لجريدة عمان:
2025-03-07@03:25:01 GMT

أفضل السياسات المناخية تضع الجزرة قبل العصا

تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT

مونيكا شنيتزر

جيرنوت فاجنر

من المُعترف به على نطاق واسع أن التحول إلى اقتصاد خال من الكربون يتطلب كلا من الجزرة والعصا: الحوافز والعقوبات. لكن الأمر الذي يحظى بقدر أقل من التقدير هو أهمية هذا التسلسل: الجزرة قبل العصا.

صحيح أن أهل الاقتصاد أصروا لفترة طويلة على أن السبيل الوحيد لخفض الانبعاثات من ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات المسببة للانحباس الحراري الكوكبي بسرعة وعلى نطاق ضخم هو تحديد سعر لها.

ففي عالم حيث يتسبب إحراق الوقود الأحفوري في إحداث أضرار أكبر من القيمة التي يضيفها إلى الناتج المحلي الإجمالي، فإن كل طن من الفحم أو برميل من النفط المستهلك يدمر في نهاية المطاف الرخاء الجمعي، وتزودنا حسابات التكاليف الاجتماعية المترتبة على إطلاق هذه الانبعاثات بدليل لتسعيرها، وبوضع الأضرار الكاملة الناجمة عن كل طن من ثاني أكسيد الكربون المنبعث في الحسبان، ويتبين لنا أن السعر اللائق يتجاوز 200 دولار. لكن هذا يعادل نحو دولارين للجالون (أو 0.50 من الدولار للتر) من البنزين عند المضخة، وهو ما يساعد في تفسير السبب وراء عدم كفاية سوق الكربون العاملة بشكل جيد في أوروبا (بأسعار تبلغ نحو 75 دولارا للطن) أو ضريبة الكربون في ألمانيا لتغطية البنزين بالقدر المطلوب.

في ألمانيا، حيث يمتلك 80 مليون شخص 40 مليون سيارة تعمل بإحراق البنزين والديزل، قد تبدو الضريبة المرتفعة بالقدر الكافي عقابية إلى الحد الذي يجعلها عاجزة عن اجتياز الاختبار السياسي الدقيق. تفسر هذه الحسابات أيضا لماذا تُـعَـد المركبات الكهربائية حلا بالغ الأهمية.

تكمن ميزة التكنولوجيا في الفيزياء الأساسية: تحول المركبات الكهربائية 90% من قوتها إلى مسافة، مقارنة بنحو 20% فقط لمحركات الاحتراق الداخلي. وتنطبق نِـسَـب كفاءة مماثلة عند مقارنة المضخات الحرارية بأفران الغاز، ومواقد الحث بمواقد الغاز، ومصابيح الصمام الثنائي الباعث للضوء (LED) بمصابيح الإضاءة المتوهجة القديمة. هذا المثال الأخير مفيد بشكل خاص، لأن التحول إلى مصابيح الـ LED اكتمل بالفعل غالبا.

ولأن المصابيح المتوهجة كانت غير فاعلة إلى حد مشين - حيث تحول 90% من الطاقة إلى حرارة بدلا من الضوء - فإن التحول إلى مصابيح الـ LED كان كافيا لتغطية تكاليفه عدة مرات، لكن حتى هذا التغيير القائم على الإدراك السليم كان يتطلب التنسيق لتحقيق التحول على نطاق ضخم، والتغلب على الحواجز مثل التكاليف الأولية المرتفعة وعزوف المُلّاك عن توفير مصابيح أكثر كفاءة للمستأجرين.

في الولايات المتحدة، بدأ الأمر بقانون استقلال الطاقة والأمن لعام 2007، الذي وقّعه الرئيس جورج دبليو بوش، والذي وضع معايير كفاءة جديدة لمصابيح الإضاءة المنزلية. أثار ذلك القانون الاستجابة المعهودة في حرب ثقافية، حيث تقدمت عضو الكونجرس الجمهورية ميشيل باخمان بقانون حرية اختيار المصابيح الكهربائية في عام 2008. ولحسن الحظ، لم يذهب مشروع القانون الذي قدمته إلى أي مكان، وكذا كان مصير محاولات الرئيس دونالد ترامب لإلغاء معايير الكفاءة بعد عقد من الزمن. فقد استحوذت مصابيح الـ LED بالفعل على مكانة التكنولوجيا الأفضل والأكثر كفاءة والأرخص في نهاية المطاف. لقد تغلبت الفيزياء والاقتصاد على الحروب الثقافية، واستفاد المستهلكون وكوكب الأرض نتيجة لذلك.

الآن، تتبع التحولات إلى المركبات الكهربائية، والمضخات الحرارية، ومواقد الحث، وتكنولوجيات عديدة أخرى أحدث وأفضل مسارات مماثلة وسريعة بذات القدر. وفي حين ظلت تكلفة الطاقة المولَّدة من الفحم بعد تعديلها تبعا للتضخم دون تغيير تقريبا لأكثر من 200 عام، فقد انخفضت تكاليف الطاقة الشمسية والبطاريات بأكثر من 99% في السنوات الثلاثين الأخيرة وحدها.

الواقع أن الطاقة الشمسية أصبحت الآن أرخص مصدر للكهرباء على الإطلاق -أجل، حتى عندما نضع في الحسبان حقيقة مفادها أن الشمس لا تشرق ليلا - ومن المحتم أن تزداد رخصا، فالشمس والرمال والإبداع البشري كلها عناصر وفيرة، ويُـفضي هذا إلى مزيد من اقتصاديات الحجم الضخم. ولكن كما كان الحال مع تبني مصابيح الـ LED، يتطلب النشر السريع للطاقة الشمسية التنسيق بين الأسر، والمرافق، والهيئات التنظيمية، والصناعة، وأولئك الذين يطورون التكنولوجيات الجديدة.

يتلخص الهدف النهائي في شحن المركبات الكهربائية عندما تشرق الشمس، وتشغيل غسالة الأطباق أو المساعدة في استقرار الشبكة المحلية عندما تغيب الشمس، وهذا التنسيق مطلوب أيضا لتشجيع شراء الألواح الشمسية وغيرها من التكنولوجيات في المقام الأول، فعندما أطلقت ألمانيا خطتها الطموحة للتحول في مجال الطاقة في عام 2011، ساعدت رسوم الإمداد بالطاقة وغيرها من إعانات الدعم مصنعي الألواح الشمسية على تسلق منحنى التعلم ودفع التكاليف إلى الانخفاض، لكن مُصنّعي الطاقة الشمسية انتقلوا بعد ذلك إلى الصين، الأمر الذي أدى إلى خفض التكاليف بدرجة أكبر لكنه أضر بالقوى العاملة الألمانية.

والآن، قد تؤدي إعانات الدعم الضخمة الجديدة في الولايات المتحدة بموجب قانون خفض التضخم إلى دفع مزيد من شركات التكنولوجيا النظيفة الأوروبية إلى البحث عن شواطئ أكثر اخضرارا، هذه المرة عبر الأطلسي.

إن الاستجابة المناسبة لهذه التطورات ليست التخلي عن التكنولوجيات الأحدث والأكثر كفاءة. بل يجب أن تتمثّل الاستجابة في إيجاد طرق أخرى لتصنيعها ونشرها في الداخل.

الواقع أن الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على مبيعات السيارات التي تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي اعتبارا من عام 2035 من شأنه أن يساعد، وكذا الضغط المنسق لدعم تبني المضخات الحرارية، ولا شك أن التراجع عن هذه السياسات سيكون خطأ كبيرا، وسوف يكون لزاما على الأوروبيين ابتكار حلول إبداعية لدعم إنتاج وتبني تكنولوجيات نظيفة.

تشكل إصلاحات سوق الكهرباء التي تكافئ توليد الطاقة المنخفضة الكربون وبالتالي تمرير أسعار الطاقة الشمسية المنخفضة إلى المستهلكين بداية طيبة، وفي التعامل مع المركبات الكهربائية ومضخات الحرارة وغيرها من المنتجات الأكثر كفاءة، يجب أن تكون جداول التحول المستهدفة جزءا من الحزمة؛ فهي توفر اليقين الاستثماري وتوجِد التوازن بين الجزرة والعصا.

على سبيل المثال، حظرت ولاية نيويورك توصيل الغاز إلى معظم المباني الجديدة (وهو الإجراء الذي لم تُـقِـرّه ألمانيا بعد)، وبالتالي الحد تدريجيا من اعتمادها على أحد مصادر الوقود الأحفوري مع عدم فرض الضرائب عليه.

على نحو مماثل، أقرت الآن ولاية مينيسوتا، تحت قيادة الحاكم تيم والز، المرشح الديمقراطي لمنصب نائب الرئيس، قانونا يُلزم المرافق العامة بتحقيق مستوى من الكهرباء الخالية من الكربون يصل إلى 60% إلى 80% من احتياجاتها بحلول عام 2030، و100% بحلول عام 2040، ارتفاعا من نحو 50% اليوم.

يُـنَـفَّذ هذا القانون بمعيار حافظة الطاقة المتجددة المرنة، لكنه يظل يمثل العصا إلى حد كبير، أما الجزرة فتتمثل في 2 مليار دولار من إعانات دعم الطاقة النظيفة، كجزء من خطة العمل الشاملة في الولاية. ولكن لا تسير كل الأمور بذات القدر من السلاسة؛ فبرغم أن خطة حاكمة نيويورك كاثي هوشول التي طال انتظارها لتقديم تسعير الازدحام في مدينة نيويورك كانت لتمول الاستثمارات المطلوبة بشدة في مجال النقل العام، فقد اعتُبِرت بمثابة وضع العصا قبل الجزرة.

في النهاية، خضعت هوشول للضغوط السياسية وتخلت عن الخطة في اللحظة الأخيرة.

تواجه الولايات المتحدة تساؤلات أعرض تتعلق بالتسلسل الآن بعد أن أثبتت إعانات دعم عديدة بموجب قانون خفض التضخم شعبيتها الشديدة، فمتى يكون الوقت المناسب لإتباع الجزرة بالعصا؟ إن انتهاء العمل بالتخفيضات الضريبية التي أقرها ترامب لصالح الأثرياء في العام المقبل قد يُنظَر إليه باعتباره فرصة للبدء أخيرا في تسعير الكربون، ولكن بطبيعة الحال، كل شيء سوف يعتمد على نتائج الانتخابات الرئاسية في نوفمبر.

مونيكا شنيتزر رئيسة قسم الاقتصاد المقارن في جامعة لودفيغ ماكسيميليان في ميونيخ ورئيسة المجلس الألماني للخبراء الاقتصاديين.

جيرنوت فاجنر خبير اقتصادي في مجال المناخ في كلية كولومبيا للأعمال، هو مؤلف كتاب الهندسة الجيولوجية: المقامرة.

خدمة بروجيكت سنديكيت

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المرکبات الکهربائیة الطاقة الشمسیة

إقرأ أيضاً:

كهرباء دبي تدعو إلى تقديم طلبات تنفيذ المرحلة الـ7 من مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية

دعت هيئة كهرباء ومياه دبي، المطورين الدوليين لتقديم طلبات إبداء الاهتمام لمناقصة عالمية لتنفيذ المرحلة السابعة من مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية بقدرة 1,600 ميجاوات "مع إمكانية زيادتها إلى 2,000 ميجاوات" بتقنية الألواح الشمسية الكهروضوئية، مع نظام لتخزين الطاقة بالبطاريات بقدرة 1,000 ميجاوات لمدة 6 ساعات وبسعة إجمالية تصل إلى 6000 ميجاوات ساعة، ما سيجعل هذه المرحلة، التي سيتم تنفيذها وفق نموذج المنتج المستقل للطاقة، من أكبر المشاريع على مستوى العالم التي تجمع بين الطاقة الشمسية والتخزين بالبطاريات.
ودعت الهيئة المطورين العالميين أو الائتلافات إلى إرسال خطابات إبداء الاهتمام في موعد أقصاه 21 مارس 2025.
ومن المتوقع أن تنتج المرحلة السابعة 4.5 تيراوات ساعة من الطاقة الكهربائية سنوياً، الأمر الذي سيسهم في تفادي حرق ما يزيد على 36 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً.
وسيرفع مشروع المرحلة السابعة، القدرة الإنتاجية المخطط لها لمجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية من 5000 ميجاوات إلى 7,260 ميجاوات، ورفع نسبة الطاقة النظيفة ضمن مزيج الطاقة في دبي من 27% إلى 34% بحلول عام 2030، وخفض إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من 6.5 مليون طن إلى نحو 8 ملايين طن سنوياً، ما سيعزز مكانة دبي مركزا عالميا رائدا للاستدامة والابتكار في الطاقة المتجددة.
ومن المقرر أن يتم تشغيل المرحلة السابعة على مراحل بين عامي 2027 و2029.
وتبلغ القدرة الإنتاجية لمشاريع المجمع قيد التشغيل حالياً 3,460 ميجاوات والقدرة الإنتاجية للمشاريع قيد التنفيذ 1,200 ميجاوات.

أخبار ذات صلة «مسترياس نايت» يواجه «ماربان» في «رأس الخور» «جمارك دبي» تحبط تهريب 10.8 مليون قطعة مقلدة خلال 2024 المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • وزيرة الاتصالات توجه بإنشاء تطبيقات للمساعدة في اقتناء منظومات الطاقة الشمسية
  • «كهرباء دبي» تدعو لتقديم طلبات تنفيذ المرحلة الـ7 من «محمد بن راشد للطاقة الشمسية»
  • "كهرباء دبي" تدعو لتقديم طلبات تنفيذ المرحلة الـ7 من "محمد بن راشد للطاقة الشمسية"
  • كهرباء دبي تدعو إلى تقديم طلبات تنفيذ المرحلة الـ7 من مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية
  • انخفاض تجهيز الطاقة الكهربائية لمحافظة ديالى بسبب إطفاء الخط الإيراني
  • طلبة جامعة صحار يبتكرون مشروعًا للطاقة الشمسية
  • لدعم الاستدامة البيئية .. تشغيل أول مسجد يعمل بالطاقة الشمسية بالمنيا |شاهد
  • خطط للاستثمار في تصنيع حلول الشبكات الكهربائية في المملكة
  • مدبولي: اكتمال منظومة إنتاج الطاقة الشمسية في مصر نهاية 2025
  • تشغيل أول مسجد يعمل بالطاقة الشمسية فى المنيا.. صور