أفادت مصادر لـ”عين ليبيا” ببدء أولى خطوات مشروع مهم  يتمثل في البحث في الأرشيف العثماني التّابع لرئاسة الجمهورية التّركية عن الوثائق المتعلقة بليبيا واستخراجها ثمّ تصنيفها.

وبحسب المصدر، تشير التقديرات إلى وجود ما لا يقل عن 300 ألف وثيقة تتعلق بليبيا، والمعروف أن ليبيا خضعت للحكم العثماني منذ منتصف القرن السّادس عشر وحتّى عام 1911 وهي فترة طويلة تغطّي فيها الوثائق المتوفرة كلّ هذه المساحة الزّمنية الممتدة على ما يقرب من 4 قرون.

ويتنوع محتوى هذه الوثائق بين الشّؤون السياسيّة والعسكريّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافيّة، حيث إن هذه الوثائق ثريّة بمعلومات مهمّة ونادرة عن بداية دخول العثمانيّين إلى طرابلس الغرب، وعلاقة السّلطات العثمانيّة بالأهالي.

وتفيد هذه الوثائق عن طبيعة المجتمع الليبي في تلك الفترة، والأوضاع الدّاخلية حيث أوردت معلوماتٍ قيّمةً عن طبيعة السّكان في البلاد وعَددهم وتركيبتهم القبلية، وعن مدارسها وجوامعها وأسواقها، وعن أهم الأنشطة الاقتصادية والتجاريّة التي كان يزاولها أهالي طرابلس الغرب في تلك الفترة، وعلاقة طرابلس الغرب بجيرانها، كما توجد وثائق تتعلق بممتلكات السكّان من الأراضي والعقّارات وحدودها وغير ذلك من المواضيع.

ويكتسي المشروع أهميته من حيث تقديم سردية جديدة لدراسة تاريخ ليبيا وتعديل الصورة المبنية على الكتابات والوثائق الغربية المتحيزة في أغلبها والتي تعتبر الوُجود العثماني في ليبيا وباقي الدول العربية احتلالاً، والحال أن العثمانيّين هم الذين أنقذوا ليبيا والمنطقة من مصير مشابه لما حلّ بالمسلمين في الأندلس من تقتيل وتشريد.

وتؤكد المصادر على أن جمع هذه الوثائق وتصنيفها وترجمتها إلى العربية والاعتماد عليها في إعادة كتابة تاريخ المنطقة واجب تقتضيه حساسيّة المرحلة ومُستقبل أجيالها.

ويمر المشروع بعدة مراحل أولها تمشيط جميع الكاتالوجات الموجودة في الأرشيف العثماني وكذلك القيودات الموجودة في الكمبيوتر بشكل رقمي من خلال استخدام الكلمات المفاتيح مثل: (طرابلس الغرب، مصراته ،بنغازي، غريان، الزاوية… إلخ) و آخرها مرحلة الرقمنة الكاملة للمحتوى التاريخي لتلك الوثائق وتلخيصه وترجمته إلى لغات عدة وإتاحته بشكل ميسر للباحثين و المختصين.

يُشار إلى أنه خلال فترة حكم حزب العدالة والتنمية الحالية ووجود الرئيس رجب طيب أردوغان فَتح الأرشيف العثماني أبوابه للباحثين من مختلف دول العالم، وأصبح الحصول على الوثائق ميسّرًا بشكل غير مسبوق، غير أنّه ليس من المستبعد أن تُوضع العراقيل في وجه الباحثين وبالتّالي يتم تضييع فرصة مهمّة في الحصول على هذه الكنوز من الوثائق المتعلّقة بطرابلس الغرب في صورة تغير الخارطة السياسية في تركيا، لذلك فإن تنفيذ هذا المشروع يكتسي صبغة استعجالية إضافة إلى أهميته الحضارية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: التاريخ العثماني الدولة العثمانية تاريخ ليبيا وثائق طرابلس الغرب هذه الوثائق

إقرأ أيضاً:

سوريا.. هل سيتعلّم الغرب من الدروس المستفادة هذه المرّة؟

في ديسمبر الماضي، نجحت المعارضة السورية المسلّحة في الإطاحة بنظام الأسد بعد صراع دام لأكثر من 13 سنة. ويجمع كثير من الخبراء والمراقبين على أنّ هذه اللحظة التاريخية تعدّ علامة فارقة في تاريخ المنطقة، وقد تفتح الباب واسعاً أمام تحوّلات جيو ـ سياسية وتغيير في موازن القوى الإقليمية، وتدشّن مرحلة جديدة من التفاعلات الإقليمية.

المفارقة أنّ التحوّل الذي حصل في سوريا يعطي الغرب فرصة تاريخية لتغيير صورته السيئة ودوره المشؤوم ليعيد ترتيب حساباته وعلاقاته مع العالم العربي والإسلامي على أرضية مناسبة تحقق مصالح الطرفين. لكن ما نسمعه الآن من تصريحات من بعض المسؤولين الأمريكيين والأوربيين وما يتم تداوله من شروط وضغوط لا يتناسب مع مثل هذا التصوّر المتفائل.

النقاشات الحقيقية في الأوساط الغربية لا يدور حول أهمّية إعادة بناء سوريا أو رفع العقوبات لتمكينها من تحقيق الاستقرار وإطلاق عملية إعادة اعمار البلاد، وإنما حول أشياء أخرى أقل أهمّية بالنسبة للشعب السوري والمنطقة، وتتعلّق بصراع الهويات والأيديولوجيات والأقليات وإسرائيل. أولى المقابلات الإعلامية الغربية على سبيل المثال مع الرئيس أحمد الشرع ركّزت على موضوع ما إذا كان سيتم السماح ببيع المشروبات الكحولية في سوريا، أخرى ركّزت على موضوع الحجاب..

التحوّل الذي حصل في سوريا يعطي الغرب فرصة تاريخية لتغيير صورته السيئة ودوره المشؤوم ليعيد ترتيب حساباته وعلاقاته مع العالم العربي والإسلامي على أرضية مناسبة تحقق مصالح الطرفين. لكن ما نسمعه الآن من تصريحات من بعض المسؤولين الأمريكيين والأوربيين وما يتم تداوله من شروط وضغوط لا يتناسب مع مثل هذا التصوّر المتفائل.وبالمثل، فإنّ أولى الزوبعات الإعلامية المصاحبة للزيارات الرسمية الغربية إلى الإدارة السورية الجديدة كانت ترتبط بزيارة وزيرة خارجية ألمانيا إلى دمشق. كان التركيز حينها داخل ألمانيا وخارجها على طريقة مصافحة أو عدم مصافحة الرئيس الشرع لها. وبالمثل، فإنّ انشغال المسؤولين الغربيين هو عمّا إذا كان الشرع قد تحوّل بالفعل، وكيف بإمكانهم أن يدفعوا التغيير باتجاه يتناسب معهم بدلا من أن يتناسب مع السوريين!

الأوروبيون على سبيل المثال يسوّقون لضرورة أن يقوم النظام الجديد بتنفيذ لائحة من الشروط قبل أن يحاولوا اقناع دوائر صنع القرار في أوروبا بضرورة رفع العقوبات عن سوريا. أهم ما تضمّه هذه اللائحة من الشروط هو تشكيل حكومة جامعة قد تنتهي إلى ما نعرفه باسم المحاصصة، وأن يكون للميليشيات الكردية المسلّحة وضعها الخاص (يسمّونهم تعميماً الأكراد وذلك لإعطائهم الشرعية وحصرية تمثيل الأكراد، وهو مسمى غير صحيح ومضلّل)، بالإضافة إلى قضايا أخرى تتعلّق بالمعايير الأوروبيّة غير المتّفق عليها حتى غربيّاً!

الأمريكيون يريدون كذلك أن يدفعوا التغيير باتجاههم، فتارةً يعطون قطعة من الأرض السورية إلى إسرائيل، وطوراً يضعون شرطاً مبطّناً حول التطبيع، وبين هذا وذلك الدعم الكامل لإسرائيل ومساعي تفجير الملف الفلسطيني مجدداً، مع التلويح بورقة العقوبات والإرهاب للسوريين. وبالرغم من تفاؤل البعض بالرفع الجزئي للعقوبات، إلا أنّ ذلك لا يعكس بالضرورة الخطوات القادمة، ولا يمكنه في جميع الأحوال تحسين الوضع في سوريا.

ما يجب قوله للأمريكيين والأوروبيين هو أنّهم قبضوا الثمن مقدّماً، فلا مخدرات تغرق أسواقهم اليوم، ولا ملايين اللاجئين والنازحين الهاربين إليهم، ولا إيران وروسيا في دمشق. هذه كلّها مكاسب استفادوا ويستفيدون منها، وعليهم أن يعووا أنّ الكرة في ملعبهم اليوم، فإذا أرادوا الحفاظ على المكتسبات سيكون هناك حاجة لاتخاذ الخطوات الأولى برفع العقوبات بدلاً من الإنخراط في لعبة البيضة والدجاجة، ولعبة "لا رفع للعقوبات قبل أن تنفذ الإدارة الجديدة ما نريد من لائحة الشروط الطويلة".

سوريا تحتاج اليوم كل الدعم التي تستطيع أن تقدّمه كل الدول، كما تحتاج من كل الدول الامتناع عن التدخل في الشأن الداخلي. الإخلال بأي منهما، سيؤدي إلى الفشل الذي ستكون تداعياته أكبر من أن يتحمّلها أي لاعب إقليمي أو دولي. رفع العقوبات هو المدخل الأساسي، وتقديم الدعم لتحقيق الاستقرار سيعود بالنفع على الجميع. هل سيعي الغربيون الدرس هذه المرّة؟إذا ما فشلت الإدارة الجديدة في تحقيق الاستقرار والأمن وبسط السيطرة على كامل الأراضي السورية وإطلاق عملية إعادة إعمار البلاد بسبب العقوبات المفروضة على البلاد ومحاولة الدول الغربية ابتزاز الوضع السوري لغايات ليس لها علاقة بسوريا أو حتى بمصالحهم المباشرة فيها، فإنّ تداعيات هذا الأمر ستكون كارثية. صحيح أنّ سوريا ستكون أولى المتضرّرين ومن ثمّ لبنان والأردن وتركيا والعراق، لكن الأمر سيمتد سريعا ليشمل هذه الدول الغربية ومصالحها في المنطقة.

هل ستتعلّم الدول الغربية من أخطائها السابقة وتتدارك هذا الأمر؟ التجربة تقول إنّهم إذا ما عبثوا بقضيّة ما فستنتهي إلى الأسوء. بعض التصريحات الصادرة مؤخراً عن مسؤولين أمريكيين وأوروبيين لا توحي بالخير. وضعهم لقوائم طويلة من المطالب والشروط، وربطهم هذه الشروط بأجنداتهم الخاصة مقابل تخفيف العقوبات سيقوّض من الوضع في سوريا لاحقاً، وقد يخسر الجميع كل المكتسبات التي تمّ تحقيقها مع الإطاحة بنظام الأسد.

سوريا تحتاج اليوم كل الدعم التي تستطيع أن تقدّمه كل الدول، كما تحتاج من كل الدول الامتناع عن التدخل في الشأن الداخلي. الإخلال بأي منهما، سيؤدي إلى الفشل الذي ستكون تداعياته أكبر من أن يتحمّلها أي لاعب إقليمي أو دولي.  رفع العقوبات هو المدخل الأساسي، وتقديم الدعم لتحقيق الاستقرار سيعود بالنفع على الجميع. هل سيعي الغربيون الدرس هذه المرّة؟

مقالات مشابهة

  • أي مجرم من غرب إفريقيا سيكون قادر على استخراج جواز أل دقلو وبطاقة أم باقة
  • انطلاق أعمال المؤتمر الدولي ” الأرشيف في العصر الرقمي”
  • المنفي في مؤتمر أديس أبابا: ليبيا تشهد مرحلة غير مسبوقة من التنمية
  • مركز الملك سلمان للإغاثة يوزع 2.416 سلة غذائية في مدينة درنة بليبيا
  • مركز الملك سلمان للإغاثة يوزع 2.416 سلة غذائية في درنة بليبيا
  • القومي للمرأة ينظم مأموريات تصوير لاستخراج البطاقات بالمجان للسيدات غير القادرات
  • سوريا.. هل سيتعلّم الغرب من الدروس المستفادة هذه المرّة؟
  • إدارة ترامب تعزل مسؤولين كبار في إدارة الأرشيف الوطني
  • أسهل طريقة لاستخراج بطاقة الرقم القومى 2025
  • الأرشيفات الخاصة.. رافد مهم للأرشيف الوطني