هزاع أبوالريش (أبوظبي) 
يقف المبدعون والمفكرون دائماً موقفاً أصيلاً ومدافعاً عن المجتمعات، وعن استقرارها، وطالما كانوا عبر التاريخ مصدراً للتنوير ونشر قيم ومبادئ التسامح والتعايش واحترام ثقافات الآخر، ومن خلال أقلامهم المضيئة وخبراتهم المعرفية والفكرية المتراكمة والثرية يحتل المفكرون مكانة استثنائية في تاريخ أوطانهم، حيث يتصدون بكل صدق واستنارة للأفكار السوداوية والمتطرفة، ويواجهونها بالحكمة والتحليل، كاشفين زيفها، وسوء المقصد من ورائها.

بدايةً، يؤكد معالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للبحوث والدراسات الاستراتيجية: لا شك في أن أيديولوجيات الجماعات الدينية المتطرفة، تركت آثاراً سلبية ومدمرة في المجتمعات، ورغم ذلك كان لها أيضاً تأثيرات إيجابية، إذ استنفرت المفكرين والمبدعين والمثقفين في المجتمعات المختلفة، للتصدي لتلك الأفكار، وكشف ضعف المنطق الذي قامت عليه، وانحراف رؤى أصحابها وتزييفهم الحقائق، فأصدروا العديد من الأعمال التي تنتقد هذه الأيديولوجيات، وتكشف الخلل في حساباتهم على نحو ما أوضحته وبيَّنتُه جلياً في كتاب «السراب»، ومن ثم كتاب «جماعة الإخوان المسلمين في دولة الإمارات العربية المتحدة.. الحسابات الخاطئة». 
ويضيف معالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي: «لقد تناولتُ في كتاب (الحسابات الخاطئة) تجربة الإخوان المسلمين، الجماعة الأم لهذه التيارات، وأثبتُّ أن أحد أهم أسباب تدهورهم هو حساباتهم الخاطئة، وعدم امتلاكهم رؤى سياسية واقعية للتعامل مع متطلبات القيادة والحكم، وأظهرتُ كذلك في كتاب (السراب) حقيقة المواقف التي تحاول هذه الجماعات إخفاءها، وركّزتُ بشكلٍ خاص على ممارسة العنف، أو تبريره وتشجيعه. وبعد فشل تجربة تلك الجماعات التي وصلت إلى السلطة، وعجزهم عن تقديم حلول واقعيَّة للمشكلات التي تواجه المجتمعات العربية والإسلامية، ثَبُتت صحة ما توصلت إليه».

أخبار ذات صلة الإمارات تشارك في مؤتمر وزراء الأوقاف بمكة المكرمة أحمد وفيق.. طبيب «السراب»

أفكار بناءة 
من جانبها، توضح الدكتورة فاطمة الصايغ، أستاذ مشارك بقسم التاريخ في جامعة الإمارات العربية المتحدة: في البداية تحاول التيارات الظلامية أن تكتسب أرضية في الشارع وبين عوام الناس، مستغله العاطفة الدينية، ولكن بالمقابل أصبح هناك وعي متزايد بين الناس، والأخص هم الكتَّاب وأصحاب المؤلفات الأدبية، وهذا ما شاهدناه من خلال إصدارات وصلت إلينا ناقلة أفكاراً بناءة، وتجعل القارئ أمام حالة من الوعي والإدراك، والفهم لواقع حقيقي، ومرآة صافية خالية من الشوائب الدخيلة، والأفكار العقيمة. 
وتشير الصايغ إلى أن هذه قيمة الثقافة، ومدى أهمية الوعي من خلال ترسيخ مفاهيم تحارب الأفكار بالأفكار، وتجعل القارئ أمام حقائق يستدل من فحواها إلى ماهية الخلاصة التي تنبغي أن تكون عليها الإنسانية، فالكثير من الكتب والمؤلفات أوضحت حقائق وكشفت أفكاراً كانت خاطئة، وصنعت وعياً متجدداً في سرد إبداعي ملهم يتوافق مع الظروف بتحدياتها الراهنة.
وتابعت الصايغ: هنا تكمن الجمالية، لأن الإبداع لا ينشأ إلا بوجود ما يستفزه، وما يحرك تلك المياه الساكنة، حتى تفيض الأفكار وتسترسل التحليلات لأن تكون حاجة جديدة، تستفيد منها الإنسانية، وتشكل لدى القارئ حالة من الوعي والفهم والإدراك الناضج والحيوي وتحليل المعطيات المحيطة من حوله. مختتمة: ضمير الإنسانية بحاجة إلى حضور ثقافي- فكري - فلسفي يمخر عباب الحياة مبرزاً استراتيجية إنسانية خالية من السوداوية والظلامية، وهذا الحضور لا يأتي إلا في ظل وجود كُتَّاب ومؤلفات تتصدى لكل ما يؤثر على فكر الإنسان بشكل سلبي، ويعكر صفو الحياة وجماليتها البديعة، وهذا ما نلاحظه في معارضنا الثقافية من إصدارات متنوعة، سواء كانت في التسامح والإخاء والتعايش مع الآخر أو العديد من المؤلفات الأخرى التي تبيّن مدى أهمية هذا الحضور والتواجد في مثل هذه المحافل الدولية، مبرزة دور الوعي وأهمية الثقافة.

نشر الوعي
تقول الدكتورة عائشة علي الغيص، كاتبة وناشرة: نلاحظ في الفترة الأخيرة أن هناك الكثير من المؤلفات التي تحارب الأفكار السوداوية بنشر المزيد من الوعي والثقافة للارتقاء بالحياة والإنسانية. حيث يقول الأميركي «وارنس أكت»: «إننا عندما نفكر بطريقة سلبية فنحن نهيئ أنفسنا للفشل، وكلما دربنا عقولنا أكثر على التفكير بطريقة إيجابية كانت النتائج أفضل»، مضيفة: هناك الكثير من الأفكار الظلامية التي شهدتها البشرية، وهذه الأفكار السلبية عدو خطير يهدد حياة كل إنسان عندما تتحوّل هذه الأفكار إلى واقع حقيقي وملموس بعد فترة زمنية، لذلك لا بد من مواجهتها عبر إبداعات المفكرين والمثقفين.
تطوير الذات
تنتقل الدكتورة عائشة علي الغيص إلى الحديث إلى جانب آخر في التكوين المعرفي وصقل المهارات الذاتية والمعرفية، فتقول: في الفترة الأخيرة نجد المشهد الثقافي زاخراً بكتب مثل تطوير الذات، والتي تخاطب العقل والفكر والنفس، وتسهم في توجيه القارئ إلى تحقيق التوازن النفسي والنجاح الشخصي والمهني، وتعد هذه الكتب إحدى أبرز الوسائل المؤثرة لتعزيز قوة الشخصية والثقة بالنفس، مما يسهم في بناء مهارات التواصل الاجتماعي الفعال. وكذلك تعتبر هذه الكتب بمثابة مرشد ودليل ينير لنا الطريق نحو تحسين الذات، كما تتيح للقارئ الفرصة لمواجهة التحديات بثقة أكبر وبناء علاقات أكثر صحة وإيجابية مع الآخرين.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: التسامح جمال سند السويدي السراب

إقرأ أيضاً:

هيئة أممية تثمن جهود المملكة في صنع السياسات العالمية للذكاء الاصطناعي

ثمن المشاركون في جلسة المشاورات التي عقدتها الهيئة الاستشارية التابعة للأمم المتحدة خلال أعمال القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في نسختها الثالثة التي تنظمها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا" في مدينة الرياض جهود المملكة في دعم أعمال الهيئة، لا سيما في صنع السياسات العالمية للذكاء الاصطناعي، مؤكدين تأثيرها الواسع في هذا المجال.
واستعرض المشاركون في الجلسة دور المملكة في تعزيز مجتمع الذكاء الاصطناعي الدولي من خلال استضافتها وتنظيمها مناسبات كبيرة تسلّط الضوء على رؤية وأهداف الهيئة الاستشارية، وتؤكد التزام المملكة بتطوير الذكاء الاصطناعي من خلال المشاركة الفاعلة في الاستشارات والاجتماعات رفيعة المستوى.
أخبار متعلقة من الرباط.. نقل مواطن بطائرة الإخلاء الطبي للعلاج بالمملكةبحضور كبار المسؤولين.. سفارة المملكة في سوريا تحتفل بإعادة افتتاح أعمالها .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } جلسة المشاورات للهيئة الاستشارية التابعة للأمم المتحدة خلال القمة العالمية للذكاء الاصطناعي - واسالكفاءات السعوديةوجرى الاتفاق على إعطاء الأولوية لتوظيف الكفاءات السعودية في مكتب المبعوث الأممي، وزيادة استضافة المملكة للمناسبات والجلسات الاستشارية المتعلقة بقضايا الذكاء الاصطناعي.
وأكد المشاركون أهمية تشجيع تبادل الأفكار وأفضل الممارسات بين خبراء الذكاء الاصطناعي السعوديين ونظرائهم الدوليين، لتسهيل الابتكار والتعاون في تطوير التقنيات الحديثة التي يتزايد تأثيرها في حياة الأفراد والمجتمعات البشرية جمعاء.
وتضم الهيئة الاستشارية المعنية بالذكاء الاصطناعي للأمم المتحدة التي أنشئت عام 2023، (39) عضوًا يمثلون الجهات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني والمجتمع الأكاديمي من مختلف دول العالم ومنها المملكة العربية السعودية التي سبق أن استضافت جلسة تشاور خلال القمة العالمية الأولى للذكاء الاصطناعي التي نظمتها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا" عام 2020 بشأن إنشاء الهيئة.ريادة المملكةويأتي دعم "سدايا" للهيئة الاستشارية في إطار جهودها المقدمة الرامية لتعزيز ريادة المملكة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتطوير استخدامه على مستوى العالم، فضلاً عن تعزيز مكانتها الدولية في القطاع الحيوي، في ظل التطور المتسارع للتقنيات المتقدمة، وتعظيم أثرها الكلي على مستوى الأفراد والمؤسسات.
يذكر أن الهيئة تعمل على تطوير البرامج والمبادرات الرامية لتحفيز الأفراد والمنشآت على تبني تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي، وذلك عبر بناء منظومة متكاملة ستكون الأكثر تعاوناً وتطلعاً، ضمن قطاع البيانات والذكاء الاصطناعي الذي يعد أحد أهم الركائز التي تقوم عليها رؤية المملكة 2030 ودعم جهود المملكة في تعزيز أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030.

مقالات مشابهة

  • هيئة أممية تثمن جهود المملكة في صنع السياسات العالمية للذكاء الاصطناعي
  • الهيئة الوطنية للأمن السيبراني تستطلع آراء العموم حول وثيقة «الإطار التنظيمي لترخيص تقديم الخدمات المدارة لإدارة هويات الدخول والصلاحيات»
  • الأمم المتحدة تثمن دور مصر والأردن لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة
  • "تنوير" يعزز التفاهم بالموسيقى والفن والشعر
  • جبران يؤكد جاهزية العمالة المصرية المدربة التي يحتاجها سوق العمل في الإمارات
  • "نافذ مبدعون".. منصة جديدة لاستقطاب الأفكار الإبداعية بالشرقية
  • اقتصادية النواب تثمن جهود وزير العمل في توفير فرص للشباب المصري بالخارج
  • الشارقة تجمع عشاق الموسيقى والفن والشعر في “مهرجان تنوير” الأول من نوعه بالمنطقة
  • هيئة تطوير المدينة المنورة تستطلع آراء السكان حول مستوى جودة الحياة بالمنطقة
  • سرايا القدس تثمن دعم واسناد القوات المسلحة اليمنية