يوسف عيسى عبدالكريم

تتسارع الأحداث بمتوالية هندسية وأيفاع متصاعد في السودان فمع اقتراب موعد انطلاق المفاوضات في جنيف لم يكن مفاجأة ان يسعى الجيش لوضع العراقيل و حشر العصى في دواليب التجهيزات لتعطيل او تأجيل المفاوضات بأي وسيلة و قد بدا ذلك جليا في إصراره أولا على مجيء المبعوث الأمريكي إلى بورتسودان لمقابلة قائد الجيش ثم تأخره في الرد على طلب المشاركة في المفاوضات وأخيرًا إصراره على أن تكون هناك جلسة مشاورات تسبق عملية التفاوض وقد استجابت الوساطة لذلك الطلب وتم الاتفاق على أن يلتقي وفد الجيش بوفد الوساطة في جدة و امعانا في التلكؤ ارسل الجيش وفدا برئاسة وزير المعادن وهذه الخطوة تلخص للمراقب الخلفية التي يتعامل بها الجيش مع مفاوضات جنيف فالمعروف في السابق ان وفد المفاوضات الذي ظل يتفاوض في جدة كان برئاسة الفريق محجوب بشرى ومن ثم عندما تعسر التفاوض تم عمل مفاوضات رفيعة المستوى وسرية مثل فيها الجيش الفريق كباشي بالمنامة اذا فالمعروف ان الجيش كان ممسكا بملف المفاوضات ولديه خبرة تراكمية وكان الاحرى بالجيش لو كان جادا في الذَّهاب إلى جنيف ان يوفد ضابطًا رفيع المستوى ليقود جلسة المشاورات في جدة و في اسواء الفروض كان ينبغي ان يترك الملف لوزارة الخارجية .

اما ان يكلف وزير المعادن الذي يعلم الجميع تماما انه غير قادر على منع عمليات تهريب الذهب من السودان للخارج ناهيك عن اتخاذه قرار يلزم الحكومة في مشاورات مع وفد الوساطة . يحدث هذا و جميع السودانيين متيقنين ان كل المبررات التي ساقها الجيش في محاولة تنصله من الذهاب الى جنيف لا تعدو ان تكون استغفال واستبهال للشعب السوداني . فكلنا يعلم تماما انه ومنذ انقلاب 25 أكتوبر رفض البرهان تشكيل أي حكومة او تعين رئيس وزراء يباشر مهام الجهاز التنفيذي واستمر الامر في ذات المنوال بعد اندلاع حرب 15 ابريل . فكيف يطالب الجيش الان بدعوة الحكومة السودانية الغير موجودة أصلا للمشاركة في المفاوضات . وكما تابع الجميع ومنذ اندلاع الحرب ظل الجيش يتجاوب مع كل مبادرات التفاوض بأرسال عسكريين يمثلونه كما ظل محتفظا بملف التفاوض و عين البرهان الفريق كباشي في وقت سابق مشرف على عمل وزارة الخارجية حتى يتثنى له الاحتفاظ بكل خيوط التفاوض بيده . فكيف يصر الان على ضرورة الذهاب الى جنيف بوفد يمثل الحكومة وليس الجيش . اما قضية تسمية البرهان بقائد للجيش او رئيس لمجلس السيادة فكلنا يعلم ان تلك مغالطة وكذبة تم اطلاقها و تصديقها . فشرعية البرهان كرئيس لمجلس السيادة هي شرعية دستوريا باطلة لان مجلس السيادة قام على أساس الوثيقة الدستورية التي تم الانقلاب عليها منذ ان انتهت فترة المكون العسكري في رئاسة المجلس في دورته الأولى والتي سارع البرهان بالانقلاب عليهم بعدها و اعفاء اغلب أعضاء المجلس وتعيين أخريين و من حينها ظل المجلس تتبدل شخوصه حسب الظروف السياسية الملائمة للبرهان و الذي ظل متشبثا هو و الكهنة الخمسة الذين من حوله بمقاليد الأمور في البلاد بشرعية الامر الواقع .
لقد ظل السودانيين و ما زالوا ينظرون الى مفاوضات جنيف باعتبارها طوق النجاة والفرصة الأخيرة لإيقاف هذه الحرب اللعينة و خصوصا انها لاقت اهتمام لافت من المجتمع الدولي تمثل في الدعوة لها ورعايتها من قبل الأمم المتحدة و بمشاركة رفيعة المستوى من الولايات المتحدة بقيادة وزير خارجيتها والحضور الإقليمي لكل من مصر والامارات والسعودية والذي بشكل او اخر يمكن استثماره في الضغط على طرفي النزاع للالتزام بالمخرجات التفاوض حال الاتفاق عليها . ان غياب الجيش و عدم استفادته من هذه الفرصة سيكون له عواقب كارثية وتداعيات سلبية على الأوضاع في البلاد
حيث يتوقع ان تستمر موجة العنف في التصاعد و ستزداد حدة النزاع المسلح بين الطرفين مما سيفاقم الوضع الأمني ويزيد من عدد الضحايا والنازحين واللاجئين الى دول الجوار خصوصا مع توقع انتشار الفوضى في أجزاء واسعة من البلاد نظرا لخروجها عن سلطة الدولة . مما سيكون له اثر بالغ على الأزمة الإنسانية التي يعيشها المواطن نسبة لتفاقم الأوضاع المعيشية الناتجة عن تدهور الحالة الاقتصادية و انهيار العملة و الغلاء الطاحن وندرة السلع في الأسواق بالإضافة الى انقطاع الطرق نسبة للسيول التي غمرت أجزاء واسعة من البلاد وانعدام الأمن الغذائي وانتشار الأمراض كالكوليرا والملاريا و الجوع
ان فشل مفاوضات جنيف سيعجل بانهيار الحكومة القائمة في بورتسودان وسيفتح المجال أمام الحركات المسلحة للسيطرة على مناطق واسعة من البلاد و سيقود الى ظهور كرتلات ذات طابع اثني و قبلي تحل مكان الحكومة المركزية و تنشر ثقافة الثأر والانتقام على أساس عرقي . ام على مستوى الجيش وحكومة الامر الواقع فمن المتوقع ان تشهد مقبل الأيام زيادة في العزلة الدولية وفرض عقوبات دولية إضافية على السودان سيفقد معها الدعم الدولي والمساعدات الإنسانية مما يزيد من تفاقم ازمة المواطن السوداني . ان السودان الان يشهد ظروف و أوضاع اسوا بكثير من بداية تسعينات القرن الماضي عندما جاءت الإنقاذ وانعدم معها كل شي من مأكل وسكر وشاي و دواء و السودانيين يتذكرون تلك الأيام ويتحسرون على انهم ظنوا انها قد ولت الى غير رجعة لكن يبدو ان الأيام تخبئ لهم الكثير .

yousufeissa79@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: مفاوضات جنیف

إقرأ أيضاً:

فيفا يُعلن المنتخبات التي فشلت في التأهل لكأس العالم 2026

نشر الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، اليوم الاثنين، تقريرا عن المنتخبات التي فشلت في التأهل إلى بطولة كأس العالم 2026 بكندا والمكسيك والولايات المتحدة الأميركية.

وستشهد بطولة كأس العالم 2026 مشاركة 48 منتخبا، أي أكثر بـ16 منتخبا، مقارنة بالنسخ السبع الأخيرة، وتحديدا منذ عام 1998.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تطورات الحالة الصحية لأيمن حسين هداف منتخب العراقlist 2 of 2ملخص فوز منتخب الإمارات على نظيره القطري في تصفيات آسيا المؤهلة لمونديال 2026end of list

وتتأهل إلى المونديال 8 منتخبات بشكل مباشر من قارة آسيا، بالإضافة مقعد واحد في الملحق القاري، مقابل 9 مقاعد مباشرة لقارة أفريقيا، بالإضافة إلى مقعد واحد في الملحق القاري.

وبالنسبة للكونكاكاف (أميركا الشمالية والوسطى والكاريبي)، فإنها ستحصل على 6 مقاعد مباشرة بجانب مقعدين في الملحق القاري، مقابل 6 مقاعد مباشرة لقارة أميركا الجنوبية لكرة القدم بجانب مقعد في الملحق القاري.

وتحصل أوقيانوسيا على مقعد واحد مباشر بجانب مقعد واحد في الملحق القاري، في الوقت الذي تحصل فيه قارة أوروبا على 16 مقعدا مباشرا في المونديال.

وبالنسبة للمنتخبات التي فشلت في التأهل من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، فهي: بنغلاديش، وبوتان وبروناي، وكمبوديا، وتايوان، وجوام، وهونغ كونغ، ولاوس، ولبنان، وماكاو، وجزر المالديف، ومنغوليا، وميانمار، ونيبال، وباكستان، والفلبين، وسنغافورة، وسريلانكا، وطاجيكستان، وتيمور الشرقية، وتركمانستان، واليمن.

هناك 5 أدوار تأهيلية في المجمل لتحديد المقاعد الثمانية المباشرة التي مُنحت لآسيا في كأس العالم 2026، مع تأهل منتخب إضافي إلى الملحق القاري.

منتخب فلسطين عاد بتعادل ثمين من ملعب كوريا الجنوبية (الفرنسية) الاتحاد الأفريقي

وفيما يخص الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، لم يتأكد إقصاء أي منتخب حتى الآن من تصفيات المونديال.

وتتنافس 53 دولة بالاتحاد الأفريقي لكرة القدم في 8 مجموعات، تضم كلٍّ منها 6 منتخبات، ومجموعة واحدة تضم 5 منتخبات بعد انسحاب إريتريا، ويتأهل كل متصدر لمجموعته إلى كأس العالم.

وتتأهل أفضل 4 منتخبات احتلت المركز الثاني إلى دور فاصل لتحديد الممثل الوحيد للقارة في الملحق.

وبالنسبة لاتحاد أميركا الشمالية والوسطى والكاريبي (كونكاكاف)، فإن المنتخبات التي تم إقصاؤها هي: جزر فيرجن الأميركية، وجزر تركس، وكايكوس.

تجدر الإشارة إلى أن كلا من كندا والمكسيك والولايات المتحدة الأميركية تحصل على مقاعد تلقائية، كونها الدول المضيفة للبطولة، مما يترك 3 مقاعد مباشرة واثنين آخرين محتملين عبر الملحق.

لاعب منتخب تونس يضغط لاستخلاص الكرة من لاعب غينيا الاستوائية (الفرنسية) أميركا الجنوبية

وبالنسبة لاتحاد أميركا الجنوبية لكرة القدم (كونميبول) لم يضمن أي منتخب حتى الآن الخروج من تصفيات المونديال بشكل رسمي.

وبدأت تصفيات أميركا الجنوبية في السابع من سبتمبر/أيلول 2023، وسوف تنتهي في سبتمبر/أيلول 2025.

تتنافس 10 منتخبات في نظام دوري واحد، حيث تلعب ضد بعضها البعض ذهابا وإيابا، والمنتخبات التي ستحتل المراكز الستة الأولى سوف تتأهل مباشرة إلى كأس العالم، في حين يتأهل المنتخب صاحب المركز السابع إلى الملحق.

وبالنسبة للاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) لم يتأكد بشكل رسمي حتى الآن خروج أي منتخب من تصفيات المونديال، نظرا لأن التصفيات لم تبدأ بعد، وستنطلق في مارس/آذار 2025، وستنتهي في مارس/آذار 2026.

الدور الأول سيتبع شكلا مألوفا، حيث سيتم تشكيل 12 مجموعة مكونة من 4 أو 5 منتخبات، وسيضمن المتصدرون في كل مجموعة مقاعدهم بكأس العالم، ولتحديد المراكز الأربعة المتبقية في القارة العجوز، ستتم إقامة بطولة فاصلة مكونة من 16 منتخبا، وهم 12 منتخبا حصلوا على المركز الثاني في مجموعاتهم خلال الدور الأول، و4 منتخبات أخرى تملك أفضل تصنيف في دوري الأمم الأوروبية.

جانب من مباراة الأرجنتين ضد البرازيل في تصفيات مونديال 2026 (الفرنسية) أوقيانوسيا

وبالنسبة لاتحاد أوقيانوسيا لكرة القدم، فإن المنتخبات التي تم إقصاؤها هي: جزر كوك وتونغا وساموا الأميركية.

للمرة الأولى على الإطلاق، ستضمن أوقيانوسيا مقعدا في كأس العالم، بالإضافة إلى إمكانية الحصول على مقعد آخر عبر الملحق القاري.

وأُقيم الدور الأول من التصفيات في سبتمبر/أيلول 2024، والذي شمل تواجد المنتخبات الأربعة الأقل تصنيفا في القارة، بعد ذلك، سيتم لعب الدور الثاني الذي يتضمن مجموعتين، تحتوي كل مجموعة على 4 منتخبات. أما الدور الثالث والأخير سيلعب بين 4 منتخبات بنظام نصف النهائي والنهائي، وهو الدور الذي سيحدد ممثل أوقيانوسيا في كأس العالم والملحق القاري.

مقالات مشابهة

  • الجيش سيد التفاوض والسلام
  • بينها منتخبنا الوطني اليمني ...فيفا يُعلن المنتخبات التي فشلت في التأهل لكأس العالم 2026
  • فيفا يُعلن المنتخبات التي فشلت في التأهل لكأس العالم 2026
  • أستاذ علوم سياسية: المفاوضات مع إسرائيل وصلت لحائط سد
  • مجزرة جديدة على يد الدعم السريع.. 20 قتيلا بقصف سوق بمدينة سنار جنوبي البلاد
  • المملكة تشارك في مفاوضات التجارة بين دول المجلس واندونيسيا
  • أخبار الأهلي.. حقيقة التفاوض مع يوسف ساليتش وموقف بن رمضان
  • البرهان يؤكد استعداده السماح للمنظمات الإنسانية باستخدام مطار مروي
  • تعثر مفاوضات غزة.. التحديات المعقدة في جهود السلام
  • "مسرحية بلا مسرح"..و"مفاوضات بلا أفق"