حدّد عدد من الخبراء والمحللين السياسيين عدة أسباب لصعود اليمين فى بعض الدول الأوروبية، أبرزها تزايد موجات الهجرة فى ظل الأزمات الاقتصادية التى تعانى منها الدول الأوروبية والعالم بوجه عام، حيث تستفيد الأحزاب اليمينية من النزعة القومية المتزايدة بين شعوب القارة، لتعزيز وجودها السياسى، مؤكدين على وجود مخاوف وتوقعات غير جيدة بشأن مستقبل أوروبا تحت سيطرة اليمين واعتماد خطابات سياسية حادة ومثيرة لاستقطاب الناخبين.

«رخا»: التيارات اليمينية استعادت قوتها بعد فترة من التراجع بسبب ارتباطها بالنازية

وقال السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، لـ«الوطن»، إنّ من أسباب صعود اليمين فى أوروبا النزعة القومية السائدة والقوية بين شعوب القارة على حساب مشروع الوحدة الأوروبية، خاصة فى دول الكبرى، مضيفاً: «بعد انقسام تشيكوسلوفاكيا وتفكّك الاتحاد اليوغوسلافى، بدأ اليمين ينمو تدريجياً، وظهرت التيارات اليمينية بقوة بعد أن عانت من التراجع بعد الحرب العالمية الثانية بسبب ارتباطها بالنازية».

وأشار «حسن» إلى أن حزب «البديل من أجل ألمانيا»، اليمينى شهد صعوداً مستمراً بفضل توافقه مع الأفكار القومية، مما جعله يتعارض مع الأحزاب التقليدية وخططها للتكامل الأوروبى، وهذا الصعود أدى إلى نوع من الصراع بين النزعة القومية والوحدوية، مثلما دعا جان مارى لوبان، زعيم حزب التجمع الوطنى الفرنسى، للخروج من الاتحاد الأوروبى.

ووصف «حسن» تلك الفترة من الحياة السياسية فى أوروبا وتداعيات صعود اليمين، بأنها لن تكون سوى مرحلة عابرة، ولن ينتج عنه تغيير كبير للمشهد الأوروبى، معلّلاً ذلك بارتباط مصالح الدول الأوروبية الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والصناعية ببعضها البعض وبقاء الاتحاد الأوروبى، ومن أبرز الأمثلة على ذلك الوضع، إيطاليا التى كان الحزب الحاكم فيها يمينياً متطرفاً، وهو حزب إخوة إيطاليا، الذى تترأسه جورجيا ميلونى صاحبة النزعة الشعبوية القومية، ولكن لم يغير ذلك من سياسة الدولة خارجياً، وظلت روما فى الاتحاد الأوروبى ولديها علاقة جيدة مع الدول الأعضاء.

«سعداوى»: تزايد شعبية اليمين مرحلة مؤقتة ستنتهى بانتهاء أسباب عودتها للمشهد السياسى

من جانبه قال د. عاطف سعداوى، الخبير فى مركز «الأهرام» للدراسات السياسية، إن اليمين فى اتجاه للسيطرة على أوروبا، وهناك عدة أسباب لصعوده فى بعض الدول، أبرزها تزايد موجات الهجرة، فى ظل الأزمات الاقتصادية، فيعمل اليمين عن طريق خطابه ضد المهاجرين وتحمليه المسئولية للسياسات الحكومة فى موضوع الهجرة، أما بخصوص الأفكار القومية التى يتبنّاها اليمين والمعادية للأقليات والمهاجرين، فقد أوضح «سعداوى» أن هناك حقوقاً أصبحت مكتسبة واتفاقيات دولية أبرمتها الدول الأوروبية بشأن حماية المهاجرين، وهى حقوق سيتم الالتزام بها بغض النظر عن الأيديولوجيا السياسية للحكومات القائمة: «من الصعب على أى تيار سياسى، حتى لو كان يمينياً متطرّفاً، أن يغيّر الحقائق القانونية والسياسية بسهولة».

وأشار «سعداوى» إلى أن الدول الأوروبية، بحكم كونها دولاً ديمقراطية ملزمة بالوفاء بتعهداتها الدولية، موضحاً أن توجّهات الأحزاب اليمينية ستكون موجودة فى إطار جزئى أو تكتيكى، مضيفاً: «التخوف الحالى من صعود اليمين مبالغ فيه إلى حد كبير، الأنظمة الديمقراطية والقانونية فى أوروبا تتضمن ضوابط وتوازنات تضمن الحد من قدرة الأحزاب على تنفيذ سياسات راديكالية».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الأحزاب اليمينية الاتحاد الأوروبى الأزمات العالمية الهجرة غير الشرعية الدول الأوروبیة صعود الیمین

إقرأ أيضاً:

خبراء اقتصاديون يؤكدون أن وضع صيغ تفاوضية سبيل لاستقرار الأسواق العالمية

العُمانية: أكد عدد من الخبراء الاقتصاديين على أن وضع صيغ تفاوضية تحفظ توازنات الدول التجارية سيؤدي إلى استقرار الأسواق العالمية بعد الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة.

وألقت حزمة الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة على وارداتها بظلالها على الاقتصاد العالمي فشملت 34 بالمائة على الصين، و20 بالمائة على الاتحاد الأوروبي، إلى جانب نسب متفاوتة على عدد من الدول، ورسومًا بحد أدنى 10 بالمائة على الواردات الأمريكية كافة.

وقال المكرّم الدكتور محمد بن حميد الوردي عضو مجلس الدولة وأكاديمي ومحلل اقتصادي: إن الفترة المقبلة ستكون مليئة بالتقلبات والمفاوضات التجارية مما قد يؤثر على نمو الاقتصاد العالمي، مضيفًا إن الأسواق العالمية ستستقر بعد توصل الدول الاقتصادية الكبرى إلى صيغ تفاوضية تحفظ توازناتها التجارية.

وأوضح أن الرسوم الجمركية التي فرضتها أمريكا ستؤدي إلى عرقلة التجارة العالمية وخاصة سلاسل التوريد مما سيؤدي إلى ضعف النمو الاقتصادي العالمي، وهو ما أكدت عليه منظمة التجارة العالمية التي حذرت من خطر اندلاع حرب تجارية بعد فرض الولايات المتحدة رسومًا جمركية جديدة، وأن التوقعات تشير إلى انكماش حجم التجارة العالمية للسلع في عام 2025 بنحو واحد بالمائة.

وبيّن أن التعريفات الجمركية الأمريكية ستؤدي إلى تأثيرات أخرى تتعلق بتقلبات الدولار والعملات الأخرى ومعدلات الفائدة الأمريكية وارتفاع معدلات التضخم، مما يضفي نوعًا من الضبابية وعدم اليقين في الاقتصاد العالمي ويضعف التجارة العالمية.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة تهدف من هذه الرسوم الجمركية الجديدة إلى تحسين موقفها التفاوضي والحصول على أكبر المكاسب من المفاوضات القادمة لذا فهي تفتح الأبواب للتفاوض، وستتعامل الدول مع هذه الرسوم بشكل مختلف، فمنها من سيتخذ تدابير مضادة ومنها من سيتكيف معها ويسعى للتقليل من أثرها الاقتصادي.

من جانبه أشار الدكتور يوسف بن حمد البلوشي خبير اقتصادي إلى أن هدف أمريكا الرئيس من قرار الرسوم الأمريكية الجديدة هو إعادة هندسة دورة الاقتصاد الأمريكي بحيث يكون قادرًا على جذب استثمارات داخلية ودعم قطاع التصنيع الأمريكي والتصدير بشكل أكبر ما يوجد فرصًا كثيرة لسوق الولايات المتحدة.

وأضاف: إن أثر هذه الرسوم الجمركية الجديدة سيكون جسيمًا على الاقتصاد العالمي حيث سيؤدي إلى انخفاض الطلب العالمي خاصة من دول اقتصادية كبرى مثل الصين والاتحاد الأوروبي، وستكون له تداعيات على طلب الوقود من تلك الدول ما يؤدي إلى انخفاض أسعار النفط، كما ستؤثر التعريفات الجمركية الأمريكية الجديدة واتخاذ بعض الدول تدابير مضادة على أسواق المال العالمية حيث ستخسر البورصات العالمية بسبب ذعر المستثمرين.

وبيّن أن سلطنة عُمان جزء من سلاسل التوريد والإمداد العالمية وستتأثر بالرسوم الجمركية الأمريكية ولكن بشكل محدود نسبيًّا خاصة أن الواردات الأمريكية من النفط والغاز والمنتجات المكررة مُعفاة من الرسوم الجمركية ولكن التأثير سيكون من خلال انخفاض أسعار النفط جراء انخفاض الطلب العالمي وانخفاض معدلات النمو العالمية.

ولفت إلى أن هناك فرصًا لزيادة جاذبية سلطنة عُمان للاستثمار الأجنبي وتسكينها لتغذية السوق الأمريكي لأن فرض هذه الرسوم بمعدل 10 بالمائة لا تزال أفضل عن النسب الكبيرة المفروضة على العديد من دول العالم مثل الصين وتايوان، وعلى سلطنة عُمان أن تكثّف في المرحلة القادمة تسويق اقتصادها باعتباره وجهة استثمارية جاذبة.

من جهته أكد لؤي بطاينة خبير اقتصادي على أن ‏فرض الولايات المتحدة رسومًا جمركية جديدة يُتوقع أن يؤدي إلى تداعيات اقتصادية عالمية متعددة، أبرزها انكماش في حجم التجارة الدولية.

ومن المرجح أن تؤدي زيادة الرسوم إلى تباطؤ في حركة البضائع، خصوصًا بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين الرئيسيين مثل الصين والاتحاد الأوروبي، وهذا قد يُضعف سلاسل الإمداد العالمية، كما سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار وضغوط تضخمية وزيادة تكاليف الاستيراد، ما يعني أسعارًا أعلى على المستهلكين.

وقال: إن الرسوم الأمريكية الجديدة ستؤدي إلى إعادة تشكيل سلاسل التوريد بين الدول والأقاليم، فقد تسعى الشركات لإعادة توزيع خطوط إنتاجها لتفادي الرسوم، ما يوجد فرصًا لبعض الدول النامية ويُضعف من تموضع دول أخرى كانت تعتمد على التصدير للولايات المتحدة.

وأوضح أن السيناريوهات المتوقعة بوصفها رد فعل عالميًّا على الرسوم الجمركية الأمريكية تتمثل في اتخاذ دول أخرى تدابير مضادة، ما يفتح الباب لحرب تجارية شاملة تُضر بجميع الأطراف. ومن السيناريوهات أيضًا التفاوض وإعادة صياغة الاتفاقات وخاصة اتفاقيات التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، فقد تلجأ بعض الدول إلى التفاوض معها سعيًا لتقليل الرسوم أو الحصول على استثناءات.

وبيّن أن من السيناريوهات المتوقعة لمواجهة أثر الرسوم كذلك، دعم الدول صناعاتها المتضررة، إما عبر حزم تحفيزية أو عبر سياسات حمائية داخلية تدفع دولًا عديدة إلى تعزيز علاقاتها الإقليمية والاعتماد أكثر على التبادل داخل التكتلات، كمحاولة لتقليل الاعتماد على السوق الأمريكي.

وأعلنت الصين عن أنها ستفرض رسومًا جمركية بنسبة 34 بالمائة على جميع المنتجات الأمريكية المستوردة، ردًا على فرض أمريكا رسومًا بالنسبة نفسها على الصين، وفي الجانب الآخر حذرت بعض الدول في الاتحاد الأوروبي من اتخاذ تدابير مضادة ردًا على الرسوم الجمركية الأمريكية.

كما واصلت أسعار النفط انخفاضها اليوم بأكثر من 3 بالمائة بعد خسارة تكبّدتها يوم الجمعة الماضي وبلغت 7 بالمائة جراء المخاوف من حدوث ركود اقتصادي قد يقلل الطلب على النفط الخام، كما خسرت مؤشرات عدد من البورصات في الأسواق العالمية بنسب متفاوتة.

مقالات مشابهة

  • خبراء اقتصاديون يؤكدون أن وضع صيغ تفاوضية سبيل لاستقرار الأسواق العالمية
  • عبد الرزاق مقري: إنهاء المقاومة سيؤدي لتغوّل اليمين الصهيوني على العرب
  • بمشاركة خبراء 100 دولة.. الرياض تحتضن المنتدى العالمي لإدارة المشاريع
  • الهجرة الدولية: مشكلة الحصول على المياه من أبرز التحديات في مأرب
  • اليوم.. الحكم على 16 متهما بتهمة الاتجار فى البشر بالجيزة
  • ماسك يلقي كلمة أمام حزب الرابطة الإيطالي الشعبوي ويحذر أوروبا من خطر الهجرة والإرهاب
  • استطلاع بألمانيا: صعود اليمين المتطرف وتراجع الائتلاف المحافظ
  • الكفاءات العربية بين الهجرة والتهميش.. عقول مهاجرة تبحث عن وطن
  • بعد ضرب ترامب للصين، هل ستغزو السلع الصينية الأسواق التركية.. خبراء أتراك يعلقون
  • زيلينسكي يكشف أول الدول الأوروبية التي سترسل قوات إلى أوكرانيا