في عالم محفوف بالمخاطر، أصبح الدفاع الصاروخي المتطور مفهوما عسكريا رائجا في الآونة الأخيرة، وفق مجلة إيكونوميست البريطانية، التي تساءلت عما إذا كانت منظومة القبة الحديدية -التي وعد دونالد ترامب ببنائها في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية- تستطيع الحفاظ على أمن الولايات المتحدة.

وقبل أن يصبح ترامب مرشح الحزب الجمهوري لمنصب الرئيس، نشر الحزب أهدافه في السياسة الخارجية، التي تقوم على "منع نشوب حرب عالمية ثالثة، وإرساء السلام في أوروبا والشرق الأوسط، وبناء درع دفاع صاروخي عظيم من نوع القبة الحديدية فوق بلدنا بأكمله".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الغارديان: المحافظون صنعوا مستنقعا معاديا للإسلام لكن حزب العمال ليس بريئاlist 2 of 2واشنطن بوست: هل هاريس انتهازية تغير مواقفها بما يناسب حملتها الانتخابية؟end of list

وقالت المجلة، في تقريرها، إن النقطة الأخيرة في تلك الأهداف -وهي الدرع الدفاعي- أصبح عنصرا أساسيا في حملة ترامب الانتخابية.

فقد قطع ترامب، في خطاب قبول ترشيحه لخوض انتخابات الرئاسة في نوفمبر/تشرين الثاني، وعدا بأن الدرع الصاروخي الأميركي سيكون كفيلا بردع أي "عدو عن ضرب وطننا"، مضيفا أن القبة الحديدية "سيتم بناؤها بالكامل في الولايات المتحدة".

عصر التهديدات

وفي عصر الحروب وانتشار الأسلحة والتهديدات النووية، عاد الدفاع الصاروخي ليصبح "الموضة السياسية" الأحدث أكثر من أي وقت مضى منذ سعي الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان إلى تطوير أنظمة فضائية في الثمانينيات.

ولطالما كانت الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط "حقل تجارب مرعبة" لأنواع جديدة من المقذوفات -من الطائرات المسيّرة الصغيرة إلى الصواريخ بعيدة المدى التي تفوق سرعتها سرعة الصوت- وللتقنيات التي تسقطها من السماء.

وتقول المجلة إن إسرائيل أعدت العدة، بدعم من حلفائها، في محاولة للتصدي لأي هجوم جوي آخر محتمل وواسع النطاق قد تشنه إيران، بعد إطلاقها ما يزيد على 300 قذيفة على دولة الاحتلال في أبريل/نيسان الماضي.

وفي 10 و11 أغسطس/آب الجاري، ضربت روسيا أوكرانيا مرة أخرى بصواريخ كورية شمالية وطائرات مسيّرة إيرانية التصميم، بحسب الصحيفة، وتذكر أن الدفاعات الصاروخية أثبتت نجاعتها، مما شجع الدول التي ترغب في بناء دروع أكثر طموحا، مضيفة أن الصواريخ تتطور، وتصبح أكثر قدرة على المناورة مما يصعب معه تتبعها.

ترسانات مكدسة

وفي خضم معمعة تكديس ترسانات ضخمة من الصواريخ وانتشارها، تدعي إيكونوميست أن الصين تضع هذا النوع من الأسلحة التي كانت في السابق حكرا على الدول، في متناول جهات فاعلة غير حكومية، مثل الحوثيين في اليمن. وهذا يعني أنه ستكون هناك حاجة إلى جيل جديد من أجهزة الاستشعار والصواريخ الاعتراضية، بتكلفة باهظة.

ويشير مفهوم القباب الحديدية والدروع إلى أن نظاما واحدا يمكنه التصدي لجميع التهديدات الجوية. وفي الواقع، يتكون الدفاع الجوي والصاروخي من قطع متشابكة، حيث ترصد أجهزة الاستشعار -في الغالب الرادارات- الأهداف، مثل الطائرات المسيّرة والصواريخ.

ويتم تحليل البيانات بواسطة أجهزة الحاسوب لتحديد وجهة المقذوفات، ثم تُغذى النتائج إلى البنادق أو الصواريخ الاعتراضية، المنصوبة عادة على الأرض، أو نادرا على متن الطائرات، والتي تحاول بعد ذلك تحييد التهديد، عادة عن طريق الاصطدام به أو الانفجار بالقرب منه.

وتتناول إيكونوميست باستفاضة قدرات المنظومات الدفاعية المختلفة، مشيرة إلى أن كل قطعة سلاح فيها تلعب دورا مميزا، ولا يستطيع المدفع المضاد للطائرات المسيّرة إسقاط صاروخ باليستي.

فالصاروخ الاعتراضي المصمم لتدمير الصواريخ الباليستية العابرة للقارات المسلحة نوويا في الفضاء لن يتمكن من التصدي لطائرة مسيّرة عديمة الأهمية.

غير منطقية

وإذا تم تفسير ذلك بشكل ضيق، فإن فكرة نصب قبة حديدية فوق أميركا لا تبدو منطقية، ذلك أن الارتكان إلى أن منظومة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية قادرة على اعتراض صواريخ صغيرة قصيرة المدى يطلقها مسلحون في غزة ولبنان، لن تكون ذات جدوى كبيرة لأميركا.

ولعل ما يؤيده ترامب هو الجانب الأكثر طموحا المتمثل في رصد واعتراض الصواريخ الباليستية العابرة للقارات المسلحة نوويا والتي يتم إطلاقها على الولايات المتحدة، وهو ما تعده إيكونوميست مهمة شاقة.

وتنقل المجلة عن بوب بيترز من مؤسسة التراث، وهو مركز أبحاث مؤيد لترامب، القول إن روسيا أو الصين قد تفكر في إطلاق نحو 10 أسلحة نووية "منخفضة القوة" ضد أهداف عسكرية في الولايات المتحدة خلال حرب تخوضها ضدها، على أساس افتراض يقوم على أنها بذلك ستردع الولايات المتحدة عن الانتقام.

ويعتقد بيترز أن على واشنطن أن تبني دفاعات يمكنها تحييد أكثر من 100 تهديد داخلي، والفكرة هي أن الأمر سيقتضي من الخصوم إطلاق أكثر من ذلك العدد بكثير لكي يخترقوا تلك الدفاعات، "وهي مناورة أشد خطورة".

تحديات

وأوردت المجلة أمثلة على التهديدات التي تواجه الولايات المتحدة، لافتة إلى أن الدفاع عن النفس بات أكثر صعوبة.

وذكرت إيكونوميست أن ارتفاع تكلفة الصواريخ الاعتراضية أو انخفاضها ليست هي المشكلة الوحيدة، بل في استخدامها بشكل اقتصادي.

ونقلت عن ماساو دالغرين من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن القول إن الدفاع الصاروخي هو في الأساس مشكلة استشعار، "فمن المستحيل إسقاط ما لا يمكنك تتبعه، ولكن نفس الطفرات التكنولوجية التي تساعد صانعي الصواريخ تساعد أيضا المدافعين".

وعلى الرغم من تفاؤل ترامب وأنصاره من السياسيين الجمهوريين، فلن يكون هناك درع صاروخي في مأمن من الاختراق على الإطلاق.

فالنجاح الذي حققته الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى في أوكرانيا وإسرائيل لا يعني أنه يمكن أن يترجم تلقائيا إلى نجاح ضد الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، حسب تعبير المجلة البريطانية التي ترى أن التهديد سيستمر في التفاقم مع انخفاض تكلفة الصواريخ وزيادة دقتها وتوزيعها على الدول الصغيرة والجماعات المسلحة.

وخلصت إيكونوميست في تقريرها إلى أن الأمر المؤكد هو أن التنافس بين الصاروخ الهجومي والصاروخ الاعتراضي دخل حقبة جديدة أكثر غموضا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات الولایات المتحدة الدفاع الصاروخی إلى أن

إقرأ أيضاً:

واشنطن بوست: حرب ترامب على الجامعات تضع الولايات المتحدة في خانة الاستبداد

قالت صحيفة واشنطن بوست إن اعتقال الطالبة رميسة أوزترك يعكس توجها عالميا أوسع نطاقا للقادة القوميين الذين يستهدفون الجامعات باعتبارها بؤرا للتطرف، وأشارت إلى أن قمع حرية التعبير بين الطلاب الأجانب ليس سوى خطوة أولى.

وأوضحت الصحيفة -في مقال بقلم إيشان ثارور- أن فيديو اعتقال رميسة أوزترك (30 عاما)، يظهر مشهدا قاتما، حث يواجه ضباط بملابس مدنية وبعضهم ملثمون، طالبة في إحدى ضواحي بوسطن ويقيدونها ويدفعونها نحو سيارة بدون أرقام، مع أنها مواطنة تركية حاصلة على تأشيرة طالب، وتعمل على رسالة دكتوراه في جامعة تافتس.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحيفة أميركية: ضربات ترامب أضعفت الحوثيين لكنها لم تدمرهمlist 2 of 2وول ستريت جورنال: ما سر كراهية تيار ماغا لأوروبا؟end of list

وقد أكد مسؤولون أميركيون إلغاء تأشيرة أوزترك الدراسية، وقالوا إن إجراءات ترحيلها قيد التنفيذ، وهي الآن واحدة من رعايا أجانب مقيمين بشكل قانوني، ألغت إدارة الرئيس دونالد ترامب تأشيراتهم بزعم مشاركتهم في الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات.

جزء من هجوم أعمق

وانتقد وزير الخارجية ماركو روبيو الطلاب الأجانب، وقال إنهم "يثيرون ضجة" في الجامعات، وقال إن وزارته ألغت بالفعل حوالي 300 تأشيرة طالب، وأضاف "نفعل ذلك كل يوم، وفي كل مرة أجد فيها أحد هؤلاء المجانين ألغي تأشيراتهم"، ولكنه لم يوضح هو ولا غيره من المسؤولين ما فعلته أوزترك لتبرير إلغاء تأشيرتها.

إعلان

وقالت وزارة الأمن الداخلي في بيان إن "تحقيقاتها وتحقيقات دائرة الهجرة والجمارك وجدت أن أوزترك شاركت في أنشطة تدعم (حركة المقاومة الإسلامية) حماس"، وأضافت أن "دعم الإرهابيين" يعد سببا لإنهاء التأشيرة، مع أنه لا يوجد دليل واضح على أن أوزتورك "تدعم الإرهابيين"، إلا إذا كان التعبير عن أي شكل من أشكال التضامن مع الفلسطينيين أو انتقاد إسرائيل يعادل دعم حماس، حسب الكاتب.

وبالفعل شاركت أوزترك في مارس/آذار من العام الماضي، في كتابة مقال رأي في صحيفة الجامعة تحث فيه إدارة الجامعة على الاستجابة لقرار مجلس الطلاب الذي يدين الحرب في غزة، والاعتراف بـ"الإبادة الجماعية" التي تحدث في القطاع، وسحب الاستثمارات من الشركات المرتبطة بإسرائيل، وهي دعوات ترددت أصداؤها في جميع أنحاء الجامعات الأميركية على مدار الأشهر الـ17 الماضية من الحرب.

وفي أعقاب فوز ترامب، أصبح مواطنون أجانب مثل أوزترك والناشط الطلابي المعتقل في جامعة كولومبيا محمود خليل، من بين المتضررين من رد الفعل العنيف ضد النشاط المؤيد للفلسطينيين -كما يقول الكاتب- وهو جزء من هجوم أعمق تشنه إدارة الرئيس على الجامعات الأميركية التي كانت دائما هدفا لليمين.

كولومبيا بمثابة تحذير

ومما أثار غضب العديد من أعضاء هيئة التدريس والطلاب، رضوخ جامعة كولومبيا التي شهدت بعضا من أكثر الاحتجاجات سخونة العام الماضي، لتهديدات إدارة ترامب بسحب التمويل الفيدرالي إذا لم تجر تغييرات معينة، مثل فرض المزيد من القيود على الاحتجاجات في الحرم الجامعي، وإشراف جديد على المناهج الدراسية والتوظيف في قسم دراسات الشرق الأوسط بالجامعة.

ويرجح المراقبون أن حملة الضغط لن تتوقف عند هذا الحد، حيث يخشى الباحثون على حرياتهم الأكاديمية، ويلجأ الطلاب إلى الرقابة الذاتية، وقد أعلن جيسون ستانلي، الفيلسوف البارز في جامعة ييل ومؤلف كتاب "كيف تعمل الفاشية: سياساتنا وسياساتهم"، أنه سيغادر قريبا ليعمل في جامعة تورنتو، وأوضح أن السبب الرئيسي هو رغبته في تربية أبنائه "في بلد لا يتجه نحو ديكتاتورية فاشية".

إعلان

وقال ستانلي لصحيفة غارديان "كانت جامعة كولومبيا بمثابة تحذير. شعرت بقلق بالغ لأنني لم أرَ رد فعل قويا في الجامعات الأخرى ينحاز لجامعة كولومبيا. أرى جامعة ييل تحاول ألا تكون هدفا. وهذه إستراتيجية خاسرة"، وأضاف أن قمع حرية التعبير بين الطلاب الأجانب ليست سوى خطوة أولى، متسائلا "متى سيأتون لملاحقة المواطنين الأميركيين؟".

وذكر إيشان ثارور بأن عداء ترامب للجامعات يعكس اتجاها عالميا أوسع، حيث يستهدف بعض القادة القوميين غير الليبراليين في عدد من الأنظمة الاستبدادية الانتخابية، جامعات النخبة باعتبارها أعداء للدولة وبؤرا للتطرف.

مقالات مشابهة

  • ترامب: الحكم على مارين لوبان يشبه ما تعرضت له في الولايات المتحدة
  • NYT: كيف عزّز ترامب انعدام الثقة ودفع حلفاء الولايات المتحدة بعيدا؟
  • أوروبا تتأهب لرسوم ترامب الجمركية على صادراتها إلى الولايات المتحدة
  • "نيويورك تايمز": ترامب أجج انعدام الثقة ودفع حلفاء الولايات المتحدة بعيدا
  • البرلمان الأوروبي يعتزم اتخاذ إجراءات إقتصادية ضد الولايات المتحدة
  • الولايات المتحدة تتعهد بقوة ردع موثوقة ومتينة في آسيا والمحيط الهادي
  • الرئيس الإيراني: نحتاج إلى بناء الثقة مع الولايات المتحدة
  • ترامب: الولايات المتحدة تعتزم شراء سفن كاسحة جليد من فنلندا
  • واشنطن بوست: حرب ترامب على الجامعات تضع الولايات المتحدة في خانة الاستبداد
  • ترامب: الولايات المتحدة بحاجة إلى غرينلاند