة «مصلحة إنسانية»، وصورت ذويهم المحتجين باعتبار أن دافعهم إلى الاحتجاج هو الالتزام الشخصي في أفضل الحالات. وبدا أن وفاة الرهائن السابقين قد جرى في مكان وزمان غامضين، فإما في «السابع من أكتوبر» أو في «الأنفاق» أو هي كلها «على يد حماس».

ولكن الرهائن الستة أولئك تعرضوا للموت بالرصاص لسبب واضح هو أن القوات الإسرائيلية اقتربت منهم ومن محتجزيهم. وليس واضحًا إن كان الجنود قد علموا بوجود الرهائن هناك، ولكن المأساة أوضحت أن «الضغط العسكري» من إسرائيل تسبب في مقتل الرهائن لا في إعادتهم. لقد كان من الممكن تمامًا اجتناب موتهم، ومن هنا كان الأمر شديد الإحباط والإزعاج. لقد أدرك كثير من الإسرائيليين فجأة أن معاناة الرهائن ليست إلا فشلا إستراتيجيًا، وهزيمة محققة. ولذلك خرج إلى الشوارع متظاهرون على مدار الأسبوعين الماضيين وحتى في العطلة الأسبوعية.

ومع ذلك، هناك شيء واحد لم يتبدل، فبين مئات آلاف الإسرائيليين المتظاهرين، يصعب كثيرًا على المرء أن يعثر على أكثر من عدة مئات يطالبون بإنهاء فعلي لحملة غزة.

يناشد المتظاهرون نتانياهو أن «يبرم صفقة». لا يقولون شيئًا عن الفلسطينيين أو أعمال الإبادة الجماعية من جانب إسرائيل، ومفهوم ضمنيًا أن الصفقة لا تنفي التزام إسرائيل بـ«تدمير حماس». ولا ذكر للقتل اليومي المستمر لعشرات الفلسطينيين في غزة وتوسيع الهجمات الإسرائيلية في الضفة الغربية. ما من رؤية لمستقبل في ما يتجاوز «أعيدوهم الآن». لا بد أن توقع إسرائيل اتفاقية لإعادة الرهائن إلى الوطن. وإذا رأت أنه لا بد من الاستمرار في تنفيذ الإبادة الجماعية حتى بعد رجوع الرهائن فسوف تستمر في ذلك، ويبدو أنها تحظى بموافقة أغلب الناس في الشوارع.

قد يبدو غريبا أن مئات الآلاف من الإسرائيليين الملتزمين بتغيير واقع الإبادة الجماعية يتجاهلون عشرات آلاف المدنيين الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل، ولكن هذا هو حالنا. فبعض أمثلة اللامبالاة سريالية بلا مراء.

لقد كانت إيدن ييروشلامي من الرهائن الست الذين لقوا مصرعهم في أغسطس. وحينما رجع جثمانها، كشف الإعلام الإسرائيلي أن وزنها بلغ ستة وثلاثين كيلوجرامًا، وتم تداول ذلك باعتباره دليلًا على أن حماس عمدت إلى تجويعها، مما أظهر مرة أخرى أن إسرائيل تواجه «وحوشًا». ولم يربط أحد بين تجويع إسرائيل لغزة عمدا وبين هزال إيدن ييروشلامي. لم يفكر أحد أن وفاتها قد تكون مرتبطة بعواقب سياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين. أدانت المظاهرات المناهضة للحكومة عدم كفاءتها وقسوتها، ولكنها توجهت ضد إسرائيليين. أما الفلسطينيون فببساطة لا وجود لهم.

ما الذي يكمن وراء هذا القمع التام لحياة الفلسطينيين وموتهم؟ يسهل جدا أن نعثر على تفسير في السيل اللانهائي من التحريض على الإبادة الجماعية الذي يندفع من وسائل الإعلام الإسرائيلية الرسمية والاجتماعية، ومن الساسة والمفكرين في إسرائيل. فعندما يقترح جنرالات إسرائيليون متقاعدون «السماح» لثلاثمائة ألف فلسطيني بـ«الجلاء» عن مدينة غزة (إلى أين سيذهبون؟) وأن يفرض بعد ذلك حصار «محكم» على المدينة، لإرغام الخمسة آلاف «إرهابي» الباقين فيها (بحسب من؟ وكم من الرهائن لا يزالون في غزة؟) على الاستسلام أو الموت، فماذا يكون هذا الكلام إذا لم يكن خطة إبادة جماعية؟

تنضم هذه إلى «خطط» أخرى كثيرة روجتها السلطات الإسرائيلية على مدار العام الماضي، بدءا بطاعة الوصية الدينية بمحو ذكرى «العماليق» من تحت السماء، وحتى النقل «الرضائي» لمليوني غزاوي إلى شمال سيناء. وأمثال هذه الخطط بالطبع تصدر عن مسؤولين. أما البذاءات التي يتقيؤها الجنود في غزة والمواطنون العاديون الإسرائيليون فأسوأ من هذا كثيرا. وحينما يكون هذا هو كل ما يتعرض له المرء على مدار عام وعلى مدار عمر كامل، فكيف يكون له رد فعل آخر؟

لكنني أعتقد أن هذا التفسير يغفل عن الرعب الحقيقي من الإبادة الجماعية الإسرائيلية. فهذا الرعب لا يكمن في تحول حديث إلى التطرف، بل إنه كان قائما طوال الوقت.

لقد أقيمت إسرائيل على مبدأ التفوق اليهودي. والدفاع عن اليهود (ولو كانوا إرهابيين) بغض النظر عن الظروف هو سبب وجود إسرائيل. نحن ندافع عن تفوقنا ونصقله بالعمل بجد على جعله شفافا. مارسنا الفصل العنصري والتمييز واحتللنا لا رغبة في قتل جميع الفلسطينيين ولكن التزاما بإرغامـ«هم» على أن يعرفوا مكانهم ويتنحوا عن أنظار«نا» قدر المستطاع. أردنا أن نقيم هيراركية شديدة الوضوح لا نحتاج بعدها إلى أن نذكرها أصلا ذكرا صريحا، شديدة الوضوح إلى حد أن تصبح شفافة. وكنا نتصور أننا نحرز النجاح.

ومات هذا الوهم ميتة قاسية في السابع من أكتوبر. جعلت عملية حماس من المستحيل علينا أن نقمع الفلسطينيين أو ألا نراهم. لم نستطع أن نديم تفوقنا، حتى لو كان سبب ذلك هو أن جيشنا الذي تفترض فيه العظمة مني بهزيمة. كانت الضربة بالغة القوة فأرجعتنا فورا من التفوق إلى الأنانية.

كنا نعلم أننا حقيقيون وأن الفلسطينيين ليسوا كذلك. بل وأنه لا يوجد حقيقيون عدانا. كنا نعلم أننا الشعب الحقيقي الوحيد في العالم. وذلك موقف لا يمكن الدفاع عنه إلا بتدمير أي تحد لسلامته.

كان محض وجود حماس تهديدا لإحساسنا الأعمق بذاتنا. لم يكن بوسعنا أن نسمح «لهم» بالحياة. لكن هل كان بوسعنا أن نحدد بوضوح من «هم»؟ من الواضح أن الإجابة هي لا، لأنـ«هم» يختفون وسط مدنيين. لم يكن ذنبنا أن هؤلاء المدنيين ماتوا. هل كان ذنبنا أننا اكتشفنا مع مرور الأيام والأسابيع والشهور من القتل أن مزيدًا ومزيدًا من المدنيين يدعمون «الإرهابيين» فعليًا أو أنهم أنفسهم «إرهابيون»؟ لا، لم يكن ذنبنا.

أما حقيقة أن أشد أنصار حماس، بعد أحد عشر شهرا من التدمير، قد يكونون مستمرين في مناصرتها، فهي حقيقة لم تدخل حساباتنا. فهم غير حقيقيين. وهم بادعائهم أنهم حقيقيون يهددون حقيقتنا. ونحن لا نريد أن ندمرهم جميعا. لكننا مرغمون على ذلك.

أوري جولدبرج كاتب إسرائيلي وأكاديمي ومعلق سياسي

عن ذي نيشن

مقالات مشابهة

  • بالنسبة للمتظاهرين في إسرائيل.. فلسطين قد لا تكون موجودة
  • 4 علامات خفية وخطيرة تشير إلى مرض سرطان المعدة في جسمك .. لا تتجاهلها
  • كيف يكون الطفل سعيداً وناجحاً في المدرسة؟
  • أنْ تكون فلسطينيًّا منفيًّا في وطنك !
  • حين يكون المسؤول فوق مستوى الطموحات
  • عضو “كنيست” بارز: نعرف مكان “نصر الله” وربما نقضي عليه وسنصل للسنوار قريبًا وهناك نية لشن حرب في الشمال
  • عضو كنيست لمعاريف: نعرف مكان نصر الله وربما نقضي عليه
  • كنعاني: “اسرائيل” تشعر بخيبة أمل من الانتصار وتتبع استراتيجية “الأرض المحروقة” في الضفة
  • خرافة أن يكون المرء عراقيا
  • القاضية عون: أنت الأقوى عندما تكون مع الحق