الدرس البنجلاديشي!
تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT
علي الرئيسي
مُخاطِبةً مجموعة من الصحفيين، لم تستطع الشيخة حسينة واجد رئيسة وزراء بنجلاديش، منع نفسها من البكاء، "لقد أمضيت خمس عشرة سنة في تنمية البلد"، هكذا صرحت والآن ثمار تلك التنمية تمَّ تدميره!
حسينة تُشير إلى محطة المترو في ميربور والتي كانت مثالًا لتحديث البنية التحتية في هذه الدولة، لكن تمَّ تخريبها من قبل الطلاب المتظاهرين.
الشرارة وراء العنف كانت قرار الحكومة بإعادة العمل بنظام الحصص، الذي يُخصِّص 30% من الوظائف الحكومية للعائلات التي شاركت في حرب تحرير بنجلاديش عام 1971، والذي يعني ببساطة أولئك الداعمين للنظام الحاكم. ونظام الحصص الخاص بما يُسمى "محاربي الحرية" إضافة إلى الفساد الذي تنطوي عليه امتحانات الالتحاق بالخدمة المدنية، والتي تحرِم الكثيرين من أفضل الطلاب، من فرص الالتحاق بالفرص المهنية. وهذا الأمر كان يُثير حنق الكثير من شباب الطبقة المتوسطة في بنجلاديش، والذين يمتلك الكثير منهم فرصة الحصول على عمل في الخارج، لكنهم رغم ذلك كانوا مُصرِّين على البقاء في البلد وخدمتها.
في يوليو الماضي تظاهر الآلاف لكي يتم إصلاح النظام، لكن حزب "رابطة عوامي" بقيادة الشيخة حسينة قابل تلك المُظاهرات بالقمع الوحشي. وبعض المتظاهرين حاول أن يدافع عن نفسه، وآخرون اتهمتهم الحكومة بأنهم مندسون من الأحزاب المعارضة، وهاجموا المباني الحكومية كما تعرض بعض المؤسسات العامة للتخريب. ثم فرضت السلطات حظر تجول مع تعطيل الإنترنت، وفتح المعتقلات للمتظاهرين.
الاقتصاد البنجلاديشي حقق خلال السنوات الماضية نموًا بلغ حوالي 6 بالمائة سنويًا. وكانت هناك استثمارات كبيرة في البنية الأساسية للبلد، لكن هذا الرخاء فشل في الوصول إلى الطبقة المتوسطة والعاملة، كما تشوَّهت مشاريع التنمية بالفساد؛ مما أدى إلى إثراء المُقرّبين من السُلطة. الوضع الاقتصادي الكلي قاتمٌ في ظل وجود برنامج إصلاح من قبل صندوق النقد الدولي يُطالب بفرض قيود على الإنفاق، وإجراء إصلاحات تفرض تحرير الأسعار والأجور.
واقترضت الحكومة في دكا مبالغ طائلة من الدول الآسيوية؛ مما جعل الاقتصاد عُرضة لتقلبات العملة والأسواق. وعندما بدأت المظاهرات، كانت الشيخة حسينة عائدة من بكين طالبةً قرضًا بـ5 مليارات دولار، وفي الوقت نفسه، يعاني معظم البنجلاديشيين من أزمة معيشية قاسية، بسبب تداعيات وباء كوفيد-19، والحرب في أوكرانيا، علاوة على معدل تضخم بلغ 10 بالمائة، حتى الأغنياء نسبيًا شعروا بالضرر.
ومنذ حصولها على الأغلبية في انتخابات حرة عام 2008، اتُهِم حزب "عوامي" بتزوير معظم الانتخابات اللاحقة، علاوة على اتهامات أخرى بتهميش المعارضة بالقوة؛ حيث تمَّ وضع السيدة خالدة ضياء تحت الإقامة الجبرية، إلى جانب سجن معظم قياديي حزبها ومناصريها. كما جرى حظر الجماعة الإسلامية، مع استمرار الحكومة في تخويف الناس بأن الإسلاميين قادمون للسيطرة على السلطة.
لقد أصبحت الانتقادات العلنية للحكومة جريمةً على مدى العقد الماضي، ويواجه المدافعون عن حقوق الإنسان المُضايقات والاعتقالات، ويتعرض الصحفيون للعديد من الدعاوى القضائية إذا فشلوا في الالتزام بالخط الحكومي؛ كما تنتشر حالات الإخفاء القسري، بحسب تقارير حقوقية. وقد تحقق كل هذا نتيجة النجاح غير المسبوق الذي حققته رابطة عوامي في الاندماج والسيطرة على جهاز الدولة البيروقراطية، وقوات الأمن، والقضاء، وفي الوقت نفسه استقطاب المجتمع المدني والشركات الكبرى.
الحكومات الماضية كانت دائمًا مُهدَّدة بالانقلابات العسكرية، لكن الشيخة حسينة تمكّنت من تحييد الجيش خلال العقود، وكذلك فيما يتعلق بالتراخيص والتعيينات الاستراتيجية، إلى جانب مُهمة حفظ السلام التابعة للأمم المُتحدة والمُربِحة لجنودها.
ومع كل انتخابات جديدة على مدى الـ15 سنة الماضية، ترسخت السيطرة السياسية، التي تضم الحزب الحاكم، وأجهزة الدولة، وكبار الرأسماليين، ومع ذلك، أُصيب عامة النَّاس بخيبة أمل؛ حيث تمت التضحية بالتنمية العادلة. والآن تبدو النخبة الحاكمة متراجعة.
لقد تميز تاريخ بنجلاديش بلحظات التعبئة الجماهيرية التي غالبًا ما أطاحت بزعماء غير محبوبين. والشباب الذين قُتلوا في المظاهرات أو أولئك الذين تعرضوا للتعذيب خلال الشهر الماضي، هم الذين ساهموا في بناء قطاع التكنولوجيا في بنجلاديش دون أي مساعدة تُذكر من الحكومة، وذلك عن طريق آلاف المُبادرات لدعم الناس خلال فترة وباء كوفيد-19، وتوفير الإغاثة في حالات الكوارث، وإنشاء منظمات غير ربحية لمساعدة الفقراء.
هذه الطبقة المتعلمة ضرورية لأمّة محرومة تحاول النمو إلى دولة متوسطة الدخل وتنويع اقتصادها. لقد هربت الشيخة حسينة إلى الهند، وقد عيَّن الطلبة، الاقتصادي المعروف محمد يونس رئيسًا للوزراء بصورة مُؤقتة، والمعروف عن يونس أنَّه أول من أسس بنكًا للفقراء في بنجلاديش، لكن الحكومة الجديدة تُواجه تحديات اقتصادية غير سهلة.
** باحث في قضايا التنمية والاقتصاد
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الحكومة تستعرض إنجازات الرياضة المصرية خلال شهر أبريل
استعرض مجلس الوزراء، خلال اجتماعه المُنعقد اليوم برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة، تقريرا عرضه الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة حقائق وأرقام حول "إنجازات الرياضة المصرية".
وأوضح الوزير أن قطاع الرياضة في مصر شهد خلال شهر أبريل إنجازات واضحة تنعكس في تنظيم الفعّاليات والبطولات الرياضية المُهمة، وكذا تحقيق مراكز متقدمة للفرق القومية في عدد من البطولات الإقليمية والدولية.
ولفت الدكتور أشرف صبحي إلى أنه استنادًا للعلاقات الوثيقة بين الاتحاد المصري والأفريقي لكرة القدم، وقدرة مصر على استضافة البطولات والأحداث الرياضية الأفريقية، تم إسناد تنظيم كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم تحت 20 سنة لجمهورية مصر العربية خلال الفترة من 27 أبريل حتى 18 مايو 2025.
كما استعرض وزير الشباب والرياضة إنجازات الفرق القومية إقليميًا ودوليًا خلال النصف الثاني من أبريل الماضي، موضحًا أن الاتحاد المصري لرفع الأثقال حصل على 12 ميدالية، منها 8 ميداليات ذهبية، خلال المشاركة في بطولة أفريقيا بموريشيوس. وفاز أيضًا الاتحاد المصري للتايكوندو بـ 8 ميداليات خلال المشاركة في بطولة كأس رئيس الاتحاد الدولي بإثيوبيا.
وأضاف الوزير أن الاتحاد المصري للجودو فاز بـ 10 ميداليات منها 5 ميداليات ذهبية خلال مشاركته في البطولة الأفريقية بساحل العاج. كما فاز الاتحاد المصري للسلاح بـ 2 ميدالية ذهبية خلال المشاركة في بطولة العالم للناشئين والشباب بالصين. وفاز الاتحاد المصري الخماسي الحديث بـ 2 ميدالية أيضًا خلال مشاركته في بطولة كأس العالم بالمجر.
وتابع: حقق الاتحاد المصري للجمباز 5 ميداليات خلال المشاركة في بطولة كأس العالم بمصر، كما تمكن الاتحاد المصري للكاراتيه من تحقيق 11 ميدالية منها 4 ميداليات ذهبية خلال مشاركته في بطولة البريميرليج بمصر. وفاز الاتحاد المصري للمواي تاي بـ 15 ميدالية خلال مشاركته في البطولة الأفريقية بطرابلس.
وشارك أيضا الاتحاد المصري للاسكواش في بطولة العالم تحت 23 سنة بباكستان وحقق السيدات والرجال المشاركون مراكز أولى وتم تصدُر التصنيف العالمي لعدد منهم.