مرة أخرى، أريد أن أنبه إلى ضرورة تصحيح المفاهيم الشائعة خاصة بين أجيالنا الجديدة، حول لصق جريمة تدمير بغداد الأولى 1258م بالتتار، خالطين في ذلك بينهم وبين المغول، وأقول مرة أخرى إن هناك فرقا كبيرا بين المغول الذين دمروا حاضرة الإسلام، وبين التتار الذين عرفوا الإسلام قبل ذلك العام بكثير، بل واستعانوا ببغداد من أجل تعميق القيم الإسلامية في مجتمعهم.
والحقيقة إن انتشار الإسلام في تتارستان وبين شعوب بلغار الفولغار، هو أكبر دليل على إن الإسلام لم ينتشر بالسيف، وهى التهمة الأولى التي يروج لها رافضوه - حيث بدأ الانتشار على يد التجار الذين كانوا يروحون ويجيئون على طريق الحرير الشهير، وما يؤكد ذلك أن ملك البلغار "ألموش" طلب إلى الخليفة العباسي المقتدر بالله، إرسال من يعرف أبناء بلاده بالدين الحنيف، وقد تحقق ذلك بالبعثة التي وصلت بلغار الفولغا عام 922م، وكان من بين أفرادها الرحالة الشهير أحمد بن فضلان.
لم يرفع التتار قط سيفا في وجه الإسلام والمسلمين، بل إن السيف رفع في وجههم لحقب تاريخية كثيرة، كان التتار يواجهون فيها ما يمكن تسميته "التطهير الديني" متلازما مع التطهير العرقي، غير أن ثبات التتار على دينهم وهويتهم الحضارية، وتضحياتهم التاريخية من أجل ذلك، يقدم لنا ملحمة إنسانية كبرى، فى تاريخ النضال الإنسانى، مثلها مثل نضال جنوب إفريقيا ضد التمييز العنصري، ونضال السكان المحليين في أمريكا ضد طمس هويتهم التاريخية والثقافية، وهو نضال أتى ثماره، فى الظهور الساطع والمتصاعد للخطاب الديني المعاصر، الذى يأتينا من "قازان" عاصمة تتارستان، والتي باتت أحد حواضر الإسلام الكبرى فى هذا العصر، جنبا إلى جنب مع كونها حاضرة إنسانية، تقدم لنا نموذجا في التعايش والتسامح بين بنى الإنسان، على أخلاف أعراقهم ودياناتهم.
وقد يتفاجئ البعض، حين أقول إن الزعيم الروسى فلاديمير بوتين، هو واحد من أكبر داعمى المسلمين فى وقتنا هذا، بل يمكن القول إن حال المسلمين في روسيا فى عهد بوتين، يختلف قلبا وقالبا عن حالهم فى غير عهده، الذى شهد مثلا قبل عامين إعلان عام 2022 عاما للتراث الثقافي لشعوب روسيا، والذى أتى متناغما مع قرار تنظيم فعاليات الاحتفاء بالذكرى 1100 للاعتماد الرسمي للإسلام من قبل شعوب بلغار الفولغا، ما وصفه المفتي راوي عين الدين بأنه سيساعد على التعبير عن التراث الروحي والثقافي الإسلامي بشكل أكثر وضوحاً في سياق الفضاء الاجتماعي والثقافي بالكامل لروسيا.
قدمت بما سبق، لأنني أريد أن أقول أن الخطبة التي ألقاها الأمام رواي عين الدين من منبر المسجد الجامع بموسكو أثناء تلك الاحتفالية، قدمت مفهوما عصريا للخطاب الإسلامي، تصلح طريقا يتقدم بنا إلى الإسلام، وإلى فهم مقاصده الإنسانية الخالصة، وأقول يتقدم بنا لأنني لا أحبذ تلك الجمل الخاطئة التي تتمحور حول العودة إلى الإسلام، وأقول مقاصده الإنسانية، لأنها تحمل الجوهر الممتد، الكامن في المعنى القرآني "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا".
الإمام راوي عين الدين، رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية، رئيس مجلس شورى المفتي لروسيا، ولد في قرية شالي في تتارستان عام 1959، أي في ظل الاضهاد الديني الذى عاناه مسلمو تتارستان في عصر الاتحاد السوفيتي، وكان يمكن أن تنتج هذه المعاناة نموذجا إنسانيا مغايرا تماما، لشخصية سماحة المفتي الذى يرفض العنف والإرهاب وكل ما يسيئ إلى الإنسان. وفى المجمل فأن تجربة المعاناة طهرت وأصقلت وسمت بالنفس، بدلا من تلقيها في هاوية الرغبة في الانتقام وتصدير المعاناة إلى الآخرين.
فى تلك الخطبة المنيرة المستنيرة تحدث سماحة المفتي عن البعثة البغدادية عام 922 م وعن دخول شعوب بلغار الفولغا إلى الإسلام، كما تحدث عن علاقتهم مع العالم الإسلامي وعن علاقتهم مع جيرانهم المختلفين عرقيا ودينيا إلى أن قال: "ذهبت السلطة، والكنوز والثروات، والجيوش والقوافل.. لكننا بقينا نحن أحفاد أولئك الذين تبنوا دين الله، وبقي ديننا وإيماننا معنا، ذلك الفضل الكبير، والنعمة العظيمة، والرحمة الواسعة من الله، التي حصلنا عليها بطريقة حرة وسلمية دون إكراه".
هناك إذن اعتزاز عميق ببقاء الدين والإيمان معا، رغم كل التغيرات والتحولات الحادة التي حدثت حولهم وبينهم، بما فيها التغيرات الأيديولوجية المدعومة بقوة عسكرية هائلة، وأجهزة حاكمة شديدة القهر والبطش، التي كانت تعاقب بالإعدام على ما تعتقده الأرواح.
"بقاء الدين والإيمان معا" جملة مضيئة في مبناها ومعناها، وفيها من فضاءات الفقه والتفقه، ما يجعلنا نتأكد أن أخطر ما قد يصيب المتدين، أن يكون تدينه شكليا لا إيمان فيه، وأن أجمل ما ينعم به المؤمن، أن يتناغم دينه مع إيمانه، وهذا بالفعل كما قال الإمام، فضل ونعمة ورحمة من الله، خاصة أنها أتت "بطريقة حرة وسلمية ودون إكراه".
مع كل هذا الاعتزاز، إلا أن هذا الاعتزاز لا ينفى الآخر، بل يدعم فكرة "لتعارفوا"حيث قال سماحة المفتى فى خطبته: "لقد تعلمنا على مدى قرون طويلة من التعايش بين المسلمين وممثلي مختلف الديانات والأعراق في روسيا أن نتوصل إلى حلول وسط بشأن مواضيع مختلفة ومعقدة ومثيرة للجدل في بعض الأحيان.
وكان رجال الدين الاسلامي دائماً يدعون إلى بناء مجتمع مستقر ومزدهر يتمتع فيه المسلمون بحقوق متساوية مع الأرثوذكس واليهود والبروتستانت والكاثوليك والبوذيين. واليوم، وعلى الرغم من بعض الصعوبات، لدينا أشياء كثيرة نفتخر ونعتز بها، ويمكننا أن نقدمها للعالم كله على أنها من إنجازاتنا"
فمنذ 1100 عام، ما فتئت مساجدنا على أراضي روسيا الحديثة تحث الناس وتدعوهم للخير والصلاح وتحذرهم من ارتكاب الآثام. وفي كل عظة، نتحدث عن الجمال الأخلاقي لديننا الحنيف، عن الصلاح والرحمة، وندعو إلى التآخي والمحبة والوئام".
تجربة الإمام راوي عين الدين، جعلته يحذر دائما من العنف والتطرف، أو من أفكار العنف والتطرف باعتبار أن الخطر يأتي من الفكرة أو الأيديولوجية التي تدعو لذلك، ولذلك يقول في حوار له عام 2012: " نرفض التطرف في الدين بكل أشكاله.. التطرف بحد ذاته يعتبر الأيديولوجية وبدون هذه الأيديولوجية لا يمكن ان ينمو التطرف والراديكالية التي تشجع على القيام بالعمليات الإرهابية، لذلك يجب علينا ان نضع أيضا أيديولوجية خاصة تقف ضد أيديولوجية التطرف وتستطيع مواجهة الظواهر السلبية التي تنشأ عن ذلك".
ويعترف: "نحن نعاني من أن قسما من شبابنا وقع تحت تأثير الإسلام المتشدد من خلال النشاط الواضح للحركات الراديكالية والمتطرفة خاصة في شمال القوقاز الأكثر تأثرا بذلك. وانعكس هذا الأمر على منطقة الفولغا، لذلك نجد بعض الأئمة الذين يقولون انه لدينا تيار تقليدي في الإسلام ويدعون الى اتباع نفس السلوك الذي سار علية آباؤنا وأجدادنا وهناك آخرون يعتبرون أن الإسلام يجب ألا يقف مكانه وانما يجب ان يتطور ويتماشى مع التقدم العالمي وانه على المسلم ان يتلاءم مع الزمن الذي يعيش فيه. ولذلك اليوم في روسيا تجري عملية الاعتراف بالمتغيرات التي تحدث في العالم.. وأن على المسلم ان يجد مكانه في ظل هذه المتغيرات والتعايش بسلام مع القوميات والأديان الأخرى.
ولذلك يجب على رجال الدين في بلادنا العمل من اجل أن يكون مسلمونا متنورين ومتعلمين واختصاصين ناجحين ليتمكنوا من إيجاد مكانتهم المرموقة في المجتمع الروسي"
ويطالب: "على العالم الإسلامي أن يدافع عن مصالحة وثقافته وتاريخه وتقاليده العريقة، ولا يحق لأحد أن يلزمه بأية ديمقراطية لأن الإسلام نفسة هو الديمقراطية. لذلك نعتبر أن العالم الإسلامي له الحق باختيار طريق تطوره بعيدا عن التدخل الخارجي وفرض الدساتير الجديدة على الشعوب وتوزيع الثروات كما يريدون.. هذا أمر غير مقبول. ويجب أن تعيش الشعوب كما تشاء وتقرر مصيرها بنفسها وهنا أتذكر أحد أسماء الله الحسنى وهو العادل.. فهو يدعونا للتعامل بالعدل".
ويضيف: "ما نريده هو أن ينظر إلينا العالم ليس على أننا عالم نفط وغاز وحسب بل عالم السلام والمحبة. وأننا نحترم جميع الثقافات والأديان، ونخشى الله وننشر السلام بكل بقاع الأرض".
والحقيقة أنني أدعو مجددًا إلى التوقف أمام أفكار الإمام راوي عين الدين، الذى دائما ما يتحدث عن جوهر الإسلام، لا عن تلك القضايا التافهة والهامشية والسخيفة، التي تصدر عن كثيرين يطلقون على أنفسهم علماء دين، وهم يشغلون الأمة عن قضاياها الحقيقية، ربما تنفيذا لأجندات غربية، تعرف أن هزيمة المسلمين والعرب تأتى أولا من داخلهم، كما أريد أن ندرس جيدا أفكاره حول التعايش مع الآخر، وعلى التطور مع التقدم العالمي، وهو ما يركز عليه الإمام راوي عين الدين، ابن التتار الذين انتشر الإسلام بينهم بدون إكراه، ابن التتار الذى يريد عالما بدون إكراه.
اقرأ أيضاًفى حب التتار - 1.. «قازان» عاصمة المستقبل الإنسانى
«الحرب على غزة و مستقبل التوازن الإقليمي في الشرق الأوسط» ندوة بمعرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: بغداد الديمقراطية التتار الثقافات والأديان
إقرأ أيضاً:
عدالة توزيع الميراث والمتاجرة بالمرأة
بعض العاملين لصالح الدعاية الصهيونية ضد الإسلام عقيدة وشريعة لا يريدون أن يفهموا أو يتعلموا حقائق الدين الإسلامي بل يتمسكون ببعض الشبهات وينطلقون لمهاجمة الإسلام على انهم حققوا نصرا وهو وهم لا أساس له في الواقع.
نتعرض اليوم لقضية أُثيرت من المشرق إلى المغرب تداولها ناشطون وناشطات تغيرت الأسماء لكن لم تتغير الأهداف والمستفيد؛ لماذا لا يكون نصيب المرأة كنصيب الرجل؟
فلسفه الميراث في الشريعة الإسلامية لا علاقة لها بالذكورة والأنوثة كما يؤكد ذلك المفكر الإسلامي د. محمد عمارة رحمه الله بل تعتمد على امرين اثنين:
1 – درجه القرابة .
؛2 -موقع الجيل الوارث؛ إذا كان صغيرا في السن يستقبل الحياة كان نصيبه أكبر؛ الابن يرث أكثر من الأب؛ والبنت ترث أكثر من الأب والأم حتى ولو كانت رضيعة؛ فلو مات عن رضيعة وأم وأب للبنت النصف وللأم والأب كل واحد منهما السدس.
حالة للذكر مثل حظ الأنثيين التي أُثير الجدل حولها لا تتجاوز أربع مسائل وتكون في حالة: – 1 -اتفقت درجة القرابة.
2 -اتفاق موقع الجيل الوراث من المتوفي.
ولذلك قال تعالى ((يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين)) حيث يرث فيها الذكر ضعف الأنثى؛ إذا اجتمع الأولاد مع البنات والأخوة مع الأخوات؛ لان المرأة لا تتحمل أي شيء من الأعباء المالية التي يتحملها الذكور بالإنفاق.
فالآية ليست عامة بل خاصة إذا تحقق الشرطان السابقان قال تعالى ((يوصيكم الله في أولادكم)) ولم يقل يوصيكم الله في الوارثين؛ بالإضافة إلى أن المرأة لها ذمتها المالية المستقلة ولا يجب عليها الإنفاق إلا إن تطوعت.
الأنظمة الحديثة لم تعترف للمرأة بالذمة المالية إلا في السنوات المتأخرة ولم تُشرّع قوانين للميراث بل الاعتماد على الوصية كحق للرجل وللمرأة معا.
وإذا قارنا ولا مجال للمقارنة بين الشريعة الإسلامية والديانات الأخرى اليهودية والمسيحية والهندوسية وغيرها سنجد الاتي:
اليهودية :لا ميراث للمرأة مُطلقا مع وجود الرجال ؛واذا ورثت فيجب عليها الزواج من أسرتها التي آل اليها الميراث لأمن غيرها ؛وفرضت للذكر البكر مثل حظ الذكرين لا- الأنثيين لأنه في نظرهم القائد الروحي للعائلة ويتحمل المسئولية المادية والروحية(اذا كان لرجل امرأتان احدهما محبوبة والأخرى مكروهة فولدتا له بنين -المحبوبة والمكروهة-؛ فان كان الابن البكر للمكروهة ؛فيوم يقسم لبنيه ما كان له ؛لا يحل له أن يقدم ابن المحبوبة بكرا على ابن المكروهة البكر؛ بل يعرف ابن المكروهة بكرا ليعطيه نصيب اثنين من كل ما يوجد عنده لأنه هو أول قدرته ؛له حق البكورية ) -سفر التثنية-. ومع ذلك فلم يقل أو يتهم أحد منهم اليهودية بظلم المرأة لكن الإسلام في نظر من يدعون الثقافة والفكر ظلم المرأة حينما جعل لها نصف ميراث الرجل في أربع حالات فقط.
إما في الديانة المسيحية لم يحدد الإنجيل قواعد ميراث واضحة وإنما الأولاد يرثون دون البنات وعدم توريث الأنثى حتى لا ينتقل ميراث سبط لسبط آخر؛ ولا ترث المرأة إلا عند عدم وجود ذكور؛ وهناك دعوات من المراجع الدينية إلى الأخذ بنظام الميراث وفقا لكل بلد هذا فيما يخص النصوص الدينية؛ إما جانب التنظيم القانوني فهناك اجتهادات لبعض القانونيين المسيحين للأخذ بنظم الشريعة الإسلامية في تحديد قواعد الميراث.
إما بقية الديانات الأخرى فمازال العُرف الجاهلي الذي يعتبر المرأة متاعا يورث ولا تستقل بذمتها المالية.
لقد أثاروا الشبهات والأقاويل مشنعين على قول الحق سبحانه وتعالى ((للذكر مثل حظ الأنثيين)) ولم يستطيعوا انتقاد-للذكر مثل حظ الذكرين-لأنها شريعة اليهود؛ ولا حرمان المرأة من الميراث في المسيحية إذا وجد ذكور، لكن الإسلام جعل ميراثها وفقا للحالات الآتية:
1 -ترث نصف ميراث الرجل في أربع حالات.
2 -ترث مثل الرجل في سبع حالات.
3 -ترث أكثر من الرجل في عشر حالات.
4 -ترث ولا يرث الرجل في أكثر من ثلاثين حاله.
إن نظام الميراث في الشريعة الإسلامية يقوم على بعد رباني وكل الذين ينتقدونها يقولون بغير علم ولا فقه ولا فهم إلا تنفيذا لتوجيهات اليهود والنصارى والملحدين الذين لا يؤمنون بالله.
وإذا استعرضنا بعض المقاصد والأهداف التي شرعها الإسلام فيما يخص نظام الميراث نجد أنها مقاصد عظيمة لن نستقصيها كلها بل سنشير إلى بعض منها كما يلي:
1 -ان الإسلام بيّن قوانين الميراث تفصيلا في آيات القرآن الكريم وبالتالي فمجال الاجتهاد فيها محدودة؛ في حوار بين –روبرت كرين (فاروق عبد الحق) بعد إسلامه –مستشار الرئيس الأمريكي دار حوار بينه وبين أحد أساتذة القانون يهودي؛ سأله حجم قانون المواريث في الدستور الأمريكي؟ أجاب، أكثر من ثمانية مجلدات، إذا جئتك بقانون للمواريث لا يتعدى عشرة سطور كي تعرف أن الإسلام هو الدين الحق فعرض عليه آيات المواريث في القرآن الكريم وكان ذلك سببا في إسلامه بعد أن كان يهوديا.
2 -يهدف نظام الميراث في الشريعة الإسلامية إلى إيجاد روابط بين الأسرة الواحدة وبين الأسر الأخرى من خلال الاشتراك في الحقوق والواجبات مما يعزز الترابط الأسري والمجتمعي وهو ما يقلق الأنظمة الاستعمارية التي تريد تفتيت الروابط بين مكونات المجتمع والأسرة الواحدة.
3 -نظام الميراث يؤدي إلى إعادة توزيع الثروات ومحاربة الاكتناز للمال وبالتالي إعادة خلق حراك اقتصادي للثروة في دورة الاقتصاد من جديد ولا يراكم الثروات.
4 -يهدف نظام الميراث إلى الانتفاع بالثروة من اجل تحقيق الصالح العام والخاص من خلال نظام الأوقاف العامة والخاصة في كافة المشروعات.
5 -يراعي نظام الميراث حتى من ليس لهم نصيب في الميراث من خلال الهبة والوصية.
6 -حمى نظام الميراث حقوق الأقارب وحافظ على تنمية دوافع العمل والكسب فلا يستحق الميراث إلا بعد الموت؛ وحمى المورث من الطمع والجشع فلا ميراث لقاتل مورثه.
7 -ان التمييز بين الورثة قائم على أسس موضوعية لا دخل لها بالذكورة والأنوثة بل على درجة القرابة وموقع الجيل الوارث.
8 -ان الميراث حق لكل وارث توفر سببه سواء كان غنيا أو فقيرا وهي مرتبة من الأقوى إلى الأقل وفقا لعلاقة القرابة هي: الفروض والعصبات والرحم.
هذه بعض الأهداف التي يمكن الإشارة اليها من نظام الميراث في الشريعة الإسلامية ربانية المصدر وهي صالحة لكل زمان ومكان؛ شريعة لا تحابي أحداً على حساب أحد بل تحقق مصالح الأسرة والمجتمع والدولة. إما الانحراف الذي وقعت فيه الأديان الأخرى فهو ناتج عن التحريف والتبديل الذي وقعت فيه قال تعالى ((فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا، فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون)) البقرة 79.
أما الذين يدعون للمساواة في الميراث بين الذكر والأنثى فهم يتكلمون بغير علم: أن أحسنا الظن بهم، أو سعيا لكسب ود المرأة لأنها أكثر فئات المجتمع؛ وبخلاف ذلك فانهم يتحدثون بطلبات اليهود والنصارى والملحدين الذين يريدون أن يتطاولوا على شريعة الإسلام عميت قلوبهم وأبصارهم عن الحق وتحولوا إلى أبواق تردد ما يملى عليها بغير وعي ولا بصيرة.