سواليف:
2024-11-26@13:15:38 GMT

الأعراس بين الأمس واليوم / منى الغبين

تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT

#الأعراس بين #الأمس و #اليوم

#منى_قاسم


الاحتفال بالأعراس عادة عربية متوارثة , وسنّة إسلامية متّبعة , جاءت تعبيرا عن الفرح بأهمّ مستلزمات استمرار الحياة على هذا الكوكب والتي لا تكون إلاّ بالتقاء آدم وحوّاء بميثاق غليظ قائم على المودّة والرحمة لتكوين أسرة بها تستمرّ الحياة , والاطمئنان النفسي لكلّ منهما علاوة على ما يؤديه هذا الارتباط المقدس من بناء علاقات اجتماعية بين الأسر المتصاهرة , فكان الأمر الطبيعي أن يقابل هذا الحدث بالفرح والسرور من صاحبيه وأهليهما ومن يمتّ لهما بصلة المودّة والمحبة , وأن يتمّ التعبير عن هذا الفرح بما يسرّ الناس ويجعلهم يشتركون بالفرح والسرور , فكان الاجتماع والغناء , وإطعام الطعام .


كانت الأعراس في الماضي تمثّل أفراحا فعلية تجلب السرور للجميع بدون تكلّف أو مظاهر بذخ أو إزعاج إذ يتعاون الجميع وخاصّة المقتدرين على توفير ما يلزم هذا الاحتفال , ويشارك الجميع بسرور في هذا الحفل بعفوية لا تكلّف فيها , ولا تصنّع فيفرح الأطفال بما ينالونه مما يشتهون , وبما يسمح لهم من لعب , وتغنّي النساء وتختلط زغاريدهن بما يحتفل به الرجال بما اعتادوا عليه من غناء وسباق خيل ومباراة في رماية الأهداف , فيشعر الجميع بطعم السرور الماتع , وينتظرون مثل هذه المناسبة بشوق شديد .
احتفال بسيط لكنّه مهيب إذ يعمّ الفرح والسرور النفوس جميعا فتجد الوجوه تطفح بالبشر وتتقارب القلوب , وتفيض مودّة ومحبة مع دروس تربوية في الأخلاق بما يكون من الأغاني والقصائد التي تمتدح البطولة وأهلها تخرج من قلوب تؤمن بما تقول , وألسنة اعتادت الصدق فتقع في أذان صاغية , وعقول واعية , فتشتعل لها مشاعر العزة والكرامة والفضيلة فيتنافس الناس على الفضيلة رغبة في نيل الاستحسان , وإعجاب الحسان , وسعيا للارتفاع بالسلّم الاجتماعي الذي ما كان ليسمح لأحد بالارتقاء إلا بما يبذله من جليل الأعمال , وكريم الأخلاق فتأتي المشاركة في مثل هذه المناسبات بدوافع الفرح بها والشوق إليها لأنّها فعلا مما يجلب السرور ويريح القلوب , ويدخل البهجة على النفوس , فلا إزعاج ولا تكلف ولا إسراف ولا خدش حياء .
ثمّ جالت الحياة جولة فتغيرت الجواهر والمعالم ولم يبق إلاّ أشكال زائفة فارغة من المضمون فأصبح الناس يرون مظاهر الفرح بدون فرح , والمشاركة لا تعدو أن تكون واجبا بما تلقيه كلمة الواجب من ظلال لا تخفى , وتكاليف لا مبرر لها , واستعراض كاذب أقلّ ما يقال فيها أنّها تكسر ظهر الأسرة الجديدة , كما تكسر قلوب الفقراء ومتوسطي الحال , فيكون الحفل مأتما باطنا يلبس لباس فرح زائف بما يظهر من أصوات غناء نشاز , وموسيقى صارخة على مكبرات الصوت المرعبة المزعجة , وتفجيرات تصمّ الأذان , وتخلق الرعب , وتستنزف المال وتلوث البيئة , ويختتم الحفل بالإسراف في تقديم الطعام الذي تذهب ثلاثة أرباعه للحاويات !!
إنّ ما يجري الآن يستوجب إعادة النظر لأنّ مثل هذه الأفراح لم تعد أفراحا , ولكنّها أصبحت أعباء على الجميع , فلا الظروف الاقتصادية تسمح بمثل هذا البذخ , ولا الظروف الاجتماعية تسمح بمثل هذه الأعباء , ولا الظروف النفسية تتقبّل مثل هذا الاستهتار , ولأنّ الناس تبع لكبرائهم في مثل هذه الأمور فالواجب على الكبار أن يكونوا قدوة للمجتمع في ذلك , فلم يعدّ مقبولا أن نعيش حياة الفقراء , ونحتفل احتفالات مترفي الأمراء .

مقالات ذات صلة متقاعدو الضمان وجمعيتهم 2024/08/12

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الأمس اليوم مثل هذه

إقرأ أيضاً:

سيف على رقاب الجميع

إنه الرحيل. ومعه تتبخر الأشياء، ويرتد كل إنسان إلى المنتهى. لا يبقى هناك ما يسمى بالسلطة والنفوذ. وهنا يتذكر ما حل بالآخرين. أين ذهب "هتلر" نموذج الحاكم المنتشي بالسلطة؟ لقد تبخر كل شىء، ضاع مع الريح، لم يصمد.لم يكن أحد ليتصور أن تحل به هذه النهاية فى يوم من الأيام. رحل ولم يجرؤ أحد على الاقتراب منه. مع الرحيل تختلف الأوضاع. يصبح المرء بلا رفيق، ولا يوجد من بات بذكره أو حتى يورد اسمه أو يستدعى سيرته. الكل لا يريد أن يتذكر من بات شبحا، جسدا ميتا مليئا بالثقوب، جثة عفنة لا حول لها ولا قوة. بات صاحبها عبئا على الطريق والرفيق، لا أحد يذكره. حتى إذا جاءت سيرته لفظها الكثيرون، وآثروا الانقياد وراء مواضيع أخرى. لا أحد يريد أن يتذكر من كان يملأ الحياة صخبا وضجيجا إرهابا وعنفا.

انتهى كل شىء. لا حول ولا قوة إلا بالله. راحت الدنيا وحلت الآخرة التى لا يراها أحد ما دام على قيد الحياة. من يحيا لا يرى إلا الحياة والقوة والاستقواء والسطوة و الهيمنة والنفوذ والتجبر. هذه هى فنون الحياة والبقاء، فليس له علاقة بالآخرة. فهذا الشخص مأفون عنيد لئيم رهيب فج غليظ وحش كاسر طغى وتجبر، وغيب عن نفسه عمدا أن الحياة قصيرة ولا ضمان لها، وأنها تنتهى فى لحظة دون تنبيه خلافا لعقيدة صاحبنا الذى كان يرى أنها باقية له إلى الأبد، ولهذا ومع هذا الشعور ينسى أن هناك رحيلا حتميا فى يوم من الأيام. قد يكون اليوم أو غدا أو فيما بعد ولكنه آتٍ على أى حال.

عندما يُذكر الرحيل يشعر المرء بالحزن. إنها لوعة الرحيل وتعاسة الفراق. لا يريد المرء أن يبدو حزينا. ولكن هذه هى الحياة أو هكذا تكون، فهى تبدأ وتنتهى فجأة دون أن تخبرنا بوثيقة حول موعد الرحيل، فهو أمر صعب على كل منا رغم أنه حق علينا جميعا. ورغم ذلك دائما ما نربط بينه وبين عنصر المفاجأة. نعلم أن الرحيل قادم، ولكن ما أن يأتى حتى نشعر بغصة وكأنه كان مفاجئا لنا. إنه الرحيل الصعب على الجميع التعامل معه، لا سيما عندما يرحل من نحب ومن كان يمسح دموعنا ويرفق بنا ويأخذ بيدنا لكى نرى معه وبرفقته جادة الطريق.

إنه الفراق بيننا وبين الأحبة وبيننا وبين هذه الدنيا التى كنا نعيش فى كنفها ونستنشق نسائمها. ولكنها الحياة وهكذا تكون. نشعر بالحلم الجميل ولكن لا يلبث أن يتبدد ويتحول إلى كابوس قاتل أمام البعض ممن لا يملكون أمامه إلا الاستسلام، فهذا هو القدر الذى يباغت الجميع بما لم يتوقعوه.

ما أصعب رحيل الأحباب وذوى القربى. وهنا تكون اللوعة مرة ومعها تتبدد الآمال وتطمر الفرحة ويغيب الشعور بالسعادة والحياة. إنه القدر الذى يتعين على الجميع الاستسلام له حيث لا يملكون أمامه سبيلا للهروب. وهذه هى الحياة. نقطة بداية ومولد حلم حتى نصل إلى النهاية التي يحكمها ويتحكم فيها الرحيل. يرحل الأحباب ونأسى لرحيلهم، ولكن ورغم هذا الفراق والرحيل الذى سيحل بالجميع يتعين علينا أن نبحث عن حلم جديد.نعم.. يجب أن ننظر إلى الحياة بروح جديدة كلها أمل. يجب أن نتجاوز مرحلة الأحزان، وأن نتجاوب مع حياة جديدة، والزمن كفيل بأن يخفف عن الإنسان همومه وأوجاعه سواء أكان يعانى فراقا بسبب الحب أو يضاجعه الأسى لفقد عزيز لديه. وهنا ينبغي على الإنسان الإفاقة، وأن يحاول النسيان ويندمج مع الأصدقاء، وأن يؤمن بأن الحياة يجب أن تكمل مسيرتها وأن تأتى بالجديد.

مقالات مشابهة

  • “خيوط الإبداع وألوان الفرح”… معرض فني حول تمكين المرأة ومناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي
  • سعر الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 بعد تراجع الأمس
  • استقرار أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 بعد انخفاضات الأمس
  • بين التبشير والتحذير.. تفسير حلم الفاء
  • «الشارقة الخيرية» تزف 200 شاب من ذوي الدخل المحدود
  • الشارقة الخيرية: الأعراس الجماعية تعكس اهتمام صاحب السمو حاكم الشارقة ببني وطنه
  • لبنان... واليوم التالي
  • سيف على رقاب الجميع
  • حكايات الفرح والدموع في عيون الفائزين بـ«حج القرعة».. «هنيالكم»
  • الفنون الشعبية بنجران تجسد مفهوم الفرح في المناسبات