البرهان في كيغالي.. هل يصلح النموذج الرواندي لحل الأزمة السودانية؟
تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT
لم تفصل سوى ساعات محدودة بين مغادرة رئيس مجلس السيادة الإنتقالي عبد الفتاح البرهان إلى العاصمة الرواندية كيغالي للمشاركة في مراسم تنصيب الرئيس الرواندي بول كاغامي، وبين إعلان رئيس الوفد الحكومي السوداني محمد بشير أبو نمو انتهاء المشاورات مع وفد أمريكي في مدينة جدة السعودية دون التوصل إلى اتفاق حول إرسال وفد سوداني إلى محادثات جنيف، المقررة بعد أيام، فهل هي مجرد صدفة لحدثين مبرمجين سلفاً أم أن هناك رابطاً بين الأمرين ؟
وهل يتعرض السودان بالفعل إلى ضغوط أمريكية يريد أصحالها أن يحققوا مكسباً انتخابياً في شهر نوفمبر القادم، أم أن هناك رغبة حقيقية، في إنهاء معاناة السودانيين أم أن الإدارة الأمريكية لا تهمها سوى مصلحتها وسط تخوف من توجه السودان إلى محور روسيا ؟
ومنذ منتصف أبريل من العام الماضي يشهد السودان حربا بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع في عدة ولايات، أدت إلى نزوح ولجوء ملايين السكان عقب انتهاكات واسعة مارستها المليشيا.
ووصل البرهان، وبرفقته مدير جهاز المخابرات العامة الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل، إلى كيغالي والتقى بوزير الخارجيّة المصري بدر عبد العاطي.
وقال المتحدّث الرّسمي باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد، إن ّ “الوزير أكّد استمرار دور مصر الدّاعم للسّودان ومؤسّساته ووحدة وسلامة أراضيه، وعدم التدخّل في شؤونه الدّاخليّة. كما حرص على التّأكيد على حرص مصر للاستجابة لأية احتياجات إنسانيّة وإغاثيّة من جانب السودان الشّقيق”.
وأوضح أبو زيد أنّ “اللّقاء قد تناول الجهود الرّامية لإحلال السّلام والاستقرار فى دولة السّودان الشّقيقة، حيث شدّد وزير الخارجيّة على استمرار اضطلاع مصر بدورها فى مساعدة الأشقّاء السّودانيّين على تجاوز الأزمة الرّاهنة، بما يصون للسّودان وحدته وسلامة أراضيه، ويدعم مؤسّسات الدّولة السّودانيّة وتلبية تطلّعات الشّعب السوداني الشّقيق”.
بول كاغامي.. من لاجئ إلى قائد للنهضة
ذكرت تقارير إعلامية بأن بول كاغامي قائد عسكري وسياسي رواندي من عرقية التوتسي، ولد عام 1957 في أسرة من سلالة السلاطين. قاد الجبهة الوطنية الرواندية إلى النصر على نظام الهوتو بعد المجازر العرقية التي شهدتها البلاد في ربيع عام 1994.
تولى رئاسة رواندا بتزكية من البرلمان في مارس 2000، ثم انتُخب في الأعوام 2003 و2010 و2017. وفي عام 2015 عدَّل الدستور ليتسنى له الترشح إلى الرئاسة 3 فترات أخرى تنتهي عام 2034، وأعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية بروندا في 15 يوليو الماضي.
ووافق ميلاده استعداد بلجيكا لمنح الاستقلال لرواندا بعد عقود طويلة من التمييز والفصل العنصري والعرقي بين الهوتو والتوتسي، ويوصف بأنه رجل البلاد القوي الذي كان زعيم المتمردين إبان حرب الإبادة قبل أن يتحول إلى رئيس للدولة وقائد زمن النهضة والبناء، وإلى مهندس مرحلة إعادة الإعمار.
وفي السابع من أبريل، قاد كاغامي مراسم إحياء ذكرى مرور 30 عاماً على الإبادة الجماعية التي وقعت عام 1994 وأودت بحياة أكثر من مليون شخص
السلام وأساسيات الاتحاد الافريقي
قال بول كاغامي في حفل تنصيبه رئيسا :” أشكر الروانديين بأنهم شرفوني أن أخدم كرئيس لفترة أخرى ، نحن ممتنون لكل رؤساء الدول والحكومات، الذين انضموا إلينا، أو أرسلوا مناديبهم، العديد منكم رافقوا دولتنا وشعبنا عبر هذه الرحلة الممتدة لثلاثين سنة من البناء”.
وتابع :” الحملة الانتخابية كانت فترة مرح وسعادة لنا جميعا، الملايين قد حضروا التجمع والمسيرات، والجميع ذهب إلى صندوق الاقتراع، ولكن الامر لم يتعلق بالأرقام فحسب، وانما هناك معانٍ أعمق حيث أننا رأينا الحقيقة التي لا ينبغي أن ننكرها، حاجة ينبع من روح الوحدة بين الروانديين وكذلك المصير المشترك لان نكون ولأن نمتلك مستقبلنا وهذا بالضبط ما ظللنا نشتغل عليه كل هذه السنوات”.
وزاد بالقول :” بدلاً من أن نترك وراءنا بعض القرارات، وعمليتنا السياسية مصممة لتجديد وتعميق وحدتنا، كل الثلاث عقود الماضية. أي ما تمكن الروانديون من إنجازه أكثر مما كنا نتوقعه، لا شك أن الأمر يتجاوز ما كنا نستطيع ان نعبر عنه بكلمات بالنظر الى حيث بدأنا، ماضينا المليء بالمأساة والذي اشعل هذا الروح وهذا الامل شعلة الأمل والمقاومة والعدالة”.
واستدرك :”السلام أولوية لكن مع ذلك السلام مفقود خاصة في شرق رواندا، السلام لا يمكن أن يتحقق من تلقاء نفسه، وجميعنا علينا أن نقوم بما يلينا ونقوم بما هو صحيح”.
وزاد بالقول :” ما يهمنا هو أن نرى شعوبنا يعيشون بسلام، وبأمان وبصحة ويعيشون حياتهم كريمة، هذه من الأساسيات منذ إنشاء الاتحاد الافريقي، نحن كأفارقة نضالنا كثيرا ضد الظلم وعلينا أن تعترف بضرورة مواكبة أنظمتنا السياسية لتطلعات شعوبنا”.
تغريدة بيرليو
وفي الجانب الاخر، وبعيداً عن حفل التنصيب، أكد المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيريلو،، التزام الولايات المتحدة بإنهاء معاناة السودانيين.
وقال بيريلو على حسابه في منصة “إكس عقب وصوله جنيف”: “كمضيفين مشاركين، يسعدني الوصول إلى جنيف من جدة لإطلاق هذا الجهد الدولي العاجل في سويسرا لإنهاء الأزمة في السودان”.
وأوضح: “بالإضافة إلى المشاورات مع الأطراف، سمعنا من عشرات الآلاف من المدنيين داخل وخارج السودان، وكانت رسالتهم واضحة: إنهم يريدون إنهاء الرعب اليومي من القصف والمجاعة والحصار، والولايات المتحدة وشركاؤها ملتزمون بالاستجابة لهذا النداء”.
ويبقى السؤال، بين خطاب التنصيب، الذي استمع إليه البرهان، وقصة نجاح رواندا التي قادها كاغامي بنفسه لثلاثين عاماً، وبين عودة وفد المفاوضات السوداني من جدة دون أن يُحدث اختراقاً في العلاقة بين الدولتين، وتغريدات المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، ترى بأي خلاصات سيعود الرئيس البرهان إلى بورتسودان ؟
كيغالي – المحقق – طلال إسماعيل
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: بول کاغامی
إقرأ أيضاً:
كاميرون هدسون: لا يوجد مؤشرات تلوح في الآفق بشأن اتفاق للتهدئة في السودان
مع استمرار الحرب في السودان تزداد معاناة ملايين المدنيين من انعدام الأمن الغذائي، بينما لا تلوح في الأفق أي مؤشرات لحل سياسي ينهي القتال الدائر في البلاد منذ 15 أبريل 2023، الدبلوماسي الأميركي السابق ومدير الشؤون الأفريقية الأسبق في مجلس الأمن القومي، كاميرون هدسون أكد أنه لا يوجد مؤشرات تلوح في الآفق بشأن اتفاق للتهدئة في السودان.
ويرى أن تركيز الجهود الدولية حاليا يتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية، ولا جهود تتعلق بالعملية السياسية في السودان، مشيرا إلى أن مساعي واشنطن في جمع الأطراف المتحاربة في السودان لم تنجح.
وأعلنت واشنطن الخميس عن تخصيصها مبلغا إضافيا بقيمة 200 مليون دولار لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان، ليرتفع بذلك إجمالي المساعدات الأميركية إلى 2.3 مليار دولار.
وأضاف هدسون أن واشنطن أيضا لم تنجح في وضع حدود للقوى الدولية التي تغذي الصراع في السودان، لافتا إلى أن الولايات المتحدة "في وضع صعب" فيما يتعلق بالتعامل مع الأزمة في السودان، خاصة مع تبقي شهر واحد لإدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن.
ولا يعتقد أن الأزمة في السودان تتصدر أولويات إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب.
منذ أبريل 2023، يشهد السودان حربا بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو الملقب حميدتي.
وقال هدسون إن تقديم المساعدات لوحدها للسودان غير كافية، ولكن ما نحتاج إليه هناك هو حل سياسي للأزمة، مشيرا إلى أن واشنطن لم تستخدم كل الأدوات المتاحة لها للضغط في هذا الإطار، إذ لم تفرض عقوبات، ولم يتم إيقاف تغذية الصراع من قوى إقليمية.
والخميس، حذر برنامج الأغذية العالمي من أن السودان قد يشهد أكبر مجاعة في التاريخ الحديث، مع 1.7 مليون شخص في البلد إما يعانون الجوع أو هم معرضون له، إضافة إلى ذلك، يعاني حوالي 26 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي في البلد.
القتال في السودان تسبب في أكبر أزمة إنسانية عالمية حسب الأمم المتحدة
واشنطن تحذر من تفكك السودان أو تحوله إلى "دولة فاشلة"
حذر المبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيرييلو، من تداعيات الحرب في السودان، قائلا إنها تفاقم الأزمة الإنسانية وتعطلُ فرص السلام.
وأوضح هدسون أنه تم فرض عقوبات على بعض الأفراد في قوات الدعم السريع، والتي لم تكن فعالة لتغيير سلوكيات هذه القوات، وفي الوقت الذي ظهرت فيه دلائل على تقديم دولة الإمارات لأسلحة في السودان إلا أن واشنطن لم تتحدث بصرامة معها بهذا الشأن، تم الاكتفاء بنفي أبو ظبي إرسال أسلحة، وهذا يعني أن الولايات المتحدة تفضل علاقاتها مع الإمارات وإن كان ذلك على حساب مقتل العديد من المدنيين في السودان.
وقال هدسون إن رد وكالات الأمم المتحدة لم يكن كافيا في السودان، وهذا يعود للتمويل وللأولويات التي تفرضها الدول الأعضاء على المشهد، إذ أنها لا تحظى بذات الأولوية مثل ما يحدث في حرب أوكرانيا، أو حرب إسرائيل في غزة.
وتسيطر قوات الدعم السريع بشكل شبه كامل على إقليم دارفور ومساحات واسعة من منطقة جنوب كردفان ومعظم وسط السودان، بينما يسيطر الجيش النظامي على شمال وشرق البلاد.
وحتى الآن، لم يتمكن أي من المعسكرين من السيطرة على كامل العاصمة الخرطوم التي تبعد ألف كيلومتر شرق مدينة الفاشر.
وأودت الحرب بحياة عشرات الآلاف وشردت أكثر من 11 مليون شخص وتسببت بما تعتبره الأمم المتحدة أسوأ أزمة إنسانية في الذاكرة الحديثة.
ويتهم الجيش وقوات الدعم السريع باستهداف المدنيين والمرافق الطبية بشكل عشوائي، وبقصف مناطق سكنية عمدا.
الحرة الليلة