قد يكون مرضى الثلاسيميا أمام بصيص أمل بفضل بدء تطبيق علاج "كاسجيفي" (Casgevy) على 460 شخصًا في بريطانيا، بعد أن أعلنت المملكة المتحدة ترخيصه كأول علاج جيني لأمراض الدم مثل فقر الدم المنجلي والثلاسيميا من نوع بيتا قبل سنة، فكيف كانت الأصداء؟

اعلان

يُعد مرض الثلاسيميا من أكثر الأمراض شيوعًا في العالم، خاصةً في أفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط.

وفقًا لمجلة "ذا لانسيت" الطبية، تراوحت أعداد إصابات الثلاسيميا في الشرق الأوسط لعام 2021 بين 8,389 و15,045 إصابة لكل 100,000 شخص وهي نسبة مرتفعة.

ومع بدء تطبيق علاج "كاسجيفي" المنتظر، والذي تبلغ تكلفته 1.6 مليون جنيه إسترليني-لكن يتم توفيره لهيئة الخدمات الصحية الوطنية بخصم- تتاح للمرضى فرصة الحصول على علاج أكثر فعالية واستدامة لمشاكلهم الصحية.

كيف يعمل العلاج الجيني؟

يقوم الأطباء باستخراج الخلايا الجذعية من نخاع المريض العظمي، ثم تعدل الجينات في مختبر باستخدام تكنولوجيا "كريسبر"، ليتم حقن الجينات المعدلة مرة أخرى في المريض، حيث يمكنها أن توجه الجسم لإنتاج الهيموجلوبين الذي يسمح لخلايا الدم الحمراء بنقل الأكسجين في جميع أنحاء الجسم.

بصيص أمل للمرضى؟ معهد إسباني يختبر الجسيمات النانوية في علاج السرطانبينها القلق والاكتئاب.. دراسة جديدة تكشف تأثير استخدام الهواتف الذكية على صحة المراهقين النفسيةدراسة: عقار "ويغوفي" لعلاج السمنة يساعد على الوقاية من أمراض القلبدراسة علمية: نصف وفيات السرطان و40% من الإصابات قابلة للوقايةكيف وصف المرضى والأطباء التجربة؟

في حديثها مع "اسوشيتد برس" تعبر روانا مهاراج وهي واحدة من 460 يستفيدون من علاج "كاسجيفي" في المملكة المتحدة بأنها عانت لمدة 35 عامًا من الثلاسيميا، مما جعلها بحاجة لعمليات نقل دم مستمرة، لكنها اليوم سعيدة بفرصة العلاج وتتأمل خيرًا، إذ تقول: "الآن لن تضطر الأجيال الشابة إلى تحمل الأعباء التي مررت بها والمعارك التي عانيت منها، وقد أحظى بحياة طبيعية في وقت مبكر وهذا أفضل خبر يمكن أن نحصل عليه في العالم."

وبحسب رئيس المكتب الطبي في المعهد الوطني للصحة والبحوث التطبيقية (NICE) البروفيسور جوناثان بينغر فإن العلاج يحمل آمالًا كبيرة، وفوائد طويلة الأمد يمكن أن تحسن حياة المريض بشكل كبير، فهو يقلل من حاجة المرضى لعمليات نقل الدم. كما أن عوارضه الجانبية أخف من عوارض العلاجات السابقة، إذ يقول البروفيسور جون بورتر إن العلاجات السابقة لم تستطع أن تحد من المشاكل التي يعاني منها مرضى الثلاسيميا كهشاشة العظام وتليف الكبد، وغيرها، لكن هذه المرة يتأملون أن "يتم التخلص من تلك المضاعفات".

شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية أمريكا تدفع بقوتها النارية.. الغواصة الفتاكة "يو إس إس جورجيا" وحاملة طائرات إضافية ومقاتلات إف-22 "أين نذهب؟" الفلسطينيون يواجهون المجهول بعد أوامر إسرائيلية جديدة لإخلاء مناطق في خان يونس لا تحارب السمنة فقط.. أدوية إنقاص الوزن قد تحدّ من مخاطر الإصابة بفشل القلب مرضى وقاية من الأمراض علاج بريطانيا اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next ترامب يحذر مجدداً من حرب عالمية ثالثة بسبب التوتر في الشرق الأوسط يعرض الآن Next سفينة تتعرض لهجوم ثلاثي في البحر الأحمر يعرض الآن Next الوزير المتطرف بن غفير يقتحم الأقصى.. وآلاف يؤدون صلوات تلمودية بباحاته في ذكرى "خراب الهيكل" يعرض الآن Next باكستان: إعتقال رئيس المخابرات السابق بتهمة الكسب غير المشروع يعرض الآن Next وزير الدفاع الروسي: نواجه "الغرب كله" في أوكرانيا وننتصر عليه بالتطور التكنولوجي والمسّيرات اعلانالاكثر قراءة مسؤول إيراني عن الهجوم: انتظار الموت أصعب من الموت نفسه.. وإسرائيل بحالة تأهب قصوى على كافة الجبهات سيدات لبنان ورد حزب الله: من تتعجل الزواج ومن تؤيد المقاومة ومن تراها ميليشيا خطرة تتبع لقرار إيران بوادر أزمة دبلوماسية... حكومة الوحدة في ليبيا "ترفض استقبال مصر أجساماً موازية" أمريكا تدفع بقوتها النارية.. الغواصة الفتاكة "يو إس إس جورجيا" وحاملة طائرات إضافية ومقاتلات إف-22 إسبانيا: حركة "احتلوا شواطئنا'" تنظم مظاهرة في مايوركا ضد آثار السياحة الجماعية اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليوم إسرائيل غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني روسيا حركة حماس كورسك الحرب في أوكرانيا حالة الطوارئ المناخية مانشستر سيتي المجاعة في إفريقيا جمهورية السودان ملاعب Themes My Europeالعالمالأعمالالسياسة الأوروبيةGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامج Services مباشرنشرة الأخبارالطقسجدول زمنيتابعوناAppsMessaging appsWidgets & ServicesAfricanews Job offers from Amply عرض المزيد About EuronewsCommercial Servicesتقارير أوروبيةTerms and ConditionsCookie Policyتعديل خيارات ملفات الارتباطسياسة الخصوصيةContactPress OfficeWork at Euronewsتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

المصدر: euronews

كلمات دلالية: إسرائيل غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني روسيا حركة حماس كورسك إسرائيل غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني روسيا حركة حماس كورسك مرضى وقاية من الأمراض علاج بريطانيا إسرائيل غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني روسيا حركة حماس كورسك الحرب في أوكرانيا حالة الطوارئ المناخية مانشستر سيتي جمهورية السودان ملاعب السياسة الأوروبية یعرض الآن Next

إقرأ أيضاً:

ثورة في علم الفيزياء.. هل كل ما نعرفه عن الزمن الكوني خاطئ؟!

مقدمة للترجمة

يفترض فريق من علماء الكونيات أن الكون لا يتميز ببنية مكانية فحسب (حيث تتوزع المجرات في خيوط تفصل بينها فراغات*)، بل يتمتع أيضًا ببنية زمنية، حيث لا يتدفق الزمن بالوتيرة ذاتها في كل مكان، بل يختلف من مكان لآخر. تُعَد هذه الفكرة خروجًا جذريًّا عن المألوف، بل إن وصفها بالخروج عن المألوف سيكون تقليلًا من شأنها. فلطالما اعتقدنا أن الزمن يسير بالوتيرة ذاتها في جميع أنحاء الكون على المقاييس الكبيرة. ولكن وفقًا لهذا النموذج المعروف باسم "علم الكونيات الزمني"، توجد مناطق شاسعة في الكون تشهد على تدفق الزمن بمعدل أسرع مما نفترض، وهو ما يعني أن تلك المناطق شهدت مليارات السنين الإضافية مقارنة بما افترضناه سابقًا.

نص الترجمة

تخيّل أن أمامك الآن منظرًا خلابًا حيث تُلقي الشمس بظلالها على قمم جبال مُغطاة بالثلوج في الأفق البعيد، بينما يتعرج نهرٌ عبر تلالٍ متدحرجة. ثمة ما هو رائع في تأمل تضاريس هذا المشهد الطبيعي البديع الذي يُثير في نفوسنا شعورا بالجلال والروعة.

قد لا يبدو ذلك واضحًا عندما ترنو إلى السماء ليلًا، إلا أن للكون مشهدًا خاصا به حيث تتشكل خيوط من المجرات تفصل بينها فراغات شاسعة تكاد تكون خالية تمامًا. وهذه حقيقة توصل إليها العلماء منذ زمن بعيد.

إعلان

ونتيجة لذلك، قرر فريق من علماء الكونيات سبر أغوار هذه الحقيقة بدرجة أعمق مفترِضين أن الكون لا يتميز ببنية مكانية فحسب (حيث تتوزع المجرات في خيوط تفصل بينها فراغات*)، بل يتمتع أيضًا ببنية زمنية، حيث لا يتدفق الزمن بالوتيرة ذاتها في كل مكان، بل يختلف من مكان لآخر.

تُعَد هذه الفكرة خروجًا جذريًّا عن المألوف، بل إن وصفها بالخروج عن المألوف سيكون تقليلًا من شأنها. فلطالما اعتقدنا أن الزمن يسير بالوتيرة ذاتها في جميع أنحاء الكون على المقاييس الكبيرة. ولكن وفقًا لهذا النموذج المعروف باسم "علم الكونيات الزمني"، توجد مناطق شاسعة في الكون تشهد على تدفق الزمن بمعدل أسرع مما نفترض، وهو ما يعني أن تلك المناطق شهدت مليارات السنين الإضافية مقارنة بما افترضناه سابقًا.

قد يبدو الأمر غريبًا، لكن ما يجذب بعض الفيزيائيين إليه هو أن جمال هذه النظرية يكمن في بساطتها، فهي لا تتطلب أي فيزياء غريبة، بل تنبع تلقائيًّا من نظرية معروفة، يقول عنها مبتكرها ديفيد ويلتشير من جامعة كانتربري بنيوزيلندا: "إنها جزء من بنية النسبية العامة، لكنها ببساطة لم تكن جزءًا من الأفكار التي طرأت على أذهان الناس سابقًا".

قد يكون هذا الافتراض مفتاحًا لحل أحد أكبر الألغاز في الفيزياء، بل وقد يُفضي إلى تغيير جذري في الطريقة التي يعتمدها الفلكيون لوصف هيكلة الكون. والآن، مع تدفق البيانات الجديدة من عمليات المسح الفلكي، بدأت تظهر إشارات توحي بأن هذه الفكرة قد يعتريها شيء من الصحة.

يقدر العلماء عمر الكون بنحو 13.8 مليار سنة (غيتي) "لامدا- سي دي إم"

منذ ما يقرب من قرن من الزمان، توصل علماء الفلك إلى أن الفضاء يتمدد. فأيّ شيء لا يرتبط بالجاذبية مع غيره يبتعد عن كل الأشياء الأخرى. وهذا أمر متوقع باعتبار أن الكون بدأ بانفجار عظيم أدى إلى انطلاق عملية من التوسع. لكن في منتصف التسعينيات، توصلت مجموعتان بحثيتان مستقلتان إلى اكتشاف أساسي ومفاجئ للغاية، لدرجة أنهما فازتا بجائزة نوبل بسببه.

إعلان

توصلت المجموعتان إلى أن الكون لا يتمدد فحسب، بل إن معدل تمدده يتزايد بمرور الوقت. ونظرًا إلى عدم وجود تفسير واضح لهذا الأمر، افترض علماء الكونيات أن الفضاء زاخر بـ"طاقة مظلمة" غامضة تدفع الكون إلى التوسع بوتيرة أسرع فأسرع.

غير أن المشكلة الحقيقية تكمن في عدم وجود تفسير طبيعي واضح لماهية هذه الطاقة المظلمة رغم العقود الطويلة التي بُذلت في سبيل البحث والتفكير فيها. ومع غياب أي بديل أفضل، أصبحت الطاقة المظلمة ركيزة أساسية في علم الكونيات.

ينطبق هذا الأمر أيضًا على فرضية تُعرف باسم "المبدأ الكوني" قدّمها عالم الفيزياء الفلكية البريطاني إدوارد آرثر ميلن عام 1933. وينص المبدأ على أن الكون متجانس، أي أنه يبدو متشابهًا في كل مكان، ولا يوجد مكان مميز عن غيره. بمعنى آخر، إذا كنت في مجرة بعيدة بدلًا من الأرض، فسترى الكون بالطريقة التي نراه بها نحن على الأرض.

لنأخذ على سبيل المثال عمر الكون الذي يُقدِّره علماء الفلك بنحو 13.8 مليار سنة، وذلك بناءً على قياسات أُجريت من الأرض. لكن وفقًا للمبدأ الكوني، لو أجرينا الحسابات ذاتها من أي نقطة عشوائية في الفضاء، لحصلنا على النتيجة نفسها.

ويرجع ذلك إلى أن الكون -على المقاييس الكبيرة – يتمتع بخاصيتين أساسيتين، وهما التجانس، بمعنى أن خصائصه متشابهة في كل مكان، والتناظر، أي أنه يبدو متماثلًا في جميع الاتجاهات. وتأكيدًا على ذلك، يقول جوشوا فريمان، عالم الكونيات من جامعة شيكاغو: "عندما أنظر إلى توزيع المجرات على نطاق واسع، أرى تقريبًا نفس العدد من المجرات بغض النظر عما إذا نظرت شمالًا، أو جنوبًا، أو شرقًا أو غربًا".

وبتطبيق هذا المبدأ الكوني إلى جانب نظرية النسبية العامة لأينشتاين -التي تُفسِّر كيف تؤثر الجاذبية في الزمان والمكان- سنحصل على نموذج كوني يحتاج إلى عناصر إضافية لتفسير الكون كما نراه اليوم، وهي المادة المظلمة والطاقة المظلمة.

إعلان

يفترض النموذج القياسي لعلم الكونيات أن المادة المظلمة تتكون من جسيمات ثقيلة وبطيئة تُعرف باسم المادة المظلمة الباردة (CDM)، في حين تُعتبر الطاقة المظلمة مجال طاقة ثابتًا يُرمز إليه بالحرف الإغريقي λ (لامدا). ومن هنا جاء اسم النموذج الكوني "لامدا- سي دي إم"، وهو الإطار الذي يعتمد عليه معظم علماء الفلك والكونيات في دراسة الكون. ويوضح فريمان ذلك قائلا: "يوفر لنا هذا النموذج إطارًا لفهم كيفية تشكل وتطور البنية الكونية، وهو ما يتوافق مع عمليات الرصد الفلكية".

تكمن مشكلة المبدأ الكوني في أن الكون يبدو متجانسًا فقط على المقاييس الكبيرة، أي على مسافات تبلغ نحو 400 مليون سنة ضوئية أو أكثر. أما عند المقاييس الأصغر، فتختلف الأمور اختلافًا كبيرًا من مكان لآخر. فعلى هذه المقاييس، نجد تجمعات ضخمة من المجرات تضم كميات هائلة من المادة؛ مما يجعلها مترابطة بفعل الجاذبية ولا تتأثر بتمدد الكون.

وفي المقابل، توجد فراغات كونية شاسعة تكاد تخلو من المادة، لذلك يستمر التمدد فيها بوتيرته الطبيعية (بخلاف المناطق التي تحتوي على تجمعات مجرية ضخمة*). يشبه هذا الأمر شكل الأرض من الفضاء، حيث تبدو كأنها كرة مثالية، لكن عند الاقتراب، تكشف التفاصيل عن جبال ووديان تُخِلّ بتوازن هذا الشكل المنتظم.

وتيرة أسرع مما افترضنا

في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لفتت انتباه ويلتشير تلك الأبحاث التي أجراها توماس بوخارت في مختبر فيزياء الجسيمات "سيرن" بالقرب من جنيف في سويسرا.

أدرك بوخارت أن عدم تجانس الكون يمثل مشكلة كبيرة، خاصة مع افتراض أن الفراغات الكونية تشكل ما يصل إلى 95% من حجم الكون. لذلك، بدأ في تطوير طريقة أفضل للتعامل معها. فبدلًا من الاكتفاء بافتراض صحة المبدأ الكوني، تبنى ويلتشير أساليب بوخارت وطبقها على نظرية النسبية العامة، ليولد في عام 2007 نموذج "المشهد الزمني"، الذي يُعيد النظر في كيفية تدفق الزمن في مختلف مناطق الكون.

إعلان

تعتمد فكرة نموذج المشهد الزمني على ظاهرة غريبة تُعرف باسم "تمدد الزمن الجذبوي". وفقًا لهذه الظاهرة، فإن الجاذبية القوية للأجسام الضخمة تعمل على تشويه الزمكان، وهو ما يُفضي إلى بطء مرور الزمن بالقرب من هذه الأجسام مقارنة بالمناطق الأبعد عنها. وكلما زادت شدة الحقل الجذبوي، زاد بطء الزمن.

صحيح أن هذا المفهوم لا يُعتبر جديدًا، إلا أن علماء الكونيات افترضوا عمومًا أن هذه التأثيرات تتلاشى على المقاييس الكبيرة، لأن المبدأ الكوني ينص على أن المادة موزعة بالتساوي تقريبًا في جميع أنحاء الكون.

بمعنى آخر، على الرغم من وجود مناطق ذات جاذبية قوية حيث يمر الزمن أبطأ (مثل المجرات)، ومناطق ذات جاذبية ضعيفة حيث يمر الزمن أسرع (مثل الفراغات الكونية)، فإن هذه الفروق تتوازن عند النظر إلى الكون على نطاق واسع، بحيث لا يكون لها تأثير كبير في التوسع الكوني أو عمر الكون المحسوب. لكن نموذج المشهد الزمني يرى أن هذا الافتراض قد يكون خاطئًا، وأن هذه التأثيرات لا تتلاشى كليًّا، بل قد تؤثر في طريقة فهمنا لتمدد الكون وعمره.

إذا تخلّينا عن المبدأ الكوني كما يقترح ويلتشير وزملاؤه، فلن يعود بإمكانكَ افتراض أن تأثيرات تمدد الزمن الجذبوي تتلاشى على المقاييس الكبيرة. وبدلًا من ذلك، يصبح من الضروري بناء نموذج كوني جديد يأخذ هذه الفروق الزمنية في الحسبان.

ولتحقيق ذلك، لابد من الخوض في التفاصيل الدقيقة لمعادلات أينشتاين، التي تربط بين خصائص الزمكان وكمية المادة والطاقة الموجودة داخله. تحدد هذه الخصائص ما إذا كانت منطقة معينة من الكون تتمدد، وإذا كان الأمر كذلك، فبأي معدل يحدث هذا التمدد، وبأي سرعة يمر الزمن في تلك المنطقة مقارنة بغيرها.

ونظرًا إلى وجود كمية ضئيلة جدًّا من المادة داخل الفراغات الكونية، فإن مرور الزمن يختلف تمامًا هناك. وكما يوضح ريان ريدن-هاربر، أحد أعضاء الفريق بجامعة كانتربري بنيوزلندا: "قد يكون عمر الفراغات الكونية أقدم من عمر التجمعات المجرية بما يصل إلى 4 مليارات سنة".

إعلان

بمعنى آخر، سيكون الزمن قد مرّ -منذ الانفجار العظيم- بوتيرة أسرع في المناطق الفارغة مقارنةً بالمناطق ذات الكثافة العالية، مثل مجرة درب التبانة؛ مما سيؤدي إلى نتيجة غير متوقعة، وهي أن عمر الكون ليس ثابتًا، بل يختلف اعتمادًا على الموقع الذي نقيس منه داخل الكون. وبالتالي، لا يمكن اعتبار أن للكون عمرًا واحدًا مطلقًا يشمل جميع أجزائه.

هذا يعني أيضًا أن الفضاء داخل الفراغات الكونية يتمدد لمدة تصل إلى أربعة مليارات سنة أكثر مما كنا نفترض لو اعتمدنا فقط على عمر الكون المحسوب من داخل مجرة درب التبانة. لكن عند تصحيح هذا الاختلاف الزمني بين المواقع المختلفة باستخدام نموذج الزمن المتغير، يدّعي الباحثون أن الحاجة إلى افتراض وجود الطاقة المظلمة تختفي تمامًا. (بمعنى آخر، قد لا يكون هناك طاقة مظلمة تدفع الكون إلى التوسع المتسارع، بل يكون التفسير ببساطة أن الزمن يمر بمعدلات مختلفة عبر مناطق الكون المختلفة*).

منذ طرحها لأول مرة، واجهت هذه الفكرة صعوبة في إقناع المجتمع العلمي، ولم يكن ذلك مقتصرًا على مجموعة ويلتشير فقط، بل ظهرتْ محاولات سابقة ومناهج مختلفة لمعالجة عدم التجانس الواضح في بنية الكون. ومع ذلك، لم تنجح هذه الفكرة أيضًا في تغيير الرأي السائد في الأوساط العلمية.

لا يتدفق الزمن بالوتيرة ذاتها في كل مكان في الكون (ناسا) الفراغات المتمددة

ما زال بعض العلماء غير مقتنعين بهذه الفكرة ومن بينهم فريمان الذي يقول معلِّقًا على ذلك: "توجد أبحاث كثيرة حول نظريات الكون غير المتجانسة. وعند أخذ هذه البُنى الكونية الضخمة في الاعتبار، هل يُمكن أن تُؤثّر فعليًّا في توسّع الكون بطريقةٍ تُحاكي تأثيرات الطاقة المظلمة؟ من وجهة نظري، تُشير غالبية الأبحاث إلى أن هذا ليس هو الحال، مما يعني أن تأثير عدم التجانس في بنية الكون لا يبدو كافيًا لاستبدال فكرة الطاقة المظلمة".

إعلان

كما أن فريمان ليس الوحيد الذي يشكك في هذه الفكرة، إذ يرى ويلتشير أيضًا أن المحاولات السابقة لبناء نماذج كونية غير متجانسة لم تكن كاملة، لأن الباحثين استمروا في افتراض أن للكون عمرًا ثابتًا في كل مكان.

ويؤكد ويلتشير أن ما لم يُدركه الكثيرون هو أن نموذج المشهد الزمني يختلف عن تلك النماذج السابقة، لأنه يأخذ في الاعتبار تفاوت عمر الكون من مكان لآخر. وهذا ما يجعل الفكرة أكثر منطقية، وذلك لسماحها بتمدد الفراغات الكونية لمليارات السنين أكثر مما كنا نتوقع عند الاعتماد على الحسابات المحلية. ويضيف ويلتشير: "عندما تجتمع هذه التأثيرات على مدى مليارات السنين، تصبح الفروق هائلة".

قد تكون لدى ويلتشير الآن فرصة جديدة لإقناع زملائه بوجهة نظره، وذلك بفضل مجموعة بيانات جديدة تُعرف باسم "بانثيون+". تحتوي هذه البيانات على ملاحظات خاصة بـ1535 مستعرًا أعظم (سوبرنوفا) من نوع خاص يُعرف باسم المستعر الأعظم من "النوع 1 إيه". وتتميز هذه النجوم المتفجرة بأنها تُطلق نفس كمية الطاقة تقريبا، لذا فإن أي اختلاف في سطوعها هو نتيجة بعدها عن الأرض. وبفضل هذه الخاصية، تُعد هذه المستعرات العظمى أداة دقيقة جدًّا لقياس تمدد الكون.

وتكمن القيمة الحقيقية لمجموعة بيانات ويلتشير في أن جميع عمليات الرصد قد فُحصت بدقة لإزالة أي أخطاء محتملة ناتجة عن تسجيل المستعرات العظمى باستخدام تلسكوبات مختلفة. وبفضل هذا الحجم الكبير والدقة العالية للبيانات، أصبح من الممكن إجراء مقارنة حقيقية بين نموذج المشهد الزمني، والنموذج الكوني القياسي (مما قد يساعد في تقييم مدى صحة الفرضية التي تقترح عدم الحاجة إلى الطاقة المظلمة*).

وفي يناير/كانون الثاني 2025، نشر ويلتشير وزملاؤه أحدث تحليل لهم استخدموا خلاله بيانات المستعرات العظمى من "بانثيون+" لمقارنة مدى توافق النموذج الكوني القياسي مع البيانات، مقابل نموذج المشهد الزمني.

إعلان

ويؤكد الباحثون أن التحليل الإحصائي الذي أجروه يُقدّم "أدلة قوية جدًّا لصالح نموذج المشهد الزمني مقارنة بالنموذج القياسي"؛ مما قد يشير إلى إمكانية الاستغناء عن فرضية الطاقة المظلمة إذا كان هذا النموذج صحيحًا.

ومع ذلك، فإن هذا التطور الأخير لا يزال غير كافٍ لإقناع فريمان، الذي يشغل منصب مدير مشروع التحليل الطيفي للطاقة المظلمة، وهو مشروع تعاوني يضم أكثر من 400 عالم من مختلف أنحاء العالم. تكمن المفارقة في أن بيانات مشروع التحليل الطيفي للطاقة المظلمة الخاصة بالمستعرات العظمى، التي جُمعت بين 2013 و2019، أظهرتْ تفضيلًا لنموذج الزمن المتغير على حساب النموذج القياسي، تمامًا مثل نتائج ويلتشير.

غير أن السبب وراء استمرار شكوك فريمان، يكمن في قياسات ظاهرة كونية أخرى تُعرف باسم تذبذبات باريون الصوتية. فقد أجرى مشروع التحليل الطيفي للطاقة المظلمة أيضًا قياسات لهذه التذبذبات، وعندما دُمجت مع بيانات المستعرات العظمى، جاءت النتائج معاكسة تمامًا، حيث فضلّت النموذج القياسي على نموذج المشهد الزمني.

يمكن التفكير في تذبذبات باريون الصوتية على أنها تموجات في البنية الكونية واسعة النطاق. وهي مرتبطة بالموجات الصوتية التي انتشرت في البلازما البدائية، وهي الحوض الكوني الساخن الذي احتوى على جسيمات شديدة الحرارة ملأت الكون في مراحله الأولى، قبل أن تبرد تدريجيًّا وتندمج لتشكل المجرات التي نراها اليوم.

وقد تركت هذه الموجات اختلافات في الكثافة؛ مما أدى إلى تشكيل أنماط مميزة في توزيع تجمعات المادة والفراغات الكونية. وسرعان ما أصبحت هذه التفاوتات في الكثافة هي المخطط الأساسي الذي يُحدد الشكل العام لبنية الكون، بما في ذلك أماكن تكتل المجرات والفراغات الواسعة التي نراها اليوم.

عندما استخرج رايان كاميليري من جامعة كوينزلاند بأستراليا وزملاؤه بيانات تذبذبات باريون الصوتية من ملاحظات مشروع التحليل الطيفي للطاقة المظلمة، وقارنوا هذه البيانات بتوقعات كل من النموذج الكوني القياسي، ونموذج المشهد الزمني، توصلوا إلى أن النموذج القياسي تفوق بوضوح. ومع ذلك، لا يزال فريق ويلتشير غير مقتنع تمامًا بهذه النتيجة، ويرغب في التحقق منها بدرجة أعمق.

إعلان

وعن ذلك، يقول رايان ريدن-هاربر، أحد أعضاء الفريق: "أهم ما يمكننا فعله حاليًّا هو إعادة النظر في مسألة تذبذبات باريون الصوتية، والتحقق مما إذا كان صحيحًا أن النموذج القياسي لعلم الكونيات يتفوق بطبيعته على هذا النموذج الجديد".

ترتبط الموجات التي تركت هذه البصمة الكونية بسرعة الصوت في البلازما البدائية، التي حُسبتْ بدقة شديدة ضمن النموذج القياسي، لكنها لم تُحسب بعد لنموذج المشهد الزمني. لهذا يعمل ويلتشير وفريقه حاليًّا على هذه الحسابات لمحاولة اختبار مدى دقة نموذجهم في تفسير البيانات.

إن الوصول إلى الإجابة الصحيحة أمر في غاية الأهمية، لأن هناك الكثير مما يمكن أن يتأثر بناءً على هذه النتيجة. يُعتبر النموذج القياسي لعلم الكونيات الأساس الذي نبني عليه فهمنا للكون، ورغم أنه حقق نجاحات كبيرة بلا شك، فإنه مع ذلك يواجه عدة تحديات ظهرت من أبحاث علم الكونيات الحديثة، ولا تقتصر هذه التحديات على نموذج المشهد الزمني فحسب.

مستقبل علم الكونيات

الخلاصة هي أن النموذج القياسي لعلم الكونيات لم يعد يتوافق مع جميع ملاحظاتنا الكونية. ففي عام 2005، بدأ آدم ريس من جامعة جونز هوبكنز في ماريلاند -وهو أحد العلماء الذين حصلوا على جائزة نوبل لاكتشاف الطاقة المظلمة- تسليط الضوء على لغز علمي يُعرف باسم "توتر هابل".

يشير هذا اللغز إلى أن الطريقتين الرئيسيتين لحساب معدل التمدد الحالي للكون، المعروف باسم "ثابت هابل" لا تعطيان النتيجة ذاتها. فمثلًا تُعطي الطريقة الأولى، التي تعتمد على ملاحظات المستعرات العظمى في الكون القريب نسبيًّا، قيمة تبلغ حوالي 73 كيلومترًا في الثانية لكل ميغا فرسخ فلكي (وهو وحدة قياس المسافات الكبيرة في الفضاء ويساوي 3.26 سنوات ضوئية*).

أما الطريقة الأخرى لحساب ثابت هابل فتعتمد على رصد إشعاع الخلفية الكونية الميكروي، وهو الإشعاع الخافت الباقي من الانفجار العظيم، ومن ثم استخدام النموذج القياسي لتتبع تطور الكون على مدى 13 مليار سنة وصولًا إلى قيمته الحالية.

إعلان

وفقًا لهذه الطريقة، ينبغي أن يكون ثابت هابل اليوم 67.7 كيلومترًا في الثانية لكل ميغا فرسخ فلكي. لكن التباين بين هذه النتيجة والنتيجة التي نحصل عليها من ملاحظات المستعرات العظمى يمثل مشكلة كبيرة. ويرى ريس أن هذا الاختلاف قد يكون "إشارة إلى وجود خلل ما في النموذج الكوني القياسي".

يعتقد ويلتشير أن نموذج المشهد الزمني قد يكون الحل لمشكلة "توتر هابل". فعندما انبعث إشعاع الخلفية الكونية الميكروي بعد حوالي 380,000 سنة من الانفجار العظيم، كانت البلازما البدائية التي ملأت الكون متجانسة تقريبًا. ولكن مع مرور الوقت، أدت الجاذبية إلى تجمع المادة؛ مما خلق بنية غير متجانسة تتألف من عناقيد مجرية وفراغات كونية.

إضافة إلى أن ما يميز نموذج المشهد الزمني هو أنه يأخذ هذا التطور في الحسبان، في حين أن النموذج الكوني القياسي لا يفعل ذلك بدرجة كافية. والنتيجة هي أن النموذج الجديد يتوقع ثابت هابل أعلى مما يتوقعه النموذج القياسي، لأن الفراغات الكونية قد توسعت أكثر مما يفترضه النموذج القياسي.

إن الوقت الحاسم لنموذج المشهد الزمني يقترب بسرعة. فخلال السنوات الخمس القادمة، ستتوفر بيانات أدق وأفضل لعلماء الكونيات. في السياق ذاته، يقول ويلتشير إن هذه البيانات ستكون قادرة على حسم الجدل نهائيًّا بين هذا النموذج الجديد والنموذج القياسي. وتشمل هذه البيانات المنتظرة نتائج من أداة التحليل الطيفي للطاقة المظلمة في أريزونا، التي تعمل على إنشاء خريطة للكون من المتوقع اكتمالها بحلول عام 2026. كما أننا في انتظار بيانات جديدة من تلسكوب "إقليدس" الفضائي التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، وكذلك من التلسكوب العملاق "فيرا روبين" في تشيلي.

أما تلسكوب روبين الذي سيعمل على اكتشاف المستعرات العظمى، فمن المفترض أن يبدأ مسحه السماوي الواسع هذا العام. وعن ذلك، تقول إيموجين ويتام من جامعة أكسفورد، التي تبحث في تطور المجرات: "هذان المسباران سيُحدثان نقلة نوعية في مجال مسوحات المجرات الكونية، وسيمثلان نقلة نوعية في هذا المجال".

إعلان

تتمحور وظيفة تلسكوب إقليدس حول رسم خريطة ثلاثية الأبعاد لبنية المجرات؛ مما سيوفر معلومات أكثر تفصيلًا حول تذبذبات باريون الصوتية BAO (وهي آثار لموجات الصوت البدائية التي ساعدت في تشكيل بنية الكون*).

أما تلسكوب روبين، الذي سيبدأ مسحه الشامل للسماء هذا العام، فسيكون بمثابة آلة لاكتشاف المستعرات العظمى (السوبرنوفا). وعن ذلك، تقول إيموجين ويتهام، الباحثة في جامعة أكسفورد والمتخصصة في تطور المجرات: "هذان التلسكوبان سيغيران قواعد اللعبة، فهما يمثلان قفزة نوعية كبيرة في هذا المجال".

كل هذا يعني أن مستقبل علم الكونيات لا يزال غير محسوم. لكن ويلتشير لا يمانع في الانتظار، فقد قضى ما يقرب من عشرين عامًا في تطوير فرضية "المشهد الزمني"، وهو على استعداد للانتظار بضع سنوات أخرى لمعرفة ما إذا كان قد اكتشف سرًّا من أسرار الكون التي تجاهلها الآخرون. وفي النهاية يختتم حديثه قائلًا: "بحلول نهاية هذا العقد، سنعرف حتمًا الإجابات".

____________
* إضافة المترجم

هذه المادة مترجمة عن نيوساينتست ولا تعبر بالضرورة عن الجزيرة نت

مقالات مشابهة

  • محافظ شمال سيناء: مصر أكبر داعم للقضية الفلسطينية وتقوم بجهود كبيرة لوقف العدوان
  • ثورة في علم الفيزياء.. هل كل ما نعرفه عن الزمن الكوني خاطئ؟!
  • احمي نفسك منه.. طرق الوقاية من مرض إيناس النجار وأهم المعلومات عنه
  • ثورة في علاج «الصلع» ومنع تساقط الشعر.. تعرّف عليه!
  • بعد سنوات من المعاناة.. البوتوكس يغيّر حياة مريضات بطانة الرحم المهاجرة
  • العلاج المضاد للأميلويد قد يبقي أعراض الزهايمر تحت السيطرة لدى بعض المرضى
  • المستشفى الميداني الإماراتي برفح يزرع الأمل لدى المرضى
  • واجبات مقدمي الخدمات الطبية والتزاماتهم تجاه المرضى بالقانون الجديد
  • إعلام إسرائيلي: الضغط العسكري يعرض حياة المحتجزين في غزة للخطر الشديد
  • الحجازي: غياب الحماية يعرض المبلغين عن الفساد في ليبيا للخطر