تهديدات كبيرة وأسئلة كثيرة، والمطلوب واحد: منع الحرب بين إسرائيل وإيران، وربما ردع "المتطرفين" في الدولتين من جر المنطقة إلى حرب.

توعدت إيران بالانتقام من إسرائيل، ولم تنفذ تهديدها إلى الآن، بينما تباينت التكهنات بشأن الأسباب، هل هي الحكمة؟ أم الخوف؟ أم انتظار اتفاق شامل مع واشنطن؟ كما يروج إعلام محور طهران.

باربارا سلايفن، كاتبة وزميلة في "مركز ستيمسون" في واشنطن وبهنام بن طالبلو، كبير الباحثين في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" في واشنطن، ومئير مصري، الأستاذ في "الجامعة العبرية في القدس"، ناقشوا هذا الملف في برنامج "عاصمة القرار" على قناة الحرة.

هل تتفادى المبادرة الثلاثية حرب واسعة بين إيران وإسرائيل؟

دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن،  كلّ الأطراف في المنطقة إلى "إدراك مخاطر الحسابات الخاطئة، واتخاذ قرارات لتهدئة التوترات وليس لتفاقمها. يجب ألا يُصعّد أحد هذا النزاع. نحن منخرطون في دبلوماسية مكثّفة مع حلفاء وشركاء، نقلنا هذه الرسالة مباشرة إلى إيران ونقلنا تلك الرسالة مباشرة إلى إسرائيل أيضاً".

ويستعين البيت الأبيض بمصر وقطر، لحث إسرائيل وحماس على التوصل إلى اتفاق لوقف النار، واطلاق سراح الرهائن، وبالتالي نزع فتيل التوتر بمنطقة أصبحت رهينةً لهذا الصراع.

ودعا قادة الولايات المتحدة ومصر وقطر في بيان مشترك كل من إسرائيل وحماس إلى "استئناف المناقشات العاجلة يوم الخميس 15 أغسطس في الدوحة أو القاهرة،  لسد جميع الفجوات المتبقية والبدء في تنفيذ الاتفاق دون مزيد من التأخير. لم يعد هناك المزيد من الوقت لإضاعته، ولا أعذار لأي طرف لمزيد من التأخير. لقد حان الوقت لإطلاق سراح الرهائن وبدء وقف إطلاق النار وتنفيذ هذا الاتفاق"، حسب تعبير البيان الثلاثي.

طائرات F-22.. وصواريخ كروز

أمر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن بنشر 3 حاملات طائرات، وأسراب من طائرات F-22 رابتورز المتطورة جداً، التي وصلت إلى المنطقة. وذلك في إطار "الجهود العديدة لردع العدوان، والدفاع عن إسرائيل، وحماية القوات الأميركية في المنطقة"، على حد تعبير أوستن.

كما استوقف المراقبين ملياً، إرسال الغواصة "يو إس إس جورجيا" المسلحة بصواريخ كروز الفائقة الدقة. وبالتالي فإن ما نشرته الولايات المتحدة في المنطقة يُشكّل قوة ردع كبيرة جداً.

تقول باريارا سلايفن إن واشنطن لا تريد حرباً إقليمية، لكنها "توجه رسالة لإيران عبر نشر هذه القوة العسكرية في المنطقة.  فإيران تخشى الوجود العسكري الأميركي، والولايات المتحدة تريد أن تردع الميليشيات الشيعية في العراق وسوريا عن مهاجمة القواعد الأميركية".

ويعتقد بهنام بن طالبلو أن "إيران سترد حتماً على إسرائيل. وأن ادارة بايدن لا تريد حرباُ إقليمية ، لكنها تجرب حلاً عملانياً لمشكله سياسية، وإذا وقع هجوم إيراني وأدى إلى ضحايا كثر، فإن المواقف في الولايات المتحدة ستتحول من دفاعية إلى هجومية".

من جهته يقول الباحث الأميركي مايك دوران "إن فريق بايدن يريد تجنب تحول التصعيد إلى صراع إقليمي إذا هاجم الإيرانيون إسرائيل. ولذلك تطالب هذه الإدارة إسرائيل بعدم استباق إيران وعدم الرد عليها"

وتثير هذه السياسة، بحسب دوران، سؤالين: "أولاً.. لماذا يعتبر الهجوم الإيراني على إسرائيل حدثاً مقبولاً، بينما يعتبر الهجوم الإسرائيلي الوقائي أو الهجوم المضاد تصعيداً؟ وثانياً.. ألم تكن مئات الهجمات على إسرائيل من لبنان والعراق واليمن وإيران تصعيداً إقليمياً؟ فاليمن، على سبيل المثال، يبعد 1200 ميلاً عن إسرائيل".

أما الباحثة الأميركية أندريا سترايكر، فتعتقد أنه على الولايات المتحدة "توجيه تهديد حقيقي باستهداف أهداف عسكرية مُهمة تُقدرها إيران - بدلاً من الدبلوماسية، والمناشدات، والتفاهم مع النظام الإيراني- هو وحده القادر على إيقاف أي ضربة إيرانية كبيرة لإسرائيل".  

مزيج من "الردع والدبلوماسية"

من جهته يقول ديفيد إغناتيوس في واشنطن بوست، إن "بايدن يسعى جاهداً لنزع فتيل القنبلة الموقوتة بين إيران وإسرائيل".

ويُضيف أن الرئيس الأميركي "قرر اعتماد استراتيجية قائمة على مزيج من الردع والدبلوماسية، كأفضل طريقة لمنع وقوع الكارثة في الشرق الأوسط".

وينقل ديفيد إغناتيوس عن مسؤول أميركي رفيع قوله بأنه تم إيصال رسالةً واضحة لإيران عبر السفارة السويسرية في طهران، بأن "الولايات المتحدة لا تتزعزع في دفاعها عن مصالحنا وشركائنا وشعبنا. وقد نقلنا كمية كبيرة من الأصول العسكرية إلى المنطقة للتأكيد على هذا المبدأ. وأن خطر حدوث تصعيد كبير مرتفع للغاية، وقد يؤدي إلى عواقب وخيمة على استقرار الحكومة الجديدة للرئيس مسعود بيزشكيان"

ويضيف إغناتيوس أن دبلوماسية بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو معقدة بنفس القدر، إذ أجرى الاثنان محادثة هاتفية حادة اشتكى فيها بايدن من أن نتانياهو يعيق الجهود الأميركية لوقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن في غزة. 

وقد ضغط بايدن على رئيس الوزراء الإسرائيلي ليكون "شريكا جيداً" لواشنطن، التي تعتبر أن التصعيد الإسرائيلي الأخير كان ناجحاً تكتيكياً لا استراتيجياً، ورغم ذلك فإن البلدين ليسا على خلاف، رغم الإحراج الذي تسببه لواشنطن حرية العمل العسكري الإسرائيلي.

مواجهة أميركية إيرانية مباشرة؟

في مقال له بصحيفة "وول ستريت جورنال"، يقول السناتور الجمهوري ليندسي غراهام إن "تكثيف إيران ووكلائها هجماتهم على إسرائيل وعلى المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، هو نتيجة سياسة إدارة بايدن التي سمحت للنظام الإيراني بجني المزيد من الأموال من بيع النفط واستثمارها في تصدير الإرهاب".  

ثم يشرح السناتور الجمهوري اقتراحه لثلاثة مشاريع قوانين لمواجهة إيران وهي: أولاً: فرض رسوم جمركية مرتفعة على الدول التي تنتهك العقوبات الأميركية عبر شراء النفط من إيران. 

وثانياً: اعتبار أي هجوم لحزب الله على إسرائيل بمثابة  هجوم إيراني على إسرائيل. ومحاسبة طهران على هجمات حزب الله. 

وثالثاً: وضع خطوط حمراء حقيقية ونهائية لبرنامج إيران النووي. إذا تجاوزت طهران هذه الخطوط، فستستخدم الولايات المتحدة القوة العسكرية ضدها.

ويعتبر غراهام أن إقرار هذه القوانين معاُ يوجه رسالة لا لبس فيها إلى النظام الإيراني.

وفي المقابل، يعتقد النائب الديمقراطي سيث مولتون، أن "لدى إسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، لكن هذا ملف قد يجر الولايات المتحدة إلى التدخل. لا نريد أن يتم جرنا إلى حرب جديدة في الشرق الأوسط. لذلك، نحن مهتمون بما تقوم به إسرائيل للدفاع عن نفسها. ونريد أن تكون إسرائيل والإسرائيليون بأمان . لكننا أيضاً، لا نريد حرباً واسعة في الشرق الأوسط".

"نجاحات تكتيكية وأخطاء استراتيجية"

يجادل الكاتب الأميركي جوناثان سترام، بأن عمليتي قتل إسرائيل لإسماعيل هنية وفؤاد شكر كانتا ناجحتين استخباراتياً وتكتيكياً، لكنهما كانتا في النهاية أخطاءً فادحة استراتيجياً. 

ويقول إن إسرائيل قتلتهما في وقت متزامن، وهذا ما سيجبر إيران وأذرعها على الرد، مما سيشعل المنطقة، وقد يورط واشنطن في حرب كان يُمكن تفاديها ويقتل أي أملٍ باتمام صفقة الرهائن، وعودة النازحين إلى بيوتهم في شمال إسرائيل. 

ويختم الكاتب أن هذه الاغتيالات لا تخدم سوى نتانياهو ويحيى السنوار اللذين سيستفيدان سياسيا من اندلاع حريق أوسع نطاقاً في المنطقة.

ويعتقد الأستاذ الجامعي الأميركي شبلي تلحمي أن " نتانياهو يريد جر الولايات المتحدة إلى حرب مع حزب الله وإيران. يجب الا يُصدق أحد ما يروج له نتانياهو".

سيناريو الضربة الإيرانية

يعتقد "معهد دراسة الحرب" في واشنطن، أنه يُمكن أن تُعدِّل إيران نموذج هجوم أبريل 2024 على إسرائيل، بأربع طرق على الأقل لزيادة احتمال إلحاق أضرار جسيم.

أولاً: يُمكن لإيران زيادة حجم الصواريخ التي تطلقها على إسرائيل. وثانياً: يُمكن لإيران أن تغيّر عدد المواقع التي تستهدفها في إسرائيل. وثالثاً: يُمكن لإيران أن تأمر بشن هجمات متزامنة على القوات الأميركية، خاصة في شرق سوريا. ورابعاً: يُمكن لإيران وحلفائها تنفيذ سلسلة من الهجمات بالطائرات من دون طيار والصواريخ على مدار عدة أيام.

ويًلاحظ الباحث الأميركي سينا طوسي أنه، كما نقلت نيويورك تايمز عن مسؤولين إيرانيين، فإن روسيا بدأت في تسليم إيران رادارات متقدمة ومعدات دفاع جوّي. ويتماشى هذا الخبر مع شائعات في وسائل الإعلام الإيرانية، بأن إيران تلقت أنظمة مورمانسك للحرب الإلكترونية لمساعدة دفاعاتها الجوية.

ويستبعد آرتا مويني اندلاع حرب مباشرة بين إيران وإسرائيل ويرى أن "السيناريو الأرجح فتح جبهة جديدة في شمال إسرائيل مع حزب الله". ويضيف مدير الأبحاث في معهد السلام والدبلوماسية، أن إيران لم تشر إلى طبيعة وتوقيت الهجوم الذي ستشنه "لجعل نتانياهو يدفع كلفة أكبر مقارنة بالهجوم في أبريل الماضي".

ويقول الباحث الإسرائيلي مئير مصري، إن "التهديد بالرد على إسرائيل أهم من الرد نفسه بالنسبة لإيران التي لن تضحي بمصالحها عبر الدخول في مواجهة غير محسوبة مع إسرائيل".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط على إسرائیل فی المنطقة فی واشنطن

إقرأ أيضاً:

نتنياهو يبحث مع ترامب التهديد الإيراني في المنطقة

بحث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الأربعاء مع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب التهديد الإيراني في الشرق الأوسط.

وجاء في بيان صادر عن مكتب نتنياهو: "تحدث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هذا المساء مع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب".

وأضاف: "كان رئيس الوزراء الإسرائيلي من أوائل من اتصلوا بالرئيس الأمريكي المنتخب. وكانت المحادثة دافئة وودية. وهنأ رئيس الوزراء ترامب على فوزه في الانتخابات، واتفقا على العمل معا من أجل أمن إسرائيل وناقشا أيضا التهديد الإيراني".

وأعلن ترامب اليوم فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية بفارق واضح من الأصوت على المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس. 

وبانتظار إعلان النتائج الرسمية أفادت "فوكس نيوز" بأن ترامب حصل على 277 صوتا في المجمع الانتخابي، فيما أعلن رئيس مجلس النواب في الكونغرس الأمريكي مايكل جونسون عن فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة بعد تخطيه حاجز الـ 270 صوتا.

مقالات مشابهة

  • لماذا تعتبر الشراكة مع الولايات المتحدة أفضل خيار استراتيجي للشرق الأوسط؟
  • بايدن مكبّل.. ماذا تعرف عن مرحلة البطة العرجاء في الولايات المتحدة؟
  • إسرائيل على عتبة حرب جولات مع إيران
  • نتنياهو يبحث مع ترامب التهديد الإيراني في المنطقة
  • ترامب: حريص على تطوير علاقات الشراكة الاستراتيجية التي تجمع بين الولايات المتحدة ومصر
  • انعكاسات عودة ترامب للرئاسة الأميركية على إيران
  • تفاصيل جديدة عن هجوم إيراني على إسرائيل وطهران تتعهد بالرد بطريقة مناسبة
  • إدارة بايدن: إسرائيل "فاشلة" في تحسين الوضع الإنساني في غزة
  • إسرائيل تستعد لـ"رد قاس وحاسم" بعد تهديدات إيران
  • إيران توجه رسالة جديدة إلى إسرائيل: لنا الحق مرة أخرى في الرد على هجومكم الأخير