لماذا تدعم السعودية إبادة اليهود لمسلمي فلسطين؟
تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT
يمانيون – متابعات
في أواخر العام 1915، وتحديداً في 26 ديسمبر وقعت بريطانيا، عبر (السير بيرسي كوكس)، المعتمد السياسي البريطاني في منطقة الخليج، مع عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، حاكم نجد آنذاك، معاهدة “دارين” التي نصت على دعم الأخير للاستيلاء على كامل الجزيرة العربية، باستثناء المستعمرات البريطانية في الخليج مقابل أن يوقع على تنازلٍ خطي لبريطانيا بالتخلي عن فلسطين لليهود، وأن يكون حليفاً للكيان اليهودي.
وضمنت المعاهدة تقديم امتيازات مالية لابن سعود من ثروات الجزيرة العربية النفطية، وأن يكون رئيساً مطلقاً على قبائلها، وأن ذلك يسري على بأبنائه وخلفائه بالإرث من بعده، على أن يكون ترشيح خلفه من قِبله ومن قِبل الحاكم بعده، وألا يكون هذا المرشح مناوئاً للحكومة البريطانية بوجه من الوجوه، خاصة فيما يتعلق بهذه المعاهدة.
وقد أورد المؤلف المصري، الدكتور إيهاب عمر في كتابه الخليج البريطاني (كيف صنعت بريطانيا دول الخليج العربي) تفاصيل مرعبة عن المعاهدة، وكيف قَبَّل بن سعود يد المعتمد البريطاني كوكس عندما أبلغه بنية المملكة المتحدة في تنصيبه ملكاً على الجزيرة العربية، وليس فقط إمارة نجد، مقابل أن يخنع للوصاية الإنجليزية وأن يبقى طيَّعاً للسياسات الأجنبية طيلة حياته، وكذلك خلفائه من بعده، كما تعهد عبدالعزيز بالمشاركة في احتلال فلسطين، وتشريد سكانها العرب من أرضهم، وإخضاعها لليهود.
ولمن أراد الاطلاع على تفاصيل المعاهدة، وغيرها من اتفاقيات العار بين بريطانيا وحكام الخليج، فكتاب الدكتور إيهاب عمر متوفرٌ على اليوتيوب ومنصات التواصل الاجتماعي بنسخٍ مختلفة منها المسموعة والمقروءة وفيها الكثير من التفاصيل التي جمعها المؤلف من مصادر غربية، وتؤكد أن أنظمة الخليج لا تزال قيد الاحتلال الغربي حتى اليوم.
وهذا يفسر تواطؤ آل سعود مع الكيان الصهيوني ومشاركتهم العلنية له في إبادة الشعب الفلسطيني، سواءً بالتمويل المادي وفك الحصار عن الكيان، أو اعتراض الهجمات الإيرانية واليمنية عليه، إضافة إلى معاداة أي طرف يدعم استقلال الشعب الفلسطيني أو يزوده بالسلاح لتحقيق ذلك، كإيران وغيرها.
وبالتالي، فإن احتلال ثالث الحرمين الشريفين المسجد الأقصى، ما كان ليتم لولا احتلال الإنجليز الحرمين الأوليين، عبر حليفهما المتصهين عبدالعزيز آل سعود، ومن ثَّم أبنائه من بعده وجميعهم عملاء للكيان الصهيوني وحلفاء لواشنطن، كما أنهم شركاء في كل جرمية تنفذها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، وما هو حادثٌ اليوم ليس إلا امتداد لخانة آل السعود التاريخية للإسلام والمسلمين.
والأدهى من ذلك، أن عبدالعزيز ليس العميل الأول من أسرة آل سعود لبريطانيا، فالبند السادس من معاهدة دارين ينص على الآتي: “يتعهد ابن سعود كما تعهد آباؤه من قبل، بأن يتحاشى الاعتداء على أقطار الكويت والبحرين ومشايخ قطر وسواحل عمان التي هي تحت حماية الحكومة البريطانية ولها صلات عهدية مع الحكومة المذكورة، وألا يتدخل في شؤونها وتخوم الأقطار الخاصة بهؤلاء ستعين فيما بعد”.
أي أنه – كما سائر حكام الخليج – ينحدر من أسرة موغلة في العمالة الإنجليز كابراً عن كابر، وأن الدولتين السعوديتين، الأولى والثانية، تأسستا من قبل الإنجليز وللأهداف الاستعمارية ذاتها، كما أن الوهابية، ومؤسسها محمد بن عبدالوهاب، هي الأخرى صنيعة الإنجليز لضرب العالم الإسلامي من الداخل، والتمهيد لاحتلال العالم العربي والمقدسات الإسلامية بما فيها المساجد الثلاثة، وهو بالضبط ما كشفت عنه مذكرات (المستر همفر) المنشورة أواخر القرن التاسع عشر، وهي الأخرى متاحة على الشبكة العنكبوتية.
-السياسية/ محمد الجوهري
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: آل سعود
إقرأ أيضاً:
ليس زعيما ولن يكون
تابعت أخبار القمة الطارئة، وعددت القنوات لأنجو من إعلام السيسي؛ حضرت أمامي صورتان، الأولى من درسي في علم الاجتماع السياسي وتتألف من صورتي المستشار الألماني بسمارك والإمبراطور الفرنسي نابليون اللذين ألف منهما عالم الاجتماع ماكس فيبر نموذجه التحليلي في الشخصية الكاريزمية ذات القدرة القيادية الفائقة، والتي يرتقي دورها إلى دور فاعل اجتماعي مطلق التأثير. والصورة الثانية لملتقطي فضلات الخُضر في سوق الجملة التي تتساقط من صناديق الفلاحين والتجار، فيجمعها قوم ضعاف الحال فيبيعونها على شتاتها لقوم أفقر منهم فيقبضون منها قوت يوم أو أقل من ذلك. لقد رأيت قمة السيسي، وقد كنت أود أن أرى صورة بسمارك يبحث عن حل لسلام دائم للفلسطيني، كنت سأرضى حتى بصورة أنور السادات، ولكن..
قمة للتخلص من وجع رأس
غزة تزعج السيسي وعسكره، إنها صوت نشاز في سيمفونية السلام الداخلي الذي أخرس من حوله كل صوت وظل يسمع صوته منتشيا. هذه حقيقة مكشوفة ولكننا نتجاهلها لخلق أمل في قوة مصر وثقلها في المنطقة. أعادت القمة تذكيرنا بأن مصر تعمل فقط على إغلاق الباب التي تأتي منها ريح غزة لتستريح.
مشروع التهجير نزل على السيسي نزول كورونا، حرب الطوفان لم تنته في غزة وسيخرج عليه منها ريح مزعجة لذلك سعى في الحل قبل أن يجلس على الكرسي مقابل المدفئة الحجرية في البيت الأبيض، فوصل إلى حل ساندويتش، جمع من يمكن أن يطاوعه في الإمضاء على بيان ينقذه من ذلك المجلس فيقول هذا حل عربي وليس مصريا فقط لمعالجة الإشكال الغزاوي.
كانت هناك قبل زمن قصير نصف قمة في الرياض وقريبا ستكون هناك قمة كاملة في العراق، والموضوع الغزاوي/ الفلسطيني كان في الأولى وسيكون في الثانية فوق الطاولة بالقوة، فلماذا كانت قمة القاهرة الاستعجالية؟ إنها قمة إنقاذ السيسي لنفسه من الجلسة قرب المدفأة، حيث لن يجد ربع شجاعة زيلنسكي ليقول لا. سيكون بيده أو بيد من ينوبه ورقة ممضاة من العرب (نظريا كل العرب) ولا تعطي الفلسطيني حقه ولكنها تحفظ أمن إسرائيل.
شمال أفريقيا ليس عربيا
كانت تصلنا من أحاديث العوام في الشرق العربي أن سكان شمال أفريقيا أمازيغ وليسوا عربا، ولكن الرسميين ظلوا يرسمون خريطة الوطن العربي وفيها جناح شمال أفريقي. في قمة السيسي رسمت خريطة عربية دون الجناح الغربي، لقد غابت الدول الخمس. كان حضورها سيربك الحل الساندويتش فلها رأي ولها وزن، وهناك مؤشرات على أن مهج شعوبها أقرب إلى غزة من كل المهج، وقد حال السيسي بينها وبين غزة.
شمال أفريقيا العربي ومهما تخفّى وراء المجاملة الدبلوماسية لا يسير على خطى السيسي. لقد حشر السيسي نفسه في الوضع الليبي فساند المنشق حفتر (سنكتشف في زمن لاحق مشاركته في سرقة نفط ليبيا). تقسيم ليبيا خلق وضعا غير آمن على حدود الجزائر وتونس فضلا عن إضعاف ليبيا وتدمير اقتصادها. توجد تفاصيل وراء موقف كل دولة، ولكن الجزائر الحالية تحاول القيام بدور الأخ الأكبر في المنطقة، ومن هذا الدور عدم الانجرار وراء تكتيكات السيسي لإنقاذ نظامه على حساب الفلسطيني خاصة.
هناك تراث تعاطف ومساندة في بلدان شمال أفريقيا للنضال الفلسطيني، فهذه البلدان لم تكن لها فصائل تأتمر بأمرها في منظمة التحرير الفلسطينية، ولم تستعمل الفلسطيني في معاركها الخاصة والداخلية أو البينية. لذلك نعتقد أن غياب هذه الدول عن قمة الحل الساندويتش يكشف اختلافا عميقا حول الحل الفعلي، ونظن يقينا أن هذا الخلاف مع نظام السيسي سيتسع عندما يشرع السيسي في الضغط على المقاومة لتفريغ غزة من سلاحها، وهو بند متستر في قرار القمة. إن مجرد وضع سلاح المقاومة في سياق التفكير (التخطيط) هو خطوة انتظرها العدو ليوسعها بالتفاوض والضغط. وهذه ترجمة جملة الانشغال بأمن إسرائيل.
النظام السعودي لا يقف وراء السيسي
غاب السعودي عن القمة واكتفى بوزير الخارجية، وهذا التمثيل الضعيف كاشف لموقف سيترجم بأن ما صدر عن القمة غير ملزم للنظام السعودي. وبالتالي فإن المساهمة السعودية في جهود إعادة الإعمار لن تمر بمصر، حتى وإن كانت الجغرافيا ستحكم عليها بالعبور من فوق أرض مصرية. الأمير السعودي يشعر بوزنه الخاص في المنطقة ولا يصطف إلا حيث يزيد وزنه السياسي، وإذا كانت هناك معاملة مع ترامب فلن يجني ثمرتها السيسي لحسابه (فيقدم نفسه على أنه الرجل الذي جر العرب من أعناقهم لحل نهائي).
حساب النظام السعودي اختلف مع حساب النظام المصري بما قلص أثر قرارات قمة القاهرة. لا نراهما ينشغلان فعليا بحال الفلسطيني وإنما يتاجر كلاهما بالفلسطيني في سوق المواقف والحسابات، ولكن كليهما يصطاد في سلته. وهذا اختلاف كاشف لهوان السيسي في المنطقة وفقدانه الوزن في الحلول المرجوة منه.
إنه بعيد جدا عن وزن مبارك الذي جر العرب من أعناقهم للوقوف مع الأمريكي ضد العراق، ولا نقارنه بالشهيد محمد مرسي الذي قالها عالية: لن نترك غزة وحدها. لقد نظم قمة عجولة ليثبت قدميه في المنطقة فكشف رخاوة الأرض تحت قدميه، ولا نظنه من الذكاء بحيث يعاود حساباته تجاه غزة وتجاه نتائج الطوفان، وقد كانت غزة اقترحت عليه أن يصير زعيما مثل بسمارك فرفض واكتفى بجامع فتات الخضر والغلال في السوق ليحصل قوت يوم أو بعض يوم.
دع المكارم لا ترحل لبغيتها
أين أنت من الكاريزما (نعتذر لبسمارك)؟ كانت جملة أحمد الشرع عن جناحي الأمة (الطائر الواحد) ستوفر لك مخرجا عظيما وشجاعا لو التقطها ووسعتها (حتى من قبيل ابتزاز العدو)، ولكن وهو يحدثك عن الجناحين أظهرت انشغالك بأمن إسرائيل!
رغم ذلك نشكرك على توضيح موقفك. أوشك إعلامك أن يخدعنا بصور استعدادات جيشك لرد العدوان (ونحن من قوم نحب أن نخدع أنفسنا بقوة الزعماء). نحن نستعد لرؤيتك أمام المدفأة لا لتشكر على الموقف الذي اتخذت بنزع سلاح المقاومة، لا بل لنرى وجهك عندما يطلب منك تسخير قوة عسكرية من عسكرك لحماية إسرائيل فعليا لا بالقول وبالبيانات.
لقد استبقت بتقديم تنازلات لقوم يعرفون تقنيات الابتزاز وسيبتزونك حتى تضع عسكرك صفا لحمايتهم من المقاتل الغزاوي. لا داعي هنا لتذكر قول المتنبي (عمن يهن فيسهل الهوان عليه)، بل اكتف بقول الحطيئة. محمد مرسي يهزمك من قبره، كان ذاهبا لمقعد بسمارك فسلطوك عليه فلم تملأ كرسيه أبدا.