بوابة الوفد:
2024-09-10@17:53:21 GMT

يوم من عمرى

تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT

«يوم من عمرى» واحد من أجمل أفلام العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ التى قدمها
للسينما من بين 16 فيلماً تمثل رصيدًا هائلًا على مدار مشواره الفنى.
هذا الفيلم الذى أنتج عام 1961، والمقتبس من قصة الفيلم الأمريكى «حدث ذات ليلة» والذى شاركته البطولة زبيدة ثروت وعبد السلام النابلسى ومحمود المليجى مازال محفورًا فى ذاكرتى وذاكرة أبناء جيلى كنموذج للرومانسية والكوميديا الراقية تعكس حالة من الرقى فى الإبداع.


كما أن يوم من عمرى من بين الأفلام القليلة التى تناولت المغامرات الصحفية فى قالب كوميدى كان أهم أطرافه المصور الصحفى يونس الذى جسده الرائع عبد السلام النابلسى.
وكنا ننتظر عرض الفيلم على شاشة التليفزيون المصرى بالقناة الأولى لنستمتع بأجمل أغنيات العندليب التى تضمنها الفيلم «خايف مرة أحب، بأمر الحب، ضحك ولعب وجد وحب».
ولنستمتع بأحداث الفيلم الرومانسى الرائع وشوارع القاهرة الخديوية وميادينها وخاصة ميدان الاوبرا الذى تم فيه تصوير أحد أهم مشاهد الفيلم داخل محل حلويات هارون الرشيد عقب خروج الساحرة الجميلة زبيدة ثروت من مكتب مصر للطيران لتتجه إلى المحل وخلفها عبد الحليم حافظ وعبد السلام النابلسى، هذا المحل تحول بعد ذلك بسبب هذا المشهد وعلى مدار سنوات طويلة لمزار سياحى لكل الباحثين عن مشاعر الرومانسية الجميلة.
لا أعرف لماذا تذكرت احداث هذا الفيلم الذى قضى فيه البطل "صلاح" أو عبد الحليم حافظ يوم من اجمل أيام عمره مع جميلة الجميلات "نادية" أو زبيدة ثروت فى شوارع القاهرة أوائل الستينيات من القرن الماضى، وأنا أجوب شوارع القاهرة بحثا عن دينامو لسيارتى الأسبوع الماضى على مدار يوم كامل من عمرى!
اه والله طوال اليوم أتنقل ما بين شوارع القاهرة بحثا عن الدينامو، بداية من التوفيقية التى تحول إلى سوق قبيح ضخم لقطع غيار السيارات والاكسسوارات بعد كان من أجمل أسواق الفاكهة والخضراوات وكان الباعة فيه يتفننون فى تزيين المعروضات كأنها لوحات فنية، مرورا بشوارع وسط البلد وصولًا إلى ميدان الاوبرا الذى تم هدم عماراته التاريخية ومنها طبعا العمارة التى كان بها محل حلويات هارون الرشيد وتحول إلى واحد من أسوأ الميادين بفعل الباعة الجائلين الذين افترشوه بكل أنواع البضائع،وتلاشت منه كل الذكريات الجميلة.
وبعد ساعات من الفشل فى العثور على الدينامو الجديد الذى اختفى مثل غيره من قطع الغيار والأدوية وكثير من السلع بفعل ارتفاع أسعار الدولار وعدم توافره لفترات طويلة،اضطررت اسفا إلى الذهاب إلى سوق عزبة شلبى بالمطرية،لشراء البديل المستعمل «استيراد» وبعد معاناة شديدة فى الوصول إلى عزبة شلبى مرورا بشوارع المطرية بما تحمله من كل أشكال العشوائية نجحت فى شراء الدينامو والعودة قبل منتصف الليل فى مشوار لايقل صعوبة عن الذهاب لألحق بالكهربائى قبل أن يغلق ورشته ولينتهى يوم من أسوأ أيام عمرى!

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: القناة الأولى یوم من

إقرأ أيضاً:

«نجيب محفوظ».. حياً

أخبرنى نادل مقهى الفيشاوى العجوز الذى كان يقوم على تلبية طلباته وخدمة مريديه بأنه يظهر فى المقهى مرتين منذ رحيله عن عالمنا فى 30 أغسطس 2006، ثم اقترب منى متفرساً فى وجهى صائحاً: عرفتك يا بنتى، أنت من جالسته طوال نهار مولده فى ديسمبر العام الماضى، ورأيتك تبكين أمامه، ممسكة بكتابه «أصداء السيرة الذاتية» وهو يستمع إليك باهتمام وأنت تقرأين عليه رؤى شيخه التائة عبدربه، مرتباً على كتفك كلما فاضت دموعك وكثرت حركات يديك فى الهواء.

ثم صمت لبرهة وقال: تحدثوا فى المقهى أيام عما كتبته فى جريدة «الوفد» حينها بعنوان «نجيب محفوظ الذى أعرفه»، شكرته ببضع كلمات وقلت: هل نهار رحيله هو ظهوره الثانى فى المقهى؟ فأجاب بنعم، ثم بصوت هامس لا يريد أن يسمعه أحد غيرى قال: لكن لا يظهر إلا لمن يريد، ليس كل من بالمقهى يشعر بوجوده.

نكست رأسى وانصرفت أجلس على نفس الطاولة التى جاورته فيها فى ديسمبر العام الماضى، مرت الساعات وأنا أتلفت حولى وأطيل النظر فى الممر الطويل الذى يعج بالمارة والسائحين ويوصل لباحة المقهى من ناحية مسجد سيدنا الحسين.

بدأت خيوط شمس المغيب تتسلل إلى طاولتى لتعكس على زجاج أكواب الشاى وفناجين القهوة المستهلكة لوناً برتقالياً خافتاً يدعو إلى التأمل والسكون.

وبينما أنا فى حالة من الغفوة والأنتباة من طول الانتظار، هيئ لى أنه قادم بهيئته القديمة الممتلئة، وبذلته الرمادية الشهيرة، ممسكاً بكتابه الأخير «أحلام فترة النقاهة»، ابتسم حين لمحنى، ثم اقترب وجلس فى الطرف المقابل من طاولتى، طال الصمت بيننا، ثم ثحدث كمن يحدث شخصاً أمامه بصوته الأبوى الهادئ: إن الموت غاية كل حى، وإذا ألقينا بنظرة إلى الوراء قلنا: إن الميت قد وُجد قبل الحى.

وأضاف: قبل رحيلى عن هذا العالم، ومع تقدمى فى العمر وموت كثير من الأصدقاء وصعوبة الحركة بعد حادث الاعتداء علىَّ عام 1994 لم يعد أمامى يا بنتى عزاء إلا فى «أحلام فترة النقاهة».

أنصت فى إكبار لشيخنا الروائى الكبير «نجيب محفوظ» وتذكرت قوله فى أصداء سيرته الذاتية: كان‏ ‏الموت‏ ‏ما زال‏ ‏جديداً‏، ‏لا‏ ‏عهد‏ ‏لى ‏به‏ ‏إلا‏ ‏عابراً‏ ‏فى ‏الطريق‏، ‏وكنت‏ ‏أعلم‏ ‏بالمأثور‏ ‏من‏ ‏الكلام‏ ‏أنه‏ ‏حتماً‏ ‏لا‏ ‏مفر‏ ‏منه‏، ‏أما‏ ‏عن‏ ‏شعورى ‏الحقيقى ‏فكان‏ ‏يراه‏ ‏بعيداً‏ ‏بعد‏ ‏السماء‏ ‏عن‏ ‏الأرض.

ثم تذكرت فى روايته «قشتمر» يقول أحد الصغار: «نينة قالت لى إننا كلنا سنموت». ويعقِّب الراوى قائلاً: «لا يتصور أن تموت أمه أو يموت أبوه. وليس فى قوله جديد فى ما يبدو ولكن شعورهم آمن بأن الموت حتم مؤجل إلى أجل غير مسمى. كلنا نسلِّم بالموت بألسنتنا، أما قلوبنا فترمى به إلى موضع فى الزمان قصى».

أما عبارته النافذة: «الخوف لا يمنع من الموت ولكنه يمنع من الحياة» من روايته المربكة «أولاد حارتنا» فشتت ذهنى لثوانٍ قبل أن أعود وأنتبهة لتوافد الجمع إلى الطاولة، لمحت من بين عشاق شيخنا «نجيب محفوظ» من البسطاء شلته «الحرافيش» كما أسماها وتضم راحلون وأحياء: المخرج توفيق صالح والكاتب الروائى ثروت أباظة والكاتب الصحفى محمد عفيفى والفنان أحمد مظهر ورسام الكاريكاتير بهجت عثمان والفنان التشكيلى توفيق شفيق والطبيب يحيى الرخاوى والكاتب عادل كامل.

وقد كانت هذه المجموعة نسجت صداقة «بنجيب محفوظ» امتدت على مدار سنوات طوال، وضمت عدد من الكتاب والفنانين التشكيليين يجتمعون بشكل دائم فى المقاهى حيث يتبادلون أحاديث الثقافة والأدب والفن.

حينما هدأت ضجة الوافدين من حول كاتبنا وشيخنا الكبير «نجيب محفوظ» قال: سأختار من دون ترتيب حلم من أحلام مخطوطى «أحلام فترة النقاهة»، ثم شق صفحات الكتاب ووضع يده على صفحة بعينها، ثم بدأ يقرأ حلمه الخامس قائلاً: حلمت أننى أسير على غير هدى وبلا هدف، ولكن صادفتنى مفاجأة لم تخطُر لى فى خاطرى، فصرت كلما وضعت قدمى فى شارعٍ انقلب الشارع سيركاً.

اختفت جدرانه وأبنيته وسياراته والمارة، وحلَّ محل ذلك قبة هائلة بمقاعدها المتدرِّجة وحِبالها الممدودة والمُدلَّاة وأراجيحِها وأقفاصِ حيواناتها، والممثِّلون والمُبتكِرون والرياضيُّون، حتى البلياتشو.

سكت «نجيب محفوظ» ومال برأسه إلى حائط المقهى، بينما ساد الصمت الجميع، وبدأ المتحلقون حوله يغمضون أعينهم، ليحلم كل ضيف بسيرك حياته، فأتبعتهم فى استسلام وأغمضت عينى. 

مقالات مشابهة

  • الإطارى أو الحرب
  • د.حماد عبدالله يكتب: حضارة الأغنياء فى مصر القديمة !!
  • وليد عونى: ندعم القضية الفلسطينية بسلاح الفن
  • مشكلة الأخلاق
  • شعار «بيبى» الملعون
  • انطلاق فعاليات حملة «عينك أمانة» للكشف المبكر على أمراض العيون مجاناً بالقاهرة
  • تأثير مبادئ ثورة ١٩ وانتماء محفوظ للوفد على نظرته للصحافة
  • الزنان
  • «نجيب محفوظ».. حياً
  • الديون الخارجية تتطلب استراتيجية فعالة تبنى على إعادة الهيكلة والخفض التدريجى