أكد السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن الانتخابات الأخيرة فى أوروبا تشكل تحدياً كبيراً لفهم الخريطة السياسية للقارة، وقال إنها أحدثت تغيرات كبيرة ومهمة على المستويين الإقليمي والأوروبي، وتأثيرها على تحالف الناتو واضح. وأضاف، فى حواره لـ«الوطن»، أن تفوُّق أحزاب اليسار فى الماضي أثار قلق بعض الدول ولكن مع عودة اليمين المتطرف إلى ساحة المعركة واحتلاله الأغلبية فى التمثيل البرلماني أصبح هناك توازن جديد.

ماذا عن تغير خريطة السياسة الأوروبية الجديدة؟

- تُعتبر ألمانيا وفرنسا من الدول المؤثرة على صعيد السياسة الأوروبية نظراً لوزنهما الكبير، فتُعرف ألمانيا بقوتها السياسية واستقرارها النسبي تحت حكم الحزب الاشتراكي، أما فرنسا فتعانى من حالة عدم الاستقرار، إذ إن اليمين المتطرف كان على وشك الصعود، ما أثار القلق، بسبب مواقفه المعادية للأجانب والمسلمين.

والمشهد الفرنسي حالياً يشهد تحولاً دراماتيكياً مع عودة اليسار إلى الساحة السياسية واحتلاله الأغلبية، فهذا التوازن الجديد فى التمثيل البرلماني يُشكل تحدياً مباشراً لمستقبل الرئيس إيمانويل ماكرون، وسيؤثر بلا شك على سياسة فرنسا الداخلية والخارجية، فبينما تسيطر ألمانيا على القوة السياسية فى الاتحاد الأوروبي، تبقى فرنسا غارقة فى صراع بين اليمين واليسار.

كيف تقرأ مشهد الانتخابات الفرنسية الأخيرة؟

- لا تزال فرنسا فى حالة من عدم اليقين، فالنتائج لم تُظهر فوزاً ساحقاً لأى حزب، والاحتمالات مفتوحة باتجاه تمكين المحافظين من الحفاظ على السلطة، أو تمكين اليمين المتطرف من فرض سيطرته، فالمشهد السياسى يتّسم بالغموض، وستكون التحالفات الحزبية من أهم العوامل الحاسمة فى تشكيل الحكومة، لذلك الوضع الحالى غاية فى التعقيد، فمُستقبل فرنسا يعتمد على قدرة الأطراف السياسية على إيجاد توافقات تضمن استقراراً للبلاد.

هل ينعكس صعود اليمين المتطرف على المهاجرين فى أوروبا؟

- الأحزاب اليمينية المتطرفة تستمد شعبيتها وتوغلها فى المجتمع الأوروبى من خلال المناداة بالنزعة القومية، واستغلال الأزمات الاقتصادية التى تواجه دول أوروبا بسبب جائحة «كورونا» التى ما زالت تلقى بظلالها حتى الآن، إضافة إلى زيادة أعداد المهاجرين خلال السنوات الماضية، سواء من الشرق الأسط أو أوكرانيا، بسبب الحرب مع روسيا، وحتى بسبب التغيرات المناخية، وهى تدّعى أنها قادرة على حل تلك الأزمات من خلال سَن قوانين وقرارات لمعالجة تلك المشاكل.

وتكمن الأزمة التى تقع فيها الأحزاب اليمينية فى أن تلك الأصوات الرافضة للمهاجرين ستتصادم مع الواقع السياسى والاجتماعى، حيث إن هناك اتفاقيات دولية هذه الدول ملتزمة بتنفيذها، وهو ما حدث فى إيطاليا، رغم صعود حزب يمينى متطرف للحكم، فإن قضية المهاجرين لا تزال كما هى بسبب المعاهدات الدولية.

هل صعود اليمين يؤثر على الأزمة الأوكرانية، أم يؤدى لتحسين علاقة الأوروبيين بروسيا؟

- تُظهر الأزمة الأوكرانية فشلاً واضحاً فى أداء كل من روسيا والحلف الأطلسى (الناتو) فى إدارة العلاقات الدولية، فبدلاً من العمل على حل سلمى للمشاكل أدت تصرفاتهم إلى تفاقم الوضع، ووصلت الأمور إلى الحرب، فمن جهة، يُعد توسع حلف الناتو نحو الشرق من العوامل الأساسية التى دفعت روسيا إلى غزو أوكرانيا، وفشل «الناتو» فى فهم مخاوف روسيا، وواصل ضم دول كانت جزءاً من الاتحاد السوفيتى السابق إلى صفوفه، ما أدى إلى شعور روسيا بالتهديد.

من جهة أخرى، يُعتبر غزو روسيا لأوكرانيا خطأ جسيماً، فبدلاً من محاولة حل القضايا سلمياً من خلال الحوار، أقدمت روسيا على استخدام القوة، ما أدى إلى خسائر بشرية ومادية هائلة، وأعتقد أنّ حل الأزمة يتطلب التعاون الدولى وتغييرات فى السلوك من جميع الأطراف، فيجب أن تتخلى روسيا عن أطماعها فى أوكرانيا وتقبل بتسوية سلمية تحافظ على سلامة ووحدة الأراضي الأوكرانية، كما يجب على «الناتو» أن يُعيد النظر فى استراتيجيته ويسعى للبناء على ثقة متبادلة مع روسيا بدلاً من مواصلة التوسع نحو الشرق، لضم أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي.

مصر واليمين الأوروبى

تُعتبر مصر قوة دبلوماسية لا غنى عنها فى منطقة الشرق الأوسط والعالم، وتُظهر «القاهرة» أهميتها من خلال أكبر تمثيل دبلوماسى فى العالم، فمصر هى العاصمة الوحيدة فى العالم التى تضم أكبر سفارات للدول الأخرى، وعلى سبيل المثال، يعادل عدد الدبلوماسيين فى السفارة الأمريكية فى القاهرة عدد الدبلوماسيين المصريين فى جميع سفارات العالم، هذا يؤكد أهمية العلاقات بين مصر والدول الأخرى ويعطيها وزناً كبيراً فى السياسة الدولية، مع وجود هذه العلاقات القوية، من المتوقع أن يتواصل الأوروبيون، سواء كانوا من اليمين أو اليسار، مع مصر لضمان مصالحهم.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الأحزاب اليمينية الاتحاد الأوروبى الأزمات العالمية الهجرة غير الشرعية الیمین المتطرف من خلال

إقرأ أيضاً:

اللحظات الأخيرة لمناظرة «ترامب» و«هاريس»

أصبح المسرح مهيأ للحظة المحورية فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، إنها المناظرة التى ستقام الليلة بين نائبة الرئيس الديمقراطى كامالا هاريس والرئيس الجمهورى السابق دونالد ترامب.

سيقف الطرفان على مسافة قصيرة فى فلاديفيا لأول مرة، فلم يسبق لهما اللقاء أو الحديث عبر الهاتف، ومن المقرر أن يتبادلا اللكمات لمدة 90 دقيقة أثناء الإجابة على أسئلة طرحها عليهما مذيعا أخبار شبكة إيه بى سى، ديفيد موير ولينسى ديفيس وسط توقعات بمتابعة عشرات الملايين من الأمريكيين، وتقام المناظرة قبل ثمانية أسابيع من يوم الانتخابات الرسمى، ولكن قبل أيام فقط من بدء التصويت المبكر فى بعض الولايات الخمسين فى البلاد.

سيكون الأمر كعادة ترامب صاحب المناظرات السبع فى تاريخه الذى يلقى منافسيه بوابل من الإهانات والمقاطعات، فى حين يبدى ثقة لا تتزعزع وقناعة راسخة. ولكنه سيواجه مدعياً عاماً معروفاً بتوجيه اللكمات الحادة. وسوف يواجه مرة أخرى امرأة ستصبح أول رئيسة للبلاد، ويجب أن يتعامل مع ديناميكيات النوع الاجتماعى. 

وعلى مسرح المناظرة، ستكون القواعد التى ستطبق على هاريس وترامب هى نفسها التى كانت متبعة فى يونيو مع جو بايدن تلك المناظرة التى أنهت تاريخه السياسى بعد ادائه الكارثى. حيث سيتم كتم صوت ميكروفون كل مرشح عندما يتحدث الآخر. وسيحصل كل منهما على دقيقتين للإجابة عن سؤال المنسق ودقيقة للآخر للرد.

ويرى آرون كال، مدرب المناظرات بجامعة ميشيغان أن هذه المناظرة واحدة من أكثر المناظرات الرئاسية المتوقعة والأكثر أهمية على الإطلاق. حيث إن ترامب هو مناظر رئاسى محنك، لكنه لديه تاريخ فى الإدلاء بتصريحات مثيرة للجدل ضد المعارضين على خشبة المسرح، وهو ما قد يصرف الانتباه عن التركيز الأكثر أهمية على قضايا السياسة الجوهرية. 

ومن ناحية الاستعدادات اختلف الطرفانبشكل حاد فى كيفية استعدادهما للمناظرة الرئاسية، ما يهيئ لمواجهة لا تعكس فقط رؤيتين منفصلتين للبلاد ولكن سياسيين يتعاملان مع اللحظات الكبيرة بشكل مختلف للغاية.

فقد تواجدت نائبة الرئيس فى فندق تاريخى فى وسط مدينة بيتسبرغ حيث يمكنها التركيز على صقل إجابات واضحة لمدة دقيقتين، وفقاً لقواعد المناظرة. وعملت مع مساعديها منذ الخميس الماضى واختارت مكاناً يسمح للمرشحة الديمقراطية بخيار الاختلاط بناخبى الولايات المتأرجحة.

وفى إطار استعدادها الخاص، تستعين هاريس بالمستشار الديمقراطى فيليب رينس، وهو مساعد قديم لهيلارى كلينتون، ليقوم بدور ترامب. وهى تحب أن تصف ترامب بأنه يمتلك «دليلاً» من الأكاذيب لمهاجمة الديمقراطيين مثل كلينتون والرئيس السابق باراك أوباما. 

بينما رفض ترامب، المرشح الجمهورى، علناً أهمية الدراسة للمناظرة. واختار الرئيس السابق بدلاً من ذلك أن يملأ أيامه بالأحداث المرتبطة بالحملة على افتراض أنه سيعرف ما يجب عليه فعله بمجرد صعوده إلى منصة المناظرة فى مركز الدستور الوطنى.

فى ظل هذه التغييرات المحيطة بالمناظرة، قرر ترامب إجراء تعديلات خاصة به، بما فى ذلك إشراك النائبة السابقة تولسى جابارد للتحضير للمناظرة. وجهت جابارد ضربة ملحوظة لسجل هاريس فى الادعاء العام على مرحلة المناظرة فى عام 2020، ويعتقد الجمهوريون أنه لا ينبغى تجاهل إدراجها فى التحضير.

وعلى الرغم من أن المناظرة فرصة جيدة لترامب لاستعاده بريقه بعد هزائم كثيرة على يد هاريس إلا أن هناك مخاوف من جانب الجمهوريين من أن ينتهزها ترامب– خاصة إذا دخل فى علاقة شخصية مع هاريس. حيث حث مسئولون بارزون فى الحزب الجمهورى ومستشاروه ترامب لأسابيع على التركيز على انتقاد سجلها السياسى، لكن الرئيس السابق يواصل الإشارة إلى أنه غير مهتم بالتراجع عن الهجمات الشخصية، وكان ترامب نفسه قد مازح فى تجمع حاشد فى ولاية كارولينا الشمالية الشهر الماضى بأنه يجب عليه «طرد» مستشاريه الذين نصحوه بالابتعاد عن الإهانات الشخصية ضد هاريس.

وقال مسئول فى حملة ترامب إن تحضير الرئيس السابق المناظرة فكرة سخيفة نظراً لخبراته الواسعة، وأضاف حليف مقرب من ترامب: «إنه يحتاج فقط إلى عدم الإفراط فى العدوانية وإنشاء هيكل للناخبين المترددين الذين سئموا من الاقتصاد والحدود للتصويت له». 

وتأتى المناظرة فى ظل تقارب استطلاع أخير للرأى بينهما بحسب صحيفة نيويورك تايمز وكلية سيينا حيث سجل ترامب 48 فى المائة مقابل 47 فى المائة لهاريس بين الناخبين المحتملين، ضمن هامش الخطأ فى الاستطلاع.

وكما أشارت صحيفة نيويورك تايمز، هذه هى المرة الأولى التى يتقدم فيها ترامب بفارق اسمى على الأقل فى «استطلاع وطنى غير حزبى كبير» منذ نحو الشهر الماضى. وفى متوسطات استطلاعات الرأى الخاصة بصحيفة نيويورك تايمز، تتقدم هاريس على ترامب بنسبة طفيفة، 49 فى المائة مقابل 47 فى المائة. ولعب استطلاع الصحيفة دوراً كبيراً فى السياسة الأمريكية فى السنوات الأخيرة 

وأكد جيسون ميلر، المتحدث باسم ترامب، لصحيفة بوليتيكو بعد نشر الاستطلاع: «انتهى شهر العسل رسمياً».

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية الأمريكي: الولايات المتحدة ستفرض عقوبات جديدة على إيران بعد دعم روسيا بصواريخ باليستية
  • وزير الخارجية يلتقي نائب رئيس المفوضية الأوروبية والسياسة الأمنية لدى الاتحاد الأوروبي
  • روسيا تُحرر 4 بلدات في دونيتسك الشعبية
  • وزير الخارجية يصدر قرارًا بتعيين السفير تميم خلاف متحدثا رسميا باسم الوزارة
  • ميشال بارنييه.. قروي نزل من جبال الألب وصعد سلم السياسة في فرنسا
  • بلومبرغ: الصدام المباشر بين روسيا وحلف الناتو يتزايد
  • اللحظات الأخيرة لمناظرة «ترامب» و«هاريس»
  • أسطورة فرنسا يهاجم مبابي بسبب تراجع مستواه
  • وزير الخارجية الصيني وانغ يي يزور روسيا هذا الأسبوع
  • فرنسا.. دعوة لإجراء استفتاء لإنهاء الأزمة السياسية