أما أنا فأقول: أنزلني هنا.. أنا مثلهم لا شئ يُعجبني.. ولكني تعبت من السفر.. هكذا عبر شاعر الأرض محمود درويش، أحد أشهر المدافعين عن القضية الفلسطينية، عن مُعاناته في الدفاع عن وطنه ويأسه من خوض الحروب التي دخلها وحيدًا للدفاع عن أرضه التي احتلتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، وكأنه يستغيث بمن حوله ليكونوا معه في الرحلة، محاولة من لإثبات أن النضال يحتاج إلى اتحاد أبناء الوطن الواحد.

ورغم بسالة الشاعر محمود درويش في الدفاع عن وطنه وحماسته المعهودة في التصدي للبندقية الإسرائيلية، لكنه أثبت في قصيدته الشهير «لا شئ يعجبني»، أن الكفاح في سبيل الوطن يحتاج إلى الجهد الجماعي، وأن النصضال منفردًا لن يجدي نفعًا، وبعد 15 عامًا من رحيل درويش بات الجميع يعرف أن الاتحاد هو السبيل الوحيد لإنقاذ الشعب الفلسطيني من بطش الاحتلال، حيث تأكد للجميع أن فُرقة أبناء الوطن الواحد لم تجدي نفعًا بل زادت من انتهاكات العدوان على الأرض.

محمود درويش

وإحياءً للذكرى الـ 15 على رحيل شاعر القضية الفسطينية محمود درويش، ترصد «الأسبوع»، أبرز المحطات في حياة المناضل الذي لم يعجبه شئ ولم يهزمه أحد إلا عيون ريتا التي أوقعته في غرامها وهزمته أبشع الهزائم.

محمود درويشنشأة شاعر الأرض

ولد الشاعر محمود درويش، عام 194، لأسرة فلسطينية ميسورة الحال تعيش في قرية البروة، القريبة من ساحل عكا بفلسطين، وكانت تعمل بالزراعة، وعندما داهمهم الاحتلال الإسرائيلي عام 1948، تفرقت الأسرة عن ديارها، ليتوجه درويش مع عائلته إلى لبنان، هربًا من عدوانية قوات الاحتلال الإسرائيلي، وهناك تذوق الشاعر العربي مرارة الغربة وشعر بألم الفراق، فكلما نزل إلى الشارع بادره الأطفال بكلمة لاجئ التي كانت تقع على قلبه كالصاعقة، ورغم قسوة تلك الكلمة، لكنها كانت بمثابة الشرارة التي أشعلت فتيل عشق الوطن في عروق محمود درويش.

وبعد عام من الغربة، عاد محمود درويش، إلى وطنه ثانية ليجد أن الاحتلال قد أحكم قبضته على الشعب الفلسطيني، بل وفرض عليهم الهوية الإسرائيلية، لكن درويش لم يملك تلك الهوية فكان المعملون في المدرسة يخبئونه من المفتشين حتى لا يقع تحت طاولة بطشهم، لكنه في النهاية استسم وفال إنه من إحدى القبائل حتى يحصل على هوية إسرائيلية، ويعيش حياة طبيعية.

وظهرت على درويش في ذلك الوقت بوادر الفن، فأحب الرسم، لكنه لم يتلك ثمن أدواته فتخلى عن ذلك الحب، وقرر تعويضه بكتابة الشعر، ليجد إشادة من المعلمين على كتاباته ليطلب منه بعدها أن يكتب قصيدة عن الهوية الإسرائيلية، ويلقيها في الطبور الصباحي، وبالفعل كتب تلك القصيدة، لكن درويش الطفل لم يخضع للاحتلال فكتب قصيدته، ووقف في طابور الصباح، صارخًا بكلمات تهاجم الاحتلال وتُعبر عن القضية الفلسطينية وحق أهل فلسطين في استعادة أراضيهم، ليجد تهديدات عديدة وقتها بفصل والده من العمل.

محمود درويشبداية محمود درويش في النضال

بدأت رحلت درويش مع النضال، وهو في المرحلة الثانوية، حيث عمل محررًا ومترجمًا في صحيفة «الاتحاد» ومجلة «الجديد»، ثم ترقى لمنصب رئيس تحرير المجلة، وبسبب نضاله الواسع خلال عمله بالمجلة توالت عليه الاعتقالات العدوان الإسرائيلي، فاعتقل عام 61 ثم عام 65 وعام 66 وعام 67 وعام 69، حتى فُرضت عليه الإقامة الجبرية حتى عام 1970، وفي هذه الفترة كانت قوات الاحتلال تعتقله وقتما تشاء.

وبعد انتهاء الإقامة الجبرية، قرر شاعر الأرض، مغادرة فلسطين، متجهًا إلى موسكو من أجل الدراسة، وظل هناك عامـًا كاملًا يدرس بمعهد العلوم الاجتماعية، وفي هذا العام فقد ثقته بالشيوعية، ورأى صورة مغايرة لموسكو غير التي كان يعتقدها سابقـًا.

محمود درويش

وبعد إنهاء دراسته في موسكو قرر درويش، أن يأتي إلى القاهرة ويستقر بها، حيث عبر عن عشقه لها، قائلًا: «وجدت نفسي أسكن النصوص الأدبية التي كنت أقرؤها وأعجب بها، فأنا أحد أبناء الثقافة المصرية تقريبًا والأدب المصري، التقيت بهؤلاء الكتاب الذين كنت من قرائهم وكنت أعدهم من آبائي الروحيين، التقيت محمد عبد الوهاب، وعبد الحليم حافظ، والتقيت كبار الكتاب مثل: نجيب محفوظ ويوسف إدريس وتوفيق الحكيم، ولم ألتق بأم كلثوم وطه حسين، وكنت أحب اللقاء بهما».

محمود درويش مع حبيبته ريتامحمود درويش وعيون ريتا

وكعادة الشعراء، لابد أن يكون هناك مصدرًا لإلهام محمود درويش، فكانت ريتا تسكن وجدانه لتخرج من فؤاده على هيئة قصائد شعر تمتع الجميع، فكتب فيها «ين ريتا وعيوني بندقية.. آه.. ريتا.. أي شيء ردّ عن عينيك عينىَّ.. سوى إغفاءتين.. وغيوم عسليّة.. قبل هذي البندقية»، وغيرها من أبيات الشعر، ولم يكن أحد يعرف من هي ريتا، حتى أن درويش كان يخفي هويتها.

واستسلم محمود درويش بعد ذلك وكشف عن هوية ريتا، التي كانت مفاجأة مدوية وقتها لكل من عرف المناضل الفلسطيني الذي لم تهزمه أسلحة الاحتلال بكل قوتها، لكنه في النهاية خضع لعيون ريتا اليهودية الإسرائيلية، التي تركها في النهاية حبًا لوطنه، وذلك بعد ان انضمت هي إلى سلاح البحرية الإسرائيلي.

محمود درويش

وكُشف بعد وفاة درويش، أن ريتا اسمها الحقيقة تمارا، وكما جاء في الفيلم الوثائقي «سجّل أنا عربي»، للمخرجة والمصورة ابتسام مراعنة، والذي عرض في مهرجان تل أبيب، «دوكو أفيف» للأفلام الوثائقية، حيث ظهرت حبيبة محمود درويش القديمة فى برلين واسمها تمارا وكانت تعمل راقصة.

وأكدت ريتا، أنها تعرفت على محمود درويش بعد رقصة أدتها فى مقر الحزب الشيوعى الإسرائيلي، الذي كان درويش عضوًا فيه قبل استقالته وهو في الـ 16 من عمره، مشيرة إلى أنهام افترقا بعدما تم استدعاء تمارا لتكون جندية بسلاج البحرية الإسرائيلى.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الشاعر محمود درويش القضية الفلسطينية ريتا محمود درويش محمود درویش

إقرأ أيضاً:

الجمعية العامة للأمم المتحدة تبحث مشروع قرار يطالب بإنهاء الاحتلال لفلسطين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

استأنفت الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة حول فلسطين، أعمالها لبحث مشروع قرار يطالب إسرائيل بأن تنهي وجودها غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة خلال 12 شهرا، وذلك بعد فتوى محكمة العدل الدولية بشأن الآثار القانونية الناجمة عن سياسات إسرائيل وممارستها في فلسطين.
وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، يطالب مشروع قرار الجمعية العامة، المقدم من عدة دول منها بلدان عربية وفق نسخته الأخيرة بأن تنهي إسرائيل- دون إبطاء- وجودها غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة في غضون مدة أقصاها 12 شهرا من تاريخ "اتخاذ القرار"، وأن تمتثل إسرائيل دون إبطاء لجميع التزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك على النحو الذي تنص عليه مـحكمة العدل الدولية.
كما يطالب مشروع القرار بأن تقوم إسرائيل بجملة أمور منها: سحب جميع قواتها العسكرية من الأرض الفلسطينية المحتلة، إنهاء سياساتها وممارساتها غير القانونية بما في ذلك الوقف الفوري لجميع الأنشطة الاستيطانية الجديدة وإجلاء جميع المستوطنين من الأرض الفلسطينية المحتلة وتفكيك أجزاء الجدار الذي شيدته إسرائيل، إعادة الأراضي وغيرها من الممتلكات غير المنقولة، وجميع الأصول التي تم الاستيلاء عليها منذ بدء احتلالها عام 1967، السماح لجميع الفلسطينيين الذين نزحوا أثناء الاحتلال بالعودة إلى أماكن إقامتهم الأصلية، عدم إعاقة الشعب الفلسطينية عن ممارسة حقه في تقرير المصير بما في ذلك حقه في إقامة دولة مستقلة ذات سيادة على كامل الأرض الفلسطينية المحتلة.
وتناشد الجمعية العامة للأمم المتحدة في مشروع القرار جميع الدول الامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي. وتقرر عقد مؤتمر دولي خلال الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بقضية فلسطين وحل الدولتين لتحقيق سلام عادل ودائم وشامل في الشرق الأوسط.
وتدعو الجمعية العامة إلى عقد مؤتمر للأطراف المتعاقدة السامية في اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين في وقت الحرب، يتناول ما يلزم من تدابير لتنفيذ الاتفاقية في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية.
ويطلب مشروع القرار من الأمين العام أن يقدم إلى الجمعية العامة، خلال 3 أشهر، تقريرا عن تنفيذ هذا القرار. وبناء على طلب المندوب الفلسطيني، أحد مقدمي مشروع القرار، قرر رئيس الجمعية العامة تعليق مداولات الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة، اليوم، للتصويت على مشروع القرار.
بدوره.. قال رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة "فيليمون يانج"، إن استئناف الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة يشكل فرصة للتأمل والحوار، وفرصة لإيجاد حل دائم للمشكلة الفلسطينية القديمة.
وأعرب عن أمله في أن يحدث الاجتماع فرقا إيجابيا في حياة العديد من الأشخاص الذين ما زالوا يعانون في هذه المنطقة والذين يتطلعون إلينا لاتخاذ القرارات الصائبة في هذه الدورة الخاصة الطارئة.

مقالات مشابهة

  • مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة: لن نكف عن بذل الجهود حتى نرى نهاية الاحتلال
  • ندوة عن محمود درويش في بيت الشعر.. الأحد
  • هل يرغب جوميز في رحيل بنتايك صفقة الزمالك الجديدة؟.. رامي بشاي يجيب «فيديو»
  • أستاذ قانون دولي: على المجتمع الدولي تحويل قرار الانسحاب إلى واقع على الأرض
  • رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: لدينا الكثير من القدرات التي لم نستخدمها بعد
  • الاحتلال يهدم منشآت تجارية ويُجرف أراضٍ في صور باهر
  • الاحتلال يهدم منشآت تجارية ويُجرف إراضٍ في صور باهر
  • الجمعية العامة للأمم المتحدة تبحث مشروع قرار يطالب بإنهاء الاحتلال لفلسطين
  • سقطوا من حساباتها..إسرائيل تشطب أسماء الرهائن من سجلات الناخبين
  • بري: الهجوم علينا سيكون ثمنه باهظاً