صحيفة البلاد:
2025-01-31@09:25:09 GMT

البثّ التلفزيوني المباشر ومشكلاته القانونية

تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT

البثّ التلفزيوني المباشر ومشكلاته القانونية

إستكمالاً لسلسلة المقالات حول أنظمة و استخدامات الفضاء الخارجي، فإنني سأتناول في هذا المقال بعض جوانب استخدامه في البثّ التلفزيوني الذي كان من أوائل الاستثمار التجاري للفضاء ، وهذا البثّ ذو طبيعة مزدوجة ، فهو من جهة يتم عبر الأقمار الصناعية الموجودة في الفضاء الخارجي، ومن جهة أخرى يبث إشاراته إلى أجهزة الاستقبال المتمركزة في الأرض، والدول تلتزم عند استخدام البثّ التلفزيوني المباشر، بمبدأ حرية استخدام الفضاء الخارجي للأغراض السلمية، وذلك بالخضوع للأحكام العامة لقانون الفضاء الدولي ، وبشكل خاص مبادئ معاهدة الفضاء الصادرة عام 1967، ومع أن البث التلفزيوني المباشر يفتح آفاقا جديدة لتقريب الأمم وفتح المجال للتبادل الدولي للمعارف والثقافات ، لكنه يثير إشكالية قانونية متعلقة بالتعارض بين مبدأ سيادة الدول على أقاليمها ومبدأ حرية المعلومات ،

وقد دارت المناقشات الدولية في لجنة الفضاء بالأمم المتحدة حول الجوانب القانونية للبث المباشر عبر الأقمار الصناعية ، حيث عقدت اللجنة عدة جلسات ما بين عام 1969 وحتى عام 1974 ، قدمت فيها كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي وكندا والسويد والاتحاد الدولي للاتصالات، أوراق عمل ومقترحات لأجل التأكيد على تطبيق معاهدة الفضاء الخارجي على البث التلفزيوني المباشر ، ومحاولة التوفيق بين مبدأ سيادة الدول ومبدأ حرية المعلومات، وذلك بغرض دعم أنشطة البث التلفزيوني المباشر، وفتح الباب أمامه دون الحاجة للاتفاق المسبق بشأنه مع الدول المستقبلة ، استنادًا إلى النظرية العامة لحقوق الإنسان، وتأسيسا على أن حرية الأفراد مكفولة للوصول للمعلومات، باعتبار ذلك من الحقوق الأساسية للأفراد ، إلا أن الإطار القانوني الخاص بتنظيم البثّ، ما زال في طور التكوين ، بسبب تباين مصالح الدول الكبرى والدول النامية، وبالرجوع الى معاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967، واتفاقية المسؤولية الدولية عن الأضرار التي تحدثها الأجسام الفضائية، يتبين أن الدولة مسؤولة عن أي ضرر تسببه نتيجة أنشطتها الفضائية، تأسيسًا على المبدأ الثامن من المبادئ المنظمة لاستخدام البث التلفزيوني المباشر، القاضية بأن الدول تتحمل مسؤولية ما تقوم به أنشطة في ميدان البث التلفزيوني المباشر، وفي هذا الصدد، ينصّ المبدأ الثامن من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 37/92 لعام 1982، على تحمل الدولة المسؤولية عما تقوم به تحت ولايتها الفضائية من أنشطة في ميدان الإرسال التلفزيوني الدولي المباشر، بواسطة التوابع الاصطناعية لها، وأن تتم الاتصالات الفضائية وفقاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ، وهو ما أشير إليه في المادة الثالثة من معاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967، من التزام الدول الأطراف في المعاهدة عند مباشرة أنشطتها في ميدان استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي، على مراعاة القانون الدولي بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة، بغية تعزيز التعاون، والتفاهم الدولي، وصيانة السلم والأمن الدوليين.

إلى لقاء في مقال آخر بإذن الله حول استخدامات الفضاء الخارجي من منطلق مواكبة علوم العصر، والله الموفق.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: الفضاء الخارجی

إقرأ أيضاً:

إصلاح النظام الدولي.. لماذا وكيف؟

 

 

د. عبدالله الأشعل **

كشفت أزمة أوكرانيا وملحمة غزة أنَّ النظام الدولي ومؤسساته، تم بناؤها بعد الحرب العالمية الثانية بعقلية غربية؛ ففيما يتعلق بأوكرانيا فتحت روسيا ملف الصراع السياسي الممتد منذ روسيا القيصرية والشيوعية مع الغرب.

الغرب كان ضد روسيا القيصرية وضد امتدادها الإقليمي، أما روسيا الشيوعية فقد ناصبها الغرب العداء أملًا في خنق الشيوعية في مهدها، فاتخذت الولايات المتحدة مجموعة من المواقف باعتبارها قائدة للغرب على أساس أن روسيا تنتمى إلى الأمم الشرقية المتخلفة في نظر الغرب، والغرب منذ نشأته في القرن السادس عشر وذبول الدولة الإسلامية كانت نظرته استعلائية وكان العالم ينقسم في ذلك الوقت إلى مجموعتين المجموعة الأوروبية الاستعمارية المُترفعة على غير الأوروبي والمجموعة الثانية هي مجموعة الأمم غير الأوروبية التي يصح استعبادها ونهب ثرواتها لأنها تدفع للدول المتقدمة الأوروبية ضريبة تخلفها. ولذلك ابتكرت الدول الأوروبية ما يُسمى بالاستعمار وهو مصطلح إيجابي يعنى أن المتحضر يأخذ بيد المتخلف ويصعد به إلى المستويات الحضارية.

وبالفعل.. فإنَّ وسائل النظام الدولي قد تمت صياغتها لكى تعكس هذه الحقيقة الطبقية ومثال ذلك أنَّ الاستعمار غيَّر وجهه إلى صيغة تم تسويقها لدينا كذبًا وهي تحول نظام الاستعمار إلى الانتداب ثم في ميثاق الأمم المتحدة تحول الانتداب إلى الوصاية وكلها مصطلحات غربية تصور حقيقة المجتمع الدولي الطبقي فهم مجتمع سيد ونحن مجتمع عبيد، ومثال آخر أن الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن ممن شاركت في الحرب العالمية الثانية ضد دول المحور أي معسكر الحلفاء ضد معسكر المحور وكان التصور عند صياغة ميثاق الأمم المتحدة أن تتسيد هذه الدول العالم وتقوم بإدارته، ولذلك مُنحت عددًا من الامتيازات أهمها ما يُسمى بحق الفيتو الذي يجب أن يستخدم لخدمة الصالح العام للمجتمع الدولي المُوحد.

ومثال ثالث أنه تمَّ النص في ميثاق الأمم المتحدة على أنَّ الدول تتمتع بالسيادة المتساوية صغيرها وكبيرها وهذا نفاق كبير. ومثال رابع أن الصين انقسمت عام 1949 بعد قيام الثورة الصينية إلى صينين الصين الكبرى وكانت شيوعية من الأمم الشرقية والصين الصغرى وهي الصين الوطنية وتنتمى إلى الغرب فكانت النتيجة أن الصين الصغرى هي التي احتلت مقعد الصين كلها في مجلس الأمن ولم يتم تصحيح هذا الموقف إلا عام 1971 عندما زار الرئيس نيكسون الصين الكبرى وقبل أن يدخل في علاقات عملية معها ولذلك سمح الغرب للصين الكبرى بأن تحل محل الصين الصغرى في مجلس الأمن ولا تزال الصين حتى هذه اللحظة تسعى إلى قمة النظام الدولي بهدوء وتخشاها الولايات المُتحدة منذ عقود.

مثال خامس النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية الذي نصَّ في المادة التاسعة على انتخاب القضاة من مجموعات إقليمية حضارية وأهمها الحضارة الغربية، ونجد في النظام الأساسي نفسه مصادر القانون الدولي الذي يطبقه القاضي في المحكمة ومُعظم هذه المصادر متحيزة للغرب. والعرف هو ما تعارفت عليه الأمم المُتمَدْيِنة والمبادئ العامة للقانون هي مجموعة المبادئ التي استقرت داخل الأمم المتمدينة، وحتى الفقه الدولي يتكون من كتابات كبار الفقهاء وهم الأوروبيين.

وظنت الدول الصغيرة أنها قد بنت الدولة الوطنية المستقلة عن الغرب، ولكن ثبت أن الغرب أجلى قواته العسكرية، ولكن غيَّر وسائل هيمنته. وقد أظهرت الأحداث الدولية منذ نشأة الأمم المتحدة أن بنية القانون الدولي تبدو واحدة، ولكن يستحيل تطبيق القانون الدولي إلّا إذا كانت دولة غربية طرفًا في القضية مثل "أزمة لوكيربي".

والأزمة الأوكرانية هي صراع بين روسيا والغرب على أرض أوكرانيا. والحق أنَّ أوكرانيا كانت طوال قرون عديدة جزءًا من روسيا، وحتى عندما وزعت روسيا السوفيتية أسلحتها النووية اختصت أوكرانيا بجزء كبير منها، على أساس أنها من الجمهوريات الخمسة عشرة السوفييتية. كما إن الأسطول السوفييتي كله اتخذ من كييف ميناءً بحريًا له، كما إن شبه جزيرة القرم التي كسبتها روسيا في حربها مع الدولة العثمانية عام 1856 في اتفاقية باريس تقع أيضًا في أوكرانيا.

لكن بعد تحلل الاتحاد السوفييتي كانت في أوكرانيا حكومة موالية لموسكو، والغرب- الذي لن تتوقف مؤامراته ضد روسيا- حرض لقيام الثورة البرتقالية ضد الحكومة الأوكرانية الموالية لموسكو، وكان الهدف اختراق الأمن الروسي عبر أوكرانيا.

فلما بدأت موسكو حملتها في تأديب أوكرانيا وجدت الغرب كله قد اصطف لمحاربتها. ولجأت أوكرانيا بتحريض من الغرب إلى مجلس الأمن والجمعية العامة ومحكمة العدل الدولية والجنائية الدولية وأصدرت كل هذه المؤسسات قرارات تُدين موسكو وأصدرت الجنائية الدولية قرارًا بالقبض على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتحقيق معه باعتباره "مجرم حرب"، وبالطبع انضمت الدول الخاضعة للنفوذ الغربي إلى الغرب في هذه المؤسسات؛ بل حاول الغرب أن يلغي حق الفيتو الذي تتمتع به روسيا ولكنه فشل وفرض الغرب كل أنواع العقوبات على روسيا.

الصراع هو بين روسيا والغرب على أرض أوكرانيا ولا يوجد صراع روسي أوكراني، ولذلك فإن محاولات الغرب تسوية المشكلة بينه وبين روسيا فاشلة؛ لأنه يريد أن يضغط من خلال أوكرانيا عسكريا على روسيا حتى يجلس بوتين مع الرئيس الأوكراني وفق تصور الغرب الخاطئ.

وما دام الصراع هو من وجهة نظر روسيا تصحيح ميزان النظام الدولي الموالي للغرب ومن وجهة نظر الغرب استمرار الهيمنة الغربية بما فيها مؤامرة تفكيك روسيا الاتحادية ومنعها من أن تكون دولة عظمى وكانت النتيجة أن كونت روسيا مع الصين وإيران معسكرا يناهض المعسكر الغربي واتضح أن النظام الدولي كله بمؤسساته يؤكد الهيمنة الغربية.

ملحمة غزة كاختبار للنظام الدولي

كان طبيعيًا لهذا النظام الدولي أن يتجاهل أعمال الإبادة الإسرائيلية واشترك الغرب كله بتوريد السلاح لإسرائيل واصطفافه خلف الولايات المتحدة في مجلس الأمن لحماية إسرائيل من النقد ووقف أعمال الإبادة. وصرح المعلقون العرب إلى القول بطريقة سطحية أن الغرب يكيل بمكيالين ولهذا لم يفهم المعلقون العرب بنية النظام الدولي وأزمته الراهنة وسقوطه في أول امتحان في أوكرانيا وغزة.

أسباب إصلاح النظام الدولي؟

وما دام النظام الدولي غربيًا ويُصر على ذلك فإن الدول العربية والإفريقية معرضه للضياع ولا يمكن أن تجتمع هذه الدول لكي تنشئ نظامًا دوليًا عادلًا من وجهة نظرها.

كيف نصلح النظام الدولي المنحاز لإسرائيل ضد العرب؟

الصراع المتعدد الأبعاد بين روسيا والغرب في أوكرانيا والصراع الإسرائيلي الغربي ضد الفلسطينيين وحدهم، هذا نظام ليس من مصلحتنا أن نكسره، لكن حدثت فيه شروخ عميقة، والمطلوب الآن أن تستجمع جميع المناطق قوتها الاقتصادية والسياسية وجميع مصادر القوة، حتى يمكن أن ينعقد مؤتمر دولي مثل مؤتمر سان فرنسسكو الذي أنشأ الأمم المتحدة. وفي هذا المؤتمر تتفق الأطراف جميعًا على قواعد للعلاقات الدولية التي لا تمكن إسرائيل من الافلات من العقاب ويمكن انشاء مؤسسات مكان التي عطبت.

لدينا ترسانة من القواعد القانونية المتراكمة والمعززة بقيم الدين وتقاليد الإنسان السويّ، كما إن لدينا قضاء دولي يحتاج إلى الروح وإلى قوة المناطق حتى تعادل قوة الغرب. أما الاعتماد على سياسة التوسُّل، فلن تُجدي ولا بُد أن تتحرر المناطق المختلفة من سيطرة الغرب ولا بُد من انشاء نظام جديد لا يكون فيه سادة وعبيد، وإلغاء حق الفيتو بالتوافق بين أطراف النظام الدولي الجديد.

** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • منحة رائد الفضاء آل وردن إنديفور تذهب لفريق إماراتي
  • موعد نزال أديسانيا ضد إيمافوف في يو إف سي السعودية وقنوات البث المباشر
  • موعد مباراة الهلال ضد الأخدود في الدوري السعودي وقنوات البث المباشر
  • منحة رائد الفضاء آل وردن إنديفور تذهب لفريق طلابي إماراتي
  • كيف يتعامل الإيرانيون مع خيار التفاوض المباشر بين طهران وإدارة ترامب؟
  • موعد مباراة الرائد ضد النصر في الدوري السعودي وقنوات البث المباشر
  • غونزاليس يحذّر ترامب من صفقة مع مادورو ويقترح إرسال الفنزويليين إلى دولة ثالثة
  • محافظ الدقهلية في جولة تفقدية بالمنصورة: رفع مخلفات الهدم من القطع الفضاء بالزعفران وابن زيد وحي غرب واتخاذ الإجراءات القانونية تجاه أصحابها
  • إصلاح النظام الدولي.. لماذا وكيف؟
  • موعد مباراة مصر ضد فرنسا بربع نهائي كأس العالم لكرة اليد وقنوات البث المباشر