وسط مخاوف وانعدام استقرار داخلي.. إيران تزن خيارات ردها على إسرائيل
تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT
منذ مقتل زعيم حماس، إسماعيل هنية، يترقب العالم بقلق الرد الإيراني الموعود والذي لم يأت بعد ما يقرب من أسبوعين من التهديدات، إذ تجد طهران نفسها تكافح بشأن كيفية موازنة هجومها المضاد، وفقا لصحيفة "واشنطن بوست".
وعلنا، يواصل المسؤولون الإيرانيون التحذير من رد "قاس" لـ"معاقبة" إسرائيل، لكن في الاجتماعات الخاصة مع قادة وكلائها المسلحين، تدعو طهران إلى الحذر، ضمن مساعيها للموازنة بين أي إظهار للقوة والرغبة في تجنب حرب شاملة في المنطقة، وفقا لما نقلته الصحيفة الأميركية عن مصادر مطلعة على المحادثات.
وسيكون تحقيق هذا التوازن "صعبا" بحسب المصدر ذاته، بعد أن محا الهجوم المباشر الأول لإيران على إسرائيل، في أبريل الماضي، الخطوط الحمراء التي احتوت طويلا حرب الظل بين البلدين.
وتجنب الجانبان مواجهة أوسع، حيث اعترضت إسرائيل وتحالف بدعم أميركي معظم النيران القادمة. وهذه المرة، إيران أقل استقرارا سياسيا في الداخل، وأقل يقينا من أن الجانب الإسرائيلي سيضبط نفسه مرة أخرى.
وقال مسؤول إسرائيلي، مستشهدا بمحادثات مع مسؤولي الأمن لواشنطن بوست، الاثنين، إن آخر تقييم لإسرائيل كان أن إيران تخطط لهجوم مباشر آخر وأنه قد يأتي على الفور.
بدوره، أفاد مصدر لبناني الصحيفة الأميركية على علاقات وثيقة بجماعة حزب الله اللبنانية المسلحة وقد تم إطلاعه على الاتصالات مع طهران، أن "الإيرانيين وحلفاءهم يسيرون بحذر".
وقدم عضو في البرلمان العراقي مرتبط بشكل وثيق بالميليشيات المدعومة من إيران في البلاد رواية مماثلة لواشنطن بوست: "قيل لنا (من قبل إيران) أنه سيكون ردا محدودا"، لأن طهران "لا تريد توسيع الحرب".
وفي الاجتماعات الأخيرة، وفقا للمصدر اللبناني الذي له صلات بحزب الله، أعربت إيران عن قلقها من أن إسرائيل والولايات المتحدة قد تضربان برنامجها النووي، مستخدمتين الصراع الشامل كذريعة "لتحييد الردع النووي الإيراني بشكل أساسي".
واقترح علي أصغر شفيعيان، مستشار الحملة الإعلامية للرئيس الإيراني المنتخب حديثا، بزشكيان، أن رد طهران من غير المرجح أن يكون تكرارا لوابل أبريل الذي استمر لساعات.
وقال لصحيفة واشنطن بوست إن قتل هنية "كان مهمة قائمة على المخابرات"، و"رد إيران سيكون ذو طبيعة مماثلة وعلى مستوى مماثل".
وكانت الولايات المتحدة متحفظة بشأن كيفية ردها على هجوم إيراني آخر على إسرائيل، مؤكدة أن تركيزها كان على الدعوة إلى خفض التصعيد وتعزيز دفاعات حليفتها.
والاثنين، بعد أن ناقش الرئيس الأميركي، جو بايدن، الوضع مع القادة الأوروبيين، أصدر البيت الأبيض بيانا مشتركا يدعو إيران إلى "وقف تهديداتها المستمرة بشن هجوم عسكري ضد إسرائيل".
وقُتل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، في 31 يوليو، في دار ضيافة في طهران، حيث كان يحضر حفل تنصيب الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان.
ولم تؤكد إسرائيل ولم تنفِ دورها في الاغتيال بشكل علني.
"التأمل والصبر"وردت إيران، الثلاثاء، على دعوات الولايات المتحدة ودول أوروبية لها إلى "التراجع" عن تهديدها ضد إسرائيل، مؤكدة أنها لا تطلب "الإذن" من أحد للرد.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، في بيان إن "الجمهورية الإسلامية مصممة على الدفاع عن سيادتها.. ولا تطلب الإذن من أي كان لممارسة حقوقها المشروعة".
وحضت الولايات المتحدة وحلفاء أوروبيون، الإثنين، إيران على "التراجع" عن تهديدها بمهاجمة إسرائيل التي تتهمها باغتيال هنية، مع تصاعد المخاوف من هجوم على الدولة العبرية من شأنه أن يشعل فتيل حرب شاملة في الشرق الأوسط.
وأكد كنعاني أن "مثل هذا الطلب يفتقر الى المنطق السياسي ويناقض مبادئ وأحكام القانون الدولي ويشكل دعما علنيا وعمليا" لإسرائيل.
من جهته، قال مستشار حملة الرئيس الإيراني، شفيعيان، إن إيران سترد بعد أن تأخذ وقتا "للتأمل والصبر"، معترفا بأن تداعيات اغتيال هنية تمثل "تحديا كبيرا" لبزشكيان، لكنه قال إن الحكومة قادرة على "إدارة الموقف".
وأوضح لواشنطن بوست: "ربما قبل 40 عاما، كانت بعض تصرفات إيران نابعة من الإثارة والعاطفة"، مضيفا أن البلاد ستستجيب الآن بطريقة "ناضجة".
وقد يأخذ الرد من المخابرات الإيرانية شكل هجمات على أهداف إسرائيلية سهلة في الخارج، مثل السفارات، كما قال مارك بوليميروبولوس، وهو ضابط عمليات كبير سابق في وكالة المخابرات المركزية الأميركية، عمل في أدوار مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط.
وأوضح في حديثه للصحيفة الأميركية: "لا أعتقد أن الإيرانيين لديهم القدرة على ضرب مسؤولين أمنيين إسرائيليين، على سبيل المثال، على الأراضي الإسرائيلية".
ووفقا لمسؤول عراقي له علاقات وثيقة بالقوات المدعومة من إيران في المنطقة، يخطط حلفاء طهران في العراق وسوريا لمهاجمة القواعد الأميركية في تلك البلدان بينما تشن إيران هجومها المتوقع على إسرائيل.
وكشف للصحيفة ذاتها أن الجماعات قد أخبرت بأن تكون في حالة "تأهب قصوى" لكن لم يتم إبلاغها بعد بجدول زمني للهجوم.
ويشير محللون إلى أن التأخير يسلط الضوء أيضا على قلق إيران نفسها في لحظة حساسة من الانتقال السياسي.
ويعد بزشكيان أول رئيس إصلاحي لإيران منذ ما يقرب من عقدين، وقد حمل حملته على زيادة الانخراط مع الغرب، على أمل تخفيف عبء العقوبات التي فرضتها واشنطن وحلفاؤها.
ومن شأن حرب إقليمية أن تعزل إيران أكثر وتعمق أزمتها الاقتصادية. وعلى مدى الأشهر العشرة الماضية، وصلت قيمة الريال الإيراني مرارا إلى مستويات قياسية منخفضة.
لكن الأسابيع الأولى لبزشكيان هيمنت عليها المكالمات الهاتفية مع نظرائه الأجانب ومخاوف من التصعيد الإقليمي.
وقال بزشكيان في مكالمة، الأحد، مع رئيس المجلس الأوروبي، وفقا لملخص نُشر في وسائل الإعلام الحكومية، إن إيران "تدعم السلام والأمن لجميع دول العالم".
وأضاف مستدركا "يجب وقف أي تحرك يهدد السلام في أي جزء من العالم".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: على إسرائیل
إقرأ أيضاً:
إيران ترد على تهديدات نتنياهو: أي مغامرة ستواجه برد ساحق
حذر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي مما وصفته بأي مغامرة أو تصرف خاطئ ضد طهران، مشددًا على أن إيران لن تتهاون مع أي تهديد وستواجه برد "ساحق".
وجاءت التصريحات بعد سلسلة من التصريحات التي أطلقها رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والتي اعتبرت إيران أنها تدخلت في سير المحادثات النووية بشكل غير مقبول، مؤكدا أن نتنياهو يسعى إلى "إملاء" السياسة الأمريكية، لا سيما فيما يتعلق بالمفاوضات النووية بين إيران وواشنطن.
وأشار بقائي إلى أن إيران منفتحة على دور دول أخرى مثل روسيا والصين والاتحاد الأوروبي، لدعم العملية التفاوضية والوصول إلى اتفاق يراعي مصالح جميع الأطراف.
وأوضح بقائي أن إيران ستتمسك بشروطها في المفاوضات، ولن توافق على أي اتفاق لا يتماشى مع الإطار العام الذي تراه طهران مناسبًا، بما في ذلك الحفاظ على حقها في تطوير برنامجها النووي لأغراض سلمية.
وكان بقائي قد أعلن في وقت سابق الأثنين وصول فريق فني من الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى إيران، حيث سيجري محادثات مع السلطات الإيرانية، حيث تعد الزيارة جزءًا من المساعي المستمرة لضمان الشفافية في البرنامج النووي الإيراني، مع العلم أن الوكالة قد تنضم إلى الجولة المقبلة من المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن.
كما أن هناك تأكيدات من قبل وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، بأن الوكالة سيكون لها دور محوري في التحقق من أي اتفاق مستقبلي.
وتعكس تصريحات بقائي الموقف الإيراني الثابت في المحادثات النووية، حيث تسعى طهران إلى الحفاظ على سيادتها في الملف النووي والتصدي لأي محاولات تهدف إلى تقليص برنامجها النووي بشكل مفرط. ويأتي ذلك في وقت حساس من المحادثات، خاصة مع استمرار الضغوط الدولية على إيران لإيجاد حل دبلوماسي لأزمة برنامجها النووي.
من جهة أخرى، استمر نتنياهو في موقفه المتشدد ضد إيران، حيث دعا مجددًا إلى تفكيك كامل للبنية التحتية النووية الإيرانية، مشيرًا إلى أن أي اتفاق جيد هو الذي يؤدي إلى إزالة هذه المنشآت بشكل كامل، تمامًا كما فعلت ليبيا في عام 2003 بعد تخليها عن برامجها النووية.
كما اتهم نتنياهو إيران بأنها "المحرك الرئيسي للهجمات على إسرائيل" في المنطقة، معبرًا عن قلقه من التوسع الإيراني في الشرق الأوسط. وأضاف أن إسرائيل ستظل حائط صد ضد المخططات الإيرانية في المنطقة.
ومن جانبها تواصل إيران، التأكيد على موقفها الثابت في المفاوضات، وهي تضع شروطًا واضحة في ما يتعلق بالبرنامج النووي، مع رغبة كبيرة في الحفاظ على استقلالها الاستراتيجي وتفادي أية مغامرات قد تؤدي إلى التصعيد في المنطقة.